الكاتب الصيني شوي تشينغ: الترجمة بين الأدبين العربي والصيني تشهد اطّرادًا مقبولاً

الكاتب الصيني شوي تشينغ: الترجمة بين الأدبين العربي والصيني  تشهد اطّرادًا مقبولاً

منذ أن حاز درجة الدكتوراة في الأدب العربي من جامعة الدراسات الأجنبية في بكين عام 1992م، والأكاديمي الصيني البروفيسور شوي تشينغ جوه - أو
كما يحلو له أن نناديه باسمه العربي (بسّام) - موغل في اهتمامه بالأدب العربي ومهندس للكثير من جسور التواصل بين الأدبين العربي والصيني. يشغل تشينغ الآن وظيفة بروفيسور في كلية الدراسات العربية بجامعة الدراسات الأجنبية في بكين، ونائب الرئيس لجمعية بحوث الأدب العربي في الصين، ويرأس مركز الشيخ زايد للغة العربية والدراسات الإسلامية في بكين وحائز جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم العربي عام 2017، صدر له العديد من المؤلفات؛ منها الترجمة بين العربية والصينية نظريًا وتطبيقيًّا، والبلاغة العربية، وبانوراما الأدب العربي، وترجم لجبران خليل جبران ونجيب محفوظ وأدونيس ومحمود درويش وسعدالله ونّوس وغيرهم، نلتقيه اليوم ليطلّ من أعرق منصات الثقافة العربية - مجلة العربي - التي ما إن ذكرت له اسمها حتى تذكر جيدًا، وأخبرني أنها من المطبوعات الأولى التي كان وزملاؤه يستشرفون من خلالها الأدب العربي والثقافة العربية.

 

● ولدت في آنخوي ودرست في بكين، فما الذي جمعك بالأدب العربي؟ 
-  أولًا أشكرك على اهتمامك بي وبسيرة حياتي. نعم، ولدت في مقاطعة آنخوي جنوب وسط الصين، وهي مقاطعة تشتهر بجمال طبيعتها، خاصة بجبالها المغطاة بغابات جميلة. لذا، لا أخفيك أنني كنت أشعر بغُربة شديدة، بل أشعر بشيء من الحزن عندما وصلت إلى القاهرة للدراسة عام 1987، وهي المرة الأولى التي سافرت فيها إلى البلاد العربية. 
أشعر بغربة شديدة، لأنّ الطبيعة الجغرافية للقاهرة تختلف كثيرًا عن طبيعة آنخوي، أو بكين، حيث تنتشر الخضرة والنضرة في معظم فصول السنة. لكنني تغلّبت على هذه الغربة، وأحببت القاهرة وغيرها من المدن العربية، بعد أن زادت معرفتي بالثقافة العربية والأدب العربي، وخاصة بعد أن توطدت صداقات بيني وبين كثير من الأصدقاء العرب، ومنهم بعض الكتّاب والشعراء، لذا، أوافق على قول بعض الناس إن الوطن هو حيث الدفء الإنساني.

عِشْرة طويلة مع الأدب العربي
● في إحدى كتاباتك تقول: «الأدب العربي صديقي الحميم» من أين جاءت هذه الحميمية؟ وهل انسحبت هذه الصداقة مع الأدب لتصبح حاليًا صداقة مع الأدباء؟ 
-  تأتي الحميمية أولًا من عشرتي الطويلة مع الأدب العربي، لأنني دخلت الجامعة لدراسة اللغة العربية عام 1981، وبدأت أقرأ الأدب العربي منذ السنة الثالثة في الجامعة، واستمرت علاقتي به حتى اليوم من دون انقطاع، عبر القراءة أو الترجمة أو البحوث أو التدريس. لذلك تعود صداقتي بالأدب العربي إلى ما قبل 40 سنة، وهي فترة زمنية تكفي - بلا شك - لإحداث حميمية بيننا.
 ثانيًا، تأتي الحميمية من جمال الأدب العربي وروعته. أنا متأكد الآن من أن الأدب العربي، قديمه وحديثه، مثل بحر عميق، تنتشر في أحشائه درر جميلة وثمينة. لذا، طوبى لمن يغوص في هذا البحر ويكتشف هذا الجمال الكامن فيه.
نعم، تنسحب صداقتي بالأدب العربي على الأدباء العرب أيضًا، فقد كان لي الشرف في التعرف على العديد من كبار الأدباء العرب. وكان أوَّلُهم نجيب محفوظ، حيث زرته عام 1988 في مكتبه بمبنى جريدة الأهرام، برفقة بعض الزملاء الصينيين، ومنهم مترجم لرواية زقاق المدق إلى اللغة الصينية، وقد ترك محفوظ في ذاكرتي انطباعًا عميقًا بتواضعه ولطفه. 
في السنوات الماضية أطلقنا في جامعتنا برنامج «زيارة الشخصيات الثقافية العربية لبكين»، واستقبلنا من خلاله مجموعة من الشعراء والكتّاب والمفكرين العرب، ومنهم أدونيس، وسعدي يوسف، وجمال الغيطاني، ونوال السعداوي، وسلوى بكر، وسمير أمين، وفراس السواح، وغيرهم. وتربطني بهم جميعًا صداقات أعتزّ بها كثيرًا.

