عيون طفلك في خطر راوية جمال الدين
عيون طفلك في خطر
عيون الأطفال في خطر ما لم ينتبه الآباء لهذا الخطر مبكرا.. يجب عدم الانتظار طويلا حتى يكبر الطفل ولكن يجب التدخل مبكرا بالفحص والعلاج أيضا. مازلنا في عالمنا العربي لا نهتم بالفحص الطبي للأطفال في سن مبكرة وخاصة في مجال العيون، فنحن لا ننتبه إلى هذا الفحص إلا والطفل يستعد لدخول المدرسة أي في حوالي سن الخامسة أو السادسة. وهكذا نجد الطفل للمرة الأولى في حياته يجلس أمام اللوحة المضيئة كي يعرف اتجاهات الحروف أو فتحات الدوائر، وبالتالي تتأخر عملية الكشف المبكر عما إذا كان هذا الطفل يعاني من قصر النظر أو طوله. الأبحاث الجديدة في مجال طب العيون تؤكد أن هذا الفحص متأخر جدا وربما يقود إلى عيوب دائمة تصيب عيني الطفل ولا يستطيع التخلص منها. فمرض قصر النظر myopia يظهر ويختفي عند الأطفال بين سن الثالثة والسادسة وفي بعض الحالات يعود هذا المرض إلى الطفل عندما يبلغ العاشرة من عمره. وقياس هذا المرض في وقت مبكر يمكن أن يساعد على العلاج بطريقة تمنع عودته مرة أخرى. حاسة مكتملة.. وأخرى تنمو وبخلاف حاسة السمع التي يولد بها الطفل وهي كاملة التطور فإن حاسة البصر تواصل تطورها حتى يصل الطفل إلى سن السادسة. لأن تطور هذه الحاسة يتطلب تطور شبكة معقدة من القنوات تتواصل بين العين ومراكز الإبصار في المخ، واكتشاف أي عيب مبكر في هده المرحلة يكون سهل العلاج بينما الجهاز البصري في هذه الحالة المرنة. ولعل هذا هو الذي جعل الكثير من العلماء والأطباء يبحثون عن وسيلة يفحصون بها عين الطفل الرضيع الذي لا يستطيع الكلام بحيث يمكن اكتشاف قصر النظر، أو مرض العيون المتقاطعة amblypia وهي الحالة التي تكون فيها إحدى العينين كسولة بحيث لا تتحرك بشكل متزامن مع العين الأخرى، ويعود السبب في ذلك إلى أن المخ يتلقى إشارات ضعيفة من حاسة الإبصار في تلك الفترة الحرجة حتى ست سنوات إلى أن يكتمل نمو العصب البصري. في العادة ترسل كل عين صورة مختلفة إلى المخ ويقوم المخ بدمجهما معا كي يكونا معا صورة واحدة. ولو أن واحدة من العينين قد استدارت كثيرا إلى الداخل أو الخارج فإنها بذلك ترسل صورة إلى المخ مختلفة بشكل كبير إلى حد لا يستطيع مزجها بالصورة الاخرى وفي محاولة من المخ لتفادي هذا الازدواج البصري فإنه يتجاهل الصورة الضعيفة من إحدى العينين ويكتفي بصورة واحدة. وهكذا "ينسى" المخ كيف يرى من خلال العين المصابة. ويصيب هذا المرض واحدا من كل أربعين طفلا بإصابة دائمة لا علاج لها، إذا لم يكتشف في سن مبكرة. وقد تصل هذه الإصابة إلى درجة العمى. وفي بعض حالات البالغين لا تستطيع النظارات الطبية معالجة هذه الحاثة وتكون النتيجة هي فقد الإبصار نهائيا. ويعود السبب في ذلك المرض إلى ضعف الأربطة التي تتحكم في حركة العين في هذه المرحلة المبكرة، وقد حاول الباحثون في جامعة أريزونا بالولايات المتحدة اختبار مدى وجود هذا المرض بواسطة الكمبيوتر اعتمادا على أسلوب قديم في الفحص يعود إلى سنة 1885 حين حاول الطبيب الألماني هيرش برج أن يفحص حدقة الطفل وكيف تعكسه الضوء عن طريق وضع شمعة أمام عينيه. وإذا كان ضوء الشمعة منعكسا في مركز إحدى العينين وبعيدا عن المركز في عين أخرى، فإن هذا يعني أن العين مصابة. وقد تطور هذا الفحص بحيث يجلس الطفل لمشاهدة أحد أفلام "الكارتون " على بعد ياردة واحدة من جهاز "مونيتور" وتنبعث من هذا