الصحوة العربية: الإسلام والشرق الأوسط الجديد*

الصحوة العربية:  الإسلام والشرق الأوسط الجديد*

يُعتبر‭ ‬طارق‭ ‬رمضان‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬أشهر‭ ‬المفكرين‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬أوربا‭ ‬والعالمين‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭. ‬ويأتي‭ ‬كتابه‭ (‬الصحوة‭ ‬العربية‭ :‬الإسلام‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الجديد‭ ) ‬كآخر‭ ‬أحد‭ ‬مؤلفاته‭. ‬يحتوي‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬على‭ ‬مقدمة‭ ‬وأربعة‭ ‬فصول‭ ‬وخلاصة‭ ‬ومجموعة‭ ‬من‭ ‬الملاحق‭ ‬وقائمة‭ ‬من‭ ‬المراجع‭ ‬والملاحظات‭ ‬وذكراً‭ ‬وشكراً‭ ‬لمن‭ ‬أعان‭ ‬المؤلف‭ ‬على‭ ‬إنجاز‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬الفكري‭.‬

يبدأ‭ ‬طارق‭ ‬رمضان‭ ‬مقدمة‭ ‬كتابه‭ ‬بتحديد‭ ‬موضوعه‭. ‬فيقول‭ ‬إنه‭ ‬يسعى‭ ‬فقط‭ ‬إلى‭ ‬تقييم‭ ‬الحقائق‭ ‬ودراسة‭ ‬الوقائع‭ ‬لطرح‭ ‬بعض‭ ‬الدروس‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬للعالم‭ ‬العربي‭ ‬وللمجتمعات‭ ‬ذات‭ ‬الأغلبية‭ ‬المسلمة‭ ‬وإنما‭ ‬أيضا‭ ‬للملاحظين‭ ‬لتلك‭ ‬التطورات‭ ‬المفاجئة‭ ‬والمدهشة‭. ‬يعترف‭ ‬المؤلف‭ ‬بأنه‭ ‬يرحب‭ ‬مثل‭ ‬معظم‭ ‬الناس‭ ‬بسقوط‭ ‬الأنظمة‭ ‬الدكتاتورية،‭ ‬لكنه‭ ‬يفضل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬صاحب‭ ‬تفاؤل‭ ‬حذر‭ ‬إزاء‭ ‬تغيرات‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭. ‬فرغم‭ ‬أن‭ ‬الأحداث‭ ‬الجارية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬تعتبر‭ ‬تاريخية‭ ‬بأتم‭ ‬معنى‭ ‬الكلمة‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬غامضة‭ ‬بحيث‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬الانتفاضات‭ ‬لم‭ ‬تتحول‭ ‬بعد‭ ‬إلى‭ ‬ثورات‭ (‬ص‭ ‬XI‭). ‬يدعي‭ ‬رمضان‭ ‬أن‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬الانتفاضات‭ ‬العربية‭ ‬تؤكد‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬ذكره‭ ‬مرارا‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭.‬

