قزمٌ في الجرّة

عاشَ‭ ‬في‭  ‬قديم‭ ‬الزمانِ‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬القرى‭ ‬شابٌ‭ ‬يافعٌ‭ ‬اسمه‭ ‬تابو‭. ‬كان‭ ‬فتىً‭ ‬كسولًا‭ ‬وفضوليًا‭.‬

كانَ‭ ‬كلّ‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الصَّباحِ‭ ‬الباكرِ‭ ‬يتسكَّعُ‭ ‬في‭ ‬الطرقاتِ‭ ‬ويتأملُ‭ ‬ما‭ ‬حولَه‭. ‬هنا‭ ‬يُشيّد‭ ‬سقفٌ‭ ‬جديدٌ‭ ‬وهناكَ‭ ‬يتم‭ ‬إصلاحُ‭ ‬برميلِ‭ ‬ماءٍ،‭ ‬وهذا‭ ‬كلبٌ‭ ‬يلاحقُ‭ ‬قطةً‭. ‬القطةُ‭ ‬فوقَ‭ ‬الشجرةِ‭ ‬وتابو‭ ‬يقف‭ ‬تحت‭ ‬الشجرةِ‭ ‬وينتظرُ‭ ‬حتى‭ ‬يتصالحَ‭ ‬الكلبُ‭ ‬مع‭ ‬القطةِ‭.‬

جاءَ‭ ‬الخريفُ‭ ‬وحانَ‭ ‬موسمُ‭ ‬الحصادِ‭. ‬كلُّ‭ ‬الفتيانِ‭ ‬شاركوا‭ ‬في‭ ‬حصادِ‭  ‬الأرزِ‭ ‬وقاموا‭ ‬بالدّرسِ‭ ‬لفصلِ‭ ‬الحبوبِ‭ ‬عن‭ ‬السَّنابلِ‭ ‬وعملوا‭ ‬بجد‭ ‬ونشاطٍ‭. ‬بينما‭  ‬كان‭ ‬تابو‭ ‬يتسكَّعُ‭ ‬في‭ ‬القريةِ‭ ‬فقط‭ ‬وكأنَّ‭ ‬هذا‭ ‬الأمرَ‭ ‬لا‭ ‬يعنيهِ‭. ‬وبالصدفةِ‭ ‬لمحَ‭ ‬جرّة‭ ‬فخاريةً‭ ‬على‭ ‬جانبِ‭ ‬الطريقِ‭ ‬فقال‭ ‬تابو‭ ‬بسعادة‭:‬

كلَّما‭ ‬مشيتُ‭ ‬طويلًا‭ ‬وجدتُ‭ ‬كثيرًا،‭ ‬هذه‭ ‬جرةٌ‭ ‬سليمةٌ‭ ‬ولا‭ ‬يوجدُ‭ ‬فيها‭ ‬شقوقٌ‭. ‬ولكنْ‭ ‬ما‭ ‬هذا‭ ‬الحفيفُ‭ (‬الخشخشة‭)‬؟‭ ‬لابدَّ‭ ‬أنهُ‭ ‬فأرٌ‭ ‬أتى‭ ‬من‭ ‬الحقلِ‭ ‬ودخلَ‭ ‬الجَرَّةَ‭.‬

نظر‭ ‬تابو‭ ‬في‭ ‬الجرة‭ ‬ورأى‭ ‬أَن‭ ‬هذا‭ ‬ليسَ‭ ‬فأرًا‭ ‬وليست‭ ‬سِحليَّة‭ ‬وليسَ‭ ‬ضِفدعًا‭ ‬إنما‭ ‬قزمٌ‭ ‬صغيرٌ‭ ‬جدا‭. ‬رأسُه‭ ‬كانَ‭ ‬بحجمِ‭ ‬ثمرةِ‭ ‬الكستناءِ‭ ‬وطولُه‭ ‬مثل‭  ‬قرنِ‭ ‬الحمُّص‭. ‬ياله‭ ‬من‭ ‬أعجوبةٍ‭! ‬وتجمَّد‭ ‬تابو‭ ‬في‭ ‬مكانه‭ ‬فاغرًا‭ ‬فاه‭ (‬فاتحًا‭ ‬فمه‭) ‬مستغربًا‭.‬

تحدَّثَ‭ ‬القزمُ‭ ‬الصغيرُ‭ ‬بصوتٍ‭ ‬رقيقٍ‭ ‬ورفيع‭: ‬مرحبًا‭ ‬تابو‭! ‬ها‭ ‬نحنُ‭ ‬قد‭ ‬التقينا‭. ‬أنتَ‭ ‬الشخصُ‭ ‬الوحيدُ‭ ‬الذي‭ ‬أحببتُه‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬القريةِ‭. ‬خذني‭ ‬رجاءً‭ ‬إلى‭ ‬البيتِ‭. ‬أحبُّ‭ ‬أن‭ ‬أعيشَ‭ ‬معكَ‭.‬

حسنًا‭ ‬سآخذكَ‭ ‬معي‭ ‬لنتسلَّى،‭ ‬قال‭ ‬تابو‭.‬

في‭ ‬البيتِ‭ ‬أخرجَ‭ ‬تابو‭ ‬القزَم‭ ‬الصغيرَ‭ ‬من‭ ‬الجرَّةِ‭ ‬وبكلِّ‭ ‬حذَرٍ‭ ‬وضعهُ‭ ‬في‭ ‬وسطِ‭ ‬الغُرفَةِ‭ ‬مستخدمًا‭ ‬اثنينِ‭ ‬من‭ ‬أصابعه‭.‬

أيُّها‭ ‬القزمُ‭ ‬الصغيرُ،‭ ‬يالكَ‭ ‬من‭ ‬مُضْحكٍ‭! ‬فعلًا‭ ‬إِنكَ‭ ‬أصغرُ‭ ‬بكثيرٍ‭ ‬من‭ ‬أيِّ‭  ‬قِزْمٍ‭ ‬في‭ ‬العالَمِ‭. ‬دعنا‭ ‬نلعبُ‭.‬

لعبَ‭ ‬تابو‭ ‬طوالَ‭ ‬اليوم‭ ‬مع‭ ‬القزمِ‭ ‬الصَّغير‭. ‬وضعهُ‭ ‬في‭ ‬كوبٍ‭ ‬خَشبيٍّ‭ ‬ودحرَجَه‭ ‬في‭ ‬برميلٍ‭ ‬فيه‭ ‬ماء‭. ‬كلما‭ ‬نفخَ‭ ‬بقوةٍ،‭ ‬ترتفعُ‭ ‬في‭ ‬البرميلِ‭ ‬زوبعةٌ‭ ‬وهكذا‭ ‬دواليك‭.‬

ضحكَ‭ ‬تابو‭ ‬كثيرًا‭ ‬لكنُ‭ ‬في‭ ‬المساءِ‭ ‬ملَّ‭ ‬هذهِ‭ ‬اللعبةَ‭ ‬الجديدةَ‭. ‬في‭ ‬اليومِ‭ ‬التالي،‭ ‬ذهبَ‭ ‬تابو‭ ‬للتسكُّع‭ ‬مرةً‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬الطرقات‭. ‬بدأت‭ ‬الشمسُ‭ ‬بالغروبِ‭ ‬وعندها‭ ‬تذكَّر‭ ‬تَابو‭ ‬القزمَ‭ ‬الصغيرَ‭.‬

عادَ‭ ‬تابو‭ ‬إلى‭ ‬البيتِ‭ ‬ورأى‭ ‬أنَّ‭ ‬هناكَ‭ ‬شخصًا‭ ‬ضخمًا‭ ‬طويلاً‭ ‬ونحيفًا‭ ‬مستلقيًا‭ ‬على‭ ‬الأرضِ‭ ‬وقد‭ ‬بسطَ‭ (‬مَدَّ‭) ‬يديه‭ ‬ورِجْليه‭. ‬من‭ ‬يكون‭ ‬يا‭ ‬تُرى‭ ‬هذا؟‭ ‬تساءلَ‭ ‬تابو‭. ‬وأمعنَ‭ ‬النظرَ‭ ‬فيهِ‭ ‬حتى‭ ‬تعرَّفَ‭ ‬عليهِ‭. ‬إنه‭ ‬القزم‭ ‬الصغيرُ‭!‬

تساءلَ‭ ‬تابو‭: ‬يالكَ‭ ‬من‭ ‬أعجوبةٍ‭. ‬كيفَ‭ ‬أصبحتَ‭ ‬ضخمًا‭ ‬هكذا‭ ‬في‭ ‬يومٍ‭ ‬واحدٍ؟‭ ‬وأضافَ‭: ‬بالأمسِ‭ ‬كنتَ‭ ‬أصغرَ‭ ‬من‭ ‬الفأرِ،‭ ‬والآن‭ ‬أصبحتَ‭ ‬أكبرَ‭ ‬مِنِّي‭ ‬حجمًا‭.‬

كلُّ‭ ‬هذا‭ ‬بفضلكَ‭ ‬يا‭ ‬صديقي‭ ‬وبِرعايتكَ‭ ‬لي‭. ‬ليسَ‭ ‬عبثًا‭ ‬أنني‭ ‬اخترتكَ‭ ‬من‭ ‬بينِ‭ ‬الكثيرينَ‭. ‬فلتتعطلْ‭ ‬أنتَ‭ ‬عن‭ ‬العملِ‭ ‬وتتسكَّعْ‭ ‬في‭ ‬الطرقاتِ‭ ‬أكثر‭ ‬وسوفَ‭ ‬يصبحُ‭ ‬حجمي‭ ‬أكبرَ،‭ ‬أجابهُ‭ ‬القزمُ‭ ‬الصغيرُ‭.‬

لأولِ‭ ‬مرةٍ‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬يسترسلُ‭ ‬تابو‭ ‬في‭ ‬التفكيرِ‭:‬

ما‭ ‬معنى‭ ‬هذه‭ ‬الكلمات؟

تلا‭ ‬ذلكَ‭ ‬أن‭ ‬أصبحَ‭ ‬القزمُ‭ ‬الصغيرُ‭ ‬يُشعرُ‭ ‬نفسَه‭ ‬ليس‭ ‬ضيفًا‭ ‬إنما‭ ‬صاحبُ‭ ‬البيتِ‭ ‬الآمرُ‭ ‬النَّاهي‭ ‬ويجبُ‭ ‬أن‭ ‬تنفَّذ‭ ‬طلباتُه‭ ‬بسرعة‭.‬

في‭ ‬اليومِ‭ ‬التالِي،‭ ‬خرج‭ ‬تابو‭ ‬من‭ ‬البيت‭ ‬مبكرًا‭ ‬بعضَ‭ ‬الشيء‭ ‬هربًا‭ ‬من‭ ‬ضيفه‭. ‬وطوالَ‭ ‬اليومِ‭ ‬كانَ‭ ‬يتسكعُ‭ ‬في‭ ‬طرقاتِ‭ ‬القريةِ‭ ‬بلا‭ ‬عمَل‭.‬

وفي‭ ‬المساءِ‭ ‬رجعَ‭ ‬إلى‭ ‬المنزلِ‭ ‬وفتحَ‭ ‬البابَ‭ ‬وتوقفَ‭ ‬متسمِّرًا‭ ‬على‭ ‬عتبةِ‭ ‬البابِ‭. ‬لم‭ ‬يستطعْ‭ ‬الدُّخولَ‭ ‬إلى‭ ‬المنزلِ،‭ ‬حيث‭ ‬إنَّ‭ ‬الضيفَ‭ ‬أصبحَ‭ ‬حجمُه‭ ‬هائلًا‭ ‬وأصبحَ‭ ‬البيتُ‭ ‬ضيقًا‭ ‬عليه‭.‬

اضطرَّ‭ ‬تابو‭ ‬أن‭ ‬يبيت‭ ‬ليلَته‭ ‬في‭ ‬العراءِ،‭ ‬وفي‭ ‬الصباحِ‭ ‬الباكرِ‭ ‬ذهبَ‭ ‬إلى‭ ‬القريةِ‭ ‬ليتسكعَ‭ ‬بلا‭ ‬عمَل‭.‬

وعندَ‭ ‬الغروبِ‭ ‬رجعَ‭ ‬تابو‭ ‬إلى‭ ‬البيتِ‭ ‬رأى‭ ‬أن‭ ‬هناكَ‭ ‬شيئًا‭ ‬كجذعِ‭ ‬الشجرةِ‭ ‬يبرزُ‭ ‬من‭ ‬خلالِ‭ ‬النوافذِ‭ ‬والبابِ؟‭ ‬وبعدَ‭ ‬أن‭ ‬أمعنَ‭ ‬النظرَ،‭ ‬أيقن‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأشياء‭ ‬هي‭ ‬يدا‭ ‬ورجلا‭ ‬ضيفهِ‭ ‬الثقيلِ‭. ‬أصبحَ‭ ‬القزمُ‭ ‬الصغيرُ‭ ‬عملاقًا‭ ‬بحيث‭ ‬صارَ‭ ‬بمقدورهِ‭ ‬أن‭ ‬يقلبَ‭ ‬البيتَ‭ ‬رأسًا‭ ‬على‭ ‬عَقِب‭. ‬استلقى‭ ‬تابو‭ ‬طوالَ‭ ‬الليلِ‭ ‬وهو‭ ‬يفكرُ‭ ‬في‭ ‬كيفيةِ‭ ‬التخلُّصِ‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المصيبةِ‭ ‬ولكنَّه‭ ‬لم‭ ‬يصلُ‭ ‬إلى‭ ‬حَل‭.‬

في‭ ‬صباحِ‭ ‬اليومِ‭ ‬التالي‭ ‬أتَى‭ ‬إليه‭ ‬جَارهُ‭ ‬العجوزُ‭ ‬وقال‭ ‬له‭: ‬لقد‭ ‬مرض‭ ‬ابني‭ ‬وأنا‭ ‬عجوزٌ‭ ‬لا‭ ‬أستطيعُ‭ ‬أن‭ ‬أعملَ‭ ‬وحدي‭ ‬في‭ ‬الحقلِ‭. ‬أرجوكَ‭ ‬أن‭ ‬تساعدَني‭ ‬في‭ ‬جَمْع‭ ‬المحصولِ‭.‬

لم‭ ‬يتحمسُ‭ ‬تابو‭ ‬للعملِ‭ ‬في‭ ‬البدايةِ،‭ ‬ولكنَّه‭ ‬شعرَ‭ ‬بوخزِ‭ ‬الضَّمير‭ ‬فقامَ‭ ‬وأخذَ‭ ‬المنجلَ‭ ‬بيدِه‭ ‬وذهبَ‭ ‬إلى‭ ‬الحقلِ‭ ‬لمساعدة‭ ‬جارهِ‭ ‬العجوزِ‭.‬‭ ‬وفي‭ ‬المساءِ‭ ‬قال‭ ‬له‭ ‬العجوز‭: ‬شكرًا‭ ‬لمساعدتكَ‭ ‬وتقبَّل‭ ‬مني‭ ‬رجاءً‭ ‬هذا‭ ‬المالَ‭ ‬مقابلَ‭ ‬عمَلِكَ‭.‬

لأولِ‭ ‬مَرَّةٍ‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬يحصلُ‭ ‬تابو‭ ‬على‭ ‬نقودٍ‭ ‬مقابلَ‭ ‬عمله‭. ‬وشعرَ‭ ‬بارتياحٍ‭ ‬ومن‭ ‬ثمَّ‭ ‬ذهبَ‭ ‬إلى‭ ‬البيتِ‭ ‬فشاهدَ‭ ‬يدي‭ ‬ورجلي‭ ‬الضيف‭ ‬الثقيلِ‭ ‬لا‭ ‬تبرزُ‭ ‬من‭ ‬خلالِ‭ ‬البابِ‭ ‬والنوافذِ‭. ‬وكانَ‭ ‬ضيفُه‭ ‬يتذمرُ‭ ‬ويتقلَّبُ‭ ‬مثل‭ ‬الدبِّ‭. ‬أغلقَ‭ ‬تابو‭ ‬البابَ‭ ‬بإحكامٍ‭ ‬مِن‭ ‬الخارجِ‭ ‬ونامَ‭ ‬في‭ ‬حوشِ‭ ‬المنزلِ‭.‬

وفي‭ ‬الصباحِ‭ ‬التالي‭ ‬ذهبَ‭ ‬تابو‭ ‬مرةً‭ ‬أُخرى‭ ‬لمساعدَةِ‭ ‬جارِهِ‭. ‬ورجعَ‭ ‬في‭ ‬المساء‭ ‬إلى‭ ‬المنزل‭ ‬ورأى‭ ‬أن‭ ‬ضيفَه‭ ‬قد‭ ‬تقلَّصَ‭ ‬حجمَهُ‭ ‬مرَّتين‭ ‬وهو‭ ‬جالسٌ‭ ‬في‭ ‬زاويةِ‭ ‬البيتِ‭ ‬حزينًا‭. ‬وعادَ‭ ‬البيتُ‭ ‬واسعًا‭ ‬وفسيحًا‭. ‬وكان‭ ‬ضيفه‭ ‬يشكو‭: ‬لقدْ‭ ‬أخطأتَ‭ ‬يا‭ ‬تابو‭ ‬في‭ ‬حَقِّكِ‭! ‬كنتُ‭ ‬أعتقدُ‭ ‬أنكَ‭ ‬شخصٌ‭ ‬طيبٌ‭ ‬وشخصٌ‭ ‬كسولٌ‭. ‬لو‭ ‬استمرَّ‭ ‬كسلُكَ‭ ‬لمدة‭ ‬يومين‭ ‬آخرَيْن‭ ‬لكانَ‭ ‬حجْمي‭ ‬سيصبحُ‭ ‬مثلَ‭ ‬الجبلِ‭. ‬أخبرَني‭ ‬لماذا‭ ‬كنتَ‭ ‬تعملُ‭ ‬بالمنجلِ‭ ‬في‭ ‬الحقلِ‭ ‬طوالَ‭ ‬اليومِ؟‭ ‬هل‭ ‬كنتَ‭ ‬تريدُ‭ ‬أن‭ ‬تضايقَني‭ ‬حتى‭ ‬الموت؟

تنبه‭ ‬تابو‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬وقالَ‭: ‬هكذا‭ ‬هوَ‭ ‬الأمرُ‭ ‬إذن‭. ‬في‭ ‬الغدِ‭ ‬سأعملُ‭ ‬وأعملُ‭ ‬بكلِّ‭ ‬جدٍّ‭ ‬ومثابَرةٍ‭. ‬وفي‭ ‬اليومِ‭ ‬التالي،‭ ‬بعدَ‭ ‬أن‭ ‬أَنهى‭ ‬تابو‭ ‬عملَه‭ ‬ورجع‭ ‬مساءً‭ ‬إلى‭ ‬البيتِ‭ ‬رأى‭ ‬أن‭ ‬ضيفه‭ ‬أصبحَ‭ ‬بحجمِ‭ ‬قرنِ‭ ‬الحمُّصِ‭ ‬مرةً‭ ‬أُخرى‭.‬

بدأ‭ ‬القزمُ‭ ‬الصغير‭ ‬يصأصئ‭ ‬وقال‭: ‬أرجوكَ‭ ‬سيِّدي‭ ‬تابو‭. ‬أَرجعني‭ ‬إلى‭ ‬مكاني‭ ‬حيثُ‭ ‬كنتُ‭ ‬في‭ ‬الجرَّة‭ ‬وضعها‭ ‬حيث‭ ‬كانتْ‭ ‬على‭ ‬ناصيةِ‭ ‬الطريقِ‭ ‬حتى‭ ‬أجدَ‭ ‬لي‭ ‬صاحبًا‭ ‬جديدًا‭ ‬أكسلَ‭ ‬منكَ‭.‬

وهذا‭ ‬ما‭ ‬قامَ‭ ‬بعمله‭ ‬تابو‭ ‬بالفعلِ‭.‬

أما‭ ‬كبارُ‭ ‬السنِّ‭ ‬في‭ ‬القرية‭ ‬فإنهم‭ ‬يؤكدونَ‭ ‬أن‭ ‬القزمَ‭ ‬هو‭ ‬الكَسَلْ،‭ ‬يظلُّ‭ ‬قزمًا‭ ‬في‭ ‬الجَرَّة‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يهتمّ‭ ‬أحد‭ ‬به‭.‬

 

رسوم‭: ‬علي‭ ‬فكري