عزيزي القارئ المحرر

عزيزي القارئ

حواجز الورق

  • عزيزي القارئ..

هناك تحد كبير يواجه ما يسمى حضارة الورق، ونعني بها حضارة الكتاب والمجلة والصحيفة التي كانت حتى وقت قريب المصدر الرئيسي والأساسي للمعرفة. ولكن مع تفجر ينابيع المعلومات تعددت المصادر وتطورت إمكانات الحفظ والاسترجاع. وأصبح على الكتاب والمفكرين الذين يستعدون لدخول القرن الواحد والعشرين أن يبحثوا عن وسائل أخرى غير الورق الذي ألفوه طويلا. إن لكل مجموعة من قرون الزمن كلمتها السحرية.. كلمة هي المفتاح الذي يكشف عن إمكانات التقدم والتطور. فكلمة القرون القديمة هي النار، وكلمة القرون الوسطى هي السلاح، وكلمة العصر الحديث هي العقل، وكلمة القرون القادمة هي المعلومات بما تستتبعه هذه الكلمة من أجهزة الكومبيوتر المختلفة التي أصبحت العصا السحرية للسنوات المقبلة، والورق يقف عاجزا أمام استيعاب كل هذا التدفق الهائل في المعلومات، وهي أيضا مشكلة نعاني منها في مجلة العربي، ففي كل شهر تقف صفحات المجلة البالغة المائتين وعشر صفحات فقط عاجزة عن استيعاب كل هذا السيل من الأفكار والصور والمعلومات والآراء السياسية والفنية والقصائد والإبداعات القصصية، وفي كل شهر نشعر أننا في حاجة إلى أكثر من مجلة حتى يمكن استيعاب كل هذا القدر من المساهمات من كتاب العربية الذين يخصون العربي بإبداعاتهم وثقتهم. والنتيجة هي الحيرة الشديدة التي نواجهها دائما مع كل عدد جديد. مجلة "التايم " حلت هذه المشكلة بشكل جزئي عندما بدأت تبث صفحاتها عبر أجهزة الكومبيوتر حتى يتلقاها القارىء في منزله ويقلبها بحريته بل ويستطيع أيضا أن يناقش كتابها. فهل يأتي اليوم الذي تستطيع فيه العربي أن تبث صفحاتها عبر أجهزة الكومبيوتر إلى ملايين البيوت العربية؟ إنه الأمل في أن تتسع آفاق المعرفة وتزول الحدود وتنطلق الأفكار من حواجز الورق الضيقة. وحتى ذلك الحين فإن العربي تقدم لك ذاتها في صفحاتها القليلة المتاحة، ولكنها تحول هذه المساحة إلى رحلة عميقة في أغوار المعرفة والتاريخ.. ففي بداية الرحلة يكشف رئيس التحرير عن ملوك الصحف والمتحكمين فيها وهم يواجهون عصر المعلومات الجديد بنوع من احتكار المعرفة. وتبحث العربي في قضايا العالم الساخنة من الهند إلى فلسطين، ولا تنسى أن شهور الصيف الحارة ما زالت تلهب بلادنا العربية فترحل إلى الشام- ويا مال الشام والله يا مالي- لتقدم استطلاعا عن الموارد السياحية في سوريا الشقيقة وتواصل الصعود شمالا إلى بروكسل عاصمة أوربا السياسية وإلى انتوويرب عاصمتها الثقافية، ولا تنسى الانفجارات العلمية المتوالية من الهندسة الوراثية إلى حفظ الطعام بالإشعاع.. ثم تتذكر فنون السينما وتراقب كيف يستيقظ التنين الأصفر على الشاشة.. والعديد من القصائد والقصص والأفكار المتجددة. ورغم ذلك فإننا نشعر أن الصفحات تضيق بنا وأن ما لدينا أكثر بكثير مما نقدمه، ولكنها حواجز الورق التي تحكمنا وتحد من رغباتنا في إرضاء الكاتب العربي والقارىء العربي.

 

المحرر

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات