الأزمات الكويتية – العراقية (1922 - 1961) الدول المجاورة وموقفها من ادعاءت العراق بالكويت
الكتاب الذي نتناوله بالشرح والتحليل يحمل عنوان االأزمات الكويتية ذ العراقيةب (1922- 1961) للمؤلف فالح فهد الدوسري، والصادر أخيرًا عن مركز البحوث والدراسات الكويتية، يتناول فيه أهم الأزمات التي أشعلها العراق خلال أربعة عقود من القرن الماضي، كانت من أكثرها خطورة هي جريمة احتلال الكويت في أغسطس 1990، والتي انتهت بحرب تحرير الكويت في فبراير 1991 واحتلال العراق وسقوط نظام صدام حسين عام 2003 من خلال التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، لكن الكتاب لا يبحث في هذه الكارثة وإنما يتطرق إلى أحداث سبقت هذا الاحتلال بأكثر من 40 عامًا، حيث بدأ أولها عام 1939 بادعاءات الملك غازي الأول، ثم الرئيس العراقي الأسبق عبدالكريم قاسم عام 1961، وهما أزمتان أعلن فيهما العراق صراحة توجهه في ضم الكويت إليه بدعوى الحق التاريخي.
بالإضافة للتمهيد والمقـــــدمة، الكتــاب يحتوي على خمسة فصول وخاتمة وعدد من الملاحق التي تحتوي على خرائط تاريخية للمنطقة.
يقول المؤلف فالح الدوسري: لقد سادت في فترة العشرينيات من القرن الماضي علاقات طيبة بين الكويت والعراق حين صادف تولي الملك فيصل الأول عرش العراق، في السنة ذاتها التي تولى فيها الشيخ أحمد الجابر الصباح حكم الكويت، فقامت صداقة متينة بين الحاكمين، كما استقرت مسألة الحدود بين البلدين بعد توقيع اتفاقية االعقيرب، والتي عقدت نظرًا لفشل اتفاقية االمحمرةب، كما تمت تسوية بعض المسائل العالقة، حيث تم تعيين الحدود الفاصلة بين الكويت والعراق من خلال المذكرات المتبادلة بين رئيس وزراء العراق آنذاك نوري السعيد وحاكم الكويت الشيخ أحمد الجابر الصباح.
وفي ثلاثينيات هذا القـــــرن توتــرت العلاقات الكويتية - العراقية مع مطالبة الصحف العراقية وكذلك بعض الأحزاب السياسية وعلى رأسها حزب االإخاءب الذي يتزعمه ياسين الهاشمي بضم الكويت، ووصل التوتر في السنوات الأخـــيرة من عهد الملك غازي عندما طالب صراحة بضم الكويت للعراق.
وعلى إثر إلغاء بريطانيا لاتفاقية الحماية 1899م في 19 يوليو 1961م، وإعلانها استقلال الكويت، أعلن رئيس وزراء العراق االزعيم الأوحدب عبد الكريم قاسم أن استقلال الكويت استقلال مزعوم، ومن ثم طالب بضم الكويت للعراق علـــــى أســــاس أنها مقاطعة تابعة للبصرة، وتأزم الموقف في ما عرف بـاأزمة 1961مب.
ويتتبع هذا الكتاب أزمات الحدود بين الكويت والعراق وتحديدًا منذ تعيين الحدود بين البلدين عام 1922م في مؤتمر العقير، ثم يتطرق إلى بعض المشكلات التي أثرت في علاقتهما معًا، كمشكلة إعفاء أملاك آل الصباح الموجودة في البصرة من الضرائب، ومشكلة التهريب من الكويت إلى العراق، وكذلك مشكلة ندرة مياه الشرب في الكويت والتفكير في نقلها بالسفن من شط العرب، بالإضافة إلى مشكلة مد خط سكة حديد إلى الكويت وإنشاء ميناء عراقي على الخليج العربي، ثم أزمة العلاقات 1933 -1939م، والتي انتهت بدعوة الملك غازي بن فيصل لضم الكويت، ثم مطالبة عبد الكريم قاسم بالكويت اأزمة 1961مب، على اعتبار أن الكويت قضاء يتبع ولاية البصرة.
