عرسٌ في ميدان التحرير (إلى البهيّة مصر)

عرسٌ في ميدان التحرير (إلى البهيّة مصر)
        

خمسُ صبايا قرويّات من «أسيوط»
يعملنَ على أرض لا يملكنَ سوى سُمْرتها
أبصرنَ معًا رؤيا واحدةً
في الخامس والعشرين من القَمرِ الدامي
في الشهر الأوّل من عام الثورة
والنصف الأبيض من ليلِ الأحزانْ
لم تخبرْ أيٌّ منهنّ رفيقتها بالأمرِْ
وخافتْ إن باحَتْ
أن تخذلها جارتُها
قالت إحداهنّ، ومغزلها يغزل خيطان حكايتها:
أبصرتُ فتىً أجملَ من بدرِ التمِّ
على صدرِ صعيدٍ شاسِعْ
ينْهَد في مصرِ المحروسةِ
أعلى من شجرِ الميلادِ
وأشهى من ثمرِ الحريّة
يعدو ويطارد خنزيرًا برّيًا..
قالت «زينبُ» أختُ «بهيّة»:
- هل كانَ فتىً أم جَبَلاً؟
قالت: لا أدري
لكنّي أبصرتُ يعوم على النيلِ دم ريّانْ
قالت ثانيةٌ وهي تمدّ أصابعها
المعقودة بالطمي وبالريحانْ
وأشارت نحو النهرِ:
هنا قتلوهُ
فلما أزهر في الميدانِ دم الشهداءِ
تفتّح زهرًا ونخيلا
قالت ثالثةٌ:
.. وهنا قامَ
فلما صلينا الفجرَ
رأينا قامتهُ تعلُو
ويسير وتتبعه الغدرانُ
ويمشي خلف خُطاهُ الفلاّحونْ
قالت «رابعةٌ» المفتونةُ بالأسفار
إلى أينْ؟
قالت: نحو الميدانْ
فتلفّتْنَ جميعًا كامرأةٍ واحدةٍ
وارتسمت صورتهنَّ هناكْ
....
....
ومضى زَمَنٌ
لا يدري أحدٌ كمْ طالَ
وكم عَبَرَتْ شمسٌ فوق الأرضِ
وكم حَلَّ غروبْ
قال الراوي
وهو يعدّلُ أوتارَ ربابتهِ
والريحُ جنوبْ:
يا خمس صبايا من «أسيوطْ»
هذا زمنُ الأعراسِ أتَى
فتزيّنَّ بأجملِ زينتكُنَّ
سنمضي بعد قليلٍ نحوَ الساحة.

 

 

 

محمدعلي شمس الدين