سكاكين وملائكة .. أدب المرأة في أمريكا اللاتينية سوزان بيزنت

سكاكين وملائكة .. أدب المرأة في أمريكا اللاتينية

عرض: أحمد خضر

كان لقراء الأدب الإسباني باللغات الأجنبية العذر في افتراض أن الملكات الإبداعية في أمريكا اللاتينية مقصورة على الرجال، فقائمة الكتاب العظام الذين أطلق عليهم أحد النقاد اسم "عائلة" كتاب أمريكا اللاتينية، لم تتضمن اسم أي كاتبة، فقد تكونت العائلة من الآباء والبنين والأشقاء، وغابت عنها الأمهات والشقيقات والبنات بعد أن اختزل التصور الشائع وجودهن إلى مجرد كائنات تعيش في ركن قصي من منازلهن ليوفرن لرجالهن الوقت والمكان اللازمين لخلق أعمالهم العظيمة.

والآن وفي العقد الأخير من القرن العشرين تغيرت الصورة تغيرا جذريا، فقد ظهر الكثير من أعمال الكاتبات والفنانات ومخرجات السينما، وأعيد اكتشاف الكثير مما استدعى إعادة رسم الخارطة الإبداعية لأمريكا اللاتينية من بدايتها وأصبح بالإمكان رؤية الجذور البالغة العمق للدور الذي لعبته المرأة في ثقافة أمريكا اللاتينية، وهو دور يمتد إلى الماضي البعيد، إذ إن أقوى صوت فردي في القرن السابع عشر في المستعمرات الإسبانية الجديدة كان صوت امرأة هي سور خوانا دي لاكروز، وبعد ثلاثة قرون نسمع مجددا دفاعها الحماسي عن حق النساء في الحياة الثقافية والإبداعية، ولنقرأ تلك الكتابة التوراتية التي علقت جمها سور خوانا على دور النساء الكلاسيكيات والمعاصرات كملهمات وموديلات للآخرين:

أبدا، لم نحقق من خلال رجل شهير
نصرا كذلك النصر
وهذا، لأن الرب أراد من خلالها
أن يكرم النساء
النصر! النصر!

ومن كلمات سور خوانا ينحدر خط ممتد من النساء الموهوبات، يناقش هذا الكتاب أعمال قلة قليلة منهن، صحيح أن تاريخ بلدان أمريكا اللاتينية هو تاريخ الاستعمار والثورة، والوطنية الصاعدة، والاستبداد والمقاومة، والإبادة الجماعية، والفقر، والأزمات الاقتصادية والبيئية، لكنه أيضا تاريخ الكفاح والنضال والنصر، هو تاريخ لعبت فيه النساء دورا حاسما وإن لم يحظ بالتقدير الذي يستحقه، ويعكس هذا العمل الإبداعي ذلك الموقف، فمونسرات اوردينيز تكرس مقالتها لثلاث كاتبات كولومبيات وتضع "مائة عام من الكتابة غير المقروءة" عنوانا لها، في تحوير ذي مغزى لعنوان رواية الكاتب الكولومبي الشهير جابريل جارسيا ماركيز، ويذهب خوان بروس نوفوا إلى أبعد من هذا في مقالته حول رواية إلينا بونياتوبسكا عن انخلينا بيلوف، المرأة اللعوب، ليقول إن النساء عندما يكتبن يتهددهن رفض الرجال لكنهن يواصلن الكتابة لأنها شكل من أشكال المجابهة وإيماءة إيجابية في عالم يطلب منهن الصمت.