يفتتح‭ ‬رمضان‭ ‬الفصل‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬كتابه‭ ‬بالقول‭ ‬الا‭ ‬أحد‭ ‬استشرف‭ ‬وتنبأ‭ ‬بقدوم‭ ‬الانتفاضات‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬حار‭ ‬الكثيرون‭ ‬في‭ ‬وصفها‭ (‬ص1‭)‬ب‭. ‬فبين‭ ‬ديسمبر‭ ‬2010‭ ‬ومارس‭ ‬2011‭ ‬وصيف‭ ‬2011‭ ‬وما‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬انتشر‭ ‬حريق‭ ‬الانتفاضات‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬والشرق‭ ‬العربيين‭. ‬يستعمل‭ ‬رمضان‭ ‬كلمة‭ ‬اانتفاضاتب‭ ‬Uprisings‭ ‬عوضا‭ ‬عن‭ ‬مفردة‭ ‬تمرد‭ ‬أو‭ ‬ثورة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لظاهرة‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬وذلك‭ ‬حرصا‭ ‬منه‭ ‬ليكون‭ ‬حذرا‭ ‬في‭ ‬تفاؤله‭ ‬إزاء‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬كما‭ ‬سبقت‭ ‬الإشارة‭ (‬ص3‭). ‬يذكر‭ ‬صاحب‭ ‬الكتاب‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬ثلاث‭ ‬مؤسسات‭ ‬غير‭ ‬حكومية‭ ‬أمريكية‭ ‬قد‭ ‬موّلت‭ ‬تدريب‭ ‬عدد‭ ‬مهم‭ ‬من‭ ‬الناشطين‭ ‬والمدونين‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬العربي‭. ‬لكن‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬ليس‭ ‬حصيلة‭ ‬لتأثير‭ ‬غربي‭ ‬كما‭ ‬يعتقد‭ ‬معظم‭ ‬المتشائمين‭ ‬بهذا‭ ‬الصدد‭ (‬ص6‭). ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬يبرز‭ ‬رمضان‭ ‬بوضوح‭ ‬أن‭ ‬الصحوة‭ ‬العربية‭ (‬الربيع‭ ‬العربي‭) ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬نتيجة‭ ‬لأعمال‭ ‬حركات‭ ‬إسلامية‭ (‬ص‭ ‬10‭). ‬ومن‭ ‬ثم،‭ ‬يجدر‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬انتفاضات‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬تمثل‭ ‬شكلا‭ ‬جديدا‭ ‬لمعارضة‭ ‬تنادي‭ ‬بقيم‭ ‬الحرية‭ ‬والعدل‭ ‬والمساواة‭ ‬ورفض‭ ‬الفساد‭ ‬والولاء‭ ‬للمقربين‭ (‬ص11‭). ‬يؤكد‭ ‬المؤلف‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬علاقة‭ ‬بين‭ ‬الإسلام‭ ‬كدين‭ ‬الأغلبية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬والطموح‭ ‬إلى‭ ‬الحرية‭ ‬والديمقراطية‭ ‬الليبرالية‭ ‬وحتى‭ ‬الاقتصادية‭. ‬وسوف‭ ‬تظهر‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‭ ‬في‭ ‬مستقبل‭ ‬المجتمعات‭ ‬العربية‭ (‬ص12‭). ‬ويعتقد‭ ‬رمضان‭ ‬أنه‭ ‬سيكون‭ ‬للربيع‭ ‬العربي‭ ‬أثر‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المجتمعات‭ ‬الغربية‭ (‬ص13‭). ‬فيخلص‭ ‬صاحب‭ ‬الكتاب‭ ‬إلى‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬قد‭ ‬أحدث‭ ‬تغييرا‭ ‬في‭ ‬الرؤية‭ ‬الغربية‭ ‬للعالم‭ ‬العربي‭ ‬متمثلا‭ ‬في‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬العرب‭ ‬أصحاب‭ ‬قيم‭ ‬مشابهة‭ ‬لقيم‭ ‬الغرب‭ (‬ص15‭). ‬ينهي‭ ‬رمضان‭ ‬هذا‭ ‬الفصل‭ ‬بالتأكيد‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬اعتماد‭ ‬المسلمين‭ ‬على‭ ‬مرجعياتهم‭ ‬التي‭ ‬تجعلهم‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬الفاعلين‭ ‬المستقلين‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬تاريخهم‭ (‬ص19‭).‬

