سر صناعة الحرير

عند‭ ‬مدخل‭ ‬ورشة‭ ‬صناعة‭ ‬الحرير‭ ‬رأينا‭ ‬فتاة‭ ‬تقطف‭ ‬أوراق‭ ‬التوت‭ ‬الخضراء‭ ‬من‭ ‬عيدانها،‭ ‬لتجهزها‭ ‬طعاماً‭ ‬لليرقات،‭ ‬أو‭ ‬الديدان‭ ‬الصغيرة‭. ‬

تفقس‭ ‬هذه‭ ‬الديدان‭ ‬المنتجة‭ ‬للحرير‭ ‬من‭ ‬بيض‭ ‬الفراشات‭. ‬يكون‭ ‬لون‭ ‬فراشة‭ ‬دودة‭ ‬القز‭ ‬الكبيرة‭ ‬أصفر،‭ ‬أو‭ ‬أبيض‭ ‬مائلاً‭ ‬للصفرة،‭ ‬ويبلغ‭ ‬طول‭ ‬جناحها‭ ‬حوالي‭ ‬4‭ ‬سنتيمترات‭.‬

تموت‭ ‬أنثى‭ ‬هذه‭ ‬الفراشات‭ ‬مباشرة‭ ‬بعد‭ ‬وضع‭ ‬البيض،‭ ‬الذي‭ ‬يبلغ‭ ‬عدده‭ ‬في‭ ‬المرة‭ ‬الواحدة‭ ‬بين‭ ‬300‭ ‬و‭ ‬400‭ ‬بيضة،‭ ‬ويميل‭ ‬لون‭ ‬اليرقات‭ ‬الوليدة‭ ‬إلى‭ ‬الأزرق‭.‬

تُثَبِّتُ‭ ‬الفراشة‭ ‬بيضها‭ ‬بمادة‭ ‬صمغية‭ ‬تفرزها‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬مستوٍ،‭ ‬وحين‭ ‬تفقس‭ ‬اليرقات‭ ‬بين‭ ‬نهاية‭ ‬فصل‭ ‬الشتاء‭ ‬وبداية‭ ‬فصل‭ ‬الربيع،‭ ‬يكون‭ ‬طولها‭ ‬نحو‭ ‬ستة‭ ‬مليمترات‭. ‬

بعد‭ ‬تسعة‭ ‬أيام‭ ‬وجدنا‭ ‬مجموعة‭ ‬منها‭ ‬تلتهم‭ ‬الورق‭ ‬الأخضر‭ ‬بشراهة‭ ‬كبيرة،‭ ‬حتى‭ ‬تكبر،‭ ‬في‭ ‬ثلاثة‭ ‬أسابيع،‭ ‬ويصبح‭ ‬طولها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عشرة‭ ‬أضعاف،‭ ‬ويتحول‭ ‬لونها‭ ‬من‭ ‬الأزرق‭ ‬إلى‭ ‬الرمادي‭ ‬الداكن‭ ‬أو‭ ‬القريب‭ ‬من‭ ‬اللون‭ ‬الأصفر‭.‬تنسج اليرقة حول‭ ‬جسدها‭ ‬شرنقة من الحرير‭ ‬ويصبح‭ ‬لونها‭ ‬أصفر‭ ‬ذهبياً،‭ ‬ثم‭ ‬تعيش‭ ‬داخل‭ ‬هذه‭ ‬الشرنقة‭ ‬في‭ ‬سكون‭ ‬لمدة‭ ‬أسبوعين،‭ ‬تتحوّل‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬إلى‭ ‬فراشة‭. ‬

قبل‭ ‬أن‭ ‬تخرج الفراشة من الشرنقة،‭ ‬وتقوم‭ ‬بتمزّقها،‭ ‬وقطع‭ ‬الخيط‭ ‬الحريري‭ ‬الذي‭ ‬يبلغ‭ ‬طوله‭ ‬بين‭ ‬300‭ ‬و900‭ ‬متر،‭ ‬تغلي‭ ‬مربية‭ ‬دودة‭ ‬القز‭ ‬الشرانق‭ ‬في‭ ‬الماء‭ ‬الساخن‭ ‬ثم‭ ‬تجففها‭.‬

حين‭ ‬يتم‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬أول‭ ‬الخيط‭ ‬يبدأ‭ ‬سحبه‭ ‬على‭ ‬مغزل‭ ‬يدوياً،‭ ‬ثم‭ ‬يستخدم‭ ‬هذا‭ ‬الخيط‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المنسوجات‭ ‬الجميلة‭ ‬للملابس‭ ‬والزينة‭. ‬

تستغرق‭ ‬الفتيات‭ ‬أسابيع‭ ‬طويلة،‭ ‬وربما‭ ‬شهوراً،‭ ‬لصناعة‭ ‬لوحة‭ ‬أو‭ ‬مفرش‭ ‬من‭ ‬الحرير،‭ ‬أما‭ ‬الآلات‭ ‬فيمكنها‭ ‬أن‭ ‬تنتج‭ ‬عشرات‭ ‬الأمتار‭ ‬كل‭ ‬شهر‭.‬

في‭ ‬المرة‭ ‬المقبلة،‭ ‬حين‭ ‬تتأملون‭ ‬المنسوجات‭ ‬الحريرية‭ ‬الجميلة،‭ ‬تذكروا‭ ‬أن‭ ‬رحلة‭ ‬إنتاجها‭ ‬الطويلة‭ ‬شارك‭ ‬فيها‭ ‬الكثيرون،‭ ‬كي‭ ‬يستمتع‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬بمنسوجات‭ ‬وملابس‭ ‬ناعمة‭ ‬وأنيقة،‭ ‬بل‭ ‬إنهم‭ ‬يصنعون‭ ‬منها‭ ‬الفوانيس‭ ‬الحريرية‭ ‬كذلك‭. ‬