حامل راية الاستعراب الصيني
● بعد رحيل المستعرب الصيني الكبير تشونغ جيكون (صاعد) في أبريل 2020م، يرى الأدباء العرب فيك حامل راية الاستعراب الصيني، فهل ترى نفسك في هذا الموقع؟ 
-  كان الأستاذ تشونغ جيكون شخصية ثقافية مهمة في الصين، وساهم مساهمة كبيرة في تعريف الجمهور الصيني بالأدب العربي من خلال نتاجاته الغزيرة في دراسة وترجمة الأدب العربي. كما كان له الفضل الرئيسي في توحيد جهود المستعربين الصينيين، إذ تولّى منصب رئيس جمعية بحوث الأدب العربي في الصين لنحو 20 سنة، وحظي باحترام ومحبة من قبلنا جميعًا، لذا كانت وفاته خسارة كبيرة لا تعوّض بالنسبة إلى الاستعراب الصيني. 
أما أنا، فاعتبرني تلميذًا للأستاذ صاعد، لكنني لست حاملًا راية الاستعراب الصيني بعده، إنما سأسير أنا وزملائي على خطاه، لنواصل مشوار الاستعراب الصيني لتعزيز التفاهم والتعارف بين الشعبين الصيني والعربي.

ازدهار الترجمة
● الترجمة بين الأدبين العربي والصيني، كيف ترى وضعها خلال العقد الأخير؟ وإلى أي كفّة يرجح ميزان الترجمة بين اللغتين؟ 
- شهدت حركة الترجمة بين الأدبين العربي والصيني فترة ازدهار في العقد الأخير، وأهمّ سبب في ذلك يرجع إلى اهتمام الجهات الرسمية العربية والصينية بحركة الترجمة في السنوات الأخيرة، باعتبارها بُعدًا مهمًّا في العلاقات الصينية - العربية. وهناك مشاريع عديدة، معظمها صينية، تدعم الترجمة المتبادلة بين الأدبين الصيني والعربي. ونتيجة لذلك صدرت كميات لا بأس بها من الكتب الأدبية المترجمة بين اللغتين. وأظن أن الأعمال الأدبية الصينية المترجمة إلى «العربية» أكثر من الأعمال العربية المترجمة إلى الصينية حتى الآن.