عملية التنقيب الأدبي

ويعود الفضل في عملية اكتشاف الكاتبات المنسيات أو المهملات إلى تطور تاريخ الأدب النسائي، الذي ترك آثاره في سائر أنحاء العالم، وبالتدريج بدأت تظهر أسماء على السطح، مثلا جابرييلا مسترال، أول كاتبة من أمريكا اللاتينية تفوز بجائزة نوبل للآداب، وفكتوريا أوكامبو مؤسسة مجلة "سور" الأدبية التي غيرت وجه الثقافة الأمريكية اللاتينية في القرن العشرين (والتي وصفها جون كنج في هذا الكتاب بالمبشرة العظيمة)، وشقيقتها سيلفينا أوكامبو صديقة وعضو دائرة الكاتبات التي تضم بورجيس، التي لم تكتشف إلا أخيرا وماريا لويزا بومبال، التي قارنت مارجوري آجوسين مستقبلها بمستقبل جين رايس الكاتبة الكاريبية التي تعرضت أعمالها للتجاهل لعدة عقود، واليخارندا بيزرانيك الشاعرة التي لقيت مصرعها شابة في ميتة مأساوية والتي اعتبرها اوكتافيو باث أحد أعظم كتاب أمريكا اللاتينية، وفي بعض الحالات خضعت عملية إعادة الاكتشافات لمنطق المصادفة، أو تغير الأذواق "كما هي حالة حماس أوربا في نهاية الثمانينيات للوحات فريدا كالو" أو الحماس الشخصي لأحد المترجمين، مثل ذلك الدور الذي لعبه جيوفاني بونتييرو في إطلاع قراء الإنجليزية على أعمال كلاريسة لسبكتور، لكن بغض النظر عن كيف ولماذا تمت عملية التنقيب الأدبي هذه فإنه من الواضح أن ما بدأ لن يتوقف أبدا، فقراء أمريكا اللاتينية يتعرفون على تاريخهم الثقافي بينما قراء أجزاء أخرى من العالم يكتشفون من خلال عملية الترجمة القليل من ذلك التراث المنسي ولن تعود الأمهات والبنات والشقيقات ثانية أسرى المطابخ وغرف النوم، فقد خرجن إلى النور.

وكانت مارجوري آجوسين قد وصفت دور كاتبات أمريكا اللاتينية اليوم في مقال بعنوان "الهمسات والنصر"، قالت فيه:

"لعبت كاتبة أمريكا اللاتينية دور الشاهد فتحملت عبء البربرية السياسية للمجتمع واتخذت موقف التحدي العلني للصمت الذي تفرضه الحكومات القمعية، وأصبح النشاط السياسي في أدب المرأة في أمريكا اللاتينية، مثل النشاط السياسي لأمهات بلازا دي مايو ومجموعات أخرى مماثلة، نشاطا ذا قوة لا حدود لها، واختفت الصورة الشائعة عن الكاتبة بوصفها امرأة تهرب من الحياة الحقيقية لتقطن في عالم الخيال والأحلام لتحل محلها صورة المرأة التي تريد من قلمها أن يصبح مسدسا يطلق كلمات من الرصاص والفولاذ".

كانت مارجوري آجوسين تصف هنا أدب الاحتجاج الذي عبرت عنه كاتبات مثل إيزابيل آييندي، ومارتا ترابا، وإلينا بونيا بوتسكا، ولويزا النزويلا وكريستينا بيري روسي، لكنها تشير أيضا إلى مستوى شهادات الكثير من كتابات المرأة في أمريكا اللاتينية وتربط هذا بالمساهمة العملية للنساء في النضالات المسلحة ضد القمع، فقد تحولت أمهات بلازادي مايو إلى رمز لهذه المساهمة، مع تظاهرهن في الشوارع وهن يحملن صور أقاربهن الذين اختطفوا أو اغتيلوا على يد نظام فاسد، وعلى المنوال نفسه تحولت صانعات الأربييرا الشيليات بصور الرعب ذاتها، وهن ينتظرن عبثا معرفة مصير أفراد أسرهن بعد الانقلاب اليميني في عام 1973، وهو ما صورته إيزابيل إييندي بعناية فائقة في روايتها "بيت الأرواح" وتذكرنا كاترين بويل في مقالتها عن الكاتبة المسرحية الأرجنتينية جريسلدا جامبارو بأن مسرح جامبارو مبني على الحاجة إلى جعل الناس يعرفون المعنى الحقيقي للموت والألم، معناهما الوجودي في كل زمان ومكان، وليس فقط في ظل ظرف تاريخي ما.

