الصين تحتفي بالذكرى المئوية لنجيب محفوظ

الصين تحتفي بالذكرى المئوية  لنجيب محفوظ

أقامت‭ ‬جامعة‭ ‬بكين‭ ‬حفلًا‭ ‬لإحياء‭ ‬الذكرى‭ ‬المئوية‭ ‬لميلاد‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬تعبيرًا‭ ‬من‭ ‬الدارسين‭ ‬والخبراء‭ ‬الصينيين‭ ‬عن‭ ‬احترامهم‭ ‬وتقديرهم‭ ‬لهذا‭ ‬العملاق‭ ‬من‭ ‬عمالقة‭ ‬الأدب‭ ‬العربي‭. ‬واستمر‭ ‬الحفل‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬ثلاثة‭ ‬أيام،‭ ‬وحضره‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مائة‭ ‬شخص،‭ ‬وتم‭ ‬فيه‭ ‬منح‭ ‬الجوائز‭ ‬لـ‭ ‬27‭ ‬من‭ ‬العلماء‭ ‬والدارسين‭ ‬الصينيين‭ ‬الذين‭ ‬قاموا‭ ‬بالدراسات‭ ‬أو‭ ‬الترجمات‭ ‬لأعمال‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬الأدبية،‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬عرض‭ ‬الأفلام‭ ‬التي‭ ‬تحولت‭ ‬من‭ ‬رواياته‭ ‬على‭ ‬الشاشات‭ ‬وتم‭ ‬عرض‭ ‬أعمال‭ ‬الكاتب‭ ‬الأصلية‭ ‬والنسخ‭ ‬المترجمة‭ ‬إلى‭ ‬اللغة‭ ‬الصينية‭ ‬وكذلك‭ ‬الصور‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭. ‬

يهتمّ‭ ‬الصينيون‭ ‬بنجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬ورواياته‭ ‬منذ‭ ‬منتصف‭ ‬الخمسينيات‭ ‬للقرن‭ ‬العشرين‭. ‬أمّا‭ ‬قصصه‭ ‬فترجمت‭ ‬إلى‭ ‬اللغة‭ ‬الصينية‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬أوائل‭ ‬الثمّانينيات،‭ ‬وفي‭ ‬غضون‭ ‬العقود‭ ‬الثلاثة‭ ‬تقريبا‭ ‬تمت‭ ‬ترجمة‭ ‬معظم‭ ‬أعماله‭ ‬المهمة‭ ‬إلى‭ ‬الصينية،‭ ‬وقد‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬الأعمال‭ ‬المترجمة‭ ‬والمنشورة‭ ‬حوالي‭ ‬20‭ ‬مجلدًا،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬ثلث‭ ‬إبداعاته،‭ ‬ويعتبر‭ ‬هذا‭ ‬أكثر‭ ‬الأعمال‭ ‬المترجمة‭ ‬لكاتب‭ ‬عربي‭ ‬إلى‭ ‬اللغة‭ ‬الصينية‭. ‬ويمكن‭ ‬تقسيم‭ ‬ترجمة‭ ‬روايات‭ ‬محفوظ‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬إلى‭ ‬مرحلتين،‭ ‬ويعتبر‭ ‬عام‭ ‬1988‭ ‬عام‭ ‬فوزه‭ ‬بجائزة‭ ‬نوبل‭ ‬هو‭ ‬فاصل‭ ‬المرحلتين‭. ‬

 

أعماله‭ ‬قبل‭ ‬الفوز‭ ‬بجائزة‭ ‬نوبل

بدأ‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬كتابة‭ ‬القصة‭ ‬القصيرة‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الباكرة‭ ‬من‭ ‬إبداعاته‭ ‬الأدبية،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬أول‭ ‬ما‭ ‬نشره‭ ‬كان‭ ‬مجموعة‭ ‬اهمس‭ ‬الجنونب‭ ‬عام‭ ‬1938،‭ ‬ثم‭ ‬توالت‭ ‬مجموعاته‭ ‬القصصية‭ ‬حتى‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬15‭ ‬مجموعة،‭ ‬ولذا‭ ‬تمت‭ ‬الترجمة‭ ‬إلى‭ ‬الصينية‭ ‬ابتداء‭ ‬من‭ ‬قصصه‭ ‬القصيرة‭. ‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬1980‭ ‬نُقلت‭ ‬أولى‭ ‬أعمال‭ ‬محفوظ‭ ‬إلى‭ ‬اللغة‭ ‬الصينية،‭ ‬وكانت‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬قصتين‭ ‬قصيرتين‭ ‬له،‭ ‬هما‭ ‬االورقة‭ ‬المهلكةب‭ ‬وايقظة‭ ‬المومياءب‭ ‬ضمن‭ ‬مجموعته‭ ‬القصصية‭ ‬اهمس‭ ‬الجنونب‭ ‬المتكونة‭ ‬من‭ ‬28‭ ‬قصة‭ ‬قصيرة‭. ‬الأولى‭ ‬هي‭ ‬قصة‭ ‬واقعية‭ ‬تصور‭ ‬واقع‭ ‬مصر‭ ‬المرير‭ ‬والأخرى‭ ‬قصة‭ ‬تاريخية‭ ‬في‭ ‬العصر‭ ‬الفرعوني‭.‬

وفتحت‭ ‬القصتان‭ ‬المذكورتان‭ ‬أعلاه‭ ‬الباب‭ ‬على‭ ‬مصراعيه‭ ‬أمام‭ ‬الصينيين‭ ‬لترجمة‭ ‬أعمال‭ ‬محفوظ،‭ ‬وبعدها‭ ‬توالت‭ ‬ترجمات‭ ‬أعماله‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬دون‭ ‬توقف‭.‬

