كهف بيامبار في سراييفو ... رحلة لا تُنسى

ما‭ ‬رأيكم‭ ‬أيها‭ ‬الأحباء‭ ‬الصغار‭ ‬أن‭ ‬نزور‭ ‬أحد‭ ‬هذه‭ ‬الكهوف‭ ‬ونرى‭ ‬بأعيننا‭ ‬جمال‭ ‬الطبيعة؟‭ ‬موافقون؟‭ ‬هيا‭ ‬بِنَا‭ ‬إذن‭ ‬إلى‭ ‬كهف‭ ‬بيامبارِ،‭ ‬في‭ ‬البوسنة‭ ‬والهرسك‭.‬

حطت‭ ‬بِنَا‭ ‬الطائرة‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬سراييفو‭ ‬عاصمة‭ ‬البوسنة‭ ‬في‭ ‬المساء،‭ ‬وعند‭ ‬وصولنا‭ ‬إلى‭ ‬الفندق‭ ‬كنّا‭ ‬متعبين‭ ‬فأردنا‭ ‬أن‭ ‬ننام‭ ‬جيداً‭ ‬استعداداً‭ ‬لرحلة‭ ‬الغد‭ ‬إلى‭ ‬كهف‭ ‬بيامارِ‭. ‬في‭ ‬صباح‭ ‬اليوم‭ ‬التالي،‭ ‬كان‭ ‬الجو‭ ‬صحواً‭ ‬وبعد‭ ‬تناولنا‭ ‬لوجبة‭ ‬الإفطار‭ ‬استقلينا‭ ‬حافلة‭ ‬متوسطة‭ ‬الحجم،‭ ‬كان‭ ‬سائق‭ ‬الحافلة‭ ‬رجلاً‭ ‬وسيماً‭ ‬رغم‭ ‬كبر‭ ‬سنه،‭ ‬ولحيته‭ ‬البيضاء‭ ‬المتصلة‭ ‬بشعر‭ ‬رأسه‭ ‬الكث‭ ‬وعينيه‭ ‬الواسعتين‭ ‬اللامعتين‭ ‬تضفيان‭ ‬عليه‭ ‬وَقَاراً‭ ‬وحناناً‭ ‬أبوياً‭. ‬فصاح‭ ‬بصوت‭ ‬جهوري‭: ‬مرحباً‭ ‬بكم‭ ‬أيها‭ ‬الصغار‭ ‬في‭ ‬بلدنا‭ ‬الجميل،‭ ‬سنأخذكم‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬ماتعة‭ ‬إلى‭ ‬كهف‭ ‬رائع،‭ ‬ثم‭ ‬التفت‭ ‬إليهم‭ ‬وهو‭ ‬يدير‭ ‬محرك‭ ‬السيارة،‭ ‬قائلاً‭: ‬في‭ ‬الطريق‭ ‬الذي‭ ‬سيستغرق‭ ‬نحو‭ ‬الساعة‭ ‬سأقدم‭ ‬لكم‭ ‬بعض‭ ‬المعلومات‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الكهف‭.      

إن‭ ‬كهف‭ ‬بيامبار‭ ‬الواقع‭ ‬بين‭ ‬قرية‭ ‬نيشيتشي‭ ‬وقرية‭ ‬كريفايفيتشي‭ ‬في‭ ‬بلدة‭ ‬إلياش‭ ‬من‭ ‬وسط‭ ‬البوسنة‭ ‬والهرسك‭ ‬والذي‭ ‬يبعد‭ ‬41‭ ‬كيلومتراً‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬سراييفو‭ ‬يتكون‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬كهوف،‭ ‬جزء‭ ‬منها‭ ‬مفتوح‭ ‬للزوار،‭ ‬والدخول‭ ‬إلى‭ ‬المنطقة‭ ‬يتطلب‭ ‬رسوماً‭ ‬رمزية‭ ‬للكبار‭ ‬أما‭ ‬لأصدقائنا‭ ‬الصغار‭ ‬فلا‭ ‬يتطلب‭ ‬أي‭ ‬مبالغ‭ ‬مالية‭ ‬إنه‭ ‬مجاني‭.‬

مضت‭ ‬الساعة‭ ‬سريعاً،‭ ‬ووجدنا‭ ‬أنفسنا‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬طبيعية‭ ‬فاتنة‭ ‬فمشينا‭ ‬فيها‭ ‬لتصادفنا‭ ‬الغابات‭ ‬الصنوبرية‭ ‬الرائعة،‭ ‬إذ‭ ‬تتمتع‭ ‬المنطقة‭ ‬بطرق‭ ‬متعددة‭ ‬لعشاق‭ ‬رياضة‭ ‬المشي‭ ‬وركوب‭ ‬الدراجات‭ ‬الهوائية‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬ملاعب‭ ‬للأطفال‭. ‬

ولمن‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬المشي‭ ‬أو‭ ‬أعياه‭ ‬التعب،‭ ‬فإن‭ ‬ثمة‭ ‬قطارًا‭ ‬صغيرًا‭ ‬يحمل‭ ‬الزوار‭ ‬إلى‭ ‬الكهف‭ ‬غير‭ ‬أننا‭ ‬فضلنا‭ ‬السير‭ ‬على‭ ‬أقدامنا‭ ‬حتى‭ ‬نستمع‭ ‬بالجمال‭ ‬المتناثر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬حيث‭ ‬الجداول‭ ‬المائية‭ ‬وزقزقات‭ ‬العصافير‭ ‬والفراشات‭ ‬حلوة‭ ‬المنظر‭. ‬

اقتربنا‭ ‬من‭ ‬الكهف‭ ‬وقبله‭ ‬بقليل‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬مقهى‭ ‬يوفر‭ ‬إطلالة‭ ‬رائعة‭ ‬على‭ ‬الغابة‭. ‬ها‭ ‬نحن‭ ‬ندخل‭ ‬الكهف‭ ‬لتلسعنا‭ ‬برودة‭ ‬الأجواء،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬درجة‭ ‬الحرارة‭ ‬هنا‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬5‭ ‬إلى‭ -‬2‭ ‬درجة‭ ‬مئوية‭ ‬تحت‭ ‬الصفر،‭ ‬وفِي‭ ‬شقوق‭ ‬الكهف‭ ‬نستكمل‭ ‬المسير‭ ‬مع‭ ‬إحناء‭ ‬رؤوسنا‭ ‬عند‭ ‬الضرورة‭ ‬لنعبر‭ ‬بعض‭ ‬المداخل‭ ‬الضيقة‭. ‬كان‭ ‬المشهد‭ ‬داخل‭ ‬الكهف‭ ‬رائعاً‭ ‬مملوءاً‭ ‬بنماذج‭ ‬وأشكال‭ ‬النوازل‭ ‬أو‭ ‬الهوابط‭ ‬التي‭ ‬تتدلى‭ ‬من‭ ‬سقف‭ ‬الكهف،‭ ‬والصواعد‭ ‬التي‭ ‬في‭ ‬أرضياته‭. ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الكهف‭ ‬يعتبر‭ ‬واحداً‭ ‬من‭ ‬أجمل‭ ‬الكهوف‭ ‬في‭ ‬البوسنة‭ ‬والهرسك‭.‬

حقاً‭ ‬كانت‭ ‬رحلة‭ ‬سعيدة،‭ ‬وأنتم‭ ‬أيها‭ ‬الأصدقاء،‭ ‬لا‭ ‬تضيعوا‭ ‬الفائدة‭ ‬العظيمة‭ ‬والمتعة‭ ‬الكبيرة‭ ‬للارتحال‭ ‬والسفر‭ ‬لاسيما‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تطلعكم‭ ‬على‭ ‬جميل‭ ‬خلق‭ ‬الله‭.‬