جولة في مطار دولي حديث

  ‬بينما‭ ‬كانت‭ ‬أشعة‭ ‬الشمس‭ ‬تُرسل‭ ‬خيوطها‭ ‬الأولى‭, ‬استيقظ‭ ‬طلبة‭ ‬المدرسة‭ ‬بهِمَّةٍ‭ ‬ونشاط‭, ‬إلا‭ ‬أنهم‭ - ‬على‭ ‬غير‭ ‬العادة‭- ‬لم‭ ‬يرتدوا‭ ‬الزيَّ‭ ‬المدرسي‭, ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬يوم‭ ‬جمعة‭! ‬نعم‭, ‬إنه‭ ‬يوم‭ ‬عطلة‭. ‬إذاً‭ ‬لماذا‭ ‬تجمَّعوا‭ ‬أمام‭ ‬باب‭ ‬المدرسة‭? ‬لقد‭ ‬نظمت‭ ‬مدرستهم‭ ‬رحلة‭ ‬إلى‭ ‬مطار‭ ‬المدينة‭ ‬الدولي‭ ‬لتعريف‭ ‬طلبتها‭ ‬على‭ ‬المطار‭ ‬وجميع‭ ‬أقسامه‭ ‬وكيفية‭ ‬العمل‭ ‬فيه‭. 

  ‬حانَت‭ ‬ساعة‭ ‬الذَّهاب‭ ‬وانطلقت‭ ‬الحافلة‭ ‬باتجاه‭ ‬المطار‭, ‬وبعد‭ ‬نصف‭ ‬ساعة‭ ‬كان‭ ‬الطلبة‭ ‬يتسابقون‭ ‬بلهفة‭ ‬للنزول‭ ‬منها‭ ‬أمام‭ ‬مدخل‭ ‬المطار‭ ‬بإشراف‭ ‬معلميهم‭, ‬الذين‭ ‬وضعوا‭ ‬بطاقة‭ ‬تعريفية‭ ‬على‭ ‬صدر‭ ‬كل‭ ‬تلميذ‭ ‬وتلميذة‭, ‬وانتظمَ‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬حيث‭ ‬وجدوا‭ ‬بانتظارهم‭ ‬الدليلة‭ ‬السياحية‭ ‬التي‭ ‬سُرعان‭ ‬ما‭ ‬رحَّبت‭ ‬بهم‭ ‬قائلةً‭: ‬حللتم‭ ‬أهلاً‭ ‬ونزلتم‭ ‬سهلاً‭. ‬هيا‭ ‬بنا‭ ‬في‭ ‬جولة‭ ‬بهذا‭ ‬المطار‭ ‬الحديث‭.‬

  ‬وبينما‭ ‬كانت‭ ‬مُكبِّرات‭ ‬الصوت‭ ‬تُعلن‭ ‬تِباعاً‭ ‬انطلاق‭ ‬الرحلات‭ ‬وقدومها‭, ‬بدأت‭ ‬الدليلة‭ ‬الجولة‭ ‬بتعريف‭ ‬مُبسَّط‭ ‬لقسم‭ ‬المُغادرين‭ ‬لتُصغي‭ ‬المجموعة‭ ‬لها‭ ‬بانتباه‭: 

  ‬تلاحظون‭ ‬معي‭ ‬أن‭ ‬بيانات‭ ‬تلك‭ ‬اللوحة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬الكبيرة‭ ‬تتغيَّر‭ ‬باستمرار‭; ‬إنها‭ ‬تُبيِّن‭ ‬الرحلات‭ ‬المُغادرة‭ ‬وأرقامها‭ ‬وتوقيتاتها‭ ‬وبواباتها‭... ‬إنها‭ ‬موجودة‭ ‬هنا‭ ‬وفي‭ ‬معظم‭ ‬الأماكن‭ ‬التي‭ ‬يوجد‭ ‬فيها‭ ‬المُسافرون‭ ‬المُغادرون‭, ‬كي‭ ‬ينتبهوا‭ ‬إلى‭ ‬مواعيد‭ ‬رحلاتهم‭. ‬وفي‭ ‬المُقابل‭ ‬توجد‭ ‬لوحات‭ ‬مُماثلة‭ ‬في‭ ‬قسم‭ ‬المُسافرين‭ ‬القادمين‭.‬

