بعد أن تجاوزت نسبته كل الحدود ثاني أكسيد الكربون سبب أساسي لتغير مناخ الأرض

بعد أن تجاوزت نسبته كل الحدود ثاني أكسيد الكربون سبب أساسي لتغير مناخ الأرض

في‭ ‬التاسع‭ ‬من‭ ‬مايو‭ ‬الماضي،‭ ‬تجاوز‭ ‬المتوسط‭ ‬اليومي‭ ‬لتركيزات‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬في‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬في‭ ‬مرصد‭ ‬جبل‭ ‬ماونا‭ ‬لوا‭ ‬في‭ ‬هاواي،‭ ‬التابع‭ ‬للإدارة‭ ‬الوطنية‭ ‬الأمريكية‭ ‬لدراسة‭ ‬المحيطات‭ ‬والــــــغلاف‭ ‬الــجوي‭ ‬NOAAA،‭ ‬ولأول‭ ‬مرة‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬القياسات‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1958،‭ ‬تجاوز‭ ‬حاجز‭ ‬400‭ ‬جزء‭ ‬في‭ ‬المليون‭.  ‬وكانت‭ ‬قياسات‭ ‬مستقلة‭ ‬أجريت‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الإدارة‭ ‬الوطنية‭ ‬الأمريكية‭ ‬لدراسة‭ ‬المحيطات‭ ‬والغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬ومعهد‭ ‬سكريبس‭ ‬لعلوم‭ ‬المحيطات‭ ‬قد‭ ‬اقتربت‭ ‬من‭ ‬المستوى‭ ‬نفسه‭ ‬قبلها‭ ‬بأسبوع‭. ‬وهي‭ ‬علامة‭ ‬فاصلة،‭ ‬لأن‭ ‬مرصد‭ ‬ماونا‭ ‬لوا،‭ ‬الذي‭ ‬يضم‭ ‬أقدم‭ ‬محطة‭ ‬للقياس‭ ‬المستمر‭ ‬لثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ (‬CO2‭) ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬هو‭ ‬موقع‭ ‬القياس‭ ‬العالمي‭ ‬الأول‭ ‬لرصد‭ ‬الزيادة‭ ‬في‭ ‬تركيزات‭ ‬هذا‭ ‬الغاز‭ ‬المسبب‭ ‬للاحتباس‭ ‬الحراري‭.‬

والواقع‭ ‬أن‭ ‬غاز‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬ضخه‭ ‬في‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬حرق‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري‭ ‬والأنشطة‭ ‬البشرية‭ ‬الأخرى‭ ‬هو‭ ‬أكثر‭ ‬غازات‭ ‬الاحتباس‭ ‬الحراري‭ ‬إسهاما‭ ‬في‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭. ‬ويزيد‭ ‬تركيزه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬منذ‭ ‬بدأ‭ ‬العلماء‭ ‬في‭ ‬تسجيل‭ ‬القياسات‭ ‬على‭ ‬سفوح‭ ‬بركان‭ ‬ماونا‭ ‬لوا‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬خمسة‭ ‬عقود‭. ‬وتسارع‭ ‬معدل‭ ‬الزيادة‭ ‬منذ‭ ‬بدأت‭ ‬القياسات،‭ ‬من‭ ‬حوالي‭ ‬0.7‭ ‬جزء‭ ‬في‭ ‬المليون‭ ‬سنويا‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬خمسينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬إلى‭ ‬2.1‭ ‬جزء‭ ‬في‭ ‬المليون‭ ‬سنويا‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬العشر‭ ‬الماضية‭.‬

