استـراحـة المُـراهِـن
خَوْفان..
رأيتُهُما
رؤيةَ الرّوحِ للخوفِ في الخوفِ
وربما رآهُما الكثيرون
إنهما خَوْفان
خوفٌ أولُ يأخذ الناسَ
ويعودُ بهم بأجْنحةٍ فَرِحينَ
مُحَمَّلينَ بأموالٍ
ومُقاطعاتٍ ونساء
تَحُفّ بهم جُموعٌ ترقصُ لهم جَذَلاً
على أصواتِ الطبولِ والمزاميرِ
وخوفٌ ثانٍ.. لَمَحْتُهُ خَلفَ المِقْوَد
بوجه مُحَطَّمٍ يَشْخُرُ كالثور المذبوح
ويصيح: غلِّقوا الأبوابَ والنوافذ
وابْتسِموا أيها المغامرون
(فتركتُ مُسْرِعًا ومَفزوعًا
حافِلتَهُ الصفراءَ في مُنتصَفِ الطريقِ)
بَعْدَ أنْ أقْسَمَ مَنْ أشْفَقَ عليَّ وهو ينزل قبلي
جارًّا إيّايَ من قميصي وهَمَسَ في أذني:
احْذَرْ وعَجِّلْ إنهُ مَنْ يأخذ الناسَ
ولا يعودُ بهِمْ
أبدًا.
حَيْرَة..
بِمَنْ يُمكِنُ الاستجارة
بعد أنْ غيّر كلٌّ منّا
عنوانَهُ الدائم؟
حتى الأملِ
الذي أتْعَبهُ الكثيرونَ سواي
لم يَعُدْ أملاً
بل أصبحَ مُتسوّلاً
ينتظرُ الصّدقات.
ذلك اليوم
الذين شاهدوا معي
ما حدثَ ذلك اليومِ
اختفوا تمامًا
ولم يبقَ مَنْ يحكي عن الواقعة سواي
فأصبحتُ الشاهدَ الوحيدَ
وحينَ بدأتُ أقصّ على الحضورِ ما رأيت،
لم أجد غرابةً في أنْ ينفضّوا من حولي
فلم يُصَدِّقني أحَد.
طرُقٌ شتّى
إنها طرُقٌ شتّى
شهيّة باذخة مثلُ كأس الشّراب
من يدِ مَنْ تُحِبُّها
قليلاً ما عَبرْناها
مُغامرينَ حالفهمُ الحظّ
وكثيرًا ما هرَبْنا منها
هروبَ وعول من ذئاب
ولمّا كنّا لا ندرِكُ حدودَ سلامتنا
نجدُ المُطاولة المَرّةَ بعدَ المرّة
تدفعُنا إلى تَكرار المُحاولة
مع أننا رأينا وسَمِعْنا
أكثرَ من مُغفّل سَلَكها
وبعدَهــــا لم يــــأتِنا منهُ أحدٌ بخبرٍ حــــتى الساعة .