أبنائي الأعزاء

خلقنا‭ ‬الله‭ ‬لنحيا‭ ‬بسعادة‭ ‬وفرح‭ ‬في‭ ‬الدنيا‭ ‬والآخرة‭, ‬وكي‭ ‬نعيش‭ ‬بسلام‭ ‬وهدوء‭ ‬وطمأنينة‭ ‬فوق‭ ‬الأرض‭ ‬الواسعة‭, ‬وليس‭ ‬بيننا‭ ‬كبشر‭ ‬سوى‭ ‬دوافع‭ ‬الخير‭ ‬والمحبة‭. ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬احتفل‭ ‬الإنسان‭ ‬بالأعياد‭ ‬منذ‭ ‬فجر‭ ‬التاريخ‭ ‬وإلى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭, ‬وكانت‭ ‬لكل‭ ‬شعوب‭ ‬الأرض‭ ‬أعياد‭ ‬للفرح‭ ‬والسعادة‭, ‬وغالباً‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬الشعوب‭ ‬تخترع‭ ‬المناسبات‭ ‬وتجعل‭ ‬منها‭ ‬أعياداً‭ .‬

الفراعنة‭ ‬كانوا‭ ‬يحتفلون‭ ‬بفيضان‭ ‬نهر‭ ‬النيل‭, ‬وجعلوا‭ ‬من‭ ‬بركة‭ ‬الفيضان‭ ‬عيدهم‭. ‬الهندوس‭ ‬القدامى‭ ‬يحتفلون‭ ‬بيوم‭ ‬للألوان‭ ‬وهو‭ ‬بمنزلة‭ ‬العيد‭, ‬وترتبط‭ ‬أعياد‭ ‬شعوب‭ ‬بلدان‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬النهرين‭ ‬بالقمر‭ ‬وازدياد‭ ‬وتناقص‭ ‬شكله‭, ‬والإغريق‭ ‬يحتفلون‭ ‬بعيد‭ ‬باخوس‭ ‬وعصر‭ ‬العنب‭, ‬والفرس‭ ‬لهم‭ ‬عيد‭ ‬النوروز‭ ‬وبدء‭ ‬الربيع‭ ‬ونماء‭ ‬البذور‭ ‬والزهور‭.‬

ومن‭ ‬أيام‭ ‬فرح‭ ‬المسلمين‭ ‬وهي‭ ‬أعيادهم‭ ‬يوم‭ ‬عيد‭ ‬الفطر‭ ‬السعيد‭, ‬وأيضا‭ ‬عيد‭ ‬الأضحى‭, ‬وعيد‭ ‬المولد‭ ‬النبوي‭ ‬الشريف‭. ‬وسُمّي‭ ‬اليوم‭ ‬عيداً‭ ‬لأنه‭ ‬يعود‭ ‬كل‭ ‬عام‭, ‬وهو‭ ‬عيد‭ ‬الفطر‭ ‬لأننا‭ ‬بعد‭ ‬صيام‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬نفطر‭ ‬في‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬شوّال‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬أول‭ ‬أيام‭ ‬العيد‭, ‬وهو‭ ‬سعيد‭ ‬لأن‭ ‬الكبار‭ ‬يتبادلون‭ ‬الزيارات‭ ‬والتهاني‭, ‬ويتراحم‭ ‬الأقرباء‭ ‬ويؤكدون‭ ‬كل‭ ‬معاني‭ ‬المودة‭ ‬والتواصل‭ ‬بلقاءات‭ ‬عائلية‭ ‬تجمع‭ ‬الكبير‭ ‬والصغير‭, ‬ولا‭ ‬يجوز‭ ‬استمرار‭ ‬الصوم‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬أيام‭ ‬العيد‭.‬

في‭ ‬عيد‭ ‬الفطر‭ ‬يلبس‭ ‬الأطفال‭ ‬الجديد‭ ‬من‭ ‬الملابس‭, ‬ويتبادلون‭ ‬الهدايا‭, ‬ويمنحهم‭ ‬الكبار‭ ‬العيديّات‭ ‬النقديّة‭ ‬ليشتروا‭ ‬بها‭ ‬ما‭ ‬يرغبون‭, ‬ويذهبون‭ ‬إلى‭ ‬النزهات‭ ‬مع‭ ‬أهلهم‭ ‬وأصدقائهم‭, ‬ويكون‭ ‬يوم‭ ‬العيد‭ ‬فرصة‭ ‬حقيقية‭ ‬للجميع‭ ‬كي‭ ‬يتسامحوا‭ ‬ويتعاهدوا‭ ‬على‭ ‬شراكة‭ ‬القلوب‭ ‬والصدور‭ ‬والعقول‭ ‬لمعاني‭ ‬الصفاء‭ ‬والحب‭.‬

مضى‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭, ‬ويطل‭ ‬عيد‭ ‬الفطر‭ ‬السعيد‭, ‬وهناك‭ ‬أطفال‭ ‬من‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين‭ ‬غارقون‭ ‬في‭ ‬الأحزان‭ ‬والأسى‭ ‬بسبب‭ ‬الحروب‭ ‬في‭ ‬بلدانهم‭, ‬ومنهم‭ ‬من‭ ‬هجر‭ ‬دولته‭ ‬ومدينته‭ ‬ومدرسته‭ ‬وحارته‭ ‬وبيته‭ ‬وانطلق‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬سعادته‭ ‬المفقودة‭, ‬وليس‭ ‬أمام‭ ‬الأطفال‭ ‬العرب‭ ‬الذين‭ ‬أكرمهم‭ ‬الله‭ ‬بالهناء‭ ‬والاستقرار‭ ‬سوى‭ ‬الدعاء‭ ‬لإخوانهم‭ ‬الذين‭ ‬يعانون‭ ‬القهر‭ ‬والعذاب‭, ‬أن‭ ‬يحفظهم‭ ‬الله‭, ‬ويخفف‭ ‬من‭ ‬معاناتهم‭, ‬ويعيدهم‭ ‬إلى‭ ‬بلدانهم‭ ‬ومرابع‭ ‬طفولتهم‭ ‬وذكرياتهم‭, ‬ليتشارك‭ ‬جميع‭ ‬الأطفال‭ ‬العرب‭ ‬بأيام‭ ‬لها‭ ‬حلاوة‭ ‬الأعياد‭ ‬والفرح‭ ‬والرجاء‭.‬