ففي‭ ‬عام‭ ‬1981‭ ‬نشرت‭ ‬مطبعة‭ ‬الشعب‭ ‬بمقاطعة‭ ‬جيانغسو‭ ‬ألبوما‭ ‬خاصا‭ ‬بالأدب‭ ‬العربي‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬االصعود‭ ‬إلى‭ ‬الهاويةب،‭ ‬وتضمن‭ ‬الألبوم‭ ‬عملين‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬محفوظ،‭ ‬أحدهما‭ ‬رواية‭ ‬االكرنكب‭ ‬والآخر‭ ‬قصة‭ ‬االجبّارب‭ ‬المختارة‭ ‬من‭ ‬مجموعته‭ ‬القصصية‭ ‬ادنيا‭ ‬اللهب‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬1983‭ ‬نشرت‭ ‬مطبعة‭ ‬أكاديمية‭ ‬العلوم‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الصينية‭ ‬امختارات‭ ‬قصص‭ ‬الأدب‭ ‬المصري‭ ‬المعاصرب،‭ ‬ومن‭ ‬ضمنها‭ ‬عمل‭ ‬لنجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬باسم‭ ‬اتحقيقب،‭ ‬اختير‭ ‬من‭ ‬مجموعته‭ ‬القصصية‭ ‬االجريمةب‭. ‬وفي‭ ‬العام‭ ‬نفسه‭ ‬نشرت‭ ‬قصة‭ ‬االلص‭ ‬والكلابب‭ ‬ضمن‭ ‬امختارات‭ ‬القصص‭ ‬القصيرة‭ ‬للأدب‭ ‬الإفريقي‭ ‬المعاصرب‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬1984،‭ ‬تُرجمت‭ ‬ونُشرت‭ ‬روايتان‭ ‬مهمتان‭ ‬لنجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬إلى‭ ‬اللغة‭ ‬الصـــينية،‭ ‬وهما‭ ‬املحمة‭ ‬الحرافيشب‭ ‬واثرثــــرة‭ ‬فـــــوق‭ ‬النــــيلب‭. ‬وتلتهما‭ ‬رواية‭ ‬ازقاق‭ ‬المدقب‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1985‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬1986‭ ‬تمت‭ ‬الترجمة‭ ‬والنشر‭ ‬لأشهر‭ ‬أعمال‭ ‬الأديب،‭ ‬ألا‭ ‬وهي‭ ‬ثلاثيته‭: ‬ابين‭ ‬القصرينب‭ ‬واقصر‭ ‬الشوقب‭ ‬واالسكريةب،‭ ‬حيث‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬الكلمات‭ ‬المترجمة‭ ‬مليونا‭ ‬ومائتي‭ ‬ألف‭ ‬كلمة‭. ‬وقد‭ ‬استند‭ ‬المترجمون‭ ‬الصينيون‭ ‬إلى‭ ‬الاعتبارات‭ ‬التالية‭ ‬في‭ ‬ترجمة‭ ‬ثلاثية‭ ‬نجيب‭: ‬

أولًا،‭ ‬قوة‭ ‬تأثير‭ ‬الرواية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭. ‬فثلاثية‭ ‬محفوظ‭ ‬دخلت‭ ‬بالرواية‭ ‬المصرية‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الإبداع،‭ ‬وأرست‭ ‬الأساس‭ ‬لمكانه‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬تطور‭ ‬الرواية‭ ‬العربية،‭ ‬وأصبح‭ ‬حامل‭ ‬لواء‭ ‬الرواية‭ ‬العربية‭ ‬الحديثة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬الرواية‭ ‬فازت‭ ‬بعديد‭ ‬من‭ ‬جوائز‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬وطُبعت‭ ‬منها‭ ‬عشرات‭ ‬الطبعات‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬وتُرجمت‭ ‬إلى‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الكتابات‭ ‬الأدبية‭ ‬الأجنبية‭ ‬وتحولت‭ ‬إلى‭ ‬أفلام‭ ‬سينمائية،‭ ‬فكان‭ ‬لها‭ ‬تأثير‭ ‬قوي‭ ‬بين‭ ‬الجماهير‭. ‬

ثانيًا،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬قد‭ ‬صُنف‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬رائد‭ ‬الرواية‭ ‬العربية‭ ‬ورغم‭ ‬أنه‭ ‬قدم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬40‭ ‬عملًا‭ ‬إبداعيًا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الأدب،‭ ‬فإن‭ ‬ثلاثيته‭ ‬التي‭ ‬نشرت‭ ‬منذ‭ ‬ثلاثين‭ ‬عامًا‭ ‬ظلت‭ ‬تتربع‭ ‬على‭ ‬عرش‭ ‬أعماله‭ ‬الروائية،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تعتبر‭ ‬علامة‭ ‬فارقة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الرواية‭ ‬العربية‭.‬

ثالثا،‭ ‬إن‭ ‬الثلاثية‭ ‬تصور‭ ‬جانبا‭ ‬من‭ ‬روح‭ ‬الإنسان‭ ‬المصري‭ ‬وعاداته‭ ‬وتقاليده،‭ ‬فلم‭ ‬تتجسد‭ ‬أهميته‭ ‬في‭ ‬تصوير‭ ‬مجال‭ ‬واسع‭ ‬من‭ ‬حياته‭ ‬الاجتماعية‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬تصوير‭ ‬دقيق‭ ‬لتفاصيل‭ ‬الحياة،‭ ‬مما‭ ‬وفر‭ ‬مادة‭ ‬غنية‭ ‬وحية‭ ‬للبحث‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬المجتمع‭ ‬المصري‭ ‬في‭ ‬النصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬وقدم‭ ‬صفحات‭ ‬عن‭ ‬الحياة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬المصرية‭ ‬جيلًا‭ ‬بعد‭ ‬جيل‭. ‬وقد‭ ‬نالت‭ ‬النسخة‭ ‬المترجمة‭ ‬للثلاثية‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬لاحقا‭ ‬الجائزة‭ ‬الثانية‭ ‬فيب‭ ‬قائمة‭ ‬جائزة‭ ‬الدولة‭ ‬التقديرية‭ ‬لأفضل‭ ‬الكتب‭ ‬الأدبية‭ ‬في‭ ‬دورتها‭ ‬الأولى‭ ‬عام‭ ‬1991ب‭. ‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬1986،‭ ‬صدرت‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬نسخة‭ ‬مترجمة‭ ‬من‭ ‬رواية‭ ‬مهمة‭ ‬هي‭ ‬اعبث‭ ‬الأقدارب‭ ‬التي‭ ‬أبدعها‭ ‬الكاتب‭ ‬على‭ ‬الخلفية‭ ‬التاريخية‭ ‬في‭ ‬العصور‭ ‬الفرعونية،‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬ثلاثية‭ ‬محفوظ‭ ‬التاريخية‭. ‬ولكن‭ ‬كانت‭ ‬النسخة‭ ‬المترجمة‭ ‬باسم‭ ‬االوصية‭ ‬الأخيرةب‭.‬

