سينما محمد خان آفاق الرومانسية والتعبير عن المهمّشين

سينما محمد خان  آفاق الرومانسية والتعبير عن المهمّشين

   يعدّ محمد خان أحد المخرجين القلائل الذين أثروا الساحة الفنية بأفلام فريدة، فقد استطاع أن يضيف بوعي إلى الأعمال الجادة التي قدّمها مخرجون تميزوا بحساسية إبداعية خاصة تجاه الواقع، والبسطاء والمرأة. وهو أحد رواد الواقعية الجديدة، ومن أهم المخرجين الكبار في الوطن العربي.
و تعتبر أفلام «زوجة رجل مهم»، و«الحرّيف»، و«أحلام هند وكاميليا»، و«خرج ولم يعد» من الأفلام التي حُفرت في ذاكرة السينما العربية، فقد عبّرت عن هموم المرأة وأحلام البسطاء بأسلوب سلس يرتكز على الصور الدالة والموسيقى التصويرية والتكوينات التي تبرز حالة الصراع الإنساني.

 

محمد خان (1942 - 2016) من المخرجين السينمائيين أصحاب الرؤى المتفردة، استطاع وبعض المخرجين من مجايليه أمثال عاطف الطيب، وخيري بشارة، أن يعبّروا عن قضايا الواقع بأسلوب فني خارج على النمطية والتكرار، من خلال أفلام مغايرة تتجاوز السينما السائدة.
وفي أعماله - على وجه الخصوص - تحضر معاني الرومانسية، والشجن، والبهجة، والفقْد، وغيرها من المعاني الإنسانية التي ترتبط بالوجدان، حيث يعتمد في بناء المشاهد على بثّ صور ولوحات بديعة تُحلّق بالوجدان وتحفز المشاعر والإحساس بقيمة الحياة، فتضع المـشاهد أمام واقعه بطريقة فنية لها جاذبيتها وتأثيراتها، ولذلك فالشخصيات لديه متنوعة في ملامحها، وعواطفها، وطموحها، ودأبها، حتى في أوجاعها وهمومها.
وعلى الرغم من انتشار الأفلام التجارية في حقبة الثمانينيات، فإن أفلامه حملت ملامح سينما جديدة، مثل «موعد على العشاء»، و«طائر على الطريق» (1981)، و«الحريف» (1984)، و«خرج ولم يعد» (1985)، و«أحلام هند وكاميليا»، و«زوجة رجل مهم» (1987)، وشكلت مع أفلام بعض المخرجين مؤشرًا واضحًا لسينما جديدة، خصوصًا أن هذه الحقبة جمعت مخرجين من مدارس واتجاهات فنية مختلفة، من أمثال يوسف شاهين، وصلاح أبو سيف، وعلي بدرخان، ورأفت الميهي، وخيري بشارة، وأشرف فهمي، وعلي عبدالخالق، وعاطف الطيب، ويسري نصرالله،... وغيرهم. 
والمتأمل لأفلام خان يجد أنه يوظف الصور المعبّرة والمشاهد المتلاحقة التي تكشف عن تناقضات الواقع المعيش ونلمسها في الشخصيات، وتكشف في الوقت نفسه عن طبيعة المرحلة. وهذه السمة من المكونات الأساسية في سينما خان؛ كما أن التركيز على هموم البسطاء وأحلامهم ومحاولة طرحها عبر صور عديدة ومتنوعة يعتبر من السمات اللافتة في أفلامه، حيث تبدو معاناتهم في البحث والدأب خلال المواجهات الحياتية التي يمرّون بها في الواقع، مثل شخصيات شمس، وفارس، وكاميليا، وهند، وهيام وزميلاتها، وجمعة في أفلام «ضربة شمس»، و«الحرّيف»، و«أحلام هند وكاميليا»، و«فتاة المصنع»، و«قبل زحمة الصيف»،... وغيرها.
وُلد خان في حي المطرية بالقاهرة لأب باكستاني وأم مصرية، وسافر إلى بريطانيا لدراسة الهندسة المدنية، لكن السينما أدهشته بسحرها، فدرس الإخراج السينمائي بمعهد السينما، وشاهد أفلامًا لمختلف مدارس السينما في أوربا. وقد بدأت مسيرته مع السينما الروائية بفيلم «ضربة شمس» عام 1980، وحقق الفيلم نجاحًا كبيرًا، حيث اعتمد على إمكاناته كمخرج في إبراز لغة الصورة، والاتكاء على المطاردات، وتوظيف الحوار الصامت والموسيقى التصويرية المعبّرة. اهتم خان في أفلامه التالية بقيمة الحياة، والرومانسية من أجل استمرارية الحياة، لذلك اتسمت جُلّ شخصياته بالبحث عن الحب والاستقرار العاطفي، لاسيما عند المرور بمنعطفات في العلاقة بالآخرين، أو في مآزق الواقع التي يواجهونها، وبدت هذه السمة منذ فيلمه الثاني «طائر على الطريق» (1981)، واستمرت في «خرج ولم يعد» (1984)، و«عودة مواطن» (1986)، وكانت أكثر بروزًا كسِمة أساسية في أفلامه الأخيرة «في شقة مصر الجديدة» (2007)، و«فتاة المصنع» (2014)، و«قبل زحمة الصيف» (2015)، حيث عبّر عن حاجة الإنسان إلى العواطف التي تُشعره بالحياة واستمراره فيها وتكون سببًا في استقراره النفسي والوجداني.
قدّم خان في فيلم «ضربة شمس» أسلوبًا فنيًّا مغايرًا للسائد، حيث استعاض عن الحوار الشفهي بلغة الصورة والموسيقى التصويرية، واعتمد على التشويق بشكل أساسي، وعبّر في فيلم «عودة مواطن» عن بحث الشخصية الرئيسية عن الحب والتواصل لدى إخوته بعد سنين الغربة، وفي «خرج ولم يعد» شكلّت المدينة ومفرداتها أفقًا مختلفًا يجب التوقف عنده وإعادة التفكير فيه من أجل البحث عن مخرج، بينما قام فيلم «زوجة رجل مهم» (1987) على المزج بين السياسة والرومانسية، وحفل بمحتوى رمزي حول صورة المرأة المفعمة بالحب والحيوية، في مواجهة صورة قاتمة لرجل صلف لم يُحسن في عمله رغم حساسية هذا العمل، ويتم طرده والاستغناء عن خدماته، فيتوقف الفيلم أيضًا عند الفساد الأخلاقي والوظيفي.
    
جدلية المدينة والبلدة
يلاحظ انشغال خان بالمدينة، والمدينة بالنسبة له هي القاهرة بناسها وشوارعها وازدحامها وعلاقاتها، كما هي عند عاطف الطيب أيضًا، لكن بطريقة مختلفة، على عكس داود عبدالسيد الذي تكون المدينة بالنسبة له هي الإسكندرية حيث البحر والميناء والكورنيش... إلخ. ولدَى خان في أعماله جدلية فنية بين المدينة وخارجها، أو المدينة والبلدة. ويبدو في أغلب أفلامه أن ثمة صراعًا تعيشه الشخصيات المحورية في ذلك، بما يجعل هذه الثنائية سمة أساسية يعوّل عليها في تناول علاقة الشخصية المركزية بالمكان.
واستطاع خان أن يقدم أفلامًا عديدة عن الناس وتفاصيل حياتهم اليومية، وما يصادفهم فيها من ظروف استثنائية تؤثر في مصائرهم، ففي «خرج ولم يعد» يتناول خروج الشخصية الرئيسية عطية عبدالخالق (يحيى الفخراني) من المدينة إلى القرية
لنيّته بيع حيّز الأرض الذي يمتلكه من أجل استكمال تكاليف الزواج، لكنّه يضطر إلى أن يبقى بعض الوقت، فيقع في حب خيرية (ليلى علوي) وينسجم مع المكان/ الريف، فتستمر إقامته، تاركًا الوظيفة الحكومية وضجيج المدينة. ويتضمن الفيلم عديدًا من الصور الرمزية التي تدعو إلى العودة للطبيعة، والابتعاد عن ضجيج المدن، فضلًا عن المقارنة بالصورة والحوار بين مكانين متناقضين، عالَم القرية وعالَم المدينة.
العلاقة بين المدينة/ القاهرة، والمكان الآخر، سواء كان مكان اغتراب خارج الوطن، أو كان الريف، أو المنتجع الساحلي؛ فإن هذه العلاقة لا تخضع للمصادفة، بل إنها علاقة موجودة وتشكّل سمة لافتة في أفلامه. 
يعود البطل في فيلمي «عودة مواطن»، و«يوم حار جدًا»، من الخارج ليجد كل الأحوال تغيرت، فثمّة مقارنة ومباغتة وإحساس نفسي يعيشه شاكر (يحيى الفخراني) في «عودة مواطن» بين مكانين: بلد الغربة، وأرض الوطن. كذلك غريب (محمود حميدة) في «يوم حار جدًّا»، وأيضًا صلاح (أحمد زكي) في «مستر كاراتيه»، فهو الشاب القادم من القرية ويعود إليها في النهاية، وهالة (هنا شيحة) في «قبل زحمة الصيف»، حيث تترك المدينة في الشتاء وتفضل المنتجع الساحلي بحثًا عن مزيد من الخصوصية، وفتيات وسط البلد اللاتي يبحثن عن العريس في فيلم «بنات وسط البلد»، ومنى ونجوى بطلتا «زوجة رجل مهم»، و«في شقة مصر الجديدة»، اللتان جاءتا من خارج المدينة بحثًا عن الحب والاستقرار.
يمثل فيلم «خرج ولم يعد» الذي تم اختياره ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، ثيمة لها خصوصيتها بين أفلام خان الـ 24، وقد عاد في فيلمه الأخير «قبل زحمة الصيف» إلى فكرة الابتعاد عن ضجيج المدينة، إذ تقع الأحداث في منتجع ساحلي في فصل الشتاء، حيث يكون المكان خاليًا من المصطافين، فتذهب هالة إلى المنتجع من أجل الاستجمام والاستمتاع بالبحر بعيدًا عن الضجيج، كذلك يذهب الدكتور يحيى (ماجد الكدواني) هربًا من مشكلات العمل، ويكون التطور الدرامي من خلال تطور العلاقة بين الشخصيات، وتنتهي الأحداث بدخول فصل الصيف وعودة المصطافين.
  اختار النقاد أربعة أفلام لمحمد خان ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية هي: «خرج ولم يعد»، و«زوجة رجل مهم»، و«أحلام هند وكاميليا»، و«سوبر ماركت»، ويلاحظ أن الأفلام الأربعة لا يشبه أحدها الآخر، نظرًا إلى اتساع فضاءات الإبداع وعمق الرؤية الفنية وتعدد المواضيع عند خان الذي تتسم أعماله بتفاوت ملحوظ واختلاف كبير في السمات الفنية، سواء في الثيمة، أو الموضوع، أو القضايا التي يتناولها.

الشخصية المحورية وثيمة المواجهة
ترتكز أفلام خان حول مرتكزين أساسيين، هما: الشخصية الذكورية في مواجهة العالم، والمرأة الباحثة عن الحب والاستقرار. وبقراءة متأنية لهذه الأفلام التي جاءت على مدى 35 عامًا، هي عمر الرحلة الفنية لمسيرة مخرجنا الاستثنائي، لا يمكن أن نجد فيلمًا يخرج عن هذا السياق. وعبْر هذين المرتكزين تنبثق عدة محاور تدور في فلك العلاقة بين الرجل والمرأة، أو كل منهما في مواجهة العالم ويكون هو - أو هي - مركز هذا العالم. على هذا النحو يمكن قراءة منجز محمد خان السينمائي. ويعتبر فيلم «زوجة رجل مهم» أحد الأفلام التي قامت على المرتكزين معًا، فقد تخاصر كل منهما حول الآخر، وأكد الفيلم ذلك، حتى في العنوان الذي جمع بين الاثنين، فالزوج الضابط (أحمد زكي) محور الأحداث، بينما  منى/ الزوجة هي الساردة التي تتابعها الكاميرا من المشهد الأول، وتدور الأحداث من خلالها. وتتجسد في أغلب أفلام خان صورة المرأة الطموح الباحثة عن حريتها، فهي البطل الحقيقي حتى في الأفلام التي تتمحور حول الرجل، إذ تحضر قضاياها وأحلامها في أغلب الأحوال.
