واحة العربي

الخروف ذو السر الباتع

الخروف حيوان عالمي لا تكاد تخلو منه بقعة، يتميز بقرونه الملفوفة المشرعة فوق هامته وكأنه مستعد دائما لمواجهة تمرد، يسير وسط القطيع من الشياه والمعز في اعتزاز وكبرياء وتسلط، وكثيرا ما ينتهي به الأمر محترقاً بالأسياخ فوق نار جماعة تقضي وقتا سعيداً، وقبل أن يكتشف أهل المدن تقديم زوج من الحمام أو الدجاج للعريس ليلة الفرح، كان الخروف هو المختار الدائم لهذا الموضوع خلال التاريخ كله، وليس مصادفة أن الطريق المؤدي لمعبد الكرنك حيث تماثيل شوامخ الفراعنة، تربض على جانبيه كباش بادية السطوة والرصانة والعزة، إذ إن الكبش يتمتع بمنظر فريد من الجوانب أو المواجهة، كما أن لديه قدرة خاصة على استكشاف أي حركة تمس سطوته من خروف شاب هو في العادة ذو تجربة محدودة، وشمهورش - أحد ملوك الجن - يوصي دائما - أو يأمر دائما - مريديه في حلقات الزار الصاخب بذبح خروف رحماني تحت قدميه، والخروف الرحماني - نسبة إلى الرحمانية بدلتا مصر - يتميز بشراسة وضخامة، وذو دسم أكثر من الخراف الأوسيمي أو العبيدي المصرية أو حتى المارينو الفرنسية والإسبانية، وكثيرا ما تجد جلد الخروف مفروشاً على الأرائك الشرقية وفي مداخل حجرات الضيوف إعلانا عن تمتع صاحب البيت بسر الخروف الباتع، ويوازي ذلك ما تجده في مداخل قصور اللوردات والبارونات من جلود السباع إعلانا عن شجاعتهم في رحلات الصيد.
ويعد لحم الخروف أشهى وأدسم لحم حلال على الإطلاق، ومن المفرح أن التهامه في عيد الأضحى جاء مناسباً لرغباتنا القديمة منذ أن افتدى به سيدنا إبراهيم ابنه النبي إسماعيل، وقد حاولت أوطان أخرى أن يكون لها حيوانها الأثير كالخنزير أو البقر، لكن الخروف ظل الأشهى والأنسب والأحلى دائما.
ولعل افتقاد الخروف للفروسية والنبل والوعي - مع ما يتمتع به من منظر ذي سطوة وتحد وشراسة - هو الذي جعل الناس يلقبون خصمهم بأنه خروف، وخصمهم يسمع لكنه لا يدرك المقصود كعادته.