أبنائي الأعزاء

يرتبط‭ ‬شهر‭ ‬أغسطس‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬الكويتيين‭ ‬والعرب‭ ‬والناس‭ ‬جميعاً‭ ‬بالغزو‭ ‬الفاجر‭ ‬الذي‭ ‬لن‭ ‬ينساه‭ ‬العالم‭, ‬وذلك‭ ‬حين‭ ‬اقتحم‭ ‬جيش‭ ‬صدام‭ ‬حسين‭ ‬حدود‭ ‬الكويت‭ ‬وهدم‭ ‬البيوت‭  ‬وخرب‭ ‬المؤسسات‭,  ‬وأحرق‭ ‬آبار‭ ‬النفط‭  ‬بشكل‭ ‬مجنون‭, ‬ووقف‭ ‬يومها‭ ‬العرب‭ ‬والعالم‭ ‬ضد‭ ‬هذا‭ ‬الغزو‭ ‬الغاشم‭, ‬ومع‭ ‬حق‭ ‬الكويتيين‭  ‬في‭ ‬أرضهم‭ ‬وزرعهم‭ ‬وتجارتهم‭, ‬وخصوصاً‭ ‬مع‭ ‬حقوق‭ ‬أطفالهم‭ ‬الصغار‭ ‬في‭ ‬التحصيل‭ ‬العلمي‭ ‬في‭ ‬مدارسهم‭, ‬والعيش‭ ‬في‭ ‬أمان‭ ‬في‭ ‬بيوتهم‭.‬

كل‭ ‬الحروب‭ ‬بشعة‭ ‬وكريهة‭ ‬وقذرة‭, ‬هكذا‭ ‬كانت‭ ‬وستظل‭, ‬وأقسى‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬الحروب‭ ‬أن‭ ‬الأطفال‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬يتجرعون‭ ‬مرارتها‭, ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬غزو‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬أغسطس‭ ‬عام‭ ‬1991‭.‬

‭ ‬في‭ ‬الحروب‭ ‬قد‭ ‬يفقد‭ ‬الطفل‭ ‬من‭ ‬يرعاه‭, ‬وقد‭ ‬يجرح‭ ‬أو‭ ‬يقتل‭, ‬وهذه‭ ‬خسارة‭ ‬كبرى‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تعويضها‭. ‬فالأطفال‭ ‬يشكلون‭ ‬الرصيد‭ ‬الوحيد‭ ‬لنشوء‭ ‬الأوطان‭ ‬وبناء‭ ‬البلدان‭ ‬وعمارة‭ ‬الأرض‭ ‬واستدامة‭ ‬الحياة‭. ‬

الأطفال‭ ‬هم‭ ‬ضمانة‭ ‬المستقبل‭, ‬وهم‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬السلم‭ ‬والأمن‭ ‬كي‭ ‬ينهلوا‭ ‬العلم‭ ‬من‭ ‬منابعه‭, ‬وكي‭ ‬يقبلوا‭ ‬على‭ ‬محبة‭ ‬الأهل‭ ‬والجيران‭ ‬والأصدقاء‭, ‬فبالحب‭ ‬وحده‭ ‬يعم‭ ‬الرخاء‭ ‬والنماء‭, ‬وبالحقد‭ ‬والكراهية‭ ‬والغيرة‭ ‬والحسد‭ ‬تشتعل‭ ‬الحروب‭, ‬وهذا‭ ‬الدرس‭ ‬العميق‭ ‬هو‭ ‬الباقي‭ ‬من‭ ‬ذكريات‭ ‬الغزو‭ ‬البغيضة‭.‬

إننا‭ ‬اليوم‭, ‬وكثير‭ ‬من‭ ‬أطفال‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬سورية‭ ‬والعراق‭ ‬وليبيا‭ ‬واليمن‭  ‬يعانون‭ ‬وطأة‭ ‬الحروب‭ ‬ومآسيها‭ ‬في‭ ‬بلدانهم‭... ‬ندعو‭ ‬الباري‭ ‬عزَّ‭ ‬وجل‭, ‬أن‭ ‬يجنح‭ ‬الجميع‭ ‬إلى‭ ‬السلم‭, ‬وأن‭ ‬يطفئوا‭ ‬نيران‭ ‬هذه‭ ‬الحروب‭ ‬التي‭ ‬تحرق‭ ‬الأخضر‭ ‬واليابس‭, ‬وتغتال‭ ‬الطفولة‭ ‬البريئة‭, ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬كل‭ ‬طفل‭ ‬عربي‭ ‬تشرد‭, ‬وكل‭ ‬طفل‭ ‬غرق‭, ‬وكل‭ ‬طفل‭ ‬فقد‭ ‬أبويه‭, ‬وكل‭ ‬طفل‭ ‬جاع‭ ‬وتسوّل‭ ‬وعاش‭ ‬تحت‭ ‬خيمة‭ ‬في‭ ‬العراء‭, ‬إنما‭ ‬ترك‭ ‬في‭ ‬نفوسنا‭ ‬حزناً‭ ‬لا‭ ‬ينفد‭, ‬وفي‭ ‬أرواحنا‭ ‬جرحاً‭ ‬لا‭ ‬يندمل‭, ‬وفي‭ ‬عقولنا‭ ‬أرقاً‭ ‬يحرمنا‭ ‬من‭ ‬التمتع‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬من‭ ‬عطاء‭ ‬وكرم‭.‬

في‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬تجرع‭ ‬الطفل‭ ‬الكويتي‭ ‬مذاق‭ ‬الحرب‭ ‬اللاذع‭, ‬ونرجو‭ ‬للأطفال‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭, ‬ولأطفال‭ ‬العالم‭, ‬أن‭ ‬يحفظوا‭ ‬الدرس‭ ‬جيداً‭: ‬الحروب‭ ‬نقمة‭, ‬والسلام‭ ‬نعمة‭.‬