  ‬وهنا‭ ‬يصطفُّ‭ ‬المُسافرون‭ ‬مُصطحبين‭ ‬أمتعتهم‭, ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬يتأكد‭ ‬موظف‭ ‬الأمن‭ ‬من‭ ‬هوياتهم‭ ‬عبر‭ ‬جوازات‭ ‬سفرهم‭ ‬يدخلون‭ ‬إلى‭ ‬قسم‭ ‬المُسافرين‭, ‬فيعبرون‭ ‬البوابة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬للتفتيش‭, ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تمرُّ‭ ‬فيه‭ ‬أمتعتهم‭ ‬عبر‭ ‬الحزام‭ ‬الناقل‭ ‬ليتم‭ ‬مسحها‭ ‬إلكترونياً‭ ‬وتفتيشها‭ ‬جُمركيَّاً‭, ‬ثم‭ ‬يذهب‭ ‬كل‭ ‬مُسافر‭ ‬إلى‭ ‬الطاولة‭ ‬التي‭ ‬يوجد‭ ‬فيها‭ ‬موظف‭ ‬أو‭ ‬موظفة‭ ‬شركة‭ ‬الطيران‭ ‬التي‭ ‬سيُسافر‭ ‬على‭ ‬إحدى‭ ‬طائراتها‭ ‬ليُبرِز‭ ‬له‭ ‬جواز‭ ‬سفره‭ ‬وبطاقة‭ ‬طائرته‭, ‬فيقوم‭ ‬الموظف‭ ‬بتدقيق‭ ‬الجواز‭ ‬والتذكرة‭ ‬وبوزن‭ ‬أمتعة‭ ‬الرَّاكب‭ ‬وتسلمها‭ ‬لتذهب‭ ‬عبر‭ ‬حزام‭ ‬ناقل‭ ‬آخر‭ ‬إلى‭ ‬عنبر‭ ‬شحن‭ ‬الطائرة‭ ‬التي‭ ‬سيُسافر‭ ‬الرَّاكب‭ ‬فيها‭, ‬ثم‭ ‬يُعطيه‭ ‬بطاقة‭ ‬صعود‭ ‬الطائرة‭ ‬وبطاقة‭ ‬أمتعته‭, ‬ليذهب‭ ‬بعدها‭ ‬الرَّاكب‭ ‬إلى‭ ‬قسم‭ ‬الجوازات‭, ‬ليقوم‭ ‬موظف‭ ‬الجوازات‭ ‬بدمغ‭ ‬ختم‭ ‬مغادرة‭ ‬البلاد‭ ‬على‭ ‬جواز‭ ‬سفر‭ ‬الرَّاكب‭. 

‭(‬وفي‭ ‬أثناء‭ ‬استراحة‭ ‬المجموعة‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬المقاهي‭ ‬وتناولهم‭ ‬بعض‭ ‬الشراب‭, ‬تابعت‭ ‬الدليلة‭ ‬السياحية‭ ‬الحديث‭ ‬التوضيحي‭):‬