مما‭ ‬سبق‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬قد‭ ‬ترجمت‭ ‬ونشرت‭ ‬عددا‭ ‬غير‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬محفوظ‭ ‬قبل‭ ‬فوزه‭ ‬بجائزة‭ ‬نوبل،‭ ‬9‭ ‬من‭ ‬رواياته‭ ‬و4‭ ‬من‭ ‬قصصه‭ ‬القصيرة‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يختلف‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬الكتاب‭ ‬الحائزين‭ ‬على‭ ‬جائزة‭ ‬نوبل‭ ‬الذين‭ ‬ذاع‭ ‬صيتهم‭ ‬وتوالت‭ ‬الترجمات‭ ‬لأعمالهم‭ ‬بعد‭ ‬فوزهم‭ ‬بالجائزة،‭ ‬أما‭ ‬قبل‭ ‬فكاد‭ ‬لا‭ ‬يعرفهم‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬الصينيين‭. ‬وفي‭ ‬الواقع‭ ‬أن‭ ‬اختيار‭ ‬المترجمين‭ ‬الصينيين‭ ‬لأعمال‭ ‬محفوظ‭ ‬للدراسة‭ ‬والترجمة‭ ‬كان‭ ‬قائماعلى‭ ‬قواعد‭ ‬معينة‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬معينة‭. ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬يهتم‭ ‬به‭ ‬المترجمون‭ ‬الصينيون‭ ‬هو‭ ‬قوة‭ ‬تأثير‭ ‬محفوظ‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬وفي‭ ‬الساحة‭ ‬الأدبية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬وأسلوبه‭ ‬الواقعي‭ ‬في‭ ‬الإبداع‭ ‬وخصائصه‭ ‬الفنية‭ ‬الفريدة‭. ‬فكل‭ ‬هذه‭ ‬تلعب‭ ‬دورًا‭ ‬حاسمًا‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬المترجمين‭ ‬للنص‭. ‬

 

أعمال‭ ‬محفوظ‭ ‬بعد‭ ‬فوزه‭ ‬بجائزة‭ ‬نوبل‭ ‬

لا‭ ‬يُعدّ‭ ‬فوز‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬بجائزة‭ ‬نوبل‭ ‬للآداب‭ ‬في‭ ‬13‭ ‬أكتوبر‭ ‬عام‭ ‬1988‭ ‬شرفًا‭ ‬للأديب‭ ‬شخصيا‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬مجدا‭ ‬للشعب‭ ‬المصري‭ ‬وفخرًا‭ ‬لشعوب‭ ‬الشرق‭ ‬بأجمعها‭. ‬فإثر‭ ‬إعلان‭ ‬فوزه‭ ‬تهافتت‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الصينية‭ ‬على‭ ‬تغطية‭ ‬هذا‭ ‬الحدث‭ ‬الثقافي‭ ‬الكبير‭ ‬فورا،‭ ‬ونشرت‭ ‬الصحف‭ ‬الصينية‭ ‬المهمة‭ ‬مثل‭ ‬اصحيفة‭ ‬الشعب‭ ‬اليوميةب‭ ‬واصحيفة‭ ‬الفن‭ ‬والأدبب‭ ‬واصحيفة‭ ‬ونهويب،‭ ‬وكبريات‭ ‬المجلات‭ ‬مثل‭ ‬اجلوبالب‭ ‬واأويت‭ ‬لوكب‭ ‬واالعالم‭ ‬العربيب،‭ ‬والمجلات‭ ‬الأدبية‭ ‬مثل‭ ‬االأدب‭ ‬العالميب‭ ‬واالأدب‭ ‬الأجنبيب‭ ‬واجلوبال‭ ‬للأدبب‭.. ‬إلخ،‭ ‬كلها‭ ‬تناولت‭ ‬حياة‭ ‬محفوظ‭ ‬وكتاباته‭ ‬الأدبية‭. ‬وطبقًا‭ ‬للإحصاءات‭ ‬فقد‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬المقالات‭ ‬المنشورة‭ ‬عن‭ ‬الخبر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬26‭ ‬مقالة‭ ‬حينئذ‭. ‬

في‭ ‬عام‭ ‬1989‭ ‬وفي‭ ‬العدد‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬مجلة‭ ‬االأدب‭ ‬العالميب‭ ‬كانت‭ ‬صورة‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬تتصدر‭ ‬غلاف‭ ‬العدد،‭ ‬أما‭ ‬الغلاف‭ ‬الخلفي‭ ‬للمجلة‭ ‬فيحتوي‭ ‬على‭ ‬صورة‭ ‬أبي‭ ‬الهول‭ ‬وصورة‭ ‬الأهرامات‭ ‬المصرية‭. ‬ونشرت‭ ‬المجلة‭ ‬مقالة‭ ‬الناشر‭ ‬عن‭ ‬حياة‭ ‬محفوظ‭ ‬والكلمة‭ ‬التي‭ ‬ألقاها‭ ‬محفوظ‭ ‬أثناء‭ ‬مراسم‭ ‬تسلمه‭ ‬لجائزة‭ ‬نوبل،‭ ‬وعدة‭ ‬أحاديث‭ ‬للعلماء‭ ‬الصينيين‭ ‬أثناء‭ ‬لقائهم‭ ‬مع‭ ‬محفوظ،‭ ‬وتعليقات‭ ‬الباحثين‭ ‬الصينيين‭ ‬على‭ ‬أعماله،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬روايته‭ ‬اميرامارب‭ ‬المترجمة‭ ‬إلى‭ ‬الصينية‭. ‬ويمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬امجلة‭ ‬الأدب‭ ‬العالميب‭ ‬أصدرت‭ ‬عددًا‭ ‬خاصًا‭ ‬عن‭ ‬الحدث‭ ‬احترامًا‭ ‬وإجلالًا‭ ‬منها‭ ‬للأديب‭ ‬المصري‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭. ‬

لا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬فوز‭ ‬الكاتب‭ ‬بجائزة‭ ‬نوبل‭ ‬كان‭ ‬دافعا‭ ‬مهما‭ ‬وراء‭ ‬تزايد‭ ‬الاهتمام‭ ‬العالمي‭ ‬بأعمال‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬والإقبال‭ ‬على‭ ‬ترجمتها،‭ ‬وأصبحت‭ ‬الصين‭ ‬أيضا‭ ‬أكثر‭ ‬نشاطًا‭ ‬وفعالية‭ ‬إزاء‭ ‬ترجمات‭ ‬أعمال‭ ‬محفوظ‭ ‬وكثفتها،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬الثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬عقب‭ ‬فوزه‭ ‬بالجائزة‭. ‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬1989‭ ‬تمت‭ ‬ترجمة‭ ‬ونشر‭ ‬روايتين‭ ‬مهمتين‭ ‬للكاتب،‭ ‬إحداهما‭ ‬من‭ ‬رواياته‭ ‬التاريخية‭ ‬ارادوبيسب‭ ‬والأخرى‭ ‬من‭ ‬رواياته‭ ‬الواقعية‭ ‬ابداية‭ ‬ونهايةب،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬مختارات‭ ‬قصصية‭ ‬له‭ ‬وقصة‭ ‬امن‭ ‬مذكرات‭ ‬شابب‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬مجموعة‭ ‬اهمس‭ ‬الجنونب‭ ‬وقصة‭ ‬امندوب‭ ‬فوق‭ ‬العادةب‭ ‬المصنفة‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬ادنيا‭ ‬اللهب‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬1990‭ ‬ترجمت‭ ‬روايته‭ ‬المثيرة‭ ‬للجدل‭ ‬اأولاد‭ ‬حارتناب‭ ‬الى‭ ‬الصينية‭ ‬باسم‭ ‬احلم‭ ‬الأجيال‭ - ‬أولاد‭ ‬حارتناب‭. ‬وفي‭ ‬العام‭ ‬نفسه‭ ‬أعيدت‭ ‬ترجمة‭ ‬ونشر‭ ‬ابين‭ ‬القصرينب‭.‬

لا‭ ‬نبالغ‭ ‬إذا‭ ‬قلنا‭ ‬إن‭ ‬عام‭ ‬1991‭ ‬هو‭ ‬عام‭ ‬ترجمات‭ ‬أعمال‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ،‭ ‬حيث‭ ‬بلغ‭ ‬إجمالي‭ ‬ما‭ ‬تُرجم‭ ‬ونُشر‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬7‭ ‬روايات‭ ‬له،‭ ‬هي‭ ‬االقاهرة‭ ‬الجديدةب‭ ‬واحضرة‭ ‬المحترمب‭ ‬واليالي‭ ‬ألف‭ ‬ليلةب‭ ‬واالحب‭ ‬تحت‭ ‬المطرب‭ ‬وإعادة‭ ‬ترجمة‭ ‬ونشر‭ ‬املحمة‭ ‬الحرافيشب‭ ‬تحت‭ ‬اسم‭ ‬آخر‭ ‬اروح‭ ‬الشارعب‭ ‬وكذلك‭ ‬إعادة‭ ‬ترجمة‭ ‬اقصر‭ ‬الشوقب‭ ‬واالسكريةب‭.‬

وتواصلت‭ ‬الترجمات‭ ‬الصينية‭ ‬لأعمال‭ ‬الأديب‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬التالية‭. ‬صدرت‭ ‬بالتوالي‭ ‬رواية‭ ‬اكفاح‭ ‬طيبةب‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1992،‭ ‬وادنيا‭ ‬اللهب‭ ‬المجموعة‭ ‬القصصية‭ ‬المختارة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1993،‭ ‬واأصداء‭ ‬السيرة‭ ‬الذاتيةب‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2001،‭ ‬والترجمة‭ ‬الثالثة‭ ‬للثلاثية‭ ‬المسماة‭ ‬بـ‭ ‬امجموعات‭ ‬محفوظ‭ ‬الأدبية‭ (‬ثلاثية‭ ‬القاهرة‭)‬ب‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2003‭. ‬

وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬جميع‭ ‬الأعمال‭ ‬المترجمة‭ ‬أعلاه‭ ‬لنجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬رأينا‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬قد‭ ‬ترجمت‭ ‬كل‭ ‬الأعمال‭ ‬المهمة‭ ‬للكاتب‭ ‬إلى‭ ‬اللغة‭ ‬الصينية‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬التسعينيات،‭ ‬وأصبح‭ ‬محفوظ‭ ‬واحدًا‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الأدباء‭ ‬العرب‭ ‬المعاصرين‭ ‬وأكثرهم‭ ‬تأثيرًا‭ ‬في‭ ‬الصين‭.‬

لقد‭ ‬سلطت‭ ‬الترجمات‭ ‬الصينية‭ ‬ضوءا‭ ‬على‭ ‬الحياة‭ ‬الأدبية‭ ‬لمحفوظ،‭ ‬مما‭ ‬جعله‭ ‬هو‭ ‬وما‭ ‬يمثله‭ ‬من‭ ‬الأدب‭ ‬العربي‭ ‬ينمو،‭ ‬بل‭ ‬تضرب‭ ‬جذوره‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬الواسعة‭ ‬غير‭ ‬العربية‭. ‬لكننا‭ ‬إذا‭ ‬أمعنا‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬الترجمة،‭ ‬رأينا‭ ‬أن‭ ‬حركة‭ ‬الترجمة‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬مع‭ ‬نشاطها‭ ‬وحيويتها‭ ‬ذات‭ ‬سمات‭ ‬وخصائص‭ ‬تالية‭:‬

أولًا‭: ‬نظرًا‭ ‬لاختلاف‭ ‬فهم‭ ‬المترجمين‭ ‬لأعمال‭ ‬محفوظ‭ ‬واختلاف‭ ‬أهدافهم‭ ‬وراء‭ ‬تلك‭ ‬الترجمات‭ ‬حظيت‭ ‬اثلاثية‭ ‬القاهرةب‭ ‬بشعبية‭ ‬كبرى‭ ‬بين‭ ‬المترجمين،‭ ‬لذا‭ ‬ظهرت‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬الصينية‭ ‬ثلاث‭ ‬ترجمات‭ ‬مختلفة‭ ‬لها،‭ ‬والترجمة‭ ‬الأولى‭ ‬تم‭ ‬نشرها‭ ‬عام‭ ‬1986،‭ ‬أي‭ ‬قبل‭ ‬فوز‭ ‬الكاتب‭ ‬بالجائزة،‭ ‬ونشرت‭ ‬الترجمة‭ ‬الثانية‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬1990-1991،‭ ‬أما‭ ‬الثالثة‭ ‬ففي‭ ‬عام‭ ‬2003‭. ‬لا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الطبعات‭ ‬بينت‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬مدى‭ ‬تركيز‭ ‬واهتمام‭ ‬الصين‭ ‬بأديبنا‭ ‬الكبير،‭ ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬دلت‭ ‬على‭ ‬المكانة‭ ‬المرموقة‭ ‬التي‭ ‬ارتقى‭ ‬إليها‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الأدب‭ ‬العربي‭ ‬وتاريخ‭ ‬الأدب‭ ‬العالمي‭.‬

ثانيًا‭: ‬نالت‭ ‬رواية‭ ‬اأولاد‭ ‬حارتناب‭ ‬إعجاب‭ ‬المترجمين‭ ‬الصينيين‭ ‬ودور‭ ‬النشر‭ ‬الصينية‭ ‬فأقبلوا‭ ‬على‭ ‬ترجمتها‭ ‬ونشرها،‭ ‬فهي‭ ‬الرواية‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬ظهرت‭ ‬لها‭ ‬نسختان‭ ‬من‭ ‬الترجمة‭. ‬فقد‭ ‬تُرجمت‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬إلى‭ ‬الصينية‭ ‬تحت‭ ‬اسم‭ ‬احلم‭ ‬الأجيال‭ ‬ذ‭ ‬أولاد‭ ‬حارتناب‭ ‬عام‭ ‬1990‭ ‬وصُنفت‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬من‭ ‬اسلسلة‭ ‬روائع‭ ‬الأدب‭ ‬الأجنبي‭ ‬المثير‭ ‬للجدلب‭. ‬وأعيدت‭ ‬ترجمتها‭ ‬عام‭ ‬1991‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬اروح‭ ‬الشارعب‭ ‬ضمن‭ ‬اسلسلة‭ ‬كتب‭ ‬الفائزين‭ ‬بجائزة‭ ‬نوبلب‭. ‬