في المحور الأول (الشخصية الذكورية في مواجهة العالم) يكون الرجل هو المركز الأساس في مواجهة تحديات محددة، قد تمثّل البيئة الاجتماعية، أو الأسرة الغائبة، أو مجموعة من الأشرار الخارجين على القانون، أو الظروف التي نتجت عن أخطاء في أدائه الوظيفي... إلخ، وفي هذه الحالة فإن المرأة تقف على مقربة منه، وتؤدي الدور المنوط بها إلى آخر لحظة، ولا يمكن أن تنسحب من حياته مهما حدث، ويبدو ذلك بوضوح في أفلام «ضربة شمس»، و«الحريف»، و«خرج ولم يعد»، و«أحلام هند وكاميليا»، و«مشوار عمر»، و«زوجة رجل مهم». فنجد أن الفرد يقف في المواجهة وحيدًا، من خلال ظروف يمرّ بها في المواجهة، ويبدو ذلك بوضوح في فيلم «ضربة شمس» (1980)، حيث يكتشف المصور الفوتوغرافي شمس (نور الشريف) سر عصابة تهريب تتزعمها امرأة (ليلى فوزي)، وتستمر العصابة في مطاردة شمس للتخلص منه، ولا يكون بجواره سوى حبيبته (نورا). يلاحظ أن الفيلم اعتمد على لغة الصورة، وكان للكاميرا دور كبير في تصوير المطاردات، ولم يعتمد على اللغة المنطوقة في الحوار، وكأن خان يثبت منذ بداياته الأولى أنه قادر على توظيف أبجدية الصورة ولغة الكاميرا، فقد استطاع مع مدير التصوير سعيد شيمي التركيز على الصورة والاقتصاد في لغة الحوار.
كما برزت ثيمة الشخصية في مواجهة العالم أيضًا في أفلام «الحريف»، و«خرج ولم يعد»، و«عودة مواطن» الذي يدور حول شاكر الذي يعود من الخارج بعد رحلة عمل طويلة خارج مصر، ويسعى إلى التقرب من إخوته واستعادة علاقته بهم، فيجدهم ابتعدوا وجدانيًّا بسبب طول سنوات غيابه وفتور مشاعرهم، وأن كلًا منهم أصبح له عالمه الخاص، فيقرر العودة، وينتهي الفيلم بجلوسه في كافيتريا المطار ويأتي الصوت حاملًا نداءً على رحلته، لتبقى النهاية مفتوحة على الاحتمالين.
  
المرأة محور الحدث الدرامي
يتمثّل المحور الآخر الخاص بالمرأة في أفلام «الغرقانة»، و«فتاة المصنع»، و«في شقة مصر الجديدة»، و«قبل زحمة الصيف»... وغيرها، حيث المرأة محور الأحداث والمحرك الأول للتطور الدرامي. تبحث المرأة عن محبوب يكون بالنسبة لها الزوج والأمان والمستقبل. فالمرأة في أفلام خان رومانسية تميل إلى الاستقرار، بينما الرجل شخصية عملية يهتم بمصالحه بالدرجة الأولى، ومن الصعب أن تجد المرأة اهتمامًا منه بشؤونها، ونلاحظ ذلك في عديد من الأفلام، وباستثناء فيلم «عودة مواطن» الذي اهتم ببحث شاكر عن الحب لدى إخوته بعد سنين الغربة الطويلة.
وفي بعض الأفلام القليلة؛ نجد أنها قد ارتبطت بهذه السمة مثل «في شقة مصر الجديدة»، و«فتاة المصنع»، و«بنات وسط البلد»، و«قبل زحمة الصيف»، وغيرها؛ تتخاصر بشكل أساسي حول المرأة الرومانسية التي تبحث عن الحب، بما يعني البحث عن شريك العمر وتكوين أسرة.
على هذا الأساس رُسمت ملامح شخصية نجوى (غادة عادل) في فيلم «في شقة مصر الجديدة» تأليف وسام سليمان، فتاة رومانسية جاءت من المنيا تبحث عن الحب، لتواجه يحيى (خالد أبوالنجا) الذي لا يهتم سوى بلغة المال والأرقام بسبب عمله في المضاربة بالبورصة، والإيقاع السريع لحياة المدينة. وأيضًا منى (ميرفت أمين) المرأة المفعمة بالحيوية والرومانسية، في مواجهة هشام ضابط الشرطة المتجهم العنيف، وهيام (ياسمين رئيس) في فيلم «فتاة المصنع» مقابل المهندس الطبقي المتعالي (هاني عادل)، كذلك جاءت شخصيات «بنات وسط البلد»، و«قبل زحمة الصيف»... وغيرها.