المرأة الجديدة

وترافقت عملية إعادة اكتشاف الميراث الثقافي لنساء أمريكا اللاتينية مع جيشان من الكتابات القوية، وهي عملية يمكن مقارنتها ببزوغ تاريخ الكاتبات السود في الولايات المتحدة ونتاجاتهن الجديدة، وكما أكدت باتريشيا موراي في مقالتها حول الكاتبتين النيكاراجويتين جيوكاندة بيلي وروزاريو موريو فإن الصورة المحورية بالنسبة لهما هي صورة لحواء، المرأة الجديدة في نظام ثوري جديد، وعلى عكس بعض المدافعات عن حقوق المرأة Feminists في الأمم المتقدمة تكنولوجيا، اللاتي يرفض بعضهن العمل المنزلي والأمومي بوصفهما أيقونات للأنوثة، تبدأ المدافعات عن حقوق المرأة في أمريكا اللاتينية من تلك الحدود نفسها لكنهن ينطلقن إلى آفاق جديدة، ليخلقن صورا جديدة ومقاييس جديدة، إذ إن نزعة المساواة بين المرأة والرجل في أمريكا اللاتينية كما تقول ماريا لويزا بمبرج في حوارها مع نيسا تورنتس، تختلف تماما في مفاهيمها عن مفاهيم العديدات من نساء العالم الأول، لأن المشاكل التي تواجه النساء في البلدان المتخلفة ذات طبيعة مختلفة، فالمرأة الصامتة الجالسة في غرفتها في نهاية قصة كلاريسه لسبكتور الشهيرة "محاكاة الوردة" لا تزال بالنسبة للمشاهد الخارجي هي ربة البيت الكسيرة والمضطهدة، لكن بالنسبة لنفسها وبالنسبة لزوجها تملك الآن قوة داخلية جديدة، قوة استمدتها من التحولات النفسية التي مرت بها عندما اختارت ألا تختار شيئا "الورد" لنفسها وأدركت فداحة ما تخلت عنه:

"كانت تجلس مرتدية ثوبها المنزلي القصير، وكان يعرف أنها بذلت كل ما في وسعها لكيلا تصبح مشرقة ونائية، نظر إليها بخوف واحترام، عجوز، منهكة، غريبة، لكنه لم يكن يملك حتى كلمة واحدة ليقولها، ومن الباب المفتوح رأى زوجته جالسة منتصبة على الأريكة متيقظة وهادئة وكأنها في قطار، قطار بدأ رحلته بالفعل".

إن قوة العالم الداخلي الغامض لوعي المرأة موضوع نال قسطا كبيرا من أعمال نساء أمريكا اللاتينية، تقول اليخاندرا بيزارنيك في واحدة من القصائد القصيرة: "لا أحد يعرفني، إنني أتحدث الصمت"، وتقول ببساطة في واحدة من قصائد (شظايا تقهر الصمت) "أقوى أجزاء اللغة نساء وحيدات بائسات يغنين من خلال صوتي الذي أسمعه على البعد"، وتمسك اليخاندرا بيزارنيك وهي ابنة مهاجر روسي، في شعرها بخط آخر يتخلل كتابات المرأة في أمريكا اللاتينية - موضوعة المنفى واللا انتماء، وهي موضوعة شديدة المحورية في أشعار جابرييلا مسترال، وقادت الكثير جدا من النساء إلى الاصطفاف مع الأقليات والمقهورين، وتناقش مونتسرات أودونيز قصة دولوريس التي كتبتها سوليداد أكوستا دي سامبر: وهي قصة امرأة مجذومة كناية عن نضال المرأة المستحيل من أجل حياة أفضل كعضو معافى في مجتمع معافى، بينما تكشف كلوي فورنيفال كيفية تعرية قصص روزاريو كاستيانوس للعنصرية والاضطهاد الجنسي اللذين استمرا في الازدهار في مكسيك ما بعد الثورة. ورغم التقدم الذي حققته الثورات المتعاقبة، بقيت الافتراضات الأساسية حول الدور التابع للمرأة على حالها، وتكشف نيسا تورنتس في فصل "صور المرأة في قصص ما بعد الثورة في كوبا" استمرار الصورة التي رسمها الاستعمار للأنثى في أعمال الكتاب الكوبيين رغم البرنامج الثوري لتحرير المرأة الكوبية.