  ‬وهنا‭ ‬توجد‭ ‬بعض‭ ‬المصارف‭ ‬والمحال‭ ‬التجارية‭ ‬والأسواق‭ ‬الحرة‭, ‬حيث‭ ‬يقوم‭ ‬الرُّكاب‭ ‬بشراء‭ ‬الهدايا‭ ‬والتذكارات‭ ‬ليصطحبوها‭ ‬معهم‭ ‬إلى‭ ‬وجهتهم‭. ‬وتوجد‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬أماكن‭ ‬للَهوِ‭ ‬الأطفال‭ ‬ومطاعم‭ ‬وجبات‭ ‬خفيفة‭ ‬ومقاهٍ‭ ‬يجلس‭ ‬فيها‭ ‬المُسافرون‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬لديهم‭ ‬فُسحة‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬ليتناولوا‭ ‬الطعام‭ ‬ويشربوا‭ ‬بعض‭ ‬العصائر‭, ‬كما‭ ‬نفعل‭ ‬نحن‭ ‬الآن‭. ‬وبإمكان‭ ‬المُسافرين‭ ‬الجلوس‭ ‬على‭ ‬مقاعد‭ ‬الانتظار‭ ‬خارج‭ ‬مداخل‭ ‬بوابات‭ ‬الطائرات‭, ‬حيث‭ ‬يُشاهدون‭ ‬اصطفاف‭ ‬الطائرات‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬وقوفها‭ ‬بالمطار‭ ‬أمامهم‭, ‬وحيث‭ ‬توجد‭ ‬أيضاً‭ ‬حمَّامات‭ ‬وبعض‭ ‬أجهزة‭ ‬بيع‭ ‬المشروبات‭ ‬الآلية‭ ‬وكُوَّات‭ ‬الهاتف‭ ‬ومقابس‭ ‬شحن‭ ‬أجهزة‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬المحمولة‭ ‬والهواتف‭ ‬الجوَّالة‭, ‬ولا‭ ‬ننسى‭ ‬وجود‭ ‬ذلك‭ ‬المسجد‭ ‬الصغير‭ ‬الذي‭ ‬يؤدِّي‭ ‬فيه‭ ‬المسافرون‭ ‬صلواتهم‭ ‬قبل‭ ‬السفر‭.‬

‭(‬هنيهات‭ ‬قليلة‭ ‬وتنهض‭ ‬المجموعة‭ ‬لِتلِجَ‭ ‬فُسحة‭ ‬أمام‭ ‬إحدى‭ ‬البوابات‭): 

  ‬يمكنكم‭ ‬عبر‭ ‬النظر‭ ‬من‭ ‬الزجاج‭ ‬الكبير‭ ‬عند‭ ‬مداخل‭ ‬البوابات‭ ‬مُشاهدة‭ ‬تجهيز‭ ‬الطائرات‭ ‬للإقلاع‭, ‬وتحضير‭ ‬طائرات‭ ‬أخرى‭ ‬بعد‭ ‬هبوطها‭ ‬تمهيداً‭ ‬لرحلة‭ ‬قادمة‭; ‬العمل‭ ‬يجري‭ ‬هنا‭ ‬على‭ ‬قدمٍ‭ ‬وساق‭, ‬فهذه‭ ‬الممرات‭ ‬تنقل‭ ‬الرُّكاب‭ ‬من‭ ‬الطائرات‭, ‬وتلك‭ ‬العربات‭ ‬تُفرِّغ‭ ‬وتُحمِّل‭ ‬الطائرات‭ ‬بالأمتعة‭, ‬بينما‭ ‬تقوم‭ ‬تلك‭ ‬الشاحنات‭ ‬بتموين‭ ‬الطائرات‭ ‬واليها‭ ‬بالأطعمة‭ ‬والمشروبات‭ ‬والصحف‭ ‬والمجلات‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يحتاجه‭ ‬الرُّكاب‭. ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬آليات‭ ‬أخرى‭ ‬بتزويد‭ ‬الطائرات‭ ‬بالوقود‭ ‬والكهرباء‭ ‬والماء‭, ‬وأخرى‭ ‬بتفريغ‭ ‬الطائرات‭ ‬من‭ ‬النفايات‭. ‬

  ‬وعبر‭ ‬تلك‭ ‬المداخل‭ ‬يمرُّ‭ ‬كلُّ‭ ‬راكب‭ ‬ليدخل‭ ‬إلى‭ ‬بوابة‭ ‬الطائرة‭ ‬التي‭ ‬ستَقلّه‭, ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬تفتيشه‭ ‬وتفتيش‭ ‬حقيبته‭ ‬اليدوية‭ ‬والحاجيات‭ ‬والهدايا‭ ‬التي‭ ‬يحملها‭, ‬ثم‭ ‬ينتظر‭ ‬قليلاً‭ ‬في‭ ‬بهو‭ ‬البوابة‭ ‬قبل‭ ‬دخوله‭ ‬عبر‭ ‬نفق‭ ‬طويل‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الطائرة‭.‬

  ‬باي‭ ‬باي‭... ‬بأمان‭ ‬الله‭... ‬رافقتكم‭ ‬السلامة‭ (‬صاح‭ ‬بعض‭ ‬التلاميذ‭ ‬لنفر‭ ‬من‭ ‬المسافرين‭ ‬بِمَوَدَّة‭).‬

