أهـــلًا رمضــان.. السينما تصور الواقع

أهـــلًا رمضــان.. السينما تصور الواقع

الكثيرون‭ ‬منا،‭ ‬عندما‭ ‬يحاولون‭ ‬قراءة‭ ‬الواقع،‭ ‬فإنهم‭ ‬ينظرون‭ ‬إلى‭ ‬شاشة‭ ‬السينما،‭ ‬ويتعاملون‭ ‬مع‭ ‬أفلامها‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬صورة‭ ‬من‭ ‬الحياة،‭ ‬سواء‭ ‬الفيلم‭ ‬الواقعي،‭ ‬أو‭ ‬التاريخي،‭ ‬أو‭ ‬الرومانسي‭.‬

بمناسبة‭ ‬حلول‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك،‭ ‬حاولنا‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬الصور‭ ‬العديدة‭ ‬التي‭ ‬ظهر‭ ‬بها‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬الكريم‭ ‬في‭ ‬الأفلام‭ ‬العربية،‭ ‬فوجدنا‭ ‬أن‭ ‬الصورة‭ ‬السينمائية‭ ‬لم‭ ‬تحفل‭ ‬كثيرًا‭ ‬بمظاهر‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬أفلام‭ ‬قليلة‭ ‬العدد،‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬االعزيمةب‭ ‬لكمال‭ ‬سليم‭ ‬1939،‭ ‬واقلبي‭ ‬على‭ ‬ولديب‭ ‬لبركات‭ ‬1952،‭ ‬وافي‭ ‬بيتنا‭ ‬رجلب‭ ‬لبركات‭ ‬عام‭ ‬1961،‭ ‬واإضراب‭ ‬الشحاتينب‭ ‬لحسن‭ ‬الإمام‭ ‬عام‭ ‬1967،‭ ‬واضربة‭ ‬معلمب‭ ‬لعاطف‭ ‬الطيب‭ ‬1987،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأفلام‭. ‬والغريب‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬الشعبي‭ ‬الواسع‭ ‬لمظاهر‭ ‬الاحتفال‭ ‬بالشهر‭ ‬الكريم‭ ‬قد‭ ‬ظهر‭ ‬ضيقًا‭ ‬للغاية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأفلام،‭ ‬رغم‭ ‬أننا‭ ‬أمام‭ ‬نصوص‭ ‬سينمائية‭ ‬متميزة‭.. ‬وكأن‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬بمنزلة‭ ‬ديكور‭ ‬فقط‭ ‬للحدث‭.‬

 