وترى لوزيا بالنزويلا أن نساء أمريكا اللاتينية قد بدأن في استخدام شكل لغوي خاص وصفته بأنه "فتنة مع إثارة الاشمئزاز"، وأضافت أنها لم تلحظ شيئا من هدا القبيل في أعمال الكاتبات في الولايات المتحدة:

"لكن كاتبات أمريكا الجنوبية يكتبن هذا على ما يبدو في سعيهن إلى المعرفة، فعلى الجسد أن يعرف الاشمئزاز ويمتص معانيه، لكي يفصح عن كل مفرداته، فالرقابة لا يمكن أن تفرض على لسان امرأة، وبالتالي تخرج الكلمات في نهاية الأمر بكل قوتها، وهي القوة نفسها التي جردت منها اللغة الأنثوية منذ أن اخترع الرجل مفهوم السيدة".

وتكمن الصدمة التي يشعر بها القراء لدى اطلاعهم على أعمال كاتبات مثل مارتا ترابا، وكلاريسه لسبكتور، وسيلفيا أوكامبو، وبياتريس جويدو، وعشرات غيرهن، في قدرتهن على استخدام هذه اللغة والتأكيد من خلالها على العنف والرعب في عالم شائه تناضل، فيه شخوصهن. من أجل البقاء والأمل في شيء أفضل ويتجسد رمز الفظاعة في الكونتيسة باثوري لأليخاندرا بيزارنيك، المرأة التي قتلت مئات الشابات من أجل الاستمتاع بمشهد موتهن:

" لم تخف أبدا ولم ترتجف أبدا، لا يمكن أن يشعر أحد نحوها بأي شفقة أو تعاطف أو إعجاب، فقط قدر من الدهشة إزاء بشاعة الفظاعة، والاشمئزاز مع تحول الرداء الأبيض إلى أحمر دموي، ومن فكرة التمزق الكامل ومن تخيل الصمت وقد رصعته صرخات يعكس كل شيء فيها جمالا غير مقبول، ومثل الماركيز دي صاد في كتاباته وجيل دي ري في جرائمه تجاوزت الكونتيسة باثوري كل حدود الأعماق القصية للانفعالات المنفلتة من عقالها، ومع هذا فهي نموذج آخر على مدى بشاعة الحرية المطلقة للإبداع الإنساني".

تأثير السيريالية

ولا يثير الدهشة هنا أن نكتشف أن السيريالية كان لها التأثير الأعظم على العديد من أعمال كاتبات أمريكا اللاتينية، مع عملية اكتشاف ميراث الأعمال الدفينة للكاتبات السيرياليات في أوربا، ومع النظر إلى السيريالي بوصفه ذا دلالة أكبر مما يسمى بالواقعية السحرية على أجيال من النساء اللاتي يبحثن عن لغتهن الخاصة، وتقول جريسلدا جامبارو، في الفصل الذي كتبته كاترين بويل إن عالم الرجال يتسم بالعجز عن الفهم والأنانية والظلم، رغم أنه العالم نفسه الذي تعيش فيه النساء، وهكذا تتكرر مشاهد الاغتصاب والإجهاض، والقتل والتعذيب في أعمال العديد من كاتبات أمريكا اللاتينية، وتقدم بلا إثارة بحيث تبدو باردة ومنافية للعقل إلى حد مروع، وهنا تصف لويزا بالنزويلا تعذيب وقتل امرأة بريئة، بعد اختطافها من الطريق على يد أتباع الطاغية المجنون لوبيز ريجا في روايتها ذيل الأفعى:

"وعند الذروة فقدت وعيها: ليكن هذا دليلا آخر على الجبن الإنساني، لم يتركوا لي الأصبع فقط بل والخاتم أيضا، كتذكار، تركت الشقراء المحطمة للأولاد - كتذكار، أنهم يعرفون كيف يحتفظون بها في الخفاء ما دام ذلك ضروريا، إلى أن ينمو أصبعها ثانية، أو ينمحي من ذاكرتها". وفي بيت الأرواح لم تجفل إيزابيل إييندي من وصف اغتصاب وتعذيب ألبا لكنها تنهي روايتها مع هذا ببارقة أمل، مع مواجهة ألبا لواقع حملها بوصفه فعلا إيجابيا في الحياة، رغم أن والد طفلها الذي لم ير النور قد يكون هو ذاته مغتصبها، إذ توصلت إلى دائرة العنف التي تربطها به بالدم، من خلال اغتصاب جدها لفلاحة في ضيعته قبل ذلك بنصف قرن فالحاجة إلى ادع الجذور التاريخية للعنف خطوة مهمة نحو الحرية.

وتقول روزاريو كاستيانوس في قصيدتها التوسط عند الأعتاب "لا بد أن يكون هناك طريق، طريق آخر لكي نكون بشرا وأحرارا".. وتبحث ميريام دياز- ديوكورتيز، في فصل الشاعرات والتقاليد عما تسميه "الميراث الأمومي للنص الاجتماعي" الذي يمكننا من قراءة الاستمرارية المشتركة في نصوص كاتبات أمريكا اللاتينية بدءا من سورا خوانا حتى وقتنا الراهن، إذ من المثير هنا ملاحظة كيفية استلهام الكاتبات والفنانات ومخرجات السينما في فترة ما لحياة نسوة من فترة سابقة، ودمجهن للواقع الروائي مع الحقيقة التاريخية، ويفترض خوان بروس نوفوا أن إنجيلينا بيلوف في رواية إلينا بونياتوبسكا هي اندماج بين الواقع والمتخيل، مركب من امرأتين تخوضان حوارا من التضامن الأنثوي. ورغم تاريخ الأمل والنضال تبقى طاقة الحياة يسلمها كل جيل من النساء للجيل الذي يليه، وفي هذا الكتاب تلفت مارجوري آجوسين انتباهنا إلى حسية وشهوانية أعمال ماريا لويزا بومبال، بينما تؤكد باتريشيا موراي على الخصائص نفسها في أعمال جيوكاندا بيلي وروزاريو موريلو، وتستشهد جيوفاني بونتييرو بمقارنة كلاريسه لسبكتور بين الكتابة عما لا معنى له وبين خلو الحب من المعنى "لا يعرف أحد لماذا يحببن تماما مثلما لا يعرفن لماذا يكتبن". العنف والشهوانية، الإرهاب والإحساس، الجميل والمثير للغثيان، السكاكين والملائكة، تلك هي الثنائيات التي سنتعرف عليها في هذا الكتاب.