وقد‭ ‬لقيت‭ ‬النسخة‭ ‬الثانية‭ ‬للترجمة‭ ‬إقبالا‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬القراء‭ ‬الصينيين،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬المترجم‭ ‬قد‭ ‬ارتبط‭ ‬مع‭ ‬محفوظ‭ ‬بصداقة‭ ‬شخصية‭ ‬فالتقى‭ ‬به‭ ‬شخصيا‭ ‬وأرفق‭ ‬مع‭ ‬ترجمتها‭ ‬ملحقات‭ ‬مهمة‭ ‬،مثل‭ ‬اكلمة‭ ‬منح‭ ‬الجائزة‭ ‬من‭ ‬اللجنةب‭ ‬واكلمة‭ ‬تسلم‭ ‬الجائزة‭ ‬للكاتبب،‭ ‬واحياة‭ ‬الكاتب‭ ‬ومسيرته‭ ‬الأدبيةب‭.. ‬إلخ،‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬هذه‭ ‬النسخة‭ ‬المترجمة‭ ‬تظهر‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬أكمل،‭ ‬وأكسبها‭ ‬قيمة‭ ‬تاريخية‭ ‬عظيمة،‭ ‬وجعلها‭ ‬مادة‭ ‬ثرية‭ ‬للباحثين‭. ‬

ويمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬الترجمات‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ما‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬قيمة‭ ‬مرجعية‭ ‬كبيرة‭ ‬ساعدت‭ ‬القراء‭ ‬الصينيين‭ ‬على‭ ‬فهم‭ ‬أعمق‭ ‬لوجهات‭ ‬نظر‭ ‬الكاتب‭ ‬الدينية‭ ‬والتاريخية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وعلى‭ ‬تذوق‭ ‬أسلوبه‭ ‬الفريد‭ ‬في‭ ‬سرد‭ ‬مشكلات‭ ‬مجتمعه،‭ ‬وطريقته‭ ‬المتميزة‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬الرمز‭ ‬في‭ ‬تجسيد‭ ‬شخصياته‭ ‬والجمع‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬فن‭ ‬الكتابة‭. ‬

ثالثًا‭: ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬فمن‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬الفوائد‭ ‬الاقتصادية‭ ‬استخدم‭ ‬بائعو‭ ‬الكتب‭ ‬شتى‭ ‬الحيل‭ ‬لتحقيق‭ ‬المصلحة‭ ‬المادية،‭ ‬منها‭ ‬تغيير‭ ‬عنوان‭ ‬الرواية‭ ‬وتبديله‭ ‬باسم‭ ‬أكثر‭ ‬انتقائية‭ ‬وجاذبية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬جذب‭ ‬انتباه‭ ‬القراء‭. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬ترجمت‭ ‬اعبث‭ ‬الأقدارب‭ ‬رواية‭ ‬من‭ ‬روايات‭ ‬الثلاثية‭ ‬التاريخية‭ ‬للكاتب‭ ‬تحت‭ ‬اسم‭ ‬االوصية‭ ‬الأخيرةب‭ ‬وترجمت‭ ‬الرواية‭ ‬الأخرى‭ ‬منها‭ ‬ارادوبيسب‭ ‬باسم‭ ‬االمومس‭ ‬والفرعونب،‭ ‬حتى‭ ‬ألصقت‭ ‬بصور‭ ‬تتناسب‭ ‬وهذا‭ ‬الاسم‭ ‬على‭ ‬غلاف‭ ‬الكتاب،‭ ‬وظهرت‭ ‬عليه‭ ‬كلمة‭ ‬الكتاب‭ ‬المحظور‭. ‬

وفي‭ ‬الواقع‭ ‬أن‭ ‬الرواية‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬أبدًا‭ ‬مدرجة‭ ‬ضمن‭ ‬الكتب‭ ‬المحظورة،‭ ‬وأن‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬تجار‭ ‬الكتب‭ ‬جاءت‭ ‬عواقبه‭ ‬وتأثيراته‭ ‬سيئة‭ ‬جدا،‭ ‬فلم‭ ‬تؤد‭ ‬فحسب‭ ‬إلى‭ ‬تشويه‭ ‬صورة‭ ‬الكاتب‭ ‬وأعماله،‭ ‬بل‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬تضليل‭ ‬القراء‭ ‬الصينيين‭ ‬أيضًا‭.‬

ومن‭ ‬أجل‭ ‬إصلاح‭ ‬الوضع،‭ ‬أعادت‭ ‬ادار‭ ‬نشر‭ ‬شنغهاي‭ ‬للترجمات‭ ‬الأدبيةب‭ ‬طباعة‭ ‬ونشر‭ ‬الثلاثية‭ ‬التاريخية‭ ‬لمحفوظ‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬كاملة‭ ‬طبقا‭ ‬للنسخة‭ ‬الأصلية‭ ‬عام‭ ‬1998‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬تغيير‭ ‬أو‭ ‬تلفيق‭. ‬وقد‭ ‬أشار‭ ‬المترجم‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬الكتاب‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الكاتب‭ ‬في‭ ‬ثلاثيته‭ ‬التاريخية‭ ‬شدد‭ ‬على‭ ‬اتعزيز‭ ‬الثقة‭ ‬بالوطن‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬سيطرة‭ ‬القوى‭ ‬الغربية‭ ‬وتحقيق‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬والاعتماد‭ ‬على‭ ‬الذات،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬الهدف‭ ‬المرجو‭ ‬من‭ ‬الكفاحب‭. ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أظهر‭ ‬بوضوح‭ ‬عزم‭ ‬الصين‭ ‬على‭ ‬الإصلاح‭ ‬الجذري‭ ‬لفوضى‭ ‬الترجمة‭ ‬والطباعة‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬الصينية‭. ‬

رابعًا‭: ‬بالتركيز‭ ‬على‭ ‬المجموعات‭ ‬القصصية‭ ‬القصيرة‭ ‬للكاتب،‭ ‬تم‭ ‬نشر‭ ‬مجموعتين‭ ‬مختارتين‭ ‬لمحفوظ‭ ‬خلال‭ ‬أربع‭ ‬سنوات،‭ ‬إحداهما‭ ‬امختارات‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬القصصية‭ ‬القصيرةب‭ ‬الصادرة‭ ‬عام‭ ‬1989‭. ‬وتحتوي‭ ‬هذه‭ ‬المجموعة‭ ‬المترجمة‭ ‬على‭ ‬25‭ ‬قصة‭ ‬تم‭ ‬اختيارها‭ ‬من‭ ‬11‭ ‬مجموعة‭ ‬قصصية‭ ‬مما‭ ‬أصدرها‭ ‬محفوظ‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬تاريخ‭ ‬كتابته‭ ‬للقصة‭ ‬القصيرة،‭ ‬متراوحة‭ ‬بين‭ ‬القصص‭ ‬الاجتماعية‭ ‬واللامعقولة‭ ‬والرمزية،‭ ‬ومنها‭ ‬قصتا‭ ‬اثمن‭ ‬السعادةب‭ ‬واهمس‭ ‬الجنونب‭ ‬المأخوذتان‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬اهمس‭ ‬الجنونب،‭ ‬ومنها‭ ‬ادنيا‭ ‬اللهب‭ ‬واضد‭ ‬مجهولب‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬ادنيا‭ ‬اللهب،‭ ‬وابيت‭ ‬سيئ‭ ‬السمعةب‭ ‬واقبيل‭ ‬الرحيلب‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬ابيت‭ ‬سيئ‭ ‬السمعةب،‭ ‬ومنها‭ ‬اشهرزادب‭ ‬واخمارة‭ ‬القط‭ ‬الأسودب‭ ‬واصورةب‭ ‬واالرجل‭ ‬السعيدب‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬اخمارة‭ ‬القط‭ ‬الأسودب،‭ ‬وكذلك‭ ‬اتحت‭ ‬المظلةب‭ ‬واالظلامب‭ ‬واالوجه‭ ‬الآخرب‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬اتحت‭ ‬المظلةب،‭ ‬واالرجل‭ ‬الذي‭ ‬فقد‭ ‬ذاكرته‭ ‬مرتينب‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬احكاية‭ ‬بلا‭ ‬بداية‭ ‬وبلا‭ ‬نهايةب،‭ ‬وافنجان‭ ‬شايب‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬اشهر‭ ‬العسلب،‭ ‬واالجريمةب‭ ‬واالعريسب‭ ‬واالحجرة‭ ‬رقم‭ ‬12ب‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬االجريمةب،‭ ‬واصاحب‭ ‬الصورةب‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬االحب‭ ‬فوق‭ ‬هضبة‭ ‬الهرمب،‭ ‬واالحب‭ ‬والقناعب‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬االشيطان‭ ‬يعظب،‭ ‬ومنها‭ ‬االتنظيم‭ ‬السرّيب‭ ‬واقاتل‭ ‬قديمب‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬االتنظيم‭ ‬السرّيب‭. ‬

وكانت‭ ‬معظم‭ ‬هذه‭ ‬القصص‭ ‬من‭ ‬القصص‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬تتجلى‭ ‬فيها‭ ‬الطرق‭ ‬السردية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عناصر‭ ‬متعددة‭. ‬أمّا‭ ‬مترجموها‭ ‬فهم‭ ‬مثقفون‭ ‬مشهورون‭ ‬في‭ ‬الأوساط‭ ‬الأدبية‭ ‬في‭ ‬الصين،‭ ‬فقد‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬الترجمة‭ ‬كبار‭ ‬مترجمي‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الصينية‭ ‬وأساتذة‭ ‬الجامعات‭ ‬الصينية‭ ‬وبلغ‭ ‬عددهم‭ ‬تسعة‭. ‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬1993‭ ‬ترجمت‭ ‬مجمــــوعة‭ ‬قصــــصية‭ ‬مختارة‭ ‬أخرى‭ ‬بعنوان‭ ‬ادنيا‭ ‬اللهب‭ ‬المتكـــونة‭ ‬من‭ ‬17‭ ‬قصة‭ ‬مأخوذة‭ ‬من‭ ‬4‭ ‬مجموعات‭ ‬لمحفوظ،‭ ‬منها‭ ‬13‭ ‬قصة‭ ‬مأخوذة‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬ادنيا‭ ‬اللهب،‭ ‬وهي‭ ‬ادنيا‭ ‬اللهب‭ ‬واالجبّارب‭ ‬وامندوب‭ ‬فوق‭ ‬العادةب‭ ‬وازعبلاويب‭ ‬واصـــورة‭ ‬قديمــــــةب‭ ‬واهنظل‭ ‬والعسكريب‭ ‬واموعدب‭ ‬واالجامع‭ ‬في‭ ‬الدربب‭ ‬وازيـــنةب‭ ‬واقاتــلب‭ ‬واضد‭ ‬مجهولب‭ ‬واجوار‭ ‬اللهب‭ ‬واكلمة‭ ‬في‭ ‬الليلب‭. ‬أمّا‭ ‬باقي‭ ‬القصص،‭ ‬فمن‭ ‬مجموعات‭ ‬مختلـــفة،‭ ‬فقصــــتا‭ ‬االعري‭ ‬والغضبب‭ ‬واالمقابلة‭ ‬الساميةب‭ ‬مأخوذتان‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬االجريمةب،‭ ‬وقصة‭ ‬اصاحب‭ ‬الصورةب‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬االحب‭ ‬فوق‭ ‬هضبة‭ ‬الهرمب،‭ ‬وقـــصة‭ ‬اشهر‭ ‬العسلب‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬اشهر‭ ‬العسلب‭. ‬

على‭ ‬كل‭ ‬حال،‭ ‬فإن‭ ‬الترجمات‭ ‬الصينية‭ ‬لأعمال‭ ‬محفوظ‭ ‬لا‭ ‬تعكس‭ ‬أفكار‭ ‬الكاتب‭ ‬وخصائصه‭ ‬الفنية‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬وفرت‭ ‬للقراء‭ ‬الصينيين‭ ‬نافذة‭ ‬للمزيد‭ ‬من‭ ‬الفهم‭ ‬لهذا‭ ‬الأديب‭ ‬النابغة‭ ‬العملاق‭.‬

 

نجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬وعلاقته‭ ‬بالصين

إنّ‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬مع‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬تطأ‭ ‬قدماه‭ ‬أرض‭ ‬الصين،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬صداقة‭ ‬عريقة‭ ‬ربطت‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬الصين‭.‬

فمنذ‭ ‬أوائل‭ ‬الثمانينيات،‭ ‬قبل‭ ‬محفوظ‭ ‬مقابلة‭ ‬حصرية‭ ‬أقامها‭ ‬معه‭ ‬المترجم‭ ‬الصيني‭ ‬كوان‭ ‬تشينج،‭ ‬الذي‭ ‬اعتبر‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬ترجم‭ ‬ثلاثية‭ ‬محفوظ‭ ‬إلى‭ ‬الصينية‭ ‬في‭ ‬مكتبه‭ ‬بجريدة‭ ‬االأهرامب‭ ‬8‭ ‬مارس‭ ‬1984،‭ ‬حيث‭ ‬ذكر‭ ‬محفوظ‭ ‬أنه‭ ‬قرأ‭ ‬حوارات‭ ‬كونفوشيوس‭ ‬ورواية‭ ‬اجَمَل‭ ‬شيانغ‭ ‬تسيب‭ ‬للكاتب‭ ‬الصيني‭ ‬لاو‭ ‬شه،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬إنشائه‭ ‬الأدبي‭. ‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬1986‭ ‬أصدرت‭ ‬ادار‭ ‬نشر‭ ‬الشعب‭ ‬بهونانب‭ ‬إصدارها‭ ‬الأول‭ ‬لترجمة‭ ‬أول‭ ‬رواية‭ ‬من‭ ‬ثلاثية‭ ‬القاهرة‭ ‬ابين‭ ‬القصرينب‭ ‬وأرفقت‭ ‬في‭ ‬الصفحة‭ ‬الأولى‭ ‬صورة‭ ‬محفوظ‭ ‬مع‭ ‬كلمة‭ ‬الكاتب‭ ‬ذات‭ ‬عنوان‭ ‬اإلى‭ ‬القراء‭ ‬الصينيينب‭ ‬بخط‭ ‬يده‭ ‬مع‭ ‬ترجمة‭ ‬صينية،‭ ‬مطعمة‭ ‬بتوقيعه‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬7‭ ‬ديسمبر‭ ‬1984‭.‬

‭ ‬فذلك‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬مدى‭ ‬عمق‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الكاتب‭ ‬والصين‭: ‬اإنه‭ ‬لأمر‭ ‬مثير‭ ‬أن‭ ‬تترجم‭ ‬الثلاثية‭ ‬إلى‭ ‬الصينية‭. ‬مصر‭ ‬والصين‭ ‬من‭ ‬أقدم‭ ‬بلاد‭ ‬الدنيا،‭ ‬ونشأت‭ ‬الحضارتان‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬واحد‭ ‬تقريبا،‭ ‬وها‭ ‬هو‭ ‬حوار‭ ‬يقوم‭ ‬بينهما‭ ‬بعد‭ ‬انقضاء‭ ‬آلاف‭ ‬السنين‭. ‬ولعل‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬بالنسبة‭ ‬للأخرى‭ ‬مثل‭ ‬قرية‭ ‬صغيرة‭ ‬بالقياس‭ ‬إلى‭ ‬قارة‭ ‬كبيرة‭. ‬وهي‭ ‬فرصة‭ ‬جميلة‭ ‬لتلاقي‭ ‬العقول‭ ‬وتبادل‭ ‬الآراء‭ ‬ولكن‭ ‬بيننا‭ ‬أشياء‭ ‬كثيرة‭ ‬متفقة‭ ‬رغم‭ ‬البعد‭ ‬في‭ ‬المسافات‭ ‬والفارق‭ ‬في‭ ‬الحجم،‭ ‬إنّني‭ ‬حقّا‭ ‬سعيد‭ ‬بهذه‭ ‬الترجمة،‭ ‬وأدين‭ ‬بالشكر‭ ‬لمن‭ ‬تفضلوا‭ ‬ببذل‭ ‬الجهد‭ ‬في‭ ‬تنفيذها،‭ ‬وأرجو‭ ‬أن‭ ‬يتواصل‭ ‬هذا‭ ‬التبادل‭ ‬الثقافي‭ ‬بيننا‭ ‬دون‭ ‬توقف‭ ‬وأن‭ ‬يحتل‭ ‬أيضا‭ ‬الأدب‭ ‬الصيني‭ ‬المعاصر‭ ‬مكانه‭ ‬في‭ ‬مكتبتنا‭ ‬ليتم‭ ‬التعارف‭ ‬على‭ ‬خير‭ ‬وجهب‭.‬

وفي‭ ‬العدد‭ ‬الأول‭ ‬لـ‭ ‬امجلة‭ ‬طلبة‭ ‬المدرسة‭ ‬الإعداديةب‭ ‬التي‭ ‬صدرت‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1990‭ ‬نشرت‭ ‬نص‭ ‬مقابلة‭ ‬صحفية‭ ‬أجراها‭ ‬معه‭ ‬مراسل‭ ‬خاص‭ ‬لهذه‭ ‬المجلة‭ ‬في‭ ‬15‭ ‬أغسطس‭ ‬1989‭ ‬في‭ ‬القاهرة،‭ ‬حيث‭ ‬رد‭ ‬محفوظ‭ ‬على‭ ‬أربعة‭ ‬أسئلة‭ ‬حول‭ ‬الكتب‭ ‬التي‭ ‬قرأها‭ ‬وتأثيرها‭ ‬على‭ ‬حياته،‭ ‬وعادته‭ ‬في‭ ‬القراءة،‭ ‬والكتاب‭ ‬الأكثر‭ ‬تأثيرًا‭ ‬في‭ ‬أفكاره‭ ‬أثناء‭ ‬فترة‭ ‬الصبا‭ ‬والشباب،‭ ‬والآمال‭ ‬المقترحة‭ ‬منه‭ ‬لطلاب‭ ‬المرحلة‭ ‬الإعدادية‭ ‬المعاصرة‭ ‬في‭ ‬الصين‭. ‬ونشرت‭ ‬فيها‭ ‬كلمة‭ ‬محفوظ‭ ‬بخط‭ ‬يده‭ ‬مع‭ ‬ترجمة‭ ‬صينية‭ ‬اتحية‭ ‬إلى‭ ‬الشباب‭ ‬الصينيين،‭ ‬وأرجو‭ ‬لكم‭ ‬حياة‭ ‬غنية‭ ‬بالمعرفة‭ ‬الشاملة‭ ‬والعمل‭ ‬المفيد‭ ‬وأن‭ ‬يقوموا‭ ‬بالواجب‭ ‬الإنساني‭ ‬نحو‭ ‬الأمة‭ ‬العزيزة‭ ‬والإنسانية‭ ‬كلهاب‭.‬

وذكر‭ ‬المستشرق‭ ‬والمترجم‭ ‬المشهور‭ ‬الصيني‭ ‬تشونغ‭ ‬جي‭ ‬كون‭ ‬رئيس‭ ‬الجمعية‭ ‬الصينية‭ ‬للأدب‭ ‬العربي‭ ‬والأستاذ‭ ‬السابق‭ ‬بكلية‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬بجامعة‭ ‬بكين‭ ‬والحاصل‭ ‬على‭ ‬جائزة‭ ‬اشخصية‭ ‬العام‭ ‬الثقافيةب‭ ‬من‭ ‬الأمانة‭ ‬العامة‭ ‬لجائزة‭ ‬الشيخ‭ ‬زايد‭ ‬للكتاب،‭ ‬وجائزة‭ ‬خادم‭ ‬الحرمين‭ ‬الشريفين‭ ‬العالمية‭ ‬للترجمة،‭ ‬وجائزة‭ ‬كرسي‭ ‬السلطان‭ ‬قابوس‭ ‬للدراسات‭ ‬العربية،‭ ‬ذكر‭ ‬أنه‭ ‬التقى‭ ‬بالأديب‭ ‬الكبير‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬عند‭ ‬زيارته‭ ‬لمصر‭ ‬مع‭ ‬وفد‭ ‬صيني‭ ‬عقب‭ ‬حصوله‭ ‬على‭ ‬نوبل،‭ ‬وسأله‭ ‬عن‭ ‬معرفة‭ ‬الأديب‭ ‬بالثقافة‭ ‬الصينية‭ ‬فأجابه‭ ‬محفوظ‭ ‬بأنه‭ ‬مطلع‭ ‬عليها‭ ‬وقرأ‭ ‬حوارات‭ ‬كونفوشيوس‭ ‬ورواية‭ ‬اجَمَل‭ ‬شيانغ‭ ‬تسيب‭ ‬للكاتب‭ ‬الصيني‭ ‬لاو‭ ‬شه،‭ ‬بل‭ ‬تأثر‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬أعماله‭ ‬الأدبية،‭ ‬موضحا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الكلمات‭ ‬أشعرته‭ ‬بسعادة‭ ‬كبيرة‭.‬

وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬عقدت‭ ‬الجمعية‭ ‬الصينية‭ ‬للأدب‭ ‬العربي‭ ‬اجتماعها‭ ‬السنوي‭ ‬في‭ ‬صيف‭ ‬عام‭ ‬1986،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬موضوعات‭ ‬الندوة‭ ‬موضوع‭ ‬خاص‭ ‬لنجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬وأعماله‭ ‬الأدبية،‭ ‬حيث‭ ‬تنبأ‭ ‬الباحثون‭ ‬والمترجمون‭ ‬الصينيون‭ ‬للأدب‭ ‬العربي‭ ‬بحصول‭ ‬محفوظ‭ ‬على‭ ‬جائزة‭ ‬نوبل‭ ‬قبل‭ ‬منحها‭ ‬له‭ ‬بعامين‭. ‬وذلك‭ ‬إن‭ ‬دل‭ ‬على‭ ‬شيء‭ ‬فإنما‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬اهتمام‭ ‬العلماء‭ ‬الصينيين‭ ‬وتقديرهم‭ ‬العالي‭ ‬لهذا‭ ‬الأديب‭ ‬العظيم‭.‬

ولم‭ ‬يمض‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬إلا‭ ‬عامان،‭ ‬نال‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬جائزة‭ ‬نوبل‭ ‬للآداب‭ ‬ذات‭ ‬التأثيرات‭ ‬الواسعة‭ ‬عالميا‭ ‬كونه‭ ‬شرقيا،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬شجع‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬الأدباء‭ ‬الصينيين‭ ‬على‭ ‬الحلم‭ ‬بالفوز‭ ‬بهذه‭ ‬الجائزة‭. ‬كما‭ ‬قال‭ ‬الكاتب‭ ‬والناقد‭ ‬الصيني‭ ‬المشهور‭ ‬ليو‭ ‬زاي‭ ‬فو‭ ‬في‭ ‬مقالته‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬عنوان‭ ‬انجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬ليس‭ ‬لمصر‭ ‬فقطب‭: ‬إنه‭ ‬اشخصية‭ ‬أقرب‭ ‬إلينا‭ ‬من‭ ‬غيره،‭ ‬وإنَّ‭ ‬الواقع‭ ‬الذي‭ ‬تعكسه‭ ‬أعماله‭ ‬سهل‭ ‬الفهم‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلينا‭ ‬نحن‭ ‬الصينيينب‭.‬

وقال‭ ‬الروائي‭ ‬الصيني‭ ‬البارز‭ ‬مو‭ ‬يان،‭ ‬أول‭ ‬صيني‭ ‬منح‭ ‬جائزة‭ ‬نوبل‭ ‬لعام‭ ‬2012،‭ ‬إنه‭ ‬يتذكر‭ ‬أديب‭ ‬مصر‭ ‬والعرب‭ ‬الراحل‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬وقت‭ ‬تسلمه‭ ‬الجائزة،‭ ‬وإنه‭ ‬قرأ‭ ‬رواية‭ ‬اأولاد‭ ‬حارتناب‭. ‬كما‭ ‬يفسر‭ ‬الباحثون‭ ‬الصينيون‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬يتذكر‭ ‬الأديب‭ ‬الصيني‭ ‬مو‭ ‬يان‭ ‬أحد‭ ‬أعمدة‭ ‬الأدب‭ ‬العربي‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬تحديدا،‭ ‬خاصة‭ ‬لما‭ ‬يجمع‭ ‬بينهما‭ ‬من‭ ‬خصائص‭ ‬متشابهة،‭ ‬فكلاهما‭ ‬روائي‭ ‬شرقي‭ ‬حاز‭ ‬شرف‭ ‬الفوز‭ ‬بجائزة‭ ‬نوبل‭ ‬في‭ ‬الأدب،‭ ‬كما‭ ‬أنهما‭ ‬يمثلان‭ ‬حضارتين‭ ‬عريقتين‭ ‬تربط‭ ‬بينهما‭ ‬علاقات‭ ‬قوية‭ ‬منذ‭ ‬قديم‭ ‬الأزل،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬قدر‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬التشابه‭ ‬في‭ ‬مزاج‭ ‬الأديبين،‭ ‬وفي‭ ‬كتاباتهما‭ ‬وأعمالهما‭ ‬الروائية‭.‬

‭ ‬حقا‭ ‬إن‭ ‬أسلــــوب‭ ‬قصص‭ ‬محـــفوظ‭ ‬يتنـــــاسب‭ ‬مع‭ ‬المجتمع‭ ‬الصيني‭ ‬ويتفق‭ ‬مع‭ ‬ذوق‭ ‬القراء‭ ‬الصينيين‭ ‬فيتلقى‭ ‬صدى‭ ‬عندهم‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أعماله‭ ‬تلعب‭ ‬دورا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬التنوير‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وتفي‭ ‬بتطلعات‭ ‬الثقافة‭ ‬التقليدية‭ ‬الصينية‭.