‮«‬في‭ ‬بيتنا‭ ‬رجل‮»‬

فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬فإن‭ ‬توظيف‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬افي‭ ‬بيتنا‭ ‬رجلب‭ ‬جاء‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تسهيل‭ ‬خروج‭ ‬المناضل‭ ‬إبراهيم‭ ‬حمدي‭ ‬من‭ ‬بيت‭ ‬الأسرة‭ ‬التي‭ ‬لجأ‭ ‬إليها،‭ ‬ولم‭ ‬نر‭ ‬أي‭ ‬مظاهر‭ ‬للاحتفال‭ ‬بالشهر،‭ ‬أو‭ ‬شعائره،‭ ‬إلا‭ ‬خروج‭ ‬إبراهيم‭ ‬من‭ ‬المنزل‭ ‬عقب‭ ‬انطلاق‭ ‬مدفع‭ ‬الإفطار،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يراه‭ ‬أحد،‭ ‬بينما‭ ‬الناس‭ ‬منشغلون‭ ‬بأمورهم‭ ‬الخاصة‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬إبراهيم‭ ‬حمدي‭ ‬قد‭ ‬دخل‭ ‬البيت،‭ ‬في‭ ‬ليلة‭ ‬رمضانية،‭ ‬وأنه‭ ‬طرق‭ ‬الباب‭ ‬والأسرة‭ ‬حول‭ ‬مائدة‭ ‬الإفطار،‭ ‬فإن‭ ‬الأيام‭ ‬القليلة،‭ ‬التي‭ ‬مكثها‭ ‬في‭ ‬البيت،‭ ‬خلا‭ ‬البيت‭ ‬من‭ ‬ديكورات‭ ‬تؤكد‭ ‬أننا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشهر،‭ ‬مثل‭ ‬وجود‭ ‬الفوانيس،‭ ‬أو‭ ‬الزينات‭ ‬الشعبية،‭ ‬أو‭ ‬زيارات‭ ‬الجيران،‭ ‬وخاصة‭ ‬الأطفال،‭ ‬كأنما‭ ‬الأسرة‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬معزل‭ ‬بعيد‭ ‬عن‭ ‬العالم،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الحارة‭ ‬والحارات‭ ‬المجاورة،‭ ‬قد‭ ‬خلت‭ ‬من‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الزينة،‭ ‬ونحن‭ ‬نعرف‭ ‬تمامًا‭ ‬أن‭ ‬الأحياء‭ ‬الشعبية‭ ‬تتبارى‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬زينات،‭ ‬وإطلاق‭ ‬أضواء‭ ‬باهرة،‭ ‬وعمل‭ ‬تصميمات‭ ‬للفوانيس‭ ‬والكعبة،‭ ‬حيث‭ ‬اعتدنا‭ ‬على‭ ‬رؤية‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الظواهر‭ ‬دومًا‭ ‬في‭ ‬طفولتنا‭ ‬الأولى‭ ‬إبان‭ ‬الخمسينيات‭.‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬الحال‭ ‬قد‭ ‬تغير‭ ‬في‭ ‬السينما‭ ‬المصرية،‭ ‬في‭ ‬رؤية‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الحالي،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬الأفلام‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تصويرها‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬تدور‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬قد‭ ‬تعاملت‭ ‬مع‭ ‬شعائر‭ ‬الشهر‭ ‬الكريم‭ ‬بشكل‭ ‬مختلف،‭ ‬حيث‭ ‬صار‭ ‬الشهر‭ ‬هو‭ ‬الحدث‭ ‬الرئيسي،‭ ‬وهناك‭ ‬احتفاء‭ ‬خاص‭ ‬بقدومه،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬أغلب‭ ‬الأحداث‭ ‬تدور‭ ‬طوال‭ ‬الشهر‭ ‬الكريم،‭ ‬وتتوافق‭ ‬سلوكيات‭ ‬الناس‭ ‬مع‭ ‬قدوم‭ ‬الشهر،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الأفلام‭ ‬صورت‭ ‬مظاهر‭ ‬رمضان‭ ‬داخل‭ ‬البيوت‭ ‬وخارجها‭.‬

 

مدينة‭ ‬المليون‭ ‬مئذنة‭ ‬

وبالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬الأفلام‭ ‬قليل،‭ ‬فإن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الصيام،‭ ‬وتأدية‭ ‬الشعائر‭ ‬الأخرى‭ ‬مثل‭ ‬الصلاة‭ ‬والزكاة‭ ‬هي‭ ‬أمور‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأفلام‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ،‭ ‬ومنها‭ ‬فيلمان‭ ‬من‭ ‬بطولة‭ ‬أحمد‭ ‬حلمي،‭ ‬هما‭ ‬اعسل‭ ‬أسودب‭ ‬إخراج‭ ‬خالد‭ ‬مرعي‭ ‬2009،‭ ‬واإكس‭ ‬لارجب‭ ‬إخراج‭ ‬شريف‭ ‬عرفة‭ ‬2011،‭ ‬وهناك‭ ‬أفلام‭ ‬أخرى،‭ ‬منها‭ ‬اعزبة‭ ‬آدمب‭ ‬لمحمود‭ ‬كامل‭ ‬2009،‭ ‬واكابتن‭ ‬هيماب‭ ‬لنصر‭ ‬محروس‭ ‬عام‭ ‬2008‭.‬

الفيلمان‭ ‬اللذان‭ ‬قام‭ ‬ببطولتهما‭ ‬أحمد‭ ‬حلمي،‭ ‬تدور‭ ‬أحداثهما‭ ‬في‭ ‬القاهرة،‭ ‬مدينة‭ ‬المليون‭ ‬مئذنة‭ ‬وأكثر،‭ ‬ومدينة‭ ‬الأضرحة،‭ ‬والمقامات،‭ ‬والاحتفالات،‭ ‬حيث‭ ‬يبدو‭ ‬الاحتفال‭ ‬بليالي‭ ‬الشهر‭ ‬الكريم،‭ ‬بالغ‭ ‬الوضوح،‭ ‬مليئا‭ ‬بالطقوس‭ ‬الدينية،‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬وتزدهر‭ ‬المدينة‭ ‬بالأضواء،‭ ‬خاصة‭ ‬المآذن،‭ ‬والمساجد،‭ ‬والمقاهي،‭ ‬وضفاف‭ ‬النهر،‭ ‬وتتحول‭ ‬المدينة‭ ‬طوال‭ ‬الشهر‭ ‬إلى‭ ‬ظاهرة‭ ‬احتفالية‭ ‬مضيئة،‭ ‬دافئة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬حرص‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬أداء‭ ‬الشعائر،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬يمارسون‭ ‬وظائفهم‭.‬