‭ ‬يعطي‭ ‬المؤلف‭ ‬عبارة‭  ‬اتفاؤل‭ ‬حذرب‭ ‬كعنوان‭ ‬للفصل‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬كتابه‭. ‬أنشأت‭ ‬ظاهرة‭ ‬الصحوة‭ ‬العربية‭ ‬نظريات‭ ‬وتأويلات‭ ‬وتسميات‭ ‬عديدة‭ ‬طالما‭ ‬كانت‭ ‬متناقضة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬ترك‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬الأسئلة‭ ‬دون‭ ‬إجابات‭. ‬يسرد‭ ‬رمضان‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الملاحظات‭ ‬والأحداث‭. ‬فيصف‭ ‬شباب‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬بأنه‭ ‬استفاد‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الحديثة‭ ‬غير‭ ‬العنيفة‭ ‬مثل‭ ‬الإنترنت‭ ‬والفيس‭ ‬بوك‭ ‬في‭ ‬هجومه‭ ‬على‭ ‬الدكتاتورية‭ (‬ص23‭). ‬فيذكر‭ ‬بأن‭ ‬الإطاحة‭ ‬بنظام‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬كان‭ ‬مفاجأة‭ ‬لفرنسا‭ ‬وأن‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬الحالي‭ (‬جان‭ ‬كيري‭) ‬تنبأ‭ ‬أن‭ ‬سقوط‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬سيمتد‭ ‬إلى‭ ‬أقطار‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭ (‬ص25‭). ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬فعلا‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬عندما‭ ‬دعت‭ ‬أسماء‭ ‬محفوظ،‭ ‬الناشطة‭ ‬السياسية‭ ‬الشابة،‭ ‬في‭ ‬18/01/2011‭ ‬المصريين‭ ‬لكي‭ ‬يكونوا‭ ‬كالتونسيين‭ (‬ص26‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬سلوك‭ ‬تفسره‭ ‬نظريتنا‭ ‬للدومينو‭ ‬الثقافي‭ ‬التي‭ ‬تعطي‭ ‬أولوية‭ ‬بارزة‭ ‬لتأثير‭ ‬العوامل‭ ‬الثقافية‭ ( ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬والدين‭ ‬الإسلامي‭) ‬على‭ ‬الحركة‭ ‬الجماعية‭ ‬للانتفاضات‭ ‬العربية‭ ‬منذ‭ ‬2011‭. ‬أي‭ ‬إن‭ ‬تشابه‭ ‬المجتمعات‭ ‬العربية‭ ‬ثقافيا‭ (‬عصبية‭ ‬ثقافية‭) ‬يجعلها‭ ‬تتعاضد‭ ‬مع‭ ‬بعضها‭ ‬البعض‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬الانتفاضات‭.‬

 

من‭ ‬ساعد‭ ‬الثورات؟

‭ ‬يرى‭ ‬رمضان‭ ‬أن‭ ‬أحداث‭ ‬سقوط‭ ‬النظامين‭ ‬السياسيين‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬ومصر‭ ‬لها‭ ‬خلفية‭ ‬أكثر‭ ‬تعقيدا‭ ‬من‭ ‬كونها‭ ‬حصيلة‭ ‬فريدة‭ ‬لحركات‭ ‬جماعية‭ ‬وليدة‭ ‬ظروف‭ ‬محلية‭ ‬فقط‭. ‬يشير‭ ‬المؤلف‭ ‬إلى‭ ‬الأخذ‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يقال‭ ‬عن‭ ‬تدريب‭ ‬ناشطين‭ ‬شباب‭ ‬عرب‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الحديثة‭ ‬منذ‭ ‬2004‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وبعض‭ ‬البلدان‭ ‬الأوربية‭ ‬لتكوين‭ ‬مدونيين‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬والمغرب‭ ‬العربي‭. ‬ويعتقد‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬المؤسسات‭ ‬الخاصة‭ ‬لعبت‭ ‬دورا‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬مثل‭ ‬Yahoo‭ ‬وGoogle‭ ‬وFacebook‭ ‬وTwitter‭ (‬ص29‭). ‬لكن‭ ‬رمضان‭ ‬يذكر‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬الشباب‭ ‬العرب‭ ‬قد‭ ‬رفضوا‭ ‬المحاولات‭ ‬الأمريكية‭ ‬الساعية‭ ‬إلى‭ ‬التحكم‭ ‬فيهم‭ ‬وتوجيه‭ ‬مسيرتهم‭ (‬ص30‭).‬