الاعتزاز بالميراث الثقافي

وتعكس الفصول التي يتضمنها هذا الكتاب هوى من نوع آخر، هو هوى الكتاب بالموضوعات التي يتناولونها، أن الهوى كلمة غير أنيقة وغير أكاديمية بالتأكيد في مجال النقد الأدبي، لكنها موجودة بالفعل ويدركها العديد من النقاد، ويشترك كتاب فصول هذا الكتاب في هوى أميريكا اللاتينية وفي التزامهم بالمواد التي تدور حولها كتاباتهم، وينبع هذا الالتزام في بعض الحالات من شعور عميق بالاعتزاز بالميراث الثقافي، وهو شعور يتبدى بوضوح في كتابة مونتسرات اوردينيز وميريام دياز ديوكارتيز، وتنبع في حالات أخرى من العلاقة بين كاتب وآخر من خلال وسيط هو الترجمة، كما حدث بين جيوفاني بونتييرو وكلاريسة لسبكتور وبين سوزان بزينت واليخاندرا بيزارنيك، كما جمعت بين بعض الكتاب صداقة شخصية مع الكاتبات اللاتي يتناولون أعمالهن، وصف جون كنج كيف عمل لفترة مع فكتوريا أوكامبو قبل وفاتها، بينما سعت مارجوري اجوسين وراء ماريا لويزا برومبال وصادقتها، وهما كاتبتان تنتميان إلى جيلين من الكتاب الشيليين الذين يتقاسمون الحياة في المنفى، ويشعر خوان بروس نوفوا الذي اشتهر بكتاباته عن الثقافة المكسيكية، بافتتان خاص تجاه أعمال إيلينا بونياتوبسكا بينما درست نيسا تورنتس الكتابة الكوبية لسنوات عديدة وتشترك مع جون كنج في هوى السينما الأرجنتينية، وعلاوة على ذلك وكدليل على إمكان تخطي كتابات المرأة في أمريكا اللاتينية للحدود الجغرافية والثقافية والجنسية، ضم هذا الكتاب أعمال الجيل الشاب من خلال المساهمات المتحمسة لكل من كاترين بويل، وكلوي فورنيفال وباتريشيا موراي اللاتي ينبع التزامهن بهذه القضايا من مزيج من الاتصال المباشر بأمريكا اللاتينية والدراسات العليا والنشاط السياسي.

إن الكتابات والرسوم والأفلام التي صنعتها المرأة التي تتدفق اليوم من أمريكا اللاتينية سواء كانت إبداعا جديدا أو استخرجت من الخزانات القديمة والملفات البالية، هي جزء من عملية إعادة اكتشاف أدب أمريكا اللاتينية، وبإمكاننا نحن القراء أن نتقاسم بهجة الاكتشاف واليقين. وكان هذا الكتاب قد صدر عن دار زد البريطانية وأشرفت على تحريره سوزان بيزنت، وهي كاتبة ومترجمة ومدرسة للأدب المقارن في جامعة وارويك، وشاركت فيه مجموعة من الأدباء والنقاد ضمت مارجوري آجوسين، الشاعرة الشيلية وأستاذة أدب أمريكا اللاتينية في كلية ولسلي بما ساشوستس، وكاترين بويل، أستاذة الدراسات الإسبانية والأمريكية اللاتينية في جامعة استراثكلايد، وخوان بروس نوفوا أستاذ الأدب المكسيكي والشيكانو في جامعة كاليفورنيا، ومريام دياز ديوكارتيز شاعرة وباحثة في جامعة أمستردام وكلوي فورنيفال حاملة الدكتوراة في الدراسات الأمريكية المقارنة، وجون كنج أستاذ تاريخ ثقافة أمريكا اللاتينية في جامعة وارويك، وباتريشيا موراي، التي تحضر الدكتوراة في الأدب المقارن في جامعة وارويك، ومونتسرات اوردينيز وهي أستاذة الأدب في الجامعة الوطنية الكولمبية وجامعة لوس أنديس في بوجوتا، وجيوفاني بونتييرو أستاذ أدب أمريكا اللاتينية في جامعة مانشستر، ونيسا تورنتس محاضرة في سينما أمريكا اللاتينية في كلية يونيفرستي في لندن.

 

سوزان بيزنت

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




غلاف الكتاب





إيزابيل آليندي





كلاريسه ليسبكتور