بدا‭ ‬ذلك‭ ‬واضحًا‭ ‬منذ‭ ‬اللحظات‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬اعسل‭ ‬أسودب،‭ ‬ففي‭ ‬الطائرة‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬القاهرة،‭ ‬يتحدث‭ ‬الشاب‭ ‬مصري‭ ‬سيد‭ ‬العربي‭ ‬إلى‭ ‬زميله‭ ‬العائد‭ ‬مثله‭ ‬إلى‭ ‬بلاده‭ ‬بعد‭ ‬طول‭ ‬غربة،‭ ‬إنهما‭ ‬سيصلان‭ ‬القاهرة،‭ ‬مع‭ ‬حلول‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬ويبدو‭ ‬امصريب‭ ‬سعيدًا‭ ‬لأنه‭ ‬سيرى‭ ‬فوازير‭ ‬نيللي،‭ ‬وينبهه‭ ‬زميله‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الفوازير‭ ‬قد‭ ‬توقفت‭ ‬قبل‭ ‬عشرين‭ ‬عاما،‭ ‬أي‭ ‬عندما‭ ‬غادرت‭ ‬أسرة‭ ‬امصريب‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الشاب‭ ‬سوف‭ ‬يرى‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬آخر‭ ‬يختلف‭ ‬عن‭ ‬مثيله‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬الثمانينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭.‬

ثم‭ ‬تنزل‭ ‬عناوين‭ ‬الفيلم،‭ ‬وينزل‭ ‬امصريب‭ ‬من‭ ‬الطائرة،‭ ‬فخورًا‭ ‬بجواز‭ ‬سفره‭ ‬المصري،‭ ‬ويركب‭ ‬سيارة‭ ‬نقل‭ ‬فخمة،‭ ‬مع‭ ‬السائق‭ ‬المستغل‭ ‬اراضيب،‭ ‬الذي‭ ‬يصحبه‭ ‬إلى‭ ‬الفندق،‭ ‬كان‭ ‬الوصول‭ ‬متوافقًا‭ ‬مع‭ ‬انطلاق‭ ‬المدفع،‭ ‬ونعرف‭ ‬أن‭ ‬الشاب‭ ‬الذي‭ ‬اغترب‭ ‬عن‭ ‬وطنه،‭ ‬كان‭ ‬صائمًا‭ ‬أثناء‭ ‬السفر،‭ ‬وعن‭ ‬طريق‭ ‬السائق،‭ ‬فإن‭ ‬الفطور‭ ‬كان‭ ‬شطائر‭ ‬افول‭ ‬مدمسب،‭ ‬ويردد‭ ‬بتلذذ‭: ‬اكان‭ ‬واحشني‭ ‬جدًاب،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬تعبيره،‭ ‬يضرب‭ ‬اكشريب‭ ‬أي‭ ‬يلتهمه‭.‬

هناك‭ ‬موضوع‭ ‬أساسي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬فيلم‭ ‬من‭ ‬الفيلمين‭ ‬اللذين‭ ‬نتحدث‭ ‬عنهما،‭ ‬الموضوع‭ ‬الرئيسي‭ ‬في‭ ‬الفيلم‭ ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬االعودة‭ ‬إلى‭ ‬الوطنب،‭ ‬وتكون‭ ‬العودة‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬أما‭ ‬الموضوع‭ ‬في‭ ‬الفيلم‭ ‬الثاني‭ ‬فهو‭ ‬اشراهة‭ ‬الأكلب‭ ‬التي‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬البدانة‭ ‬الشديدة،‭ ‬وفي‭ ‬كلتا‭ ‬الحالتين،‭ ‬فإن‭ ‬تكون‭ ‬الأحداث‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬هو‭ ‬انعكاس‭ ‬لسلوك‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الواحد‭ ‬والعشرين‭ ‬أثناء‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭.‬