‭ ‬يقدّم‭ ‬صاحب‭ ‬الكتاب‭ ‬في‭ ‬الصفحات‭ ‬31-46‭ ‬مقارنة‭ ‬بين‭ ‬معالم‭ ‬الانتفاضات‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬ومصر‭ ‬وليبيا‭ ‬واليمن‭ ‬والبحرين‭ ‬وسورية‭. ‬فيذكر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬أن‭ ‬حركة‭ ‬الاحتجاج‭ ‬التي‭ ‬عرفتها‭ ‬إيران‭ ‬قبل‭ ‬الربيع‭ ‬كانت‭ ‬مختلفة‭ ‬جدا‭ ‬عما‭ ‬شهدته‭ ‬تونس‭ ‬ومصر‭ ‬في‭ ‬2010‭ ‬و2011‭. ‬فالسند‭ ‬الشعبي‭ ‬للاحتجاجات‭ ‬في‭ ‬هذين‭ ‬البلدين‭ ‬كان‭ ‬أقوى‭ ‬مما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬إيران‭. ‬أما‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬فالأمر‭ ‬كان‭ ‬مختلفا‭ ‬عندما‭ ‬اندلعت‭ ‬الانتفاضة‭ ‬في‭ ‬15‭ ‬فبراير‭ ‬2011‭. ‬يتحدث‭ ‬رمضان‭ ‬عن‭ ‬تعقيد‭ ‬الوضع‭ ‬الليبي‭ ‬بسبب‭ ‬تدخل‭ ‬الحلف‭ ‬الأطلسي‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الثوّار‭ ‬وما‭ ‬لذلك‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬بالنسبة‭ ‬للرهان‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الذي‭ ‬تطمع‭ ‬فيه‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬الهجوم‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬القذافي‭. ‬كما‭ ‬يصف‭ ‬رمضان‭ ‬الثورة‭ ‬في‭ ‬سورية‭ ‬بأنها‭ ‬معقدة‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬تركيبة‭ ‬المجتمع‭ ‬السوري‭ ‬حيث‭ ‬تتولى‭ ‬نظام‭ ‬الحكم‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬أقلية‭ ‬شيعية‭ ‬علوية‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬يمثل‭ ‬فيه‭ ‬المسلمون‭ ‬السنة‭ ‬الأغلبية‭ (‬ص40‭). ‬

 

ثورة‭ ‬تونس‭ ‬الأنجح‭!‬

يخلص‭ ‬صاحب‭ ‬الكتاب‭ ‬إلى‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬ثورة‭ ‬تونس‭ ‬فقط‭ ‬هي‭ ‬المؤهلة‭ ‬للنجاح‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬بقية‭ ‬ثورات‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬وليبيا‭ ‬واليمن‭ ‬وسورية‭ (‬ص46‭). ‬يتحدث‭ ‬المؤلف‭ ‬عن‭ ‬دور‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬الثورات‭ ‬العربية،‭ ‬فيرى‭ ‬أن‭ ‬قناة‭ ‬الجزيرة‭ ‬قد‭ ‬لعبت‭ ‬دورا‭ ‬حاسما‭ ‬في‭ ‬ثورة‭ ‬تونس‭ ‬ومصر‭ (‬ص48‭) ‬وهي‭ ‬أيضا‭ ‬المحرك‭ ‬الرئيسي‭ ‬للصحوة‭ ‬العربية‭. ‬يختم‭ ‬صاحب‭ ‬الكتاب‭ ‬هذا‭ ‬الفصل‭ ‬بالحديث‭ ‬عن‭ ‬المصالح‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬للغرب‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭. ‬ففي‭ ‬رأيه،‭ ‬يعتقد‭ ‬أن‭ ‬نشر‭ ‬الديمقراطية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬أبدا‭ ‬غاية‭ ‬فلي‭ ‬حد‭ ‬ذاتها‭ (‬ص56‭). ‬

‭ ‬وخلاصة‭ ‬القول‭ ‬التي‭ ‬ينهي‭ ‬بها‭ ‬المؤلف‭ ‬الفصل‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬كتابه‭ ‬قائلا‭: ‬اوكيف‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬تحكم‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى،‭ ‬فإن‭ ‬مستقبل‭ ‬الصحوة‭ ‬العربية‭ ‬سوف‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬قدرة‭ ‬كل‭ ‬مجتمع‭ ‬على‭ ‬أخذ‭ ‬مصيره‭ ‬بين‭ ‬يديه‭ ‬لإنشاء‭ ‬طرق‭ ‬جديدة‭ ‬وفتح‭ ‬آفاق‭ ‬مستحدَثةب‭(‬71‭).‬