ظاهرة أدونيس
● في رسالة منك إلى أدونيس تقول له: «في ليالي بكين، بل في ليالي ربوع الصين الشاسعة، يسهر شعرك راقصًا ليرافق عددًا كبيرًا من قرائك ومحبيك في بلاد التنين»، لماذا أدونيس، تحديًدا، ترى في إنتاجه الأدبي كل هذا الضوء؛ على الرغم من أنك ترجمت لغيره كدرويش وونّوس وآخرين؟ 
-  نعم، شهدنا في الصين خلال العقد الماضي ظاهرة شعرية وأدبية تتعلّق بأدونيس، بعد أن حقّق ديوانه الأول في اللغة الصينية بعنوان «عزلتي حديقة» نجاحًا كبيرًا، إذ إن هذا الديوان الذي ترجمتُه طُبع أكثر من 30 مرة منذ صدوره عام 2009 حتى الآن، ويقارب إجمالي المبيعات ثلاثمئة ألف نسخة، وهو يعتبر رقمًا كبيرًا حتى بالقياس إلى الشعر الصيني المعاصر. كما ترجمتُ بعد ذلك 6 كتب أخرى له بين الشعر والنثر، كلها لقيتْ إقبالًا جيدًا في السوق الصينية، لذا، لا أبالغ إذا قلت إن أدونيس أصبح اسمًا معروفًا في الوسط الثقافي الصيني، ولا تقتصر شهرته على دائرة المهتمين بالأدب العربي فقط. ومثال آخر على شهرته الكبيرة في الصين هو الحوار الافتراضي الذي جرى بيننا بموقع فينيكس الصيني في شهر مايو الماضي، حيث تجاوز عدد المتابعين للحوار 340 ألف متابع عبر «الإنترنت»، وقيل إن معظمهم من الشباب الصينيين.
  بدأتُ أقرأ أدونيس في تسعينيات القرن الماضي، وبالتحديد مدارات أدونيس المنشورة بجريدة الحياة في ذلك الوقت. وتركت كتاباته انطباعات فريدة وعميقة في ذهني. وأقول، بصراحة، إن معظم المقالات المنشورة في الصحف العربية، في ذلك الوقت وحتى الآن،
لا تعجبني كثيرًا، لأنها إجمالًا ضيقة الأفق وقصيرة النظر، فهي إما تبرّر السياسات الرسمية الآنية بشكل أعمى، وإما تكرّر ما يقوله الآخرون، وخاصة الغربيين. فما إن تمضي سنوات أو شهور حتى يتبين أن هذه الآراء باطلة ولا قيمة لها. وأحيانًا أقرأ بعض المقالات التي تعبّر عن آراء جيدة، كأنها قناديل ترسل أضواء متفرقة في سماء باهتة. 
لكن كتابات أدونيس مختلفة تمامًا، تأتي كبرق أو صاعقة تضيء الفضاء وتخترقه، تشعرني بقوة فكرية ولذّة فنية، لأنّه يضع أصابعه في جوهر المشكلات العربية، من أجل استئصال الورم الخبيث في الجسد العربي. كما يكتشف مواطن القوة والجمال فيه، غير المعروفة لدى العرب أنفسهم. 
باختصار، تأتي إنتاجاته، شعرًا ونثرًا، لزلزلة الثابت السائد في الثقافة العربية بكل تجلّياتها الدينية والفكرية والأدبية، وإعادة اكتشاف المتحول المحجوب فيها. ولم يقلل مرور الوقت من قيمة كتاباته، بل زادها قيمة وأهمية، وكأن أدونيس يمتلك قدرة عجيبة على استشراف المستقبل والتنبؤ به. نجد براهين على ذلك في موقفه مما يسمّى بالربيع العربي، من الأنظمة ومن المعارضات على حد السواء؛ أو في نقده للمشهد السياسي والثقافي في بيروت ولبنان في مقالات نشرت مع بداية هذا القرن، الذي جلب له سخط كثير من اللبنانيين حينئذ كما أعرف؛ أو في نقده للنظام البعثي في العراق المكتوب عام 1969؛ ناهيك بكتاباته الغزيرة عن الواقع العربي والجذور التاريخية والثقافية للمأزق العربي الراهن.
أنا شخصيًا، أظن أن الوسط الثقافي العربي لم يتمكّن من تقدير أدونيس كما ينبغي. يقول بعض العرب إنه متمرد، بل خائن للثقافة العربية، ورأيي أنهم لم يفهموا أدونيس حق الفهم، ولم يقرؤوه جيدًا. أرى أنه بقدر ما يكون متمردًا على الرواسب السلبية في الثقافة العربية، يكون وريثًا أمينًا لأعظم وأعمق ما في الثقافة العربية الإسلامية، المتمثلة في الشعر والفلسفة والتصوف والاعتزال وغيرها.
تذكرت هنا مقولة كاتب صيني في رثاء لوشيون، الأديب الأعظم في الصين الحديثة: «إنّ الأمة التي لا تنجب العباقرة العظام هي أمة مسكينة في هذا العالم، أما الأمة التي أنجبت العباقرة العظام ولا تعرف محبّتهم وتقديرهم والوقوف معهم، فهي أمة العبيد التي لا أمل لها». قيل هذا الكلام عن الصين فيما قبل 100 سنة تقريبًا، وأتمنّى ألّا ينطبق على العالم العربي اليوم، كما أتمنّى أن يعرف مزيد من العرب قيمة أدونيس وغيره من المبدعين العرب الكبار في جميع المجالات الفكرية والعلمية والثقافية.

حركة الترجمة بين العربية والصينية 
● ما الذي تحتاجه حركة الترجمة بين اللغتين العربية والصينية؟ وما السبيل للتغلب على صعوبة اللغتين من وجهة نظر الدارسين والمترجمين؟
- كما قلت قبل قليل، صدرت في السنوات الماضية كمية لا بأس بها من الكتب في الترجمة بين الأدبين الصيني والعربي. ما نحتاج إليه الآن ليس الكمية، إنمّا النوعية أو الجودة. 
أظن أن معظم الترجمات، في اللغتين العربية والصينية، لم تبلغ المستوى المرجوّ في الدقة والجمال، مما أثّر سلبًا في تلقي الكتب المترجمة؛ سواء في الصين أم في البلاد العربية. وبهذه المناسبة أحب أن أكرّر ما قاله أستاذنا الراحل، صاعد، للمترجمين الصينيين في مناسبات عديدة: إن الأدب العربي مثل تحفة يشمية أو ذهبية ثمينة، والمترجم مثل فنان نحّات أو جواهرجي، عليه أن يقدّم إلى القراء الصينيين عملًا فنيًا راقيًا لا يقلّ جمالًا وروعة عن التحفة العربية.
 لذا، على المترجم أن يبذل جهودًا كبيرة في الصياغة والصقل والتلميع، حتى لا تتحول التحفة الفنية إلى طوبة خشنة قبيحة. فالترجمة السيئة تسيء إلى سمعة العمل المترجَم بدلًا من ترويجه نشره، وتسيء حتمًا إلى سمعة المترجِم أيضًا. علينا أن نحرص على سمعة الأدب وعلى سمعتنا نحن المترجمين. أظن أن هذا الكلام ينطبق على الترجمة من «الصينية» إلى «العربية» أيضًا. فينبغي ألّا يُنظر إلى الترجمة على أنها عملية تجارية بحتة، كما ينبغي أن يتحلّى المترجم بالإحساس بمسؤولية، وبروح مهنية عالية.
 أما عن الصعوبة اللغوية، فكل لغة صعبة، مع أن كثيرًا من الناس يرون أن اللغتين الصينية والعربية من أصعب لغات العالم، ولا يمكن التغلب على الصعوبة اللغوية إلّا بمزيد من الدقّة والعناية والجهد. هنا لا أوافق على حجة بعض المترجمين العرب، الذين يبرّرون أخطاءهم في النّحْوِ والصَّرف وطُرق الاستخدام - مفرداتٍ وتراكيب، بأنها استعمالات شائعة وحديثة. إن هذه الحجة وغيرها تعني استهتارًا بعظمة اللغة العربية، بل تعني خيانة للهوية الثقافية، لأنّ اللغة هي أهمّ ما يشكّل الهوية الثقافية للإنسان.

معرفة سطحية
- قلت في إحدى مقابلاتك: «الصينيون تنقصهم الرغبة في معرفة الثقافة العربية»، كيف يمكننا شحذ هذه الرغبة وإذكاؤها لدى الجمهور والمثقفين الصينيين؟ 
- لا أذكر أنني قلت مثل هذا الكلام. أعتقد أن المحرّر هو الذي فهم كلامي بشكل خطأ، أو أخرج كلامي عن سياقه، مما يسبّب خطأ في الفهم. بالعكس، يرغب الصينيون، وخصوصًا المثقفين، في معرفة الثقافة العربية، ذلك لأنّ معرفة معظم الصينيين بالثقافة العربية لا تزال ناقصة وسطحية، وهناك رغبة في زيادة هذه المعرفة. 
هناك أسباب عديدة لازدياد رغبة الصينيين في معرفة الثقافة العربية، وخاصة في السنوات الأخيرة: أولًا: شهد العالم العربي أحداثًا كبرى وبشكل مكثف في القرن الجديد، مثل حادث الحادي عشر من سبتمبر 2001، والحرب الأمريكية على العراق، وثورات الربيع العربي، وظهور وتمدّد تنظيمات إرهابية، كـ «القاعدة» و«الدولة الإسلامية» وغيرهما، كلها أحداث هزّت العالم وأثارت اهتمام المثقفين الصينيين أيضًا، الذين يريدون معرفة الخلفيات والأسباب وراء هذه الأحداث. 
ثانيًا: بعد صعود الصين اقتصاديًا في العقدين الأخيرين، وقربها من المكانة المركزية في الساحة العالمية، وبعد أن تمددت المصالح الصينية في العالم كله، مع طرح مبادرة الحزام والطريق قبل سنوات، أصبح للنخبة الصينية حرص متزايد على معرفة العالم كله، بما فيه العالم العربي.
 ثالثًا: الآخر هو مرآة لمعرفة الذات، وكان «الآخر» بالنسبة إلى الصينيين هو الآخر الغربي لفترة طويلة، لكن الحال تغيّرت الآن، وأصبح لدينا وعيٌ متزايد بأن هناك أكثر من «آخر» واحد، أو لنقل إن هناك «آخرين»، كل واحد منهم يشكّل مرآة تعكس ذاتنا من زاوية، ولا تكتمل صورة ذاتنا إلّا عبر مرايا عديدة، أي عبر مرايا «الآخرين».
 لذا، تبرز أهمية معرفة الآخر العربي أيضًا بالنسبة إلى المثقفين الصينيين، بعد أن كان الآخر مقتصرًا على الآخر الغربي، خصوصًا أن هذا الآخر العربي ينتمي إلى الشرق مثلنا. وأظن أنّ كلامي هذا ينطبق على معرفة العرب للعالم الخارجي أيضًا.

تأثّر لا شعوري
● قرأت وترجمت للعديد من الأدباء العرب، هل وجدت أحدهم قد تأثر بالأدب الصيني وظهر هذا التأثر في أعماله؟ 
- أولًا: أعتقد أن معرفة الأدباء العرب بالأدب الصيني قليلة نسبيًا؛ ثانيًا: يصعب القول في الأدب المقارن بأن أديبًا معيّنًا تأثر بأديب من بلد آخر، حتى ولو وجدنا أوجه التشابه في كتاباتهما، لأنّ هذا التشابه قد يحدث مصادفة مع أديبَيْن. أعرف أن الأستاذ حسانين فهمي (بجامعة عين شمس) أشار إلى تأثّر الأديب المصري عبدالغفار مكاوي بالأديب الصيني الكبير لوشيون، كما أعرف أن بعض الأدباء العرب قرأوا أعمالًا أدبية صينية وأمهات الثقافة الصينية وأعجبوا بها، منهم أدونيس الذي قرأ قصائد لبعض الشعراء الصينيين وتربطه بهم صداقة حميمة، وجمال الغيطاني الذي يحبّ الفيلسوف الصيني القديم لاو تسي وفكره التاوي كثيرًا، لكنني لست متأكدًا هل تأثّر هؤلاء بالأدب الصيني أو الثقافة الصينية. قد تكون التأثر لا شعوريًا في بعض الأحيان.

الأدب العربي متجدّد
● كيف ترى الحركة التجديدية في الأدب العربي، وإلى أين يتجه هذا التجديد برأيك؟ 
- لم أتابع المستجدات في الأدب العربي المعاصر عن كثب ومن دون انقطاع. لذا، لستُ متأكدًا إن ظهرت اليوم فعلًا حركة تجديدية في الأدب العربي أم لا. لكنني أعرف أن الأدب العربي يواكب حركية التطورات العربية السياسية والاجتماعية والثقافية، فكما كان الشعر ديوان العرب في قديم الزمان، يكون الأدب العربي المعاصر، شعرًا ونثرًا، ديوان العرب المعاصرين. وبتعبير آخر، إن الأدب العربي يتجدد دومًا مع تجدد الحياة العربية. ولا شك في أن الرؤية تتجدد، وأساليب التعبير تتجدد أيضًا، بالتزامن مع كل المستجدات داخل العالم العربي وخارجه. لكن، هل ظهر ما يمكن تسميته بالحركة التجديدية الأدبية؟ لستُ أعرف، وأتمنى أن أعرف جوابه من الأدباء العرب أنفسهم ■