الكويت رائدة النهضة الأدبية العربية

الكويت رائدة النهضة الأدبية العربية

حرصت مجلة العربي الكويتية منذ بداية إطلالتها على أن يسع قلبها جميع الأقلام العربية كافة، في شتى ميولها الأدبية والثقافية والفكرية، حتى أنها لم تتوقف في أسوأ الظروف التي مرت عليها عن احتضان العطاء الأدبي العربي، وهي تحرص على أن تقدم للأمة العربية صورة عن نتاج أبنائها في الأدب والشعر والفكر والفلسفة والتاريخ والفكاهة مرفقة بمجلة (العربي الصغير)، وهي في الحقيقة للصغير والكبير ومن أرقى المجلات العربية التي تربي النشء على القيم والإبداع والعطاء وتترك له فرصة الخوض في شتى العلوم الإنسانية والحياتية، وهما - أي العربي الصغير والعربي الكبير -  منبران وَرَقيان يختصران في نتاجهما الأمة العربية في صورتها الأدبية والفكرية، فالعربي الصغير مملكة الأطفال وبستانهم الغني ونتاجهم الطفولي والشبابي الغزير والغني، وملعبهم الزاخر بكل ضروب التسلية الكتابية والأقاصيص المشوقة والقصائد الجميلة المحببة والحزازير والأحاجي الدافعة إلى التفكير وصقل الذاكرة والتواريخ التي تحكي قصص البطولة وتكشف عن حياة العرب بأسلوب مشوق وصور حية عن عاداتهم وتقاليدهم. 
أما مجلة العربي فهي خزان العلوم والمعارف وجغرافيا الأرض والإنسان وتاريخهم الماضي والحاضر ونتاجهم الأدبي والفكري والشعري والوجداني وحضارتهم الإنسانية الزاخرة بكل نفيس وجميل ودراسات لشعرهم مبنى ومعنى وأساليب، وبقيت كما كانت منذ صدور عددها الأول سنة 1958م حريصة على أن تكون جامعة لا مفرقة موحدة لا مشَتِتَةْ، داعية إلى وحدة الأمة العربية وتماسكها مدافعة عن حقوقها وقضاياها المصيرية، خاصة قضية فلسطين.
 تلك كانت سمة أمرائها وتوجهاتهم المنسجمة مع قناعاتهم وخاصة طيب الذكر الذي رحل بالأمس تاركًا تاريخًا من الأريحية وحب الوطن والأمة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، والذي تذكره بالخير والإكبار أمته العربية وبنو وطنه، و«العربي» كانت في ضمير الأمير الراحل مقدمًا  لها الدعم المادي والمعنوي حرصًا على استمرارها قلب الأمة العربية النابض والمجلة الاستثنائية التي حازت إعجاب أدباء وكتّاب وفناني الأمة العربية ففتحت صدرها لهم ونقلت إبداعاتهم ونتاجهم إلى كل مكان ومنزل ومؤسسة وجامعة في أمتنا العربية، وها هي اليوم وقد تجاوزت عامها الستين تمتد صعدًا في ثرائها الأدبي واللغوي والتاريخي والفني حتى غدت أنيسة كل مواطن وقاموسه ودليله ومنتجعه وتسليته في أوقات الشدة والضجر، مقدمة عصارة أفكار ونتاج أمة وأمجاد تاريخ يسلي القلب ويتحف العين ويملأ الفكر، ويقدم ما لا يمل من مائدة غنية. 
ومن أكثر القضايا التي حرص عليها أمراء الكويت واحتضنوها قضية فلسطين وكانت للراحل الكبير مواقف مشرفة وتصريحات مدافعة عن حق الفلسطينيين ودولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وقد تجلى ذلك في موقف أحد مسؤوليها الصارم والمشرف من وجود مندوب إسرائيلي في أحد اللقاءات حيث أصر على طرده من مكان الاجتماع كما شرّفنا وأثلج قلوبنا ما رأيناه من أمير الكويت خالد الذكر عندما مدَّ - رحمه الله - يده الحانية وقلبه العطوف حيال الانفجار الذي دمّر ميناء بيروت، مطالبًا بتقديم الدعم المعنوي والمادي لإعادة بنائه، هذه اللحمة الحية التي تؤثر دولة الكويت المحافظة عليها هي سرُّ المكانة التي تحظى بها من أشقائها العرب، مقدمة نموذجًا حيًا ورسالة إلى الأمة العربية حول ضرورة توحيد القلوب والمشاعر حيال قضاياهم المصيرية ومصالحهم في الميادين كافة ■