يتحدث‭ ‬المؤلف‭ ‬في‭ ‬الفصل‭ ‬الثالث‭ ‬عن‭ ‬الإسلام‭ ‬والإسلام‭ ‬السياسي‭ ‬والعلمانية،‭ ‬فيبادر‭ ‬بالقول‭: ‬ايتمثل‭ ‬هدف‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬موقع‭ ‬الإسلام‭ ‬كمرجع‭ ‬ديني‭ ‬وإيديولوجي‭ ‬في‭ ‬أحداث‭ ‬الصحوة‭ ‬العربيةب‭ (‬ص72‭). ‬ثم‭ ‬يحدد‭ ‬هدف‭ ‬صفحات‭ ‬هذا‭ ‬الفصل‭ ‬في‭ ‬أنها‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬دور‭ ‬الإسلام‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬الحاسمة‭ ‬في‭ ‬تطور‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭. ‬يرى‭ ‬رمضان‭ ‬أن‭ ‬تيار‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسي‭ ‬ظهر‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬مع‭ ‬جمال‭ ‬الدين‭ ‬الأفغاني‭ (‬1838-1897‭) ‬ومحمد‭ ‬عبده‭ (‬1849-1905‭). ‬يدعو‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسي‭ ‬إلى‭ ‬تبني‭ ‬المرجعية‭ ‬الإسلامية‭ ‬للتحّرر‭ ‬من‭ ‬نير‭ ‬الهيمنة‭ ‬الأجنبية‭ ‬وذلك‭ ‬بالرجوع‭ ‬إلى‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬باستعمال‭ ‬التراث‭ ‬الإسلامي‭ ‬الغني‭ ‬بالاجتهاد‭ ‬العقلي‭ ‬المستقل‭ ‬واستعمال‭ ‬اللغات‭ ‬الوطنية‭ ‬مثل‭ ‬العربية‭ ‬والتركية‭ ‬وغيرهما‭ ‬من‭ ‬لغات‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي‭. ‬فالمفكرون‭ ‬المسلمون‭ ‬المصلحون‭ ‬أتوا‭ ‬من‭ ‬عديد‭ ‬المجتمعات‭ ‬الإسلامية‭ ‬مثل‭ ‬السوري‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬الكواكبي‭ (‬1855-1902‭)  ‬واللبناني‭ ‬المصري‭ ‬محمد‭ ‬رشيد‭ ‬رضا‭ (‬1865-1935‭) ‬والتركي‭ ‬سيد‭ ‬نورسي‭ (‬1878-1960‭) ‬والجزائري‭ ‬عبدالحميد‭ ‬بن‭ ‬باديس‭ (‬1889-1940‭) ‬والتونسي‭ ‬محمد‭ ‬الطاهر‭ ‬بن‭ ‬عاشور‭ (‬1879-1973‭) ‬والهندي‭ ‬الباكستاني‭ ‬محمد‭ ‬إقبال‭ (‬1817-1938‭) ‬والمغربي‭ ‬علالة‭ ‬الفاسي‭ (‬1910-1974‭). ‬ففي‭ ‬عيون‭ ‬هؤلاء‭ ‬المفكرين،‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬المسلمين‭ ‬أن‭ ‬يكتشفوا‭ ‬النبض‭ ‬الحي‭ ‬في‭ ‬دروس‭ ‬دينهم‭ ‬لكي‭ ‬يتبنوا‭ ‬رؤية‭ ‬نقدية‭ ‬لتحرير‭ ‬أنفسهم‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬الاغتراب‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬الاستعمار‭. ‬وبناء‭ ‬على‭ ‬هذا،‭ ‬فالإسلام‭ ‬كدين‭ ‬مدعو‭ ‬للقيام‭ ‬بدور‭ ‬رئيسي‭ ‬في‭ ‬التحرر‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬السياسي‭ ‬والثقافي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬للمجتمعات‭ ‬ذات‭ ‬الأغلبية‭ ‬المسلمة‭ (‬ص75‭).‬