وكما‭ ‬قال‭ ‬البروفيسور‭ ‬بييتر‭ ‬تانز،‭ ‬كبير‭ ‬علماء‭ ‬الإدارة‭ ‬الوطنية‭ ‬الأمريكية‭ ‬لدراسة‭ ‬المحيطات‭ ‬والغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬وعضو‭ ‬شعبة‭ ‬الرصد‭ ‬العالمي‭ ‬في‭ ‬مختبر‭ ‬أبحاث‭ ‬نظام‭ ‬الأرض‭ ‬التابع‭ ‬للإدارة‭ ‬في‭ ‬بولدر‭ ‬بولاية‭ ‬كولورادو،‭ ‬فإن‭: ‬اهذه‭ ‬الزيادة‭ ‬ليست‭ ‬مفاجئة‭ ‬للعلماءب،‭ ‬وأضاف‭: ‬اوالدليل‭ ‬قاطع‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬النمو‭ ‬القوي‭ ‬للانبعاثات‭ ‬العالمية‭ ‬لثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬من‭ ‬حرق‭ ‬من‭ ‬الفحم،‭ ‬والنفط،‭ ‬والغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يقود‭ ‬التسارعب‭.‬

وقبل‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬19،‭ ‬كان‭ ‬المتوسط‭ ‬​​العالمي‭ ‬لثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬حوالي‭ ‬280‭ ‬جزءا‭ ‬في‭ ‬المليون‭. ‬وفي‭ ‬الثمانمائة‭ ‬ألف‭ ‬عام‭ ‬الماضية‭ (‬800،000‭)‬،‭ ‬تقلبت‭ ‬تركيزات‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬بين‭ ‬حوالي‭ ‬180‭ ‬جزءًا‭ ‬في‭ ‬المليون‭ ‬خلال‭ ‬العصور‭ ‬الجليدية‭ ‬و280‭ ‬جزءًا‭ ‬في‭ ‬المليون‭ ‬خلال‭ ‬الفترات‭ ‬الدافئة‭ ‬بين‭ ‬العصور‭ ‬الجليدية‭. ‬ومعدل‭ ‬الزيادة‭ ‬اليوم‭ ‬أسرع‭ ‬بمائة‭ ‬مرة‭ ‬من‭ ‬الزيادة‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬عندما‭ ‬انتهى‭ ‬العصر‭ ‬الجليدي‭ ‬الأخير‭.‬

ويقول‭ ‬العلماء‭ ‬إن‭ ‬آخر‭ ‬مرة‭ ‬زادت‭ ‬فيها‭ ‬معدلات‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬عن‭ ‬400‭ ‬جزء‭ ‬في‭ ‬المليون‭ ‬كانت‭ ‬منذ‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬3‭ ‬الى‭ ‬5‭ ‬ملايين‭ ‬عام،‭ ‬قبل‭ ‬وجود‭ ‬الإنسان‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬الأرض‭. ‬ويقول‭ ‬العلماء‭ ‬إن‭ ‬درجة‭ ‬حرارة‭ ‬المناخ‭ ‬آنذاك‭ ‬كانت‭ ‬أكثر‭ ‬ارتفاعا‭ ‬من‭ ‬الآن‭ ‬بقدر‭ ‬كبير‭.‬

وكان‭ ‬العالم‭ ‬تشارلز‭ ‬ديفيد‭ ‬كيلينج‭ ‬من‭ ‬معهد‭ ‬سكريبس‭ ‬لعلوم‭ ‬المحيطات‭ ‬بجامعة‭ ‬كاليفورنيا‭ ‬في‭ ‬سان‭ ‬دييغو،‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬بقياس‭ ‬مستوى‭ ‬تركيزات‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬في‭ ‬ماونا‭ ‬لوا‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1958،‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬وضع‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬الآن‭ ‬باسم‭ ‬امنحنى‭ ‬كيلينجب‭. ‬وواصل‭ ‬ابنه،‭ ‬رالف‭ ‬كيلينج،‭ ‬وهو‭ ‬أيضا‭ ‬أستاذ‭ ‬في‭ ‬الجيوكيمياء‭ ‬في‭ ‬معهد‭ ‬سكريبس،‭ ‬تسجيل‭ ‬قياسات‭ ‬معهد‭ ‬سكريبس‭ ‬منذ‭ ‬وفاة‭ ‬والده‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2005‭.‬

وكان‭ ‬رالف‭ ‬كيلينج‭ ‬قد‭ ‬قال‭: ‬اليس‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬يوقف‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬400‭ ‬جزء‭ ‬في‭ ‬المليونب‭. ‬وأضاف‭: ‬اهذا‭ ‬الأمر‭ ‬محسوم‭ ‬الآن‭. ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬سيحدث‭ ‬هنا‭ ‬من‭ ‬الآن‭ ‬ولاحقا‭ ‬سيؤثر‭ ‬في‭ ‬المناخ،‭ ‬ولايزال‭ ‬الأمر‭ ‬بيدنا‭. ‬وسيعتمد‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الذي‭ ‬سنستمر‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري‭ ‬لتوليد‭ ‬الطاقةب‭.‬

ويقوم‭ ‬علماء‭ ‬الإدارة‭ ‬الوطنية‭ ‬الأمريكية‭ ‬لدراسة‭ ‬المحيطات‭ ‬والغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬مع‭ ‬شعبة‭ ‬الرصد‭ ‬العالمي‭ ‬بتسجيل‭ ‬قياسات‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الساعة‭ ‬هناك‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬1974‭. ‬ولديهم‭ ‬برنامجان‭ ‬يقيسان‭ ‬بشكل‭ ‬مستقل‭ ‬غازات‭ ‬الاحتباس‭ ‬الحراري‭ ‬لتوفر‭ ‬الثقة‭ ‬بأن‭ ‬القياسات‭ ‬صحيحة‭.‬

وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬سجلت‭ ‬زيادات‭ ‬مماثلة‭ ‬في‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬العلماء‭ ‬الدوليين‭. ‬وتدير‭ ‬الإدارة‭ ‬الوطنية‭ ‬الأمريكية‭ ‬لدراسة‭ ‬المحيطات‭ ‬والغلاف‭ ‬الجوي،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬شبكة‭ ‬كونية‭ ‬تعاونية‭ ‬لأخذ‭ ‬عينات‭ ‬الهواء،‭ ‬وحسبما‭ ‬ذكرت‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬فإن‭ ‬جميع‭ ‬مواقع‭ ‬القطب‭ ‬الشمالي‭ ‬في‭ ‬شبكتها‭ ‬أبلغت‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬عن‭ ‬وصول‭ ‬تركيزات‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬إلى‭ ‬400‭ ‬جزء‭ ‬في‭ ‬المليون‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى‭. ‬

وكانت‭ ‬هذه‭ ‬القيم‭ ‬العالية‭ ‬تمهيداً‭ ‬لما‭ ‬سجل‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬ماونا‭ ‬لوا،‭ ‬وهو‭ ‬موقع‭ ‬شبه‭ ‬استوائي‭. ‬وسوف‭ ‬تتبعه‭ ‬مواقع‭ ‬في‭ ‬نصف‭ ‬الكرة‭ ‬الجنوبي‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬المقبلة‭. ‬ويعود‭ ‬هذا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الزيادة‭ ‬في‭ ‬نصف‭ ‬الكرة‭ ‬الشمالي‭ ‬هي‭ ‬دائما‭ ‬تسبق‭ ‬قليلا‭ ‬مثيلتها‭ ‬في‭ ‬نصف‭ ‬الكرة‭ ‬الجنوبي،‭ ‬لأن‭ ‬معظم‭ ‬الانبعاثات‭ ‬التي‭ ‬تقود‭ ‬إلى‭ ‬الزيادة‭ ‬في‭ ‬تركيزات‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬تنطلق‭ ‬في‭ ‬النصف‭ ‬الشمالي‭.‬

ويدير‭ ‬جيمس‭ ‬بتلر‭ ‬مختبر‭ ‬أبحاث‭ ‬النظام‭ ‬الأرضي‭ ‬وهو‭ ‬مؤسسة‭ ‬بحثية‭ ‬في‭ ‬ماونا‭ ‬لوا،‭ ‬حيث‭ ‬بلغ‭ ‬تركيز‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬حسب‭ ‬قياس‭ ‬المختبر‭ ‬في‭ ‬التاسع‭ ‬من‭ ‬مايو‭ ‬الماضي‭ ‬400.03‭ ‬جزء‭ ‬في‭ ‬المليون‭.‬

ويقول‭ ‬بتلر‭: ‬اتتغير‭ ‬تركيزات‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬يومي‭ ‬وأسبوعي،‭ ‬ولهذا‭ ‬لا‭ ‬نشعر‭ ‬بالرضا‭ ‬عن‭ ‬إعطاء‭ ‬قراءة‭ ‬واحدة‭- ‬وأقل‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬القراءات‭ ‬التي‭ ‬نسجلها‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬قراءة‭ ‬واحدة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالةب‭.‬

ويضيف‭ ‬أن‭: ‬امركزي‭ ‬ماونا‭ ‬لوا‭ ‬والقطب‭ ‬الجنوبي‭ ‬موقعان‭ ‬مهمان،‭ ‬حيث‭ ‬يسجلان‭ ‬معدلات‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬1958‭. ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬سجلت‭ ‬جميع‭ ‬المراكز‭ ‬في‭ ‬القطب‭ ‬الشمالي‭ ‬400‭ ‬جزء‭ ‬في‭ ‬المليون‭. ‬هذه‭ ‬أول‭ ‬مرة‭ ‬يزيد‭ ‬فيها‭ ‬المعدل‭ ‬اليومي‭ ‬عن‭ ‬400‭ ‬جزء‭ ‬في‭ ‬المليون‭ ‬في‭ ‬ماونا‭ ‬لواب‭.‬

ويقول‭ ‬بتلر‭: ‬افي‭ ‬العام‭ ‬المقبل‭ ‬أو‭ ‬الذي‭ ‬يليه‭ ‬قد‭ ‬تفوق‭ ‬القراءة‭ ‬اليومية‭ ‬400‭ ‬جزء‭ ‬في‭ ‬المليونب‭. ‬ويضيف‭: ‬ابعد‭ ‬عامين‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬ستفوق‭ ‬القراءات‭ ‬في‭ ‬القطب‭ ‬الجنوبي‭ ‬400‭ ‬جزء‭ ‬في‭ ‬المليون‭ ‬وبعد‭ ‬نحو‭ ‬تسعة‭ ‬أو‭ ‬عشرة‭ ‬أعوام‭ ‬قد‭ ‬نرى‭ ‬آخر‭ ‬قراءة‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬400‭ ‬جزء‭ ‬في‭ ‬المليونب‭.‬

وقد‭ ‬أفادت‭ ‬عدة‭ ‬محطات‭ ‬عالمية‭ ‬أخرى‭ ‬لرصد‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬أيضا‭ ‬عن‭ ‬تجاوز‭ ‬تركيزات‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬عتبة‭ ‬الـ400‭ ‬جزء‭ ‬في‭ ‬المليون‭ ‬خلال‭ ‬الذروة‭ ‬الفصلية،‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬فصل‭ ‬الربيع‭ ‬في‭ ‬نصف‭ ‬الكرة‭ ‬الشمالي‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يمتص‭ ‬نمو‭ ‬الغطاء‭ ‬النباتي‭ ‬جانبا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭. ‬

وقد‭ ‬عبرت‭ ‬هذه‭ ‬العتبة‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬محطات‭ ‬في‭ ‬القطب‭ ‬الشمالي‭. ‬وسجل‭ ‬المتوسط‭ ‬الشهري‭ ‬تجاوز‭ ‬حاجز‭ ‬الـ400‭ ‬جزء‭ ‬في‭ ‬المليون‭ ‬في‭ ‬بارو‭ ‬بآلاسكا‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ (‬خط‭ ‬عرض‭ ‬71.3‭ ‬شمالا‭) ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬2012،‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬آلرت‭ ‬في‭ ‬كندا‭ (‬82.5‭ ‬شمالا‭) ‬من‭ ‬بداية‭ ‬العام‭ ‬2013،‭ ‬وفي‭ ‬ني‭ ‬آليسوند‭ ‬بالنرويج،‭ (‬78.9‭ ‬شمالا‭). ‬والآن‭ ‬أيضا‭ ‬سجل‭ ‬تجاوز‭ ‬لهذه‭ ‬العتبة‭ ‬في‭ ‬محطات‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬خط‭ ‬الاستواء‭: ‬في‭ ‬إيزانا‭ (‬جزر‭ ‬الكناري،‭ ‬إسبانيا‭)‬،‭ ‬حيث‭ ‬تجاوز‭ ‬متوسط‭ ‬​​القيم‭ ‬اليومية‭ ‬الـ400‭ ‬جزء‭ ‬في‭ ‬المليون‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬أبريل‭ ‬2013‭. ‬وأعقبتها‭ ‬محطة‭ ‬ماونا‭ ‬لوا،‭ ‬التي‭ ‬تسجل‭ ‬القياسات‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬1958‭.‬

وتنسق‭ ‬منظمة‭ ‬جلوبال‭ ‬أتموسفير‭ ‬ووتش‭ ‬عمليات‭ ‬رصد‭ ‬تركيزات‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬وغازات‭ ‬الاحتباس‭ ‬الحراري‭ ‬الأخرى‭ ‬مثل‭ ‬الميثان‭ ‬وأكسيد‭ ‬النيتروز‭ ‬في‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي،‭ ‬لضمان‭ ‬أن‭ ‬القياسات‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬هي‭ ‬موحدة‭ ‬ويمكن‭ ‬مقارنتها‭ ‬مع‭ ‬بعضها‭ ‬البعض‭. ‬وتغطي‭ ‬شبكتها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬50‭ ‬بلدا،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬محطات‭ ‬عالية‭ ‬في‭ ‬جبال‭ ‬الألب،‭ ‬وجبال‭ ‬الأنديز‭ ‬والهملايا،‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬القطب‭ ‬الشمالي،‭ ‬والقطب‭ ‬الجنوبي‭ ‬وفي‭ ‬أقصى‭ ‬جنوب‭ ‬المحيط‭ ‬الهادئ‭.‬

وثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬أهم‭ ‬غازات‭ ‬الاحتباس‭ ‬الحراري‭ ‬المنبعثة‭ ‬من‭ ‬جراء‭ ‬الأنشطة‭ ‬البشرية‭. ‬وهو‭ ‬مسئول‭ ‬عن‭ ‬85‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬الزيادة‭ ‬في‭ ‬التأثير‭ ‬الإشعاعي،‭ ‬تأثير‭ ‬الاحترار‭ ‬على‭ ‬مناخنا‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬العقد‭ ‬الماضي‭. ‬وبين‭ ‬عامي‭ ‬1990‭ ‬و2011‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬30‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬زيادة‭ ‬في‭ ‬التأثير‭ ‬الإشعاعي‭ ‬بسبب‭ ‬الغازات‭ ‬المسببة‭ ‬للاحتباس‭ ‬الحراري‭. ‬ويتم‭ ‬حساب‭ ‬التأثير‭ ‬الإشعاعي‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬من‭ ‬الغازات‭ ‬الدفيئة‭ ‬الرئيسية‭.‬