‭(‬ثم‭ ‬تتابع‭ ‬الدليلة‭ ‬الشرح‭ ‬في‭ ‬أثناء‭ ‬تنقُّل‭ ‬المجموعة‭ ‬بين‭ ‬صالات‭ ‬قسم‭ ‬المُسافرين‭ ‬القادمين‭):  

  ‬إن‭ ‬تلك‭ ‬البوابات‭ ‬هي‭ ‬نفسها‭ ‬التي‭ ‬يخرج‭ ‬عبرها‭ ‬المُسافرون‭ ‬القادمون‭ ‬من‭ ‬طائراتهم‭ ‬التي‭ ‬هبطت‭ ‬للتو‭, ‬فيمرُّون‭ ‬بالمطاعم‭ ‬والمقاهي‭ ‬والحمَّامات‭ ‬والاستراحات‭ ‬والمسجد‭ ‬والأسواق‭ ‬الحرة‭... ‬قبل‭ ‬دخولهم‭ ‬إلى‭ ‬قسم‭ ‬الجوازات‭ ‬ليدمغ‭ ‬موظف‭ ‬الجوازات‭ ‬جوازاتهم‭ ‬إيذاناً‭ ‬بدخولهم‭ ‬البلاد‭. ‬وخلال‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬تكون‭ ‬حقائبهم‭ ‬قد‭ ‬وصلت‭ ‬من‭ ‬طائراتهم‭ ‬إلى‭ ‬مكان‭ ‬تسلم‭ ‬الأمتعة‭, ‬فينتظر‭ ‬كل‭ ‬راكب‭ ‬أمام‭ ‬الحزام‭ ‬الناقل‭ ‬الخاص‭ ‬بالأمتعة‭ ‬التي‭ ‬وصلت‭ ‬عبر‭ ‬العربات‭ ‬السيَّارة‭ ‬من‭ ‬الطائرة‭ ‬التي‭ ‬أتى‭ ‬بها‭, ‬لتمرّ‭ ‬الحقائب‭ ‬أمامه‭, ‬وما‭ ‬إن‭ ‬تصل‭ ‬حقيبته‭ ‬حتى‭ ‬يتأكد‭ ‬من‭ ‬رقم‭ ‬اللُّصاقة‭ ‬الموجودة‭ ‬عليها‭ ‬المُطابق‭ ‬لرقم‭ ‬بطاقة‭ ‬أمتعته‭, ‬فيأخذها‭ ‬ويتوجَّه‭ ‬إلى‭ ‬طاولات‭ ‬التفتيش‭ ‬الجمركي‭ (‬تابَعَت‭ ‬الدليلة‭). ‬

  ‬بعدها‭ ‬يقوم‭ ‬الرَّاكب‭ ‬بالدخول‭ ‬إلى‭ ‬صالة‭ ‬القادمين‭ ‬حيث‭ ‬ينتظره‭ ‬مستقبلوه‭ ‬بلهفةٍ‭ ‬وشوق‭, ‬وبذلك‭ ‬يكون‭ ‬قد‭ ‬وصل‭ ‬بسلام‭ ‬وأنهى‭ ‬رحلته‭ ‬كما‭ ‬أنهت‭ ‬مجموعتنا‭ ‬جولتها‭ ‬الغنية‭ ‬تلك‭ ‬عندما‭ ‬ودَّعتهم‭ ‬المُشرفة‭ ‬بأطيب‭ ‬الأماني‭ ‬وتَمنَّت‭ ‬عليهم‭ ‬القدوم‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭... ‬ليعود‭ ‬الطلبة‭ ‬إلى‭ ‬منازلهم‭ ‬حالمين‭ ‬ومنتشين‭ ‬بذلك‭ ‬اليوم‭ ‬الرائع‭ ‬الذي‭ ‬قضوه‭ ‬في‭ ‬المطار‭, ‬مُجدِّدين‭ ‬نشاطهم‭ ‬تمهيداً‭ ‬ليوم‭ ‬الدراسة‭ ‬التالي‭.‬