من المكتبة العربية: «نعم.. العرب أيضًا قادرون»

من المكتبة العربية: «نعم.. العرب أيضًا قادرون»
        

          صدر في مطلع العام 2010 عن الدار المصرية اللبنانية كتاب «نعم.. العرب أيضًا قادرون» لـ محمد بن عيسى الجابر حيث حاول المؤلف إلقاء الضوء على حال العالم العربي والأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها واستقراء حركية المجتمع وتطوره.

          وقد كشفت الثورات والانتفاضات التي تجتاح الدول العربية هذه الأيام عن الحاجات والمطالب الأساسية للفرد العربي ممثلة بالديمقراطية والشفافية والمشاركة في القرار وحقوق المواطنة والإنسان، وأكدت في الوقت نفسه على كون هذه المجتمعات «قادرة» أيضًا على أن تمسك بقدرها وتدير دفة المسئولية بأعلى درجاتها مستندة بذلك إلى روح الشباب ومسلحة بالمعرفة والتقنيات الحديثة والحوار والانفتاح على الآخر المختلف.

          وقد كان المؤلف محمد بن عيسى الجابر نبّه بشكل جليّ في كتابه الآنف الذكر الذي يفصح ابتداءً من العنوان، إلى استقراء هذه التحولات وأبعادها وأسبابها، فذكر أننا نعيش فترة «الانتقال إلى عصر ما بعد الصناعي أي عصر تقنيات الاتصال والمعلومات الرقمية ومجتمع المعرفة الذي سيثمر نمطا جديدا من العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسيّة»، وهو ما يحصل بالضبط إذ إن ثورات الفيس بوك facebook اليوم ليست إلا صورة لهذا النمط الجديد من العلاقات الاجتماعية والسياسية التي يشير إليها المؤلف بوضوح.

          وفي تحليل أسباب هذه الثورات والتحولات يشير المؤلف بجلاء إلى أن «المواطن العربي يشعر بالغربة في مجتمعه وهذا الشعور السلبي يلازمه أكثر وأكثر كلّما لاحظ الفرق بينه كمواطن في بلاده وبين المواطنين في بلدان العالم.. فهو يرى أن المواطن الأوربي أو الأمريكي يتصرف في بلاده كأنها بيته الخاص يحق له أن يفكر في تجميلها وتحسين ظروفه فيها كما يحلو له، أما العربي بشكل عام فيشعر بنفسه في بيته غريبًا ويزداد هذا الشعور بالغربة في الوطن مع الفقر والجهل، مع أن البلدان العربية تحمل في أحشائها جزءًا كبيرًا من خيرات العالم وتحمل في تاريخها جزءًا كبيرًا من عقل العالم وحضارته».

          هو الإحساس بالغربة إذن في الوطن وغياب المشاركة لدى المواطن العربي قد أوصل الشعوب العربية إلى درجات الإحباط التي قادت إلى هذه التحولات الكبرى وهو ما يتضح من مطالب الثوار الشباب في جميع الدول التي تعتمل فيها اليوم هذه التحولات التاريخية، والتي تتركز على المشاركة في القرار والديمقراطية والشفافية.

          كما تجدر الإشارة إلى تأكيد المؤلف على نقطة مهمة تظهر دائمًا على السطح في تحليل الواقع العربي وإرهاصاته ومشاكله وهي دعوته الصريحة للتحرر «أولًا من ثقافة المؤامرة والقدرية والسلفية» وكذلك المطالبة بـ«الاعتراف بالآخر واحترامه أي العيش في عصره بمعناه المادي والحضاري وأن يعود مواطنًا منتجًا في مجتمع منتج».

          إن هؤلاء الشباب الذين يغيرون اليوم صفحة التاريخ والحاضر لو كانوا يؤمنون بنظرية المؤامرة لظلّوا يراوحون مكانهم كما فعلت ذلك أجيال سابقة سحقتها هذه الفكرة التي شلّت فاعليتهم وشوّهت أداءهم ولهذا فإن المؤلف بدعوته الصريحة هذه إلى العرب بالتخلي عن ثقافة المؤامرة قد وضع يده على الجرح في اللحظة والمكان المناسبين، حيث صدر الكتاب في القاهرة.

          في أكثر من موقع يواصل المؤلف تشخيص المرحلة التاريخية مؤكدًا، وبتفاؤل إيجابي لافت، إمكانية التغيير من خلال ما يسميه «تقلص حواجز الزمان والمكان وبفضل تطور التكنولوجيا الحديثة، خاصة في مجال الاتصال ووسائله» مؤكدًا على هذه الأداة السحرية الثورية التي اسمها الـ«فيس بوك» بقوله: «إن الاتصالات والمعلوماتية هي التي تخلق الظروف الملائمة»، وهنا لا يخفى على الجميع هذه النظرة الاستباقية للأحداث الكبرى اليوم.
----------------------------------
* راعي مشروع «كتاب في جريدة».

-----------------------------------

أنا ما هنتُ في وَطَنِي ولا صَغرتْ أكْتافي
وقفتُ بِوجه ظُلاَّمي
يتيمًا، عاريًا، حافي
حملتُ دمي على كفّي
وما نكّستُ أَعلامي
وصُنتُ العشبَ
فوقَ قبورِ أسْلافي
أناديكُم... أشدّ على أياديكُم

توفيق زياد

 

 

تأليف: محمد بن عيسى الجابر*