ووفقا‭ ‬لدورية‭ ‬جرينهاوس‭ ‬جاز‭ ‬بوليتين،‭ ‬فإن‭ ‬كمية‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬في‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬390.9‭ ‬جزءاً‭ ‬في‭ ‬المليون‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2011،‭ ‬أو‭ ‬140‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬مستوى‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يقدر‭ ‬بنحو‭ ‬280‭ ‬جزءًا‭ ‬في‭ ‬المليون‭. ‬ويمثل‭ ‬مستوى‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬العصر‭ ‬الصناعي‭ ‬توازن‭ ‬تدفقات‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬بين‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬والمحيطات‭ ‬والمحيط‭ ‬الحيوي‭. ‬وتزداد‭ ‬كمية‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬في‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬في‭ ‬المتوسط‭ ‬​​بنسبة‭ ‬2‭ ‬جزء‭ ‬في‭ ‬المليون‭ ‬سنويا‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬السنوات‭ ‬العشر‭ ‬الماضية‭. ‬ولتحديد‭ ‬معدلات‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬قبل‭ ‬استحداث‭ ‬مراكز‭ ‬القياس‭ ‬الجديدة،‭ ‬كان‭ ‬العلماء‭ ‬يلجأون‭ ‬لقياسات‭ ‬بديلة‭ ‬مثل‭ ‬دراسة‭ ‬فقاعات‭ ‬الهواء‭ ‬الحبيسة‭ ‬في‭ ‬جليد‭ ‬القطب‭ ‬الشمالي‭.‬

وتعليقا‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬هذه‭ ‬العلامة‭ ‬الفارقة،‭ ‬قالت‭ ‬الأمين‭ ‬التنفيذي‭ ‬لاتفاقية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الإطارية‭ ‬بشأن‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬كريستينا‭ ‬فيجيريس‭: ‬امع‭ ‬وصول‭ ‬تركيز‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬في‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬إلى‭ ‬400‭ ‬جزء‭ ‬في‭ ‬المليون،‭ ‬فإننا‭ ‬نكون‭ ‬قد‭ ‬عبرنا‭ ‬عتبة‭ ‬تاريخية‭ ‬ودخلنا‭ ‬منطقة‭ ‬خطر‭ ‬جديدة‭. ‬وعلى‭ ‬العالم‭ ‬أن‭ ‬يستيقظ‭ ‬ويدرك‭ ‬ما‭ ‬يعنيه‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أمن‭ ‬البشر‭ ‬ورفاهية‭ ‬الإنسان‭ ‬والتنمية‭ ‬الاقتصادية‭. ‬وفي‭ ‬مواجهة‭ ‬الخطر‭ ‬الواضح‭ ‬والراهن،‭ ‬فإننا‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬استجابة‭ ‬سياسية‭ ‬ترتفع‭ ‬حقا‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬التحدي‭. ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬لدينا‭ ‬فرصة‭ ‬لدرء‭ ‬أسوأ‭ ‬آثار‭ ‬تغير‭ ‬المناخ،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬سوف‭ ‬يتطلب‭ ‬استجابة‭ ‬واسعة‭ ‬ومتصاعدة‭ ‬عبر‭ ‬محاور‭ ‬العمل‭ ‬المركزية‭ ‬الثلاثة‭: ‬العمل‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬ومن‭ ‬قبل‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬المستويات،‭ ‬ومن‭ ‬قبل‭ ‬قطاع‭ ‬الأعمال‭ ‬التجارية‭ ‬ومؤسسات‭ ‬التمويل‭.‬

وكما‭ ‬أسلفنا‭ ‬القول،‭ ‬فإنه‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬تحديد‭ ‬أهداف‭ ‬رسمية،‭ ‬فإن‭ ‬معظم‭ ‬العلماء‭ ‬والباحثين‭ ‬يعتقدون‭ ‬أنه‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬ألا‭ ‬يتجاوز‭ ‬أبدا‭ ‬ارتفاع‭ ‬حرارة‭ ‬كوكبنا‭ ‬درجتين‭ ‬مئويتين‭ ‬مقارنة‭ ‬بدرجات‭ ‬الحرارة‭ ‬في‭ ‬عصور‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الصناعة‭. ‬لكن‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬النقطة‭ ‬يبقى‭ ‬أمرا‭ ‬غير‭ ‬واضح‭ ‬نظرا‭ ‬لاستمرار‭ ‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمدى‭ ‬حساسية‭ ‬المناخ‭ ‬إزاء‭ ‬الجرعات‭ ‬الزائدة‭ ‬من‭ ‬غازات‭ ‬الاحتباس‭ ‬الحراري‭. ‬وتشير‭ ‬معظم‭ ‬التقديرات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مضاعفة‭ ‬كميات‭ ‬غاز‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬في‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬مقارنة‭ ‬بمستويات‭ ‬عصر‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الصناعة‭ (‬أي‭ ‬من‭ ‬280‭ ‬جزءا‭ ‬في‭ ‬المليون‭ ‬إلى‭ ‬550‭ ‬جزءا‭) ‬سترفع‭ ‬درجة‭ ‬حرارة‭ ‬الأرض‭ ‬بين‭ ‬درجتين‭ ‬وأربع‭ ‬درجات‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬دراسات‭ ‬حديثة‭ ‬ذهبت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬يرفع‭ ‬درجة‭ ‬حرارة‭ ‬الأرض‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬أعلى‭ ‬بكثير‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬11‭ ‬درجة‭ ‬مئوية‭.‬