يلاحظ في أفلام خان وقوع الزوجات في معاناة ومآزق بسبب ظروف الزوج وعدم استقراره النفسي، ففي «الحريف» من تأليفه، وسيناريو وحوار بشير الديك تعاني الزوجة دلال (فردوس عبدالحميد) من معاملة زوجها الذي يعتدي عليها بالضرب، وفي «موعد على العشاء» تتحول الحياة الزوجية إلى مأزق وعائق وتستحيل الحياة إلى مأساة حقيقية، فتعاني نوال (سعاد حسني) انشغال زوجها الدائم وإهماله لها، كذلك فيلم «طائر على الطريق»، حيث تواجه الزوجة فوزية (فردوس عبدالحميد) مرض زوجها، وتتحول الحياة الزوجية إلى مأزق يصعب التخلص منه. وفي فيلم «زوجة رجل مهم» تتورط الفتاة الرومانسية منى (ميرفت أمين) في زوج غير سويّ، وتسعى إلى الابتعاد عنه، ويصبح بيت الزوجية مأزقًا يصعب الخلاص منه.

الفارس... وجدلية المدينة
بغضّ النظر عن فكرة شخصية فارس في فيلم «فارس المدينة»، فإن شخصية الفارس النبيل المتسامي، أو من يمكن تسميته بـ «المخلّص»، موجودة في كثير من أفلام خان، مثل شخصية شمس في «ضربة شمس»، وفارس في فيلم «طائر على الطريق»، وشكري في «موعد على العشاء»، وفارس في «الحريف»، وصلاح في «مستر كاراتيه»، وأيضًا غريب في «يوم حار جدًّا» (1994)، وحتى السادات في «أيام السادات» (2001). وتكرار شخصية «فارس» في كثير من الأفلام، يحيل إلى فكرة «البطل» في السّيَر الشعبية الذي يتغلّب على الأعداء ويدحرهم. وحتى في فيلم «كليفتي» والاسم عن كلمة يونانية تعني اللص، يتمحور حول (باسم السمرة) الذي يقوم بعمليات نصب واحتيال على شريحة محددة من الناس، ولا يفعل ذلك مع الفقراء، بل يكون عفيفًا معهم، مدافعًا عن الضعيف ولا يتوانى في مساعدة المحتاج، وهي ثيمة موجودة في الأدب الشعبي العربي وفي الأدب الغربي أيضًا، كما تبدو صورة الفارس المزيف أو الواهم في شخصية هشام بفيلم «زوجة رجل مهم». أما في الأفلام التي تمحورت حول المرأة، فثمة تركيز على صورة الفارس الغائب الذي تبحث عنه المرأة، كما في «بنات وسط البلد»، وكذلك شخصيات نجوى في «في شقة مصر الجديدة»، وهيام في «فتاة المصنع»، وهالة في «قبل زحمة الصيف»، وغيرهن.
لا يبدو صراع المال بصورة مباشرة أو بدرجة كبيرة في أفلام خان، ويتضح صراع المال والمبادئ الإنسانية في فيلم «سوبر ماركت» (1990) بطولة نجلاء فتحي، من خلال رؤية واقعية تضع إغراءات المال في طريق من هم على درجة من القناعة ليكون الاختبار، وفي «الغرقانة» (1993) يسيطر صراع المال والخرافة، وصراع المرأة في الحياة، وينتهي بغرق المرأة ويكون الموت مصيرها المحتوم.
تناول خان في «أيام السادات» أبرز المراحل السياسية والمحطات المؤثرة في حياة شخصية تاريخية أُثير حولها الجدل، هي شخصية الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات. وقد شاركت أفلام خان في غالبية المهرجانات الدولية، وحصدت كثيرًا من الجوائز، وعُرض له في مهرجان «كان» السينمائي الدولي فيلم «عودة مواطن»، وحصل فيلمه «طائر على الطريق» على جائزة لجنة التحكيم في مهرجان نانت بفرنسا، ونال خان شهادة تقدير من مهرجان برلين الدولي عن فيلم «الحريف»، فضلًا عن العديد من الجوائز والتكريمات والعروض في المهرجانات الدولية ■