  ‬يعرّف‭ ‬حسن‭ ‬البنا‭ (‬1906-1949‭)‬،‭ ‬مؤسس‭ ‬حركة‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين،‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسي‭ ‬بأنه‭ ‬حركة‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬التالية‭ : ‬عودة‭ ‬إلى‭ ‬الإسلام،‭ ‬تعليم‭ ‬جماهيري،‭ ‬إصلاح‭ ‬اقتصادي‭ ‬واجتماعي،‭ ‬تطبيق‭ ‬الشريعة‭ ‬وتأسيس‭ ‬دولة‭ ‬إسلامية‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬البعيد‭ (‬ص76‭). ‬ووجدت‭ ‬داخل‭ ‬حركة‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬عدة‭ ‬توجهات‭ ‬فكرية‭ : ‬فالسيد‭ ‬قطب‭ ‬صاحب‭ ‬فكر‭ ‬ثوري‭ ‬والتحق‭ ‬بالحركة‭ ‬في‭ ‬1951‭. ‬غادر‭ ‬البعض‭ ‬الحركة‭ ‬وأنشأوا‭ ‬مجموعات‭ ‬إسلامية‭ ‬أخرى‭ : ‬الجماعة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬تنظيم‭ ‬التكفير‭ ‬والهجرة‭ ‬وتنظيم‭ ‬الجهاد‭ ‬الإسلامي‭ (‬ص78‭). ‬اتفق‭ ‬الجميع‭ ‬على‭ ‬الأهداف‭ ‬لكن‭ ‬اختلفوا‭ ‬كثيرا‭ ‬في‭ ‬فهمهم‭ ‬للإسلام‭ ‬وفي‭ ‬مناهجهم‭ ‬للعمل‭. ‬وهكذا‭ ‬يجوز‭ ‬القول‭ ‬بأنه‭ ‬من‭ ‬الخطأ‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسي‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬لون‭ ‬واحد‭. ‬وتوجد‭ ‬الانقسامات‭ ‬نفسها‭ ‬والتنوع‭ ‬في‭ ‬الرؤى‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجتمعات‭ ‬ذات‭ ‬الأغلبية‭ ‬المسلمة‭ ‬مثل‭ ‬المغرب‭ ‬والجزائر‭ ‬وتونس‭ ‬وليبيا‭ ‬وسورية‭ ‬ولبنان‭ ‬وتركيا‭ ‬وإندونيسيا‭ ‬وماليزيا‭ ‬وبلدان‭ ‬أخرى‭ (‬ص79‭). ‬وخلاصة‭ ‬القول‭: ‬فالإسلام‭ ‬السياسي‭ ‬الشديد‭ ‬العنف‭ ‬يمثل‭ ‬تناقضا‭ ‬للحركات‭ ‬السلمية‭ ‬التي‭ ‬عرفها‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭.‬

 

دور‭ ‬العلمانية

يرى‭ ‬المؤلف‭ ‬أن‭ ‬مفهوم‭ ‬العلمانية‭ ‬Secularisation‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬أعمق‭ ‬معالم‭ ‬سوء‭ ‬الفهم‭ ‬بين‭ ‬الغرب‭ ‬والشرق‭ (‬ص81‭). ‬يتلخص‭ ‬هذا‭ ‬المفهوم‭ ‬في‭ ‬العقلانية‭ ‬المشتركة‭ ‬ومساواة‭ ‬المواطنين‭ ‬والحريات‭ ‬الكونية‭. ‬ففي‭ ‬المجتمعات‭ ‬ذات‭ ‬الأغلبية‭ ‬المسلمة‭ ‬والعربية‭ ‬اتخذ‭ ‬التاريخ‭ ‬وجهة‭ ‬مختلفة‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المحررين‭: ‬من‭ ‬بورقيبة‭ ‬إلى‭ ‬جبهة‭ ‬التحرير‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬ومن‭ ‬عبدالناصر‭ ‬إلى‭ ‬أنظمة‭ ‬حزب‭ ‬البعث‭ ‬العلماني‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وسورية‭ ‬أو‭ ‬الحكم‭ ‬البهلوي‭ ‬في‭ ‬إيران‭. ‬فكلهم‭ ‬أقاموا‭ ‬تنظيما‭ ‬علمانيا‭ ‬وفصلوا‭ ‬بين‭ ‬الدولة‭ ‬والدين‭. ‬لكن‭ ‬أنظمتهم‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬أنظمة‭ ‬دكتاتورية‭. ‬طالما‭ ‬كانت‭ ‬سياساتهم‭ ‬أكثر‭ ‬عداء‭ ‬للدين‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬الاستعمارية‭ ‬السابقة‭ (‬ص85‭).‬

  ‬يبرز‭ ‬المؤلف‭ ‬اهتمام‭ ‬الغرب‭ ‬بابن‭ ‬رشد‭ ‬لقربه‭ ‬من‭ ‬فكر‭ ‬الفيلسوف‭ ‬لوك‭ ‬Locke‭ (‬1805-60‭)‬،‭ ‬وبتقليد‭ ‬النخب‭ ‬العربية‭ ‬المقتربة‭ ‬للصورة‭ ‬الغربية‭ ‬للمفكر،‭ ‬تُنسى‭ ‬العقلانية‭ ‬النقدية‭ ‬والاستقلالية‭ ‬السياسية‭ ‬للمفكرين‭ ‬المسلمين‭ ‬مثل‭ ‬مالك‭ ‬ابن‭ ‬أنس‭ ‬وأحمد‭ ‬ابن‭ ‬حنبل‭ ‬اللذين‭ ‬قادتهما‭ ‬شجاعتهما‭ ‬إلى‭ ‬السجن‭ ‬لسنين‭ ‬عديدة‭ (‬ص91‭). ‬يدعو‭ ‬هذا‭ ‬التراث‭ ‬الثقافي‭ ‬الإسلامي‭ ‬لمصالحة‭ ‬المسلمين‭ ‬مع‭ ‬تاريخهم‭. ‬وفي‭ ‬رأي‭ ‬صاحب‭ ‬الكتاب،‭ ‬إن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬الخلافية‭ ‬التي‭ ‬يثيرها‭ ‬العلمانيون‭ ‬هي‭ ‬مسائل‭ ‬قليلة‭ ‬الأهمية‭. ‬ويتمثل‭ ‬التحدي‭ ‬الحقيقي‭ ‬لمجتمعات‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬المعركة‭ ‬الحقيقية‭ ‬لتحريك‭ ‬الطاقة‭ ‬الخلاقة‭ ‬للشعوب‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬محاولتهم‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬الحلول‭ ‬الواقعية‭ ‬للمشكلات‭ ‬الواقعية‭ ‬الحساسة‭ ‬على‭ ‬الخصوص‭ (‬ص97‭).‬

يتطرق‭ ‬الفصل‭ ‬الرابع‭ ‬والأخير‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يسميه‭ ‬المؤلف‭ ‬المرجعية‭ ‬الإسلامية‭ ‬The Islamic Reference‭ ‬فيؤكد‭ ‬أن‭ ‬المتظاهرين‭ ‬لمصلحة‭ ‬الانتفاضات‭ ‬العربية‭ ‬كانوا‭ ‬في‭ ‬أغلبيتهم‭ ‬مسلمين‭ ‬ثائرين‭ ‬ليس‭ ‬على‭ ‬دينهم‭ ‬ولكن‭ ‬به‭ ‬وكثيرا‭ ‬ما‭ ‬كانوا‭ ‬يفعلون‭ ‬ذلك‭ ‬باسمه‭ (‬ص106‭). ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬عالم‭ ‬الاجتماع‭ ‬الفرنسي‭ ‬Olivier Roy‭ ‬يقول‭: ‬الم‭ ‬ننته‭ ‬من‭ ‬الإسلامب،‭ ‬وحتى‭ ‬يكون‭ ‬المسلمون‭ ‬قادرين‭ ‬وفاعلين‭ ‬على‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬أحداث‭ ‬العالم‭ ‬عليهم‭ ‬أن‭ ‬ينجحوا‭ ‬في‭ ‬مجابهة‭ ‬تحديات‭ ‬العصر‭. ‬تنبأ‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬الأخيرة‭ ‬كـل‭ ‬من‭ ‬O.Roy‭ ‬وG.Kepel‭ ‬بنهاية‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسي‭ (‬ص208‭). ‬وفي‭ ‬نظر‭ ‬المؤلف‭ ‬فشل‭ ‬علماء‭ ‬الاجتماع‭ ‬والسياسة‭ ‬في‭ ‬تعريف‭ ‬الظاهرة،‭ ‬ولعل‭ ‬ذلك‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬التغيرات‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬عرفتها‭ ‬وتعرفها‭ ‬الحركات‭ ‬والمنظمات‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬ومطلع‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬وتركيا‭ ‬وغيرهما‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬الإسلامي‭ (‬ص109-113‭).‬

أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬لتأسيس‭ ‬دولة‭ ‬إسلامية‭ ‬فيراها‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسي‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬ثلاثة‭ ‬محاور‭: ‬الديني‭ ‬والسياسي‭ ‬والثقافي‭. ‬

أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬لعلاقة‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬مع‭ ‬الغرب‭ ‬فالمؤلف‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬علاقة‭ ‬التبعية‭ ‬والهيمنة‭ ‬لم‭ ‬تتغيّر‭. ‬

الخلاصـــة

يقول‭ ‬صاحب‭ ‬الكتاب‭ ‬في‭ ‬الخلاصة‭ (‬ص158-162‭) ‬إنه‭ ‬سعى‭ ‬في‭ ‬صفحات‭ ‬كتابه‭ ‬إلى‭ ‬إلقاء‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬التحديات‭ ‬وتجاوز‭ ‬المواجهات‭ ‬الدائرة‭ ‬في‭ ‬مجتمعات‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬الذي‭ ‬يمثل‭ ‬فرصة‭ ‬عزيزة‭ ‬لمطالبة‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬بقوة‭ ‬باسترجاع‭ ‬هويتها‭. ‬فيجب‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬الإسلام‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬زخم‭ ‬تراث‭ ‬ثقافاته‭ ‬التي،‭ ‬كمنظومات‭ ‬قيم،‭ ‬أنشأت‭ ‬هويات‭ ‬جماعية‭ ‬وأذواقا‭ ‬وقوات‭ ‬وتصورات‭ ‬وأهدافا‭ ‬أخلاقية،‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الناس‭ ‬سبرها‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬واستغلالها‭ ‬وتنميتها‭ (‬ص161‭). ‬والأمانة‭ ‬والمسئولية‭ ‬أمر‭ ‬ضخم‭ ‬أمام‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭. ‬افكتابي‭ ‬هو‭ ‬دراسة‭ ‬للحقائق‭ ‬وتحليل‭ ‬لها‭ ‬واستشراف‭ ‬لاحتمالات‭ ‬المستقبلب،‭ ‬فلا‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬استقرار‭ ‬ولا‭ ‬شيء‭ ‬نهائيا‭. ‬وكل‭ ‬شيء‭ ‬ممكن،‭ ‬وعليه،‭ ‬فجوهر‭ ‬الأمور‭ ‬يتطلب‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬داخلنا‭ ‬والقيام‭ ‬بنقد‭ ‬الذات‭ ‬والتعرّف‭ ‬على‭ ‬معالم‭ ‬قوتنا‭ ‬وضعفنا‭ ‬وتحاشي‭ ‬التشكيك‭ ‬في‭ ‬أنفسنا‭ ‬والتطرق‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬وبأمل‭ (‬ص162‭) ‬ .