الشاب‭ ‬الذي‭ ‬عاد‭ ‬إلى‭ ‬وطنه‭ ‬فخور‭ ‬بالهوية‭ ‬المصرية،‭ ‬وأيضا‭ ‬باسمه،‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬سوف‭ ‬يقع‭ ‬فريسة‭ ‬لآخرين،‭ ‬يبتزون‭ ‬منه‭ ‬أمواله،‭ ‬وبطاقة‭ ‬الهوية،‭ ‬وأيضًا‭ ‬كرامته،‭ ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬فسوف‭ ‬يظل‭ ‬واسع‭ ‬الصدر،‭ ‬يتقبل‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬رد‭ ‬فعلي‭ ‬إيجابي،‭ ‬فحين‭ ‬يعرف‭ ‬أن‭ ‬السائق‭ ‬قد‭ ‬استغله‭ ‬بشدة‭ ‬فإن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يفعله‭ ‬أن‭ ‬يعرفه‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬بما‭ ‬جرى،‭ ‬ويردد‭: ‬اأنا‭ ‬صايع‭ ‬قويب‭ ‬ثم‭ ‬يستكمل‭ ‬معه،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬يلجأ‭ ‬إليه‭ ‬كي‭ ‬يضمنه‭ ‬عندما‭ ‬يتم‭ ‬القبض‭ ‬عليه‭ ‬لعدم‭ ‬وجود‭ ‬بطاقة‭. ‬العسل‭ ‬هنا‭ ‬طعمه‭ ‬لذيذ،‭ ‬مليء‭ ‬بالسكر،‭ ‬هو‭ ‬الوطن،‭ ‬أما‭ ‬لونه‭ ‬الأسود‭ ‬فإنه‭ ‬ينعكس‭ ‬في‭ ‬سلوك‭ ‬الكثيرين‭ ‬ممن‭ ‬سيقابلهم‭ ‬امصريب‭ ‬فور‭ ‬وصوله‭ ‬إلى‭ ‬الوطن،‭ ‬خاصة‭ ‬السائق‭ ‬الذي‭ ‬يبيع‭ ‬له‭ ‬زجاجة‭ ‬الماء‭ ‬بثلاثين‭ ‬ضعف‭ ‬سعرها‭ ‬الحقيقي،‭ ‬ويغير‭ ‬له‭ ‬الدولار‭ ‬بأقل‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬سعره،‭ ‬إنه‭ ‬ينصب‭ ‬عليه،‭ ‬ويسرقه‭. ‬السائق‭ ‬هنا‭ ‬لم‭ ‬تتغير‭ ‬أخلاقه‭ ‬بوصول‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل،‭ ‬إنه‭ ‬ايعملب‭ ‬ويريد‭ ‬أن‭ ‬يكسب،‭ ‬وهو‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬الأجانب،‭ ‬ومثلما‭ ‬فعل‭ ‬السائق،‭ ‬فعل‭ ‬موظف‭ ‬الاستقبال‭ ‬في‭ ‬الفندق،‭ ‬فهو‭ ‬يغير‭ ‬أسلوب‭ ‬معاملة‭ ‬الزبون‭ ‬حسب‭ ‬جنسيته،‭ ‬باعتبار‭ ‬ما‭ ‬سوف‭ ‬يدفع،‭ ‬وعليه‭ ‬فإن‭ ‬الناس‭ ‬هنا‭ ‬لن‭ ‬يتغير‭ ‬سلوكها‭ ‬في‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل،‭ ‬وكذلك‭ ‬الضابط‭ ‬الذي‭ ‬يؤدب‭ ‬الشاب‭ ‬باعتبار‭ ‬أنه‭ ‬مصري،‭ ‬لكن‭ ‬حين‭ ‬يعرف‭ ‬أنه‭ ‬أمريكي،‭ ‬فإن‭ ‬الأمور‭ ‬تتغير‭.‬

 

