من المكتبة الأجنبية: التصميم العظيم

من المكتبة الأجنبية: التصميم العظيم
        

          يناقش المؤلفان في كتابهما «التصميم العظيم» النظرية المعروفة باسم «نظرية إم» والتي تجمع بين نسخ متنوعة عديدة من نظرية «الأوتار» الكونية التي وضعت في منتصف تسعينيات القرن الماضي، ويعلنان أنه إذا تأكدت هذه النظرية بالمشاهدة، «فسنكون قد وجدنا التصميم العظيم»، ولكن هذا شيء آخر يثير الضيق. فعلى الرغم من كثرة الحديث عما يبدو عليه الكون من «انضباط دقيق» لملاءمة الوجود البشري، إلا أن المؤلفين لا يريان في واقع الأمر أن هذا الكون مصمَّم بأي صورة من الصور. وها نحن أولاء من جديد يأتي من يخبرنا بأننا على وشك فهم كل شيء.ربما يكون المؤلفان في هذه الحالة من الاستنارة التي يحسدان عليها، ولكن معظم القراء ليس لديهم أدنى فكرة عما يعنيان. ومع ذلك فإن بعض محبي الفيزياء سيجدون متعة في «التصميم العظيم». المشكلة ليست هي أن هذا الكتاب صعب من الناحية الفنية، فهو - مثله مثل «تاريخ موجز للزمن» - لا يحتوي أية معادلات، ولكن لأن المؤلفين يلجآن -كلما لاح سير الأحداث نحو شيء بالغ الصعوبة- إلى الحجج والأقوال الواهية وينتقلان في رشاقة إلى الفكرة التالية المثيرة للرهبة. وأي شخص يمكنه متابعة فقراتهما الختامية التي تتناول العلاقة بين طاقة الجاذبية السلبية وخلق الكون، ربما يعرف كل هذا من قبل. هذه هي الفيزياء بالعبارات الرنانة.من الصعب تقييم حجة المؤلفين ضد الفلسفة الحديثة، لأن الإشارة الوحيدة اللاحقة إلى الفلسفة -بعد الإعلان عن اندثارها- هي إشارة تستحسن - بشكل يلفت النظر- تحليل أحد الفلاسفة لمفهوم قانون الطبيعة والذي يقولان عنه «إنه مسألة أدهى مما يظن المرء للوهلة الأولى». والواقع أن هناك الكثير نوعًا ما من المسائل التي هي أدهى مما يظن المؤلفان. وسرعان ما يتبين لنا أن الأستاذ هوكينج والسيد ملوديناو ينظران إلى المشكلة الفلسفية باعتبارها شيئًا تقهره وأنت تشرب كوبا سريعا من الشاي بعد أن تفرغ من حل ألغاز السودوكو.أهم شيء جديد في «التصميم العظيم» هو تطبيق المؤلفين طريقة لشرح ميكانيكا الكمّ، مستمدة من أفكار الراحل ريتشارد فينمان، على الكون ككل. ووفقا لطريقة التفكير هذه، فإن «الكون ليس له مجرد وجود واحد أو تاريخ واحد، بل إن كل نسخة محتملة من الكون موجودة بشكل متزامن بعضها مع بعض». ويؤكد المؤلفان أيضًا أن ماضي العالم لم يتكشّف من تلقاء نفسه، بل إننا «نخلق التاريخ بملاحظتنا وليس التاريخ هو الذي يخلقنا». ويقولان إن هذه الأفكار المفاجئة اجتازت جميع الاختبارات التجريبية التي أخضعت لها، ولكن هذا مضلل على نحو للأسف - مألوف من المؤلفيْن. فأساسيات ميكانيكا الكم هي التي ثبت أنها متفقة مع ما هو معروف حاليا عن العالم دون الذري. أما تفسيرات المؤلفين لها واستقراءاتهما فلم يتم إخضاعها لأي اختبارات حاسمة وليس من الواضح أنه يمكن يومًا إخضاعها لمثل هذه الاختبارات.
----------------------------
*ستيفن هوكغ عالم كونيات بريطاني، وليونارد ملوديناو فيزيائي أمريكي.
**كاتب مصري مقيم بالإمارات.

 

 

ستيفن هوكينج وليونارد ملوديناو*