الجهاز أشعة تحت حمراء تنعكس على عيني الطفل، وتقوم إحدى الكاميرات بالتقاط هذه الانعكاسات ونقلها إلى شاشة الكمبيوتر حتى يقوم بتحليلها. العيون السليمة في خطر وحتى العيون السليمة يمكن أن تكون عرضة لمرض العيون المتقاطعة أو الرؤية المتاقطعة بسبب درجة الرؤية من القرب الشديد أو البعد المتنائي أو بسبب الأخطاء في زاوية انكسار الضوء الواقع على العين. ويعود السبب في وجود خطأ في درجة انكسار الضوء إلى أن كرة العين يمكن أن تكون غير تامة الاستدارة، وهي بذلك تمنع العدسات من تركيز الصورة في بؤرتها بطريقة صحيحة وبالتالي عكسها على الشبكية في خلفية العين. القرب الشديد أيضا يمكن أن يحدث مرض ازدواج الصورة في كلتا العينين، لأن المخ في هذه الحالة يكون عاجزا عن تلقي المؤثرات اللازمة من كلتيهما، كذلك فإن البعد المتنائي يحدث الأثر نفسه حين يحاول الطفل أن يركز بؤرة عينيه على الأشياء القريبة. والوقت المناسب لفحص الطفل لمعرفة مدى رد فعله تجاه طول أو قصر البصر يجب أن يتم خلال العام الأول كما يؤكد كثير من الباحثين، بل إن البعض منهم يؤكد أن وضع نظارات زجاجية صغيرة على وجه الطفل في هذا العمر يمكن أن يمنع مرض تقاطع الرؤية من أساسه، وهكذا نجد أن إجراء هذه الاختبارات في وقت دخول المدرسة غير مجد لأنه لا يحدث أي تغيرات جوهرية في النظر من سن 6 إلى 13 والعكس من ذلك فإن فحص النظر عند العام الأول للطفل يبين بوضوح ماذا سيكون عليه بصره في السادسة من عمره. ولحسن الحظ فإن أي ضرر يقع بسبب مرض تقاطع الرؤية يمكن أن يشفى مع العلاج المبكر، فالجراحة يمكن أن تعالج ضعف الأربطة للعين والنظارات يمكن أن تعالج عيوب الانكسار، ولابد أن يرغم الطفل على استخدام العين التي حاول المخ أن يتجاهلها. طرق تقليدية وأخرى حديثة كانت الطرق التقليدية لذلك هي تغطية العين السليمة حتى يضطر الطفل للنظر بالعين المريضة ولكن لوحظ أن الطفل يميل إلى نزع هذه العصابة وقد اكتشف العلماء الآن أن وضع بضع نقاط من فطرة العين كفيل بإحداث "زغللة" أو اضطراب في الرؤية بالعين السليمة وبذلك تؤدي عمل عصبة العين. وقد أثبتت بعض التجارب التي أجريت على حوالي 79 طفلا وضعت لهم قطرة الاتروبين التي توسع الحدقة وتحدث اضطرابا في الرؤية كل يوم، أنه يمكن شفاؤهم بعد ثلاثة شهور وأن العين الكسولة عادت إلى العمل مرة أخرى، أما استخدام العصابات أو النظارات فيقتصر على الأطفال الأكبر سنا، والذين يمكنهم الاحتفاظ بها. وحتى يكتشف الأطباء علاجا فعالا لأمراض العين المختلفة فإن على الآباء أن ينصحوا أبناءهم بعدم الجلوس إلى مسافة قريبة من التلفزيون أو القراءة لساعات متصلة دون أن يأخذوا قسطا من الراحة ومحاولة القيام ببعض الحركات النشطة حتى يمكن تلافي آثار الرؤية من قرب لمدة طويلة. ويستطيع الآباء القيام بدور فعال في مقاومة أمراض تقاطع الرؤية وبقية مشاكل العيون إذا انتبهوا لها في وقت مبكر ، خاصة إذا كان هناك تاريخ لهذا المرض في العائلة وعليهم ملاحظة أعراض هذه الأمراض مثل محاولة الطفل مسك الأشياء وتقريبها من عينيه إلى درجة كبيرة، أو محاولة تجنب النظر إلى الأشخاص بشكل مباشر أو ظهور حدقتي العين بشكل متقاطع مع وجود رعشات بهما، كل هذه الأعراض تستدعي التدخل واستشارة طبيب العيون على الفور. والأمر يستحق الاهتمام فقد بينت الدراسات أن المرءيكتسب 60% مما يتعلمه خلال حياته عن طريق حاسة الإبصار.
![]() |
|