مائدة‭ ‬الرحمن‭ ‬

وليس‭ ‬كل‭ ‬الأشخاص‭ ‬في‭ ‬الفيلم‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الشاكلة،‭ ‬فهناك‭ ‬الثري‭ ‬الطيب‭ ‬الذي‭ ‬يقيم‭ ‬مائدة‭ ‬الرحمن،‭ ‬وعندما‭ ‬يود‭ ‬امصريب‭ ‬أن‭ ‬يدفع‭ ‬ثمن‭ ‬ما‭ ‬أكله،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يفهم‭ ‬الحكاية‭ ‬بالضبط،‭ ‬فإن‭ ‬صاحب‭ ‬المأدبة‭ ‬يرفض‭ ‬أن‭ ‬يأخذ‭ ‬النقود،‭ ‬ويردد‭: ‬اانت‭ ‬عايز‭ ‬تضيع‭ ‬عليّ‭ ‬الثوابب‭.. ‬ومأدبة‭ ‬الرحمن‭ ‬هنا‭ ‬ضخمة‭ ‬مليئة‭ ‬بالرواد،‭ ‬أغلبهم‭ ‬من‭ ‬العواجيز،‭ ‬الذين‭ ‬تبدو‭ ‬عليهم‭ ‬الحاجة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬نموذجا‭ ‬آخر‭ ‬للطيبين،‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬الراقصة‭ ‬دينا،‭ ‬باسمها‭ ‬الفني،‭ ‬فهي‭ ‬تنزل‭ ‬ليلا‭ ‬بسيارتها‭ ‬كي‭ ‬توزع‭ ‬اللحوم‭ ‬على‭ ‬عمال‭ ‬النظافة‭ ‬في‭ ‬الشوارع،‭ ‬وتنادي‭ ‬امصريب،‭ ‬متصورة‭ ‬أنه‭ ‬غلبان،‭ ‬وعندما‭ ‬يخبرها‭ ‬باسمه‭ ‬تقول‭ ‬له‭: ‬اتبقى‭ ‬غلبانب‭.‬

ودينا‭ ‬الراقصة‭ ‬تساعد‭ ‬الشاب‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬محنته،‭ ‬فهي‭ ‬تصحبه‭ ‬إلى‭ ‬مكتب‭ ‬الاتصالات‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬فقد‭ ‬بطاقته‭.‬

ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬فإن‭ ‬السائق‭ ‬اراضيب‭ ‬سوف‭ ‬يتغير‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬دافع‭ ‬عنه‭ ‬امصريب‭ ‬لدى‭ ‬ضابط‭ ‬المرور‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬كان‭ ‬مسببًا،‭ ‬وقد‭ ‬وصف‭ ‬لنا‭ ‬الفيلم‭ ‬السائق‭ ‬بتناقضاته،‭ ‬فرغم‭ ‬استغلاله‭ ‬الشديد‭ ‬للزبون،‭ ‬فإنه‭ ‬يمتنع‭ ‬عن‭ ‬الشرب‭ ‬فور‭ ‬أذان‭ ‬الفجر،‭ ‬أي‭ ‬أنه‭ ‬ملتزم‭ ‬بشعائر‭ ‬الدين،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بجيبه‭ ‬فإن‭ ‬للجيب‭ ‬قلبا‭ ‬مليئا‭ ‬بالاستغلال‭.‬

أما‭ ‬الأسرة‭ ‬التي‭ ‬ينزل‭ ‬عندها‭ ‬امصريب‭ ‬لبعض‭ ‬الوقت،‭ ‬فإن‭ ‬الفيلم‭ ‬يعطيها‭ ‬قيمة‭ ‬إنسانية‭ ‬كبيرة،‭ ‬وفي‭ ‬علاقة‭ ‬امصريب‭ ‬بهم‭ ‬جميعا‭ ‬ستتضح‭ ‬لنا‭ ‬جميع‭ ‬شعائر‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬ابتداء‭ ‬من‭ ‬العادات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الشعبية،‭ ‬فالأسرة‭ ‬كلها‭ ‬تلتئم‭ ‬معًا‭ ‬فقط‭ ‬حول‭ ‬مائدة‭ ‬الإفطار‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬اطبقاب‭ ‬يتضمن‭ ‬أشهى‭ ‬الحلويات‭ ‬الرمضانية،‭ ‬يدور‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬على‭ ‬بقية‭ ‬الشقق،‭ ‬لا‭ ‬نكاد‭ ‬نعرف‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬صاحب‭ ‬الطبق،‭ ‬يدور‭ ‬بين‭ ‬الجيران،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬حسن‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الآخر،‭ ‬فالجيران‭ ‬تهادي‭ ‬بعضها‭ ‬البعض‭ ‬الحلوى،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬البيت،‭ ‬نستمع‭ ‬في‭ ‬الخلفية،‭ ‬قبل‭ ‬الإفطار‭ ‬إلى‭ ‬صوت‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬رفعت‭ ‬وهو‭ ‬يتلو‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬أما‭ ‬بعد‭ ‬الإفطار‭ ‬فإن‭ ‬طفلاً‭ ‬من‭ ‬الأسرة‭ ‬يحمل‭ ‬فانوس‭ ‬رمضان‭ ‬بشكل‭ ‬المفتش‭ ‬كرومبو،‭ ‬لكن‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الفوانيس‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬المسلسلات‭ ‬قد‭ ‬فقدت‭ ‬بهجتها،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬الفانوس‭ ‬أكثر‭ ‬فخامة،‭ ‬وفي‭ ‬البيت‭ ‬فإن‭ ‬الابن‭ ‬سعيد‭ ‬االعواطليب‭ ‬يقوم‭ ‬ليصلي‭ ‬الفرض‭ ‬كاملًا‭.‬