التساؤلات الجوهرية
الكتاب يفصل ويحلل ويعالج أزمات الحدود بين الكويت والعراق خلال ما يقارب أربعة عقود من الزمن، شاهدًا بذلك على تطورات عديدة طالت مسألة تعيين الحدود بين الكويت والعراق.
كما يهدف الكتاب إلى الإجابة عن عدة تساؤلات جوهرية بشأن أزمات الحدود بين الكويت والعراق، تتمثل في:
1- هل هناك مشكلة حقيقية في ترسيم الحدود بين الكويت والعراق؟
2- ما حقيقة الحقوق التاريخية للعراق في الكويت؟
3- ما الأسباب الحقيقية وراء سعي الحكومات المتتالية لضم الكويت؟
4- كيف تطورت أزمات الحدود بين الكويت والعراق؟
5- ما مواقف الدول المجاورة تجاه مشكلة الحدود الكويتية - العراقية؟
6- ما النتائج التي تمخضت عن مشكلة الحدود الكويتية - العراقية؟
وقد اعتمد الكتاب على منهج البحث التاريخي، والذي يعد الركيزة الأساسية لعلم التاريخ، خاصة أن العمل ينطلق من منطلق تاريخي ويقوم المنهج التاريخي على أسس وثوابت تهدف إلى الوصول للحقيقة التاريخية من خلال التحري والدقة في جمع المادة العلمية والترفع عن الميل والهوى والتزام الموضوعية في التحليل.
ويعد هذا الكتاب بمنزلة دراسة تاريخية لأزمات تعيين الحدود الكويتية - العراقية خلال الفترة من عام 1922م حتى 1961م، ويرجع تحديد البداية بعام 1922م وتحديدًا في شهر ديسمبر عام 1922م لتوقيع معاهدة العقير بين مندوبين عن نجد والعراق والكويت بإشراف بريطانيا، وذلك لتسوية مشكلات الحدود بين الكويت والعراق ونجد، على إثر هذه المعاهدة والتي عرفت بـااتفاقية العقير عام 1922مب استقرت مسألة الحدود الكويتية - العراقية النجدية، وتعد اتفاقية االعقيرب الوثيقة الرسمية التي رسمت حدود الكويت مع نجد والعراق.
وقد اختير عام 1961م نهاية لهذا الكتاب، نظرًا لكونه يعد فاصلًا زمنيًا مهما سواء في جانب الكويت ذاتها أو في جانب العراق، فبالنسبة للكويت تم إعلان استقلالها في 19 يونيو 1961م، وعلى إثر ذلك عقد عبدالكريم قاسم مؤتمرًا صحفيًا في وزارة الدفاع العراقية ببغداد هاجم فيه الكويت وطالب صراحة بضمها للعراق، زاعما أنها مقاطعة تابعة للبصرة، وأنها تشكل جزءًا متكاملًا مع العراق، وأخذ يردد عبارة االحقوقب التاريخية للعراق بالكويت، لكن الكويت استطاعت أن تستكمل استقلالها واعتراف العديد من الدول على إثر إلغاء اتفاقية الحماية مع بريطـــــانيا والموقعــة في يناير 1899 إيذانا بإعلان الاستقلال والانطلاق نحو التقدم والبناء، وأصبحت الكويت منذ هذا التاريخ دولة عربية مستقلة ذات سيادة.
ولما لم يكن للادعاءات العراقية على الكويت أي مبرر تاريخي أو قانوني فقد فشل العراق خلال الأزمة التي افتعلها، والتي استمرت ما يقرب من عامين، وعلى وجه التحديد من 19 يونيو 1961م إلى مايو 1963م، في أن يقنع المجتمع الدولي بصحة ادعاءاته على الكويت، وأصبح لا مفر من تقرير حقيقة واقعية وهي أن المطالب العراقية على الكويت لم تتعد كونها ادعاءات زائفة افتقــــرت إلى المسوغات القانونية، فضلًا عن أن دوافعها لم تكن إلا مجرد طموح شخصي أو نزعة يائسة إلى الزعامة أو بسبب المشكلات الداخلية التي ألمت بالعراق.
وقد حرص المؤلف على الموضوعية في الكتابة، والحياد في معالجــة القـــضايا المخــــتلفة .