جَـبَـل بمناسبة اليوم الدولي للجبال الموافق 11 ديسمبر

وتُعدّ‭ ‬الجبال‭ ‬معالم‭ ‬أرضية‭ ‬ذات‭ ‬أهمية‭ ‬كبيرة‭ ‬بسبب‭ ‬ارتفاعها‭ ‬ووعورتها،‭ ‬فهي‭ ‬تشكّل‭ ‬حواجز‭ ‬طبيعية‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬النقل‭ ‬والهجرة،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فهي‭ ‬أحيانًا‭ ‬تكوّن‭ ‬حدودًا‭ ‬بين‭ ‬الأمم‭. ‬وهي‭ ‬كذلك‭ ‬تشكّل‭ ‬حواجز‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬التحرّكات‭ ‬الجوية،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬لها‭ ‬تأثير‭ ‬قوي‭ ‬على‭ ‬أحوال‭ ‬المناخ‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬فمثلاً‭ ‬نجد‭ ‬الجوانب‭ ‬المتضادّة‭ ‬لسلاسل‭ ‬الجبال‭ ‬لها‭ ‬مناخات‭ ‬مختلفة‭ ‬تمامًا‭ ‬في‭ ‬العادة‭. ‬فجبال‭ ‬الألب‭ ‬وجبال‭ ‬الهيمالايا‭ ‬التي‭ ‬تمتدّ‭ ‬من‭ ‬الشرق‭ ‬إلى‭ ‬الغرب‭ ‬تحمي‭ ‬منطقتَيْ‭ ‬البحر‭ ‬المتوسط‭ ‬والهند‭ ‬على‭ ‬الترتيب‭ ‬من‭ ‬الهواء‭ ‬البارد‭ ‬الذي‭ ‬يهبّ‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬القطبية‭ ‬الشمالية‭ ‬والذي‭ ‬تتعرّض‭ ‬له‭ ‬روسيا‭ ‬وسيبيريا‭. ‬لهذا‭ ‬فإن‭ ‬إيطاليا‭ ‬والهند‭ ‬تتمتّعان‭ ‬بمناخ‭ ‬شتوي‭ ‬أقلّ‭ ‬برودة‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬بأمريكا‭ ‬الشمالية‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬خط‭ ‬العرض‭ ‬نفسه،‭ ‬لأن‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬ليس‭ ‬بها‭ ‬جبال‭ ‬عالية‭ ‬ذات‭ ‬امتداد‭ ‬شرقي‭ ‬غربي‭ ‬تمنع‭ ‬هواء‭ ‬كندا‭ ‬الشديد‭ ‬البرودة‭ ‬من‭ ‬التحرّك‭ ‬نحو‭ ‬الجنوب‭.‬

وتتميز‭ ‬الجبال‭ ‬عن‭ ‬السهول‭ ‬بصعود‭ ‬نسيم‭ ‬من‭ ‬الوادي‭ ‬الدافئ‭ ‬في‭ ‬أسفل‭ ‬الجبل‭ ‬إلى‭ ‬أعاليه‭ ‬نهارًا‭. ‬والعكس‭ ‬ليلاً،‭ ‬فبعدما‭ ‬تغرب‭ ‬الشمس،‭ ‬يهبط‭ ‬على‭ ‬منحدرات‭ ‬الجبل‭ ‬هواء‭ ‬بارد،‭ ‬زاحف‭ ‬نحو‭ ‬الوادي،‭ ‬فيسبّب‭ ‬برودته،‭ ‬كما‭ ‬يسبّب‭ ‬تكوّن‭ ‬الضباب‭ ‬فيه‭.‬

وعنصر‭ ‬الحرارة‭ ‬يؤثّر‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬بيئات‭ ‬متنوعة،‭ ‬على‭ ‬ارتفاعات‭ ‬مختلفة‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الجبلية،‭ ‬فالحرارة‭ ‬تتناقص‭ ‬كلما‭ ‬ارتفعنا،‭ ‬بمعدل‭ ‬تقريبي‭ ‬مقداره‭ ‬درجة‭ (‬مئوية‭) ‬واحدة‭ ‬كلما‭ ‬ارتفعنا‭ ‬150‭ ‬مترًا‭. ‬ولهذا‭ ‬السبب‭ ‬يتناقص‭ ‬نموّ‭ ‬النبات‭ ‬كلما‭ ‬ارتفعنا‭ ‬نحو‭ ‬قمم‭ ‬الجبال‭.‬

وتتمثّل‭ ‬كل‭ ‬أنواع‭ ‬المناخ‭ ‬في‭ ‬الجبال‭ ‬الشاهقة‭ ‬الارتفاع‭ ‬بالنّطاق‭ ‬الاستوائي،‭ ‬بداية‭ ‬من‭ ‬المناخ‭ ‬المرتفع‭ ‬الحرارة‭ ‬عند‭ ‬أسفلها‭ ‬إلى‭ ‬المناخ‭ ‬البارد‭ ‬جدًا‭ ‬عند‭ ‬قممها‭. ‬وهناك‭ ‬حدّ‭ ‬له‭ ‬صلة‭ ‬وثيقة‭ ‬بالحرارة،‭ ‬اسمه‭ ‬‮«‬خط‭ ‬الثلج‭ ‬الدائم‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬يمثّل‭ ‬حدود‭ ‬المساحة‭ ‬المغطّاة‭ ‬بالثلج‭ ‬أو‭ ‬الجليد‭ ‬الدائم‭.‬

ويبلغ‭ ‬ارتفاع‭ ‬هذا‭ ‬الخط‭ ‬أقصاه‭ ‬عند‭ ‬دائرة‭ ‬الاستواء،‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬5500‭ ‬متر‭ ‬تقريبًا‭. ‬ويتناقص‭ ‬مستوى‭ ‬ارتفاعه‭ ‬كلما‭ ‬ابتعدنا‭ ‬عن‭ ‬دائرة‭ ‬الاستواء،‭ ‬حيث‭ ‬الحرارة‭ ‬العظمى،‭ ‬واقترابنا‭ ‬من‭ ‬القطبين‭ ‬حيث‭ ‬الحرارة‭ ‬الصغرى‭.‬

وتبقى‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬الأهمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للجبال،‭ ‬فهي‭ ‬بجانب‭ ‬أهميتها‭ ‬كبيئة‭ ‬مناسبة‭ ‬لزراعات‭ ‬وثروات‭ ‬حيوانية‭ ‬معينة،‭ ‬تضم‭ ‬بين‭ ‬طيّات‭ ‬صخورها‭ ‬رواسب‭ ‬وتجمّعات‭ ‬هائلة‭ ‬من‭ ‬خامات‭ ‬المعادن‭ ‬الاقتصادية‭ ‬النافعة‭ ‬للإنسان‭. ‬والجبال‭ ‬مهمّة‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬السياحية،‭ ‬ففيها‭ ‬يمكن‭ ‬ممارسة‭ ‬رياضة‭ ‬تسلّق‭ ‬الجبال‭ ‬ورياضة‭ ‬التزلج‭ ‬على‭ ‬الجليد،‭ ‬وصيد‭ ‬الحيوانات‭ ‬البرّية‭.‬