وقد‭ ‬صور‭ ‬الفيلم‭ ‬ليالي‭ ‬رمضان،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نزول‭ ‬مصري‭ ‬مع‭ ‬سعيد‭ ‬إلى‭ ‬المقهى،‭ ‬هناك‭ ‬في‭ ‬الخلفية‭ ‬قراءة‭ ‬للقرآن،‭ ‬وهناك‭ ‬أيضا‭ ‬الفوانيس،‭ ‬والزينات،‭ ‬وصوت‭ ‬أم‭ ‬كلثوم‭ ‬وهي‭ ‬تغني‭ ‬اهو‭ ‬صحيح‭ ‬الهوى‭ ‬غلابب‭.‬

هذه‭ ‬الأسرة‭ ‬الطيبة،‭ ‬استضافت‭ ‬امصريب‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تتحسن‭ ‬ظروفه،‭ ‬وقاموا‭ ‬بمساعدته‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬جواز‭ ‬سفره‭ ‬الأمريكي،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الشاب‭ ‬شارك‭ ‬الأسرة‭ ‬في‭ ‬نشاطها‭ ‬الرمضاني‭ ‬الشعبي‭ ‬المعتاد،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬صواني‭ ‬الكعك‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬الشهر‭.. ‬وعندما‭ ‬يحل‭ ‬العيد‭ ‬تذهب‭ ‬الأسرة‭ ‬بكل‭ ‬أفرادها‭ ‬وضيفها‭ ‬إلى‭ ‬الحدائق‭ ‬للتنزه‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬عادة‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬البلاد‭.‬

الفيلم‭ ‬الثاني‭ ‬اإكس‭ ‬لارجب‭ ‬هو‭ ‬عن‭ ‬االبدانةب‭ ‬والشراهة،‭ ‬والعواطف‭ ‬الإنسانية،‭ ‬ولا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الشاب‭ ‬مجدي‭ ‬سوف‭ ‬تكون‭ ‬له‭ ‬معاناة‭ ‬مع‭ ‬الصيام،‭ ‬عندما‭ ‬يحل‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬نحن‭ ‬نراه‭ ‬دومًا‭ ‬يأكل‭ ‬بشراهة،‭ ‬يطلب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأطعمة‭ ‬ولوازمها،‭ ‬كي‭ ‬يأتي‭ ‬عليها،‭ ‬هو‭ ‬فنان‭ ‬يرسم‭ ‬الاستربس‭ ‬لمجلات‭ ‬الأطفال،‭ ‬غير‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬التوقف‭ ‬عن‭ ‬التهام‭ ‬المزيد‭. ‬وعندما‭ ‬تحل‭ ‬عليه‭ ‬أول‭ ‬ليلة‭ ‬للصيام‭ ‬فإنه‭ ‬يطلب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الطعام،‭ ‬ويردد‭ ‬اسوف‭ ‬أتناول‭ ‬السحور‭ ‬وحديب،‭ ‬هو‭ ‬إذن‭ ‬شخص‭ ‬وحيد،‭ ‬وعندما‭ ‬يحل‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬هنا‭ ‬نرى‭ ‬الزينات‭ ‬الكثيرة‭ ‬في‭ ‬الشوارع،‭ ‬مثلما‭ ‬اعتادت‭ ‬العيون‭ ‬أن‭ ‬ترى،‭ ‬ونسمع‭ ‬صوت‭ ‬المطرب‭ ‬محمد‭ ‬عبدالمطلب‭ ‬يغني‭ ‬اأهلاً‭ ‬رمضانب،‭ ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬امصريب‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬أن‭ ‬يشرب‭ ‬نقطة‭ ‬ماء‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أعلن‭ ‬المؤذن‭ ‬للفجر،‭ ‬فإن‭ ‬مجدي‭ ‬مكاوي‭ ‬التهم‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الطعام،‭ ‬وما‭ ‬إن‭ ‬يهم‭ ‬بالتهام‭ ‬الأرز،‭ ‬فإن‭ ‬الأذان‭ ‬يرفع،‭ ‬ويطلب‭ ‬من‭ ‬خادمه‭ ‬ألا‭ ‬يوقظه‭ ‬إلا‭ ‬ساعة‭ ‬الإفطار،‭ ‬وهو‭ ‬يشعر‭ ‬بالعطش‭ ‬فور‭ ‬إعلان‭ ‬الأذان‭.‬

وفي‭ ‬أول‭ ‬يوم‭ ‬صيــــام،‭ ‬تتصل‭ ‬به‭ ‬دينا‭ ‬وتطلب‭ ‬منه‭ ‬أن‭ ‬يذهب‭ ‬بأسرتـــها‭ ‬إلى‭ ‬محافظـــــة‭ ‬الشرقــــــية‭ ‬لأداء‭ ‬واجب‭ ‬العزاء،‭ ‬وهو‭ ‬يعتبر‭ ‬أن‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬الشرقية‭ ‬بمنزلة‭ ‬سفر،‭ ‬لذا‭ ‬يبيح‭ ‬لنفسه‭ ‬الإفطار،‭ ‬ويقوم‭ ‬بشراء‭ ‬كم‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الأطعمة‭ ‬والحلويات‭ ‬من‭ ‬كشك،‭ ‬كي‭ ‬يأكل‭ ‬أثناء‭ ‬السفر،‭ ‬لكنه‭ ‬يتراجع‭ ‬عندما‭ ‬يركب‭ ‬معهم‭ ‬أحد‭ ‬أقارب‭ ‬دينا،‭ ‬وهو‭ ‬ملتح،‭ ‬متدين،‭ ‬يصاحبه‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬العودة،‭ ‬فيبقى‭ ‬مجدي‭ ‬صائما‭ ‬طيلة‭ ‬النهار‭ ‬رغمًا‭ ‬عنه‭.‬

يعتمد‭ ‬الفيلم‭ ‬على‭ ‬فكرة‭ ‬بسيطة،‭ ‬أن‭ ‬مجدي‭ ‬يحب‭ ‬الفتاة‭ ‬دينا،‭ ‬التي‭ ‬تحب‭ ‬صديقها‭ ‬مجدي،‭ ‬منذ‭ ‬الطفولة‭ ‬ويراسلها‭ ‬عبر‭ ‬الكمبيوتر،‭ ‬لقد‭ ‬صار‭ ‬الآن‭ ‬شابا‭ ‬بدينا،‭ ‬لذا،‭ ‬فإنه‭ ‬يطلق‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬اعادلب،‭ ‬وطيلة‭ ‬أحداث‭ ‬الفيلم،‭ ‬فإنه‭ ‬يحاول‭ ‬التقرب‭ ‬من‭ ‬الفتاة،‭ ‬ويحدثها‭ ‬عن‭ ‬مجدي‭ ‬الحاضر‭ ‬الغائب،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬ترى‭ ‬شعائر‭ ‬المصريين‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬فمجدي‭ ‬البدين‭ ‬هو‭ ‬صندوق‭ ‬أسرار‭ ‬كل‭ ‬صديقاته‭ ‬من‭ ‬البنات،‭ ‬لا‭ ‬يتصور‭ ‬أحد‭ ‬أنه‭ ‬شخص‭ ‬صالح‭ ‬للعاطفة،‭ ‬يبحن‭ ‬له‭ ‬بأسرارهن،‭ ‬أما‭ ‬هو‭ ‬فيخبرهن‭ ‬ذات‭ ‬مساء‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬وقع‭ ‬في‭ ‬الحب‭.‬

 

المسحراتي‭ ‬

مجدي‭ ‬هذا‭ ‬يتناول‭ ‬فطوره‭ ‬بمفرده‭ ‬مثلما‭ ‬تناول‭ ‬سحوره،‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬أيام‭ ‬رمضان،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬خاله‭ ‬لن‭ ‬يلبث‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬إليه‭ ‬ومعه‭ ‬لوازم‭ ‬الإفطار‭ ‬كي‭ ‬يتناوله‭ ‬معه‭.. ‬ويبدو‭ ‬الإفطار‭ ‬هنا‭ ‬قاسيًا‭ ‬بالنسبة‭ ‬للشخص‭ ‬الذي‭ ‬يعيش‭ ‬حياته‭ ‬وحيدًا،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬مصر‭.‬

لذا‭ ‬فإن‭ ‬مجدي‭ ‬عندما‭ ‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬بيت‭ ‬دينا‭ ‬لتناول‭ ‬الإفطار،‭ ‬فانه‭ ‬لا‭ ‬يشبع‭ ‬رغم‭ ‬كثرة‭ ‬الطعام‭.. ‬ومثلما‭ ‬أنهت‭ ‬الأسرة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬فوق‭ ‬المائدة‭ ‬من‭ ‬طعام‭ ‬في‭ ‬اعسل‭ ‬أسودب،‭ ‬فإن‭ ‬الأمر‭ ‬يتكرر‭ ‬هنا‭ ‬بالنسبة‭ ‬للبدين‭ ‬الشديد‭ ‬النهم،‭ ‬وهو‭ ‬ينتقد‭ ‬الطعام‭ ‬الذي‭ ‬أعدته‭ ‬والدة‭ ‬دينا،‭ ‬باعتباره‭ ‬بالغ‭ ‬الخبرة‭ ‬في‭ ‬شئون‭ ‬الأغذية،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬الحوار‭ ‬الذي‭ ‬يدور‭ ‬بينه‭ ‬وبينهما،‭ ‬نفهم‭ ‬أنه‭ ‬واظب‭ ‬على‭ ‬الصيام‭ ‬طوال‭ ‬الشهر‭ ‬وعقب‭ ‬الإفطار‭ ‬فإنه‭ ‬يبدو‭ - ‬مثل‭ ‬أغلب‭ ‬الصائمين‭ ‬العرب‭ - ‬حريصًا‭ ‬على‭ ‬مشاهدة‭ ‬المسلسلات،‭ ‬يعرف‭ ‬مواعيد‭ ‬بثها،‭ ‬في‭ ‬القنوات‭ ‬الفضائية،‭ ‬فهذا‭ ‬مسلسل‭ ‬االداليب‭ ‬في‭ ‬قناة‭ ‬أبوظبي،‭ ‬ومسلسل‭ ‬فيفي‭ ‬عبده‭ ‬على‭ ‬النايل‭ ‬سات،‭ ‬أما‭ ‬مسلسل‭ ‬ماجد‭ ‬المصري‭ ‬فعلى‭ ‬القناة‭ ‬الثانية،‭ ‬ويظل‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬مشاهدة‭ ‬للمسلسلات‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬دينا‭ ‬وأمها‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يقترب‭ ‬موعد‭ ‬السحور،‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬لا‭ ‬تتوقف‭ ‬عن‭ ‬التهام‭ ‬الطعام،‭ ‬يطلب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المحشي،‭ ‬وفي‭ ‬إفطار‭ ‬آخر،‭ ‬يأخذ‭ ‬دينا‭ ‬إلى‭ ‬مطعم‭ ‬لتناول‭ ‬أطعمة‭ ‬شعبية‭ ‬عربية‭ ‬منها‭ ‬العنيزة‭ ‬أو‭ ‬اللحم‭ ‬المتبل،‭ ‬والمفك‭.‬

حرص‭ ‬الفيلم‭ ‬هنا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬لنا‭ ‬بعضًا‭ ‬من‭ ‬الاحتفاليات‭ ‬بشهر‭ ‬رمضان‭ ‬لم‭ ‬نرها‭ ‬في‭ ‬الفيلم‭ ‬الأسبق،‭ ‬مثل‭ ‬الزينات‭ ‬التي‭ ‬تملأ‭ ‬الشوارع،‭ ‬وأيضا‭ ‬ماذا‭ ‬يفعل‭ ‬الصائمون‭ ‬عندما‭ ‬يحل‭ ‬الصيام‭ ‬في‭ ‬شهور‭ ‬الصيف؟‭ ‬وموضوع‭ ‬المسلسلات‭ ‬التي‭ ‬سيطرت‭ ‬على‭ ‬الصائمين‭ ‬المعاصرين‭.. ‬وأيضا‭ ‬المسحراتي‭ ‬الذي‭ ‬لايزال‭ ‬يقرع‭ ‬على‭ ‬طبلته‭ ‬يحاول‭ ‬إيقاظ‭ ‬الصائمين‭ ‬وتنبيههم‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وقت‭ ‬السحور‭ ‬قد‭ ‬حان،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬ظل‭ ‬مجدي‭ ‬مكاوي‭ ‬يتناول‭ ‬من‭ ‬الأطباق‭ ‬بلا‭ ‬توقف‭.