وقد‭ ‬أكد‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬العلماء‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يستهدف‭ ‬إبقاء‭ ‬مستويات‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬في‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬تحت‭ ‬مستوى‭ ‬400‭ ‬جزء‭ ‬في‭ ‬المليون‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن،‭ ‬تمتص‭ ‬التربة‭ ‬والغابات‭ ‬نحو‭ ‬ربع‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬المنبعث‭ ‬من‭ ‬حرقنا‭ ‬للوقود‭ ‬الأحفوري‭. ‬وهذه‭ ‬النسبة‭ ‬تتزايد‭ ‬لأن‭ ‬النباتات‭ ‬باتت‭ ‬تنمو‭ ‬أسرع،‭ ‬وتتغذى‭ ‬بمستويات‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭. ‬والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬الطبيعة‭ ‬تساعدنا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬ننقذ‭ ‬أنفسنا‭ ‬من‭ ‬أنفسنا‭, ‬لكنها‭ ‬لن‭ ‬تفعل‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬الأبد‭. ‬فمع‭ ‬تسارع‭ ‬ارتفاع‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة،‭ ‬تتسارع‭ ‬أيضا‭ ‬معدلات‭ ‬تحلل‭ ‬الأخشاب،‭ ‬وأوراق‭ ‬الأشجار‭ ‬وجذورها‭ ‬لتطلق‭ ‬كميات‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬في‭ ‬الجو‭. ‬وعند‭ ‬نقطة‭ ‬معينة،‭ ‬ستتجاوز‭ ‬معدلات‭ ‬الإطلاق‭ ‬معدلات‭ ‬الامتصاص،‭ ‬وستتحول‭ ‬اليابسة‭ ‬من‭ (‬مغاطس‭) ‬تمتص‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬إلى‭ ‬مصدر‭ ‬لانبعاثاته‭. ‬وإذا‭ ‬حدث‭ ‬هذا،‭ ‬فإن‭ ‬تكاليف‭ ‬إعادة‭ ‬الاستقرار‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬في‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬ستكون‭ ‬أكبر‭ ‬مما‭ ‬نتصور‭. ‬وتتوقع‭ ‬بعض‭ ‬النماذج‭ ‬الكمبيوترية‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬هذا‭ ‬إذا‭ ‬تراوحت‭ ‬نسبة‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬في‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬بين‭ ‬400‭ ‬و500‭ ‬جزء‭ ‬في‭ ‬المليون‭.‬

والمشكلة‭ ‬أنه‭ ‬ما‭ ‬إن‭ ‬تنطلق‭ ‬انبعاثات‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬إلى‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬والمحيطات،‭ ‬فإنها‭ ‬تبقى‭ ‬فيها‭ ‬لآلاف‭ ‬السنين‭. ‬ومن‭ ‬ثم،‭ ‬فإن‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬التي‭ ‬يسببها‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬تعتمد‭ ‬أساسا‭ ‬على‭ ‬الانبعاثات‭ ‬المتراكمة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬متصاعد‭ ‬تجنب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬الكبيرة‭ .