الدولة المأزومة والمجتمع الحائر.. إصلاح أم ثورة؟

الدولة المأزومة والمجتمع الحائر..  إصلاح أم ثورة؟

قبل أن تطيح رياح التغيير فيما يشبه عاصفة لاهبة برؤوس أنظمة عربية وحكومات لتطرح لأول مرة بدائل شعبية وديموقراطية للحكم في أكثر من بلد عربي، كانت مؤسسة الفكر العربي قد دعت إلى مؤتمر «قمة ثقافية عربية»، وهي القضية التي ظلت غائبة عن مائدة الحوار العربي/ العربي، على حساب ملفات الأمن والاقتصاد والسياسة الخارجية وغيرها من القضايا. أثبتت أحداث الربيع العربي أن ثمة مأزقًا ثقافيًا لم تكن أي قمة عربية «ثقافية» بقادرة على تجاوزه؛ مأزق يبدأ من سوء فهم أصحاب السلطة لطبيعة ومعنى السلطة وحدودها، وينتهي بسوء فهم المجتمع لنصيبه ومسئوليته عن استبداد هذه السلطة نفسها.

في كتاب «الدولة المأزومة والمجتمع الحائر» الصادر عن الدار العربية للعلوم ناشرون، للدكتور سليمان عبد المنعم (أمين عام مؤسسة الفكر العربي) تتجلى ثنائية سوء الفهم هذه التي عرقلت كل إمكانية للإصلاح وأفضت إلى «الثورة»: من جهة سوء فهم الأنظمة للإشكالات والاستحقاقات المتراكمة عليها من فساد وتراجع للإرادة الوطنية وفشل في إنجاز وعود النهضة وانحسار لقيم المواطنة والحرية والكفاءة، ومن جهة أخرى سوء فهم المجتمع لتناقضاته ولكثير من أعرافه وتقاليده التي تعيد بالضرورة إنتاج السلطة نفسها التي رفضها، وخرج ثائرا عليها، ولكنه فتح لها بابا خلفيا قفزت إليه عبر الطائفية والعداء للآخر والفهم الخاطئ للديموقراطية. 

النهضة المؤجلة.. دائمًا
على مدار فصول الكتاب (2٦ فصلا، ومقدمة) يستعيد سليمان عبدالمنعم السؤال نفسه الذي تردد في فاتحة القرن الماضي «لماذا تخلفنا وتقدم الآخرون؟». ثمة رفض مبدئي يطرحه الكتاب لإلقاء تبعية الإخفاق على السلطات والحكومات وحدها «فلنعترف أننا - سلطة ومجتمعا - نتقاسم المسئولية عما آلت إليه أحوالنا. فوراء كل سلطة مستبدة وفاسدة مجتمع (أو بالأقل نخبة) ارتضت بذلك وشرعنته واستفادت منه».  يتقدم الكتاب عبر ثنائيات، بداية من ثنائية الثورة/ الإصلاح، محددا رهانات كل منهما ومخاطره. يتطلب الإصلاح من قبل السلطة إرادة سياسية حقيقية وشجاعة أخلاقية، بينما تعتبر «الثورة» البديل الراديكالي لإخفاق الإصلاح، ومشكلة الثورة برأي الباحث أنها تتقاطع مع مصالح إقليمية ودولية تعتبر حدوث تغيير شعبي من هذا النوع تهديدا لمصالحها، ناهيك عن قوى دولية أخرى كانت تخشى من انتقال عدوى «الثورات العربية» إلى عقر دارها، أو على الأقل لا تستقبله بترحاب كبير مثل روسيا والصين. 
إذا كانت السلطة مأزومة، فثمة بالمقابل مجتمع حائر، تلك الحيرة كشفت عنها الخيارات المضطربة والرجعية أحيانا، والانقسامات التي تكشفت عنها أحداث الربيع العربي. حيث تكشف افتقار المجتمع إلى التجانس والمرجعيات المشتركة بصورة تهدد الوحدة الاجتماعية. 
من جهة أخرى يحاول الكتاب تقديم مسوغ لإخفاق مشاريع النهضة الوطنية والقومية، ورغم إلماحه إلى بعض العوامل التي ساعدت على هذا الإخفاق مثل الاستعمار والصراع العربي الإسرائيلي وفكرة «المؤامرة».. إلا أنه يرى أن ثمة عوامل داخلية بنيوية أعاقت التقدم حيث يفتقر المجتمع العربي إلى شروطه ومعاييره سواء من حيث التطور التكنولوجي، أو نمو الحس الثقافي والأخلاقي، أو ارتفاع معايير الكفاءة في النظام السياسي، وكذا فيما يتعلق بالقيم التي تحكم العلاقات الاجتماعية أو سلوك الفرد تجاه المجتمع وتجاه الطبيعة أيضا. 
ويعتبر الباحث أن المشكلة لا تكمن في الحاجة إلى أطر مرجعية للنهوض، فهي برأيه موجودة، لكنها تكمن في كوننا بحسب تعبيره «مجتمع نظري» لا يطبق أو يلتزم بما يقول. إحدى معوقات النهوض أيضا تمثلت في اختزال الحوار المجتمعي وحصره في دائرة السياسية، مع إهمال قضايا التعليم والاقتصاد والسلوك الاجتماعي. 

تراجع الأيديولوجيا
هل يمثل تراجع عصر الأيديولوجيات، بكل ما كانت تمثله من قيم محفزة، ومن رؤى متكاملة تساعد على التجييش والتعبئة، مأزقا إضافيا ومعوقا من معوقات النهضة؟ ربما. لكن من جهة أخرى ما الذي قدمته هذه الأيديولوجيات (قومية أو يسارية) في غياب الديموقراطية واحترام حقوق الإنسان، وفي إطار من الجمود العقائدي؟
برأي الكاتب، تحل القيم الإصلاحية الآن محل الأيديولوجيات. ويحدد خمسة مطالب إصلاحية تتمثل في التحول الديموقراطي، واحترام حقوق الإنسان، وإرساء قيم المساواة وسيادة القانون، وتكريس الشفافية ومكافحة الفساد، وتثوير نظام التعليم وإقامة مجتمع المعرفة. 
يمثل الالتفاف على «الديموقراطية» الذي أدى إلى صعود قوى أصولية على حساب الثوار الفعليين نقطة محيرة، تشكك في كون الديموقراطية مجرد نظام سياسي أو إطار قانوني للعلاقة بالدولة. هنا يشير الباحث إلى أهمية غرس «القيم الديموقراطية» التي يجب أن تتحقق كظاهرة ثقافية وسلوك اجتماعي، يشمل مجالات متنوعة كالتعليم والإدارة والعلاقات الاجتماعية والفن، وعدم حصرها في إطار صندوق الاقتراع أو التمثيل النيابي. 
غير أن سؤالا آخر يطرح نفسه مادامت ديموقراطية الصناديق قد فشلت في إبراز قوى اجتماعية ناهضة تضع مشروع التحرر والتقدم على رأس أولوياتها، ولا تتذرع في تخلفها بالاستمساك بالهوية وهوس العداء للآخر. فثمة تجارب في الإدارة السياسية غير الديموقراطية «الصين مثالا» تمكنت من تحقيق النهوض غير المسبوق على الصعيد الاقتصادي والعلمي. كما يشهد التاريخ لزعامات فردية يمكن وصفها بــ«المستبد العادل» قطعت شوطا في العبور بشعوبها إلى عصر الحداثة. لكن الباحث يحذر من هذه الفكرة غير المأمونة، التي لا تمثل إلا ظاهرة عرضية لا يمكن الاتكاء عيها ولا الاطمئنان لها. 

الهوية والعقلنة
تشكل قضية «الهوية» سواء كانت وطنية أو عروبية أو إسلامية أزمة دورية متكررة تتكسر عليها كل محاولات التجاوز والنهوض، إذ إنها تُبنَى على ثنائية حادة في العلاقة بالآخر، بينما واقع الحال سياسيا واقتصاديا ومعرفيا يشهد بعالم بلا حواجز من نواحٍ كثيرة، عالم يخترق حدود الدول والمجتمعات المحلية التي تجد نفسها خاضعة لمعاييره، مستهلكة لتقنياته، أسيرة إرادة الأقوى فيه. ولا يساعد سؤال «الهوية» على النهوض بقدر ما يولد كرامة وهمية، قاصرة عن التعامل مع العالم بشكل متوازن وعملي. هكذا مثلا كان الخطاب العروبي والقومي (والأصولي الآن)، يقفز فوق الخصوصية التي يتمتع بها كل قطر من الأقطار العربية (والإسلامية) من جهة، ويخاصم قيم العقلنة والديموقراطية من جهة أخرى، وكأنه يقيم تعارضا، بحسب قول الباحث، بين «الوطن» و«الإنسانية» أو بين الأمة وأعدائها، وهو ما سيتكرر على هيئة ثنائية أخرى بين الدين والعلم. 
أحد مبادئ العقلنة الأساسية المفتقدة في البيئة العربية، بحسب ما يقرر كتاب «الدولة المأزومة والمجتمع الحائر» هو مبدأ «السببية»؛ حيث تحل النتائج محل الأسباب في قلب للأوضاع لا يسمح برؤيتها رؤية علمية صحيحة، «والحاصل أن العقل الجمعي لدينا لا يكترث كثيرا بمنطق نظرية السببية في تفسيره لما نعانيه من ظواهر ومشكلات. وحين نميل إلى الخلط بين السبب والنتيجة، فنتصور ما هو نتيجة على أنه السبب فلأننا مشدودون إلى «المظاهر» و«الأعراض» بلغة الطب فنعتبرها من قبيل الأسباب. فالاستبداد أو غياب الديموقراطية ليسا سوى مظاهر ونتائج وأعراض لسبب بعيد هو التخلف الثقافي والاجتماعي. هي ليست إذن كما نعتقد أو كما نستعذب الاعتقاد «سببا» لتخلفنا. السبب الحقيقي هو منظومتنا الثقافية والاجتماعية». 
سلبية أخرى من سلبيات العقل الجمعي يشير إليها الكتاب، تتعلق بكيفية إدارة الحوار المجتمعي، هذا الحوار غير القادر على احترام الاختلاف، مما يدفع غالبا بهذا الاختلاف إلى حافة «الخلاف» ثم يفضي بدوره إلى الصراع. 
فالحوار في الذهنية العربية هو خطاب من طرف واحد، يقابله خطاب من الطرف الآخر، تتعدد الخطابات وتتوازى دون أن تلتقي، ومن ثم دون أن تخلص إلى أعراف متفق عليها ومبادئ يقرها الجميع. ويوضح الباحث تمركز العقل الخطابي العربي، الذي يمثل مونولوجا ذاتيا مطولا ومملا، حول العاطفة، باكثر من تمركزه حول «المنهج» وهو ما يفقر بدوره أي مجال من مجالات الحوار.
في التفاتة طريفة يتوقف د.سليمان عبدالمنعم عند الشعار ذائع الصيت «بالروح بالدم..»، مفسرا من خلاله تراجع العقل في الخطاب العربي «سواء كان خطابا وطنيا قوميا أو كان خطابا دينيا» إلى حدود الغرائز الحماسية. 
إضافة إلى ذلك، يقر الباحث بإشكالين آخرين يتعلقان بالذهنية العربية أو «الخطاب العربي» الإشكال الأول هو «الميل إلى تجزئة الحقائق، والانحياز السهل لأحد وجهي الحقيقة». والإشكال الآخر هو الانتقائية التي دفعت بهذا الخطاب إلى حالة استقطاب مصطنع مثلا: بين الدين والعلم، بين أنصار الحداثة والسلفيين. وبدلا من البحث عن القواسم المشتركة في الحوار المجتمعي سياسيا كان أو اقتصاديا أو ثقافيا.. دخل المجتمع في حالة من صراع «تصفية الأفكار» بحسب تعبير المؤلف. 
وفق خريطة «الأعطاب» هذه، يبدو أن ثمة ضرورة لتنقية أجواء الحوار الذاتي وإصلاح أعطابه، وعقلنته، قبل الزعم بامكان اجراء حوار مع الآخر، أو ما عرف باسم «حوار الحضارات». 

عن أي حوار نتحدث؟!
ربما تلفتنا هذه الانتقادات للذهنية العربية إلى عبارة ما فتئت تتكرر على ألسنة الساسة والإعلاميين وهي «ضرورة تحسين صورتنا أمام الآخر». وكأن الأمر ليس متعلقا بتحسين أحوالنا كما نعيشها، وكيما نعيشها بطريقة أفضل، بل يتعلق بطريقة تقديمها للغير. وبهذا المنطق غير المتوازن يكون من الطبيعي ألا يفضي «حوار الحضارات» المزعوم إلى شيء، لأنه لا يتأسس أولا على مصارحة الذات، وعلى احتياجها للآخر ليس من أجل الاعتراف فقط، بل من أجل الإفادة من تجربته بالأساس، ما يعني ضمنا الإقرار بنواحي القصور والضعف، وبالمقابل لن يكون الحوار متوازنا مادمنا لا نمتلك ما نطرحه من حلول لمشكلات «الآخر». 
يقدم عبدالمنعم مقارنة موجعة بين طريقة تسويق العرب لصورتهم وقضيتهم، وطريقة دولة دخيلة ومعتدية كإسرائيل، مع الاعتراف بقدر من الانحياز الغربي المسبق لها. فقد تمكنت الأخيرة من تسويق نفسها أمام الغرب بخاصة والعالم بصفة أعم باعتبارها «دولة عصرية حديثة، تتبنى قيم الحداثة الغربية، جنبا إلى جنب مع احتفاظها بخصوصيتها كدولة يهودية أيقظت من جوف التاريخ مشروعا توراتيا، ونجحت في تحقيق التصالح بين روحها العبرية ومظهرها المدني الحداثي». 
التوقف عند الصراع العربي الإسرائيلي له بعد آخر أيضا، فهو يكشف عن تعويل العرب على مواقف الآخرين، وإلقاء تبعة الهزيمة أو التخلف عليهم. من هنا يكون التعلق بفوز هذا الحزب أو ذاك، في الولايات المتحدة الأمريكية، أو في إسرائيل، ومن هنا أيضا يكون التعويل على تدخلات خارجية تعادل ميزان القوى، «فقد أعرض الخطاب العربي أو كاد عن تشريح الواقع العربي، لكي ينغمس في تحليل الموقف الغربي، ودراسة رؤية المجتمعات والقوى الغربية واتجاه الرأي العام فيها بشأن ما يحدث لدينا». 

مكافحة الفساد
يتوجه الكاتب إلى إحدى القضايا الكبرى التي لعلها كانت واحدة من أهم دوافع الثورات العربية وهي قضية الفساد. هناك تفرقة أولية بين فساد وآخر من حيث الحجم، ومن حيث القدرة على مواجهته بتفعيل آليات الرقابة التي تحد منه وتحاصره. 
قضية الفساد تُسأَل عنها السلطة أولا، التي كان عليها بحسب قول الكاتب «أن تدرك منطق وتبعات مرحلة التحول التي يمر بها المجتمع العربي، وهي جزء من تيارات التحول التي يمر بها العالم كله، تحول يعني أن الدولة، أي دولة لم يعد بمقدورها أن تتجاهل قوى الرأي العام الذي أصبح حاضرا بقوة في مشهد مكافحة الفساد». 
من المؤكد أن مكافحة الفساد، وما تتطلبه من شفافية تحتاج أولا إلى أساس قانوني يمكن الجهات الرقابية (رسمية أو أهلية) من أداء دورها دون معوقات، كما أنه يفترض بشكل غير مباشر مناخا ديموقراطيا. 
يتبقى ضلع آخر من أضلاع الفساد تتجاوز مقاومته الوسائل القانونية والديموقراطية، إنه الثقافة التي يرى عبدالمنعم أنها تحتاج إلى ثورة على قيم البيروقراطية التي ترعرع فيها الفساد، وتأسس عليها استبداد وتعنت رؤساء المصالح وكبار الموظفين، وبالمقابل إيثار السلامة من قبل أصحاب الحقوق، ما يجعل استبداد البيروقراطية وتعنتها مطلق اليد بلا حساب. 

ليس بالإرادة الخيرة وحدها
يبدو كتاب «الدولة المأزومة. والمجتمع الحائر» كأنه محاولة للإحاطة بكل ظواهر الضعف والخلل سواء فيما يتعلق بالسلطة أو المجتمع، محافظا على الموازنة بين مسئولية كل منهما، رافضا طوال الوقت تحميل السلطة السياسية وحدها مسئولية التخلف والفساد وضعف المكانة الدولية، ملوحا طوال الوقت بمسئولية المجتمع ممثلا في الكثير من قيمه وأعرافه المتناقضة أحيانا، وغير الخاضعة للنقد والعقلنة أحيانا أخرى.  غير أن الكتاب لم يتعرض إلى جوانب الاقتصاد السياسي التي كانت كفيلة بإلقاء مزيد من الضوء على المشكلات التي تناولها حتى لا تبدو مجرد مشكلات خاضعة لمطلق الإرادة السياسية الخيرة أو الأخلاقية، أو كأن الإرادة السياسية تعمل معزولة عن مصالحها التي تأسست داخل شكل من أشكال الاقتصاد تميز بالتبعية من جهة، وبالطفيلية والريعية من جهة أخرى. كما أن الدولة التسلطية المتغولة في كل مناحي الحياة باحتكار النشاط الاقتصادي وتوجيهه في مرحلة سابقة، ثم بسيطرة أوليجاركية كانت تعمل طوال الوقت على تفكيك المجتمع المدني وابتلاعه.
لقد تحول هذا «المجتمع» إلى جماعات مصالح «رأسية» مع السلطة، أو أفرادا متذرين، أو جيتوهات مغلقة على ذاتها، ما يبرر الافتقار إلى المعايير المشتركة وبلبلة القيم، واضطراب المرجعيات وتصادمها كما ألمح الكتاب.  لقد ساند الطغمة الحاكمة مشرعون وقانونيون جندوا تشريعاتهم لحساب حماية لصوص المال العام، ومهدوا للاستيلاء على الثروة واحتكارها وحماية المسئولين عنها من المساءلة، ما يفسر فقدان الثقة في القانون باعتباره سند «الأقوى». ويكشف الخلل الدستوري الذي مهد لصعود التيارات الأصولية حتى بعد قيام ثورة يناير في مصر وإلى الآن، سوء فهم عميق من قبل فقهاء قانونيين لمعنى التشريع ودوره ومصدر الشرعية في لحظة «ثورة». لقد تجلى فقر الخيال وانعدام الشعور بالمسئولية كمحصلة لتاريخ طويل من تبعية القضاء وعجزه عن تمثل دوره في مجتمع مدني ودولة حديثة، وتصوره أن القانون هو مجرد سند لرسالة تبشيرية.