بطل أبطال العالم الفارس طارق القلاف

لبطلنا‭ ‬الكويتي‭ ‬قصة‭ ‬مثيرة‭ ‬مليئة‭ ‬بالتحديات‭, ‬وُلد‭ ‬طارق‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1968‭ ‬ونشأ‭ ‬طفلاً‭ ‬سعيداً‭ ‬بين‭ ‬والديه‭ ‬وإخوته‭ ‬وأقرانه‭ ‬إلى‭ ‬سن‭ ‬السابعة‭, ‬وذات‭ ‬يوم‭ ‬ذهب‭ ‬مع‭ ‬والدته‭ ‬إلى‭ ‬المركز‭ ‬الصحي‭ ‬لأخذ‭ ‬جرعة‭ ‬التطعيم‭, ‬فشاءت‭ ‬إرادة‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬أن‭ ‬يصاب‭ ‬بشلل‭ ‬الأطفال‭, ‬وبسبب‭ ‬خطأ‭ ‬طبي‭ ‬أصبحت‭ ‬إبرة‭ ‬تطعيمه‭ ‬ضد‭ ‬شلل‭ ‬الأطفال‭ ‬هي‭ ‬ذاتها‭ ‬التي‭ ‬أصابته‭ ‬بالشلل‭.‬

فالممرضة‭ ‬لم‭ ‬تنتبه‭ ‬لارتفاع‭ ‬درجة‭ ‬حرارته‭ ‬في‭ ‬ذاك‭ ‬اليوم‭, ‬فقامت‭ ‬بإعطائه‭ ‬الجرعة‭, ‬ما‭ ‬سبب‭ ‬لبطلنا‭ ‬الصغير‭ ‬تشنجات‭ ‬حادة‭ ‬على‭ ‬الفور‭, ‬فجزعت‭ ‬والدته‭ ‬وبكت‭ ‬بكاء‭ ‬شديداً‭, ‬فتدافع‭ ‬الأطباء‭ ‬لغرفة‭ ‬التطعيم‭ ‬وبدأوا‭ ‬بالفحص‭ ‬ليخرجوا‭ ‬بنتيجة‭ ‬واحدة‭, ‬أنه‭ ‬قضاء‭ ‬الله‭ ‬وقدره‭ ‬أن‭ ‬يصاب‭ ‬بشلل‭ ‬الأطفال‭. ‬

بكت‭ ‬والدته‭ ‬كثيراً‭ ‬وحزن‭ ‬أهله‭ ‬ومحبوه‭ ‬على‭ ‬حاله‭, ‬لكنهم‭ ‬لم‭ ‬يعلموا‭ ‬أن‭ ‬لله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬حكمة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭, ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬إعاقته‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬نقطة‭ ‬انطلاقه‭ ‬للعالمية‭.‬

 

النقطة‭ ‬الفاصلة‭... ‬قصر‭ ‬باكنجهام‭ ‬

توقف‭ ‬طارق‭ ‬عن‭ ‬الدراسة‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬لظروف‭ ‬سفره‭ ‬للعلاج‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬البريطانية‭, ‬وهناك‭... ‬وأثناء‭ ‬ذهابه‭ ‬للمستشفى‭ ‬لفت‭ ‬انتباهه‭ ‬مشهد‭ ‬مهيب‭, ‬فقد‭ ‬أسره‭ ‬منظر‭ ‬القصر‭ ‬الملكي‭ ‬وأسواره‭ ‬المذهبة‭, ‬ومن‭ ‬حوله‭ ‬حرس‭ ‬الشرف‭ ‬الذين‭ ‬يرتدون‭ ‬قمصان‭ ‬حمراء‭ ‬مزركشة‭ ‬بخيوط‭ ‬وأزرار‭ ‬ذهبية‭, ‬وبناطيل‭ ‬وقبعات‭ ‬سوداء‭ ‬عالية‭ ‬وضخمة‭.‬

وفجأة‭... ‬تجمد‭ ‬الزمن‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة‭ ‬بعيني‭ ‬طارق‭ ‬الصغير‭, ‬ووقف‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬حوله‭ ‬ساكناً‭ ‬للحظات‭, ‬لكنه‭ ‬تحرك‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬مع‭ ‬حركات‭ ‬الحرس‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬تبادل‭ ‬نوبة‭ ‬الحرس‭ ‬والحراسة‭, ‬فأثار‭ ‬فضوله‭ ‬دقة‭ ‬الحركات‭ ‬العسكرية‭ ‬وهم‭ ‬يحملون‭ ‬سيوف‭ ‬الشرف‭, ‬فسأل‭ ‬والده‭ ‬عن‭ ‬السلاح‭ ‬الذي‭ ‬يحملونه‭ ‬بأيديهم‭, ‬فأجاب‭: ‬‮«‬هذا‭ ‬هو‭ ‬السيف‭, ‬شرف‭ ‬كل‭ ‬فارس‭, ‬فقد‭ ‬حارب‭ ‬الفرسان‭ ‬الشر‭ ‬به‭ ‬بعزيمة‭ ‬وإصرار‭ ‬وإيمان‭, ‬وكانت‭ ‬فتوحات‭ ‬أنبيائنا‭ ‬بالسيوف‭, ‬وبالسيوف‭ ‬أيضاً‭ ‬دافع‭ ‬الفرسان‭ ‬عن‭ ‬أوطانهم‭ ‬وأعراضهم‮»‬‭. ‬

غرس‭ ‬الأب‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة‭ ‬حب‭ ‬السيف‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬ابنه‭ ‬ودبت‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬الابن‭ ‬المقعد‭, ‬ونما‭ ‬بداخله‭ ‬تحدٍ‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬آخر‭ ‬للإعاقة‭ ‬والمبارزة‭.‬

ظل‭ ‬فارسنا‭ ‬طارق‭ ‬مسحوراً‭ ‬بهذا‭ ‬الموكب‭ ‬الأسطوري‭, ‬من‭ ‬خيول‭ ‬وعربة‭ ‬سوداء‭ ‬وسيوف‭ ‬يحملها‭ ‬الفرسان‭, ‬وهو‭ ‬يحلم‭ ‬بأن‭ ‬يحمل‭ ‬واحداً‭ ‬منها‭, ‬كفارس‭ ‬مغوار‭ ‬يشق‭ ‬الجموع‭ ‬الغفيرة‭ ‬بعد‭ ‬صولاته‭ ‬وجولاته‭ ‬في‭ ‬ميادين‭ ‬القتال‭ ‬متباهياً‭ ‬بانتصاراته‭, ‬فتراءت‭ ‬أحلامه‭ ‬أمام‭ ‬ناظريه‭ ‬وبفضل‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬شأنه‭ ‬تحقق‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬حلم‭ ‬به‭ ‬لواقع‭ ‬باهر‭.‬

 

رفع‭ ‬سيف‭ ‬الإرادة‭ ‬وانطلق‭ ‬للتحدي

يتذكر‭ ‬فارسنا‭ ‬دوماً‭ ‬فضل‭ ‬والديه‭ ‬عليه‭ ‬أثناء‭ ‬العلاج‭ ‬والدراسة‭ ‬والتمرين‭, ‬فكانا‭ ‬خير‭ ‬دافع‭ ‬ومحفز‭ ‬له‭, ‬وفّرا‭ ‬له‭ ‬الرعاية‭ ‬والحنان‭ ‬والمحبة‭, ‬وزرعا‭ ‬الثقة‭ ‬والإيمان‭ ‬في‭ ‬قلبه‭, ‬ليكمل‭ ‬مسيرته‭ ‬الدراسية‭ ‬على‭ ‬كرسيه‭ ‬المتحرك‭, ‬متجاهلاً‭ ‬سخريه‭ ‬أقرانه‭ ‬منه‭, ‬منظماً‭ ‬وقته‭ ‬بين‭ ‬الدراسة‭ ‬والرياضة‭, ‬فواظب‭ ‬على‭ ‬التمرينات‭ ‬بجد‭ ‬وهمة‭ ‬عاليين‭, ‬واستمر‭ ‬في‭ ‬حضور‭ ‬جميع‭ ‬الحصص‭ ‬الدراسية‭ ‬والرياضية‭, ‬فلم‭ ‬يتهاون‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬منها‭. ‬حتى‭ ‬التحق‭ ‬بنادي‭ ‬‮«‬العربي‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1982‭ ‬وبدأ‭ ‬التدرب‭ ‬على‭ ‬لعبة‭ ‬المبارزة‭ ‬ومنها‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬أولى‭ ‬البطولات‭ ‬العالمية‭ ‬عام‭ ‬1984‭ ‬وتلاحقت‭ ‬البطولات‭ ‬إلى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭.‬

الطريق‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬معبداً‭ ‬بالحرير‭, ‬وإنما‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬دوماً‭ ‬عراقيل‭ ‬وعثرات‭, ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬يشق‭ ‬طريقه‭ ‬اتجاه‭ ‬الضوء‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬النفق‭. ‬لم‭ ‬يجبن‭ ‬ولم‭ ‬يستسلم‭, ‬وامتطى‭ ‬صهوة‭ ‬خيول‭ ‬التحدي‭ ‬الجامحة‭ ‬بلا‭ ‬توقف‭, ‬ألجمها‭ ‬بالإصرار‭ ‬والعزيمة‭, ‬وروضها‭ ‬بالصبر‭ ‬والتفاؤل‭, ‬فحطم‭ ‬كل‭ ‬قيود‭ ‬التقاعس‭ ‬وتمسك‭ ‬بسيف‭ ‬الإرادة‭ ‬وقطع‭ ‬حبال‭ ‬التكاسل‭, ‬وركز‭ ‬على‭ ‬الاجتهاد‭ ‬والتحدي‭ ‬والرغبة‭ ‬والأمل‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬مبتغاه‭ ‬وتحقيق‭ ‬هدفه‭, ‬بين‭ ‬مد‭ ‬وجزر‭ ‬وصل‭ ‬فارسنا‭ ‬بأمان‭ ‬لمبتغاه‭, ‬وطموحاته‭ ‬لم‭ ‬تهدأ‭ ‬مادام‭ ‬قادراً‭ ‬على‭ ‬الحياة‭, ‬ولم‭ ‬يتنازل‭ ‬عن‭ ‬حق‭ ‬بلاده‭ ‬ب