اليمامة والوادي المهجور أحمد محمد آل خليفة

اليمامة والوادي المهجور

شعـر

يمامة واد حيرتني بأمرها

وزاد بها شجوي ولست ألامُ

أقامت على وادي "الصخير" وحيدة

أبالمهمه الخالي يقيـم يمامُ؟

علام سكنت القفر والقفر موحش

يبابا وأعْود الهشيم حطام؟

فماذا الذي يغريك فيه وما به

معاش يرى إلا حصى ورغام

وها قد خلت من نبتها وأنيسها

فما في روابيها صدى وبغام

لماذا تركت النخل واخترت بقعة

بها مات حوذي وجف ثمام

أرى الطير تجفو الروض من فقـد إلفها

وتختار وعر القفر حين تضام؟

ويرتضي الانسان ذلا لنفسه

ويأنف من مرأى الهوان حمام؟

تعجبت منها وهي في ظل صخرة

وللريح من حر الهجير ضرام

فتغمض عينيها إذا طال همها

وهل طاب للجفن القريح منام؟

أما في طواياها حنين لروضة

وما في حشاها للغدير أوام؟

نثرت لها حبا بكفي وما بها

إلى الأكل يوما شره وعرام

تصد وإن كان الطوى يستحثها

كما صد محموم عراه سقام

وكم مر ركب حولها ما دروا بها

كأنهم رغم النهار نيام

ولكن بها تدري نفوس رحيمة

إذا في الركاب العابرين كرام

وقفت أناجيها وبي مثل ما بها

أليس كلانا مضغة وعظام؟

كلانا شقـي في الحياة بعيشه

فكم مطلب للنفس ليس يرام

فقلت أفصحي لي بالجواب فربما

يخفف شجوي في السكون كلام

أراشك صياد بسهم ولا أرى

دماء وقد تجري الدماء سهام؟

وهل بك داء لا تراه عيوننا

فقد حال عن مرأى العيون قتام

أم أن غراما قد تحملت عبئه

لإلف وقد يبري العظام غرام

عهدناكم - يا معشر الطير- عندكم

وفاء إلى إلافكم وذمام

وتحيون في الدنيا بحب وألفة

فما في هواكم جفوة وخصام

ولكن هذا الانفراد يقول لي

عن السريوما هل يماط لثام؟

نفرت من الأطيار وهي كثيرة

فما لك في جمع الطيور وئام

إذا أنت في حرب مع النفس دائما

أما آن للحرب العوان سلام؟

تباعدت عنها في الطريق ومقلتي

تودعها والذكريات زحام

شعرت بنفسي يوم عدت تقول لي

أما للمآسي في الحياة ختام؟

إذا المرء ذاق الصاب من جور دهره

مرارا أما ينهي الحياة حمام؟



 

أحمد محمد آل خليفة

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات