أبنائي الأعزاء

شهر‭ ‬سبتمبر‭ ‬أو‭ ‬أيلول‭ ‬له‭ ‬نكهته‭ ‬الخاصة‭. ‬فيه‭ ‬نهاية‭ ‬فصل‭ ‬وبداية‭ ‬فصل‭. ‬وتعرفون‭ ‬أن‭ ‬الفصول‭ ‬في‭ ‬نصف‭ ‬الكرة‭ ‬الشمالية‭ ‬من‭ ‬الأرض‭ ‬هي‭ ‬أربعة‭, ‬في‭ ‬صدارتها‭ ‬الربيع‭  ‬وهو‭ ‬الفصل‭ ‬المحبوب‭  ‬لنضارة‭ ‬أشجاره‭ ‬وروعة‭ ‬أزهاره‭ ‬وطقسه‭ ‬اللطيف‭ ‬المحايد‭ ‬والمعتدل‭, ‬لذا‭ ‬قال‭ ‬عنه‭ ‬الشاعر‭ ‬البحتري‭:‬

أتَاكَ‭ ‬الرّبيعُ‭ ‬الطّلقُ‭ ‬يَختالُ‭ ‬ضَاحِكاً‭ ‬

منَ‭ ‬الحُسنِ‭ ‬حتّى‭ ‬كادَ‭ ‬أنْ‭ ‬يَتَكَلّمَا

وفصل‭ ‬الصيف‭ ‬الذي‭ ‬أنهكنا‭ ‬وأتعبنا‭ ‬هذا‭ ‬العام‭, ‬لأن‭ ‬معدلات‭ ‬حرارة‭ ‬الأرض‭ ‬في‭ ‬ازدياد‭ ‬بسبب‭ ‬تخريب‭ ‬الإنسان‭ ‬للبيئة‭, ‬وزحف‭ ‬التصحر‭, ‬وزحف‭ ‬العمران‭ ‬الإسمنتي‭ ‬ودخان‭ ‬المصانع‭ ‬وغازات‭ ‬السيارات‭, ‬وفي‭ ‬الصيف‭ ‬يهرب‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬حرّه‭ ‬إلى‭ ‬أماكن‭ ‬باردة‭ ‬لقضاء‭ ‬إجازاتهم‭ , ‬وقال‭ ‬الشاعر‭ ‬عن‭ ‬الصيف‭ :‬

حزي

ثلاث

وبعد‭ ‬انقضاء‭ ‬فصل‭ ‬الصيف‭, ‬وفي‭ ‬أواخر‭ ‬سبتمبر‭ ‬يأتي‭ ‬الخريف‭, ‬وهو‭ ‬خليط‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الفصول‭, ‬فيه‭ ‬النسمات‭ ‬الباردة‭, ‬وقد‭ ‬تجود‭ ‬السماء‭ ‬بزخات‭ ‬المطر‭, ‬وتتعرى‭ ‬الأشجار‭ ‬من‭ ‬أوراقها‭, ‬وتقف‭ ‬شبه‭ ‬يابسة‭  ‬وحائرة‭ ‬بانتظار‭ ‬المصير‭, ‬مثلما‭ ‬وصف‭ ‬الشاعر‭ ‬إيليا‭ ‬أبو‭ ‬ماضي‭ ‬شجرة‭ ‬التين‭ ‬وهي‭ ‬تودع‭ ‬الصيف‭ :‬

‭ ‬وظكأو‭ ‬حج

وفي‭ ‬الخريف‭ ‬تفتح‭ ‬مدارسكم‭ ‬أبوابها‭, ‬لتستقبلكم‭ ‬وأنتم‭ ‬تحملون‭ ‬دفاتركم‭ ‬وأقلامكم‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬التعلم‭ ‬التي‭ ‬ستأخذ‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬سنوات‭ ‬حياتكم‭, ‬ليطل‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬فصل‭ ‬الشتاء‭ ‬البارد‭ ‬بمزاجه‭ ‬المتقلب‭ ‬وأمطاره‭ ‬وبرقه‭ ‬ورعوده‭  ‬وقسوة‭ ‬لياليه‭ ‬الطويلة‭ ‬التي‭ ‬تحبس‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬بيوتهم‭, ‬متدثرين‭ ‬بالألبسة‭ ‬الصوفية‭ ‬السميكة‭, ‬وهو‭ ‬الفصل‭ ‬الذي‭ ‬تروي‭ ‬فيه‭ ‬الجدّات‭ ‬للأحفاد‭ ‬القصص‭ ‬والحكايات‭, ‬وقال‭ ‬فيه‭ ‬الشاعر‭ : ‬

قد‭ ‬جاءنالشت

فصل‭ ‬التج

هيا‭ ‬إستع

وإستقبلدررَ‭ ‬المط

هي‭ ‬دورة‭ ‬حياة‭ ‬كاملة‭ ‬يا‭ ‬أطفالنا‭ ‬الأعزاء‭, ‬جمالها‭ ‬في‭ ‬اختلاف‭ ‬الفصول‭, ‬وربما‭ ‬كان‭ ‬سيصيبنا‭ ‬الضجر‭ ‬والملل‭ ‬لو‭ ‬استمرت‭ ‬الحياة‭ ‬بفصل‭ ‬واحد‭ ‬لا‭ ‬يتبدل‭ , ‬فصل‭ ‬واحد‭ ‬طويل‭ ‬كله‭ ‬مطر‭, ‬أو‭ ‬كله‭ ‬حر‭ ‬شديد‭, ‬والله‭ ‬الذي‭ ‬خلقنا‭ ‬كان‭ ‬رؤوفاً‭ ‬وحليماً‭ ‬وحكيماً‭ ‬حين‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬دورة‭ ‬الفصول‭ ‬آية‭ ‬من‭ ‬آيات‭ ‬عظمته‭, ‬كي‭ ‬يختار‭ ‬المرء‭ ‬الفصل‭ ‬الذي‭ ‬يحب‭.‬