جيلبرت ستيوارت..صورة جورج واشنطن

جيلبرت ستيوارت..صورة جورج واشنطن

ولد ستيوارت في رود أيلند عام 1755م، وظهرت موهبته باكرًا، ولكن اندلاع الحرب الاستقلالية عكّر عليه مسار مهنته، فسافر في العام 1775م إلى إنجلترا كما فعل غيره من الرسامين الأميركيين، مثل كوبلي وغرانت وغيرهما.
خلال خمس سنوات فقط، استطاع ستيوارت أن يفرض نفسه كواحد من كبار الأساتذة في لندن، بحيث أصبحت لوحاته الأغلى ثمنًا بعد أعمال جوشوا رينولدز وتوماس غينسبورو فقط. ولكن سوء إدارته للأمور المالية راكم عليه الديون حتى بات مهددًا بالسجن، فهرب إلى دبلن في إيرلندا، حيث استمر في العمل، وأيضًا في تكديس الديون عليه.
في العام 1793م، غادر دبلن عائدًا إلى أمريكا، تاركًا خلفه الكثير من اللوحات غير المنتهية. وفي فيلاديلفيا راح يرسم بغزارة منقطعة النظير صورًا لمئات الشخصيات (قارب عددها الألف)، وبمستوى ضمن له الخلود فوق الشهرة. ومن بين هذه الشخصيات كان هناك الرئيس واشنطن الذي رسمه عدّة مرات.
رسم الفنان هذه اللوحة عام 1796م، وتوقف عن إكمالها لأن الطلبات انهالت عليه ممن يريدون نسخًا عنها ما إن رأوا الدقة والبراعة التي رسم بها وجه الرئيس، فانصرف إلى نسخها مرارًا وتكرارًا حتى بلغ عدد النسخ بريشته ثلاثمائة نسخة، باع نحو سبعين منها، بمئة دولار الواحدة.
تؤكد هذه اللوحة ما كان معروفًا عن ستيوارت أنه كان يرسم مباشرة على القماش من دون أي رسوم تحضيرية على الورق، وأكثر من ذلك، يبدو أنه كان يكتفي بتخطيط اللوحة بأسرها في ذهنه، حتى أنه عندما يبدأ العمل عليها، يكون قادرًا على إنهاء كل عنصر من عناصرها أولًا فأولا. وفي هذه اللوحة التي يبدو من طلاء الأساس الأبيض أنه كان مقررًا لها أن تكون بيضاوية الشكل عند انتهائها، نرى أن الوجه والشعر مكتملان تماما، بحيث يستحيل إجراء أي تعديل مفترض عليهما. ولربما كان عدم اكتمال رسم الملابس والحواشي هو ما يسمح للمشاهد أن يركز على ما تكتنزه ملامح الوجه من تعبير عن الوقار والنبل والسكينة كمرادف لاستقرار الشخص والبلاد.
في السنوات الأخيرة من عمره، انتقل ستيوارت إلى بوسطن حيث استمر في العمل حتى وفاته عام 1824م. وحينذاك كانت عائلته تعاني من الفقر، بحيث لم تتمكن من شراء مدفن له، فدفن في قبر يخص عائلة أحد النجارين. وبعد عشر سنوات، عندما حلّت الأسرة مشاكلها وقررت بناء قبر لائق بالفنان، لم تتمكن من التعرف على موضع دفنه الذي ضاع أثره نهائيًا.