لماذا تكون الجبال أكثر برودة من الأماكن الأخرى؟ إعداد: محمد حسام الشالاتي

‭ ‬أحبائي‭... ‬ربما‭ ‬رافقتم‭ ‬أهاليكم‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الأيام‭ ‬في‭ ‬نزهة‭ ‬إلى‭ ‬أحد‭ ‬الجبال‭, ‬وشعرتم‭ ‬بأن‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬هناك‭ ‬أقل‭ ‬مما‭ ‬هي‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬الأودية‭ ‬والمدن‭. ‬فما‭ ‬سبب‭ ‬وجود‭ ‬الهواء‭ ‬البارد‭ ‬في‭ ‬أعالي‭ ‬الجبال‭ ‬والهواء‭ ‬الساخن‭ ‬في‭ ‬الأودية‭?‬

  ‬لابُدَّ‭ ‬أنكم‭ ‬تعرفون‭ ‬أن‭ ‬قمم‭ ‬الجبال‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬الشمس‭ ‬من‭ ‬الأودية‭, ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الحقيقة‭ ‬العلمية‭ ‬تقول‭: ‬إن‭ ‬الهواء‭ ‬الحار‭ ‬يصعد‭ ‬دائماً‭ ‬إلى‭ ‬الأعلى‭, ‬لذلك‭ ‬من‭ ‬المُفترض‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬في‭ ‬الجبال‭ ‬أعلى‭ ‬مما‭ ‬هي‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬الأودية‭. ‬لكن‭ ‬العكس‭ ‬هو‭ ‬الصحيح‭, ‬فالثلوج‭ ‬تتراكم‭ ‬فوق‭ ‬القمم‭, ‬وكلما‭ ‬صعدنا‭ ‬مئة‭ ‬متر‭ ‬تنخفض‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬بمقدار‭ ‬نصف‭ ‬درجة‭ ‬مئوية‭, ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يشعر‭ ‬به‭ ‬كل‭ ‬مُتسلق‭ ‬جبال‭.‬

  ‬إن‭ ‬حلَّ‭ ‬هذا‭ ‬اللغز‭ ‬موجود‭ ‬في‭ ‬الهواء‭ ‬نفسه‭, ‬فالشمس‭ ‬تُسخّن‭ ‬سطح‭ ‬الأرض‭, ‬ثم‭ ‬تتدفق‭ ‬هذه‭ ‬الحرارة‭ ‬إلى‭ ‬الطبقة‭ ‬الأقرب‭ ‬إلى‭ ‬سطح‭ ‬الأرض‭, ‬وهذا‭ ‬له‭ ‬تأثير‭ ‬على‭ ‬الوديان‭ ‬أكثر‭ ‬منه‭ ‬على‭ ‬قمم‭ ‬الجبال‭, ‬لأن‭ ‬الوديان‭ ‬يكون‭ ‬الهواء‭ ‬فيها‭ ‬كثيفاً‭; ‬ما‭ ‬يتيح‭ ‬لجزيئات‭ ‬الهواء‭ ‬التزوُّد‭ ‬بمزيد‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬فينتج‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬ارتفاع‭ ‬في‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭, ‬كما‭ ‬هي‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬الأماكن‭ ‬المكتظة‭ ‬بالسكان‭ ‬كالمدن‭ ‬مثلاً‭, ‬أما‭ ‬في‭ ‬الجبال‭ ‬العالية‭ ‬فتكون‭ ‬طبقات‭ ‬الهواء‭ ‬خفيفة‭ ‬ولا‭ ‬توجد‭ ‬كميات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬جزيئات‭ ‬الهواء‭, ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬عدم‭ ‬إنتاج‭ ‬حرارة‭ ‬كافية‭ ‬لتسخين‭ ‬الجو‭; ‬ما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬برودة‭ ‬الهواء‭ ‬في‭ ‬الأعلى‭.‬

  ‬أما‭ ‬الاعتقاد‭ ‬الآخر‭ ‬بأن‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬في‭ ‬الجبال‭ ‬لابُدَّ‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أعلى‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬الأماكن‭ ‬الأخرى‭, ‬لأن‭ ‬الجبال‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬الشمس‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الأماكن‭ ‬الأخرى‭, ‬فهو‭ ‬اعتقاد‭ ‬غير‭ ‬صحيح‭, ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬القرب‭ ‬من‭ ‬الشمس‭ ‬لا‭ ‬يلعب‭ ‬دوراً‭ ‬كبيراً‭, ‬فالمسافة‭ ‬بين‭ ‬الأرض‭ ‬والشمس‭ ‬تبلغ‭ ‬150‭ ‬مليون‭ ‬كيلومتر‭, ‬ولن‭ ‬يكون‭ ‬لبضعة‭ ‬مئات‭ ‬من‭ ‬الأمتار‭ ‬تأثير‭ ‬يُذكر‭.‬