جـائزة نـوبل لـلآداب: نـوبل 93 تذهب إلى

جـائزة نـوبل لـلآداب: نـوبل 93 تذهب إلى "الصعايدة" في الولايات المتحدة

توني موريسون تفوز بجائزة نوبل في الآداب لعام 1993. قد لا يكون الأمر مثيرا للدهشة كثيرا، كعادة جائزة نوبل في السنوات الأخيرة، ولكنها بلا شك تثير المزيد من التساؤلات حول الكاتبة، فهل يمكن ان تصبح الجائزة نوعا من التشجيع باعتبار أننا أمام كاتبة لم تنشر سوى عدد قليل جدا من الروايات وبالتالي فهي جديدة إلى حد ما، قياسا إلى أقرانها الذين سبق لهم الفوز في الأعوام السابقة، وأيضا قياسا لزملائها من الزنوج والزنجيات في الولايات المتحدة.

هذه الظاهرة لم تحدث من قبل، سوى في عام 1970، عندما فاز بجـائزة نوبل الكاتب الروسى المنشق ألكسندر سولجنتسين، ولم يكن قـد نشر آنـذاك سوى روايتين، ومجموعة قصصية، واعتـبر حصوله على الجائزة وقتها نوعا من التكريـم لموقفه من سياسة بلاده الشيوعية وكان من الغريب أن أفضل روايات الكاتب قد نشرها بعد ذلك وليس قبل أن يحصل على نوبل.

على كل فحصول توني موريسون على جائزة نوبل هذا العام يعطي مجموعة من المؤشرات المهمة يمكن أن نوجزها في هذا المقال، قبل أن نتوغل في عالم الكاتبـة الإبداعي.

أول هذه المؤشرات أننـا أمام كـاتبـة من الجنوب الأمريكي. والغريب أن هناك مذاقا غريبـا لهذا النوع من الأدب. وكأنه يـؤكد أن الأدب بالفعل ابن بيئتـه وأنه يمكن تقسيمه جغرافيا بسهولة في أي مكـان بالعـالم. وخاصة في البلاد المتسعة الأراضى مثل الـولايات المتحدة، وروسيا، فقد سـاعدت الطبيعـة، والمـيراث التاريخي، أبناء هذا الجنوب على صناعة أدبهم الخاص. في البداية تصور البعض أنه أدب زنجي في المقام الأول، من أهم أبنـائه جيمس بـولـدوين وريتشارد ويسلي وتوني موريسون لكن أشهر من أعطى لهذا الأدب هم البيض. ويرى بعض النقاد، أنه نتيجة لخصوصية هذا الأدب، فإنه قـد أنجب أهم الأدبـاء الأمـريكيين المعروفين حـاليـا، وطوال القرن العشرين، مثل مرجريت ميتشيل، ومارك توين، وويليام فوكنر، وإدوار ويلتي، وتوماس وولف، وفلافري اوكنور، وويليام ستيايرون والقائمة طـويلة للغاية.

ولو نظرنا إلى هؤلاء الأدباء فعلا، وحـاولنا مقارنتهم بأدباء الشمال، فسنرى أن الجنوبيين بالفعل هم الذين يقدمـون الأدب "الحقيقي"، أمـا المشـاهير من الشمال فيكتبون روايات الخيال في المجال العلمي، والتجسس، والبوليس، والرعب أمثال ستيفن كنج، ودافيد سلتز، أما الأكثر جـدية فيهم من أمثـال جون ارفنج فـإنهم يكتبون روايات مليئة بالجنس، والقصص المكررة.

وتعتبر توني مـوريسون أول كـاتبة غير يهودية تحصل على الجائزة في الولايات المتحدة، فمنذ أن حصل عليها جون شتاينبك قبل واحد ثلاثين عاما، 1962، وكل من حصل عليها من الأمريكيين من اليهود، أمثال صول بيللو، وإسحـاق باشفتس سنجر، ويـوسف برودسكي، وأيضا إيلي فيسل (أديب حصـل عليها في السلام عام 1986)، لدرجة جعلت البعض يتصور أن غير اليهود في الولايات المتحدة لم يعودوا يكتبون أدبا يستحق الالتفات إليه، وأن بعـض المحـاولات الجادة التي يكتبهـا أدباء الجنوب، ليست سوى محاولات- ورغم أن الكثيرين من هؤلاء الكتاب كانوا يجدون في الجوائز الأمريكية المحلية سلوتهم، وطموحهم، فإن أحـدا لم يكن يتوقع أن تفوز موريسون بالجائزة، صحيح أن هناك بعض الزنجيات، وأيضا كتابا كثيرين من الجنوب، قد فازوا بجائزة بوليتزر لكن هذه الجائزة نفسها راحت إلى اليهود كثيرا. ومن بين الذين حصلوا على الجائزة من الزنجيات إليس ووكر عام 1983 عن روايتها "اللون قرمزي" ثم حصلت عليها موريسون عام 1988 كما سبق أن حصل عليها ويليام ستايرون وآخرون.

إذن، فبحصول توني موريسون على نـوبل 1993، يمكن أن نقول إن هناك نوعا من لفت الأنظار إلى الأدباء الأمريكيين من غير اليهود، بالإضافة إلى كتاب الجنوب بشكل عام، وهم موجـودون في الساحة الأدبية بشكل يلفت الأنظار.

وسرعان ما عادت جائزة نوبل، وبأسرع من طرفة العين إلى المرأة. فقد كـانت المسافـة الـزمنية بين نيللي ساخس، "ألمانية" ونادين جورديمر"1991" خمسة وعشرين عاما. وتصور البعض أن على الكاتبات أن ينتظرن طويلا، قبل أن تعود الجائزة إليهن وفقدت العجـائز الأمل في أن يحصلن على الجائزة مثل مـرجـريت دوراس، وناتالي سـاروت،وإيريس مردوخ، والأمريكية جـويس كـارول أوتس. وليس هنـاك تفسير محدد لسرعـة العـودة إلى النسـا ء، فمن المعـروف أن الاستفسارات حـول الفائز بنوبل كثيرا ما تكـون أكثر من الإجابات.

على كل ففي قـائمـة الأديبـات الحاصـلات على الجائزة، فـإن موريسون تعتبر أول امرأة زنجية لكنها المرأة التاسعة وثاني أمريكية بعد بيرل بك التي حصلت عليها عـام 1938، وقـد تـم تـوزيع الجوائز للنساء بشكل يبدو أقرب إلى العقل والمنطق، فقد حصلت عليها كـاتبات من أقطار مختلفـة مثل سلمى لاجيرلوف "السـويد- 1909" وجراتسيا ديليدا "إيطاليا- 1926"، وسيجريد إندست "النـرويج- 1928" وجـابريلـلا ميسترال" شيللي- 1945" ونيللي سـاخس "ألمانيا- 1966" ثم نـادين جورديمر"جنوب إفريقيا- 1991".

عندما يتوحد المهاجرون

تمثل توني موريسـون تيارا جديدا ظهر في السنوات الأخيرة من الكـاتبات الزنجيات المتميزات. وقـائمة هؤلاء الكـاتبـات، كما نشرتها مجلة "مجازين ليترير" في عددها الخاص عن الأدب في الولايات المتحدة بين عامي 1960 و1990- "أكتوبر 1990"، كبيرة للغاية فيها على سبيل المثـال كـل مـن: أليس ووكر، وبولي مارشال، ومايا أنجلو، ومرجريت ووكر، وتوني كاد باميرا، ونيكي جير ثاني، وسونيا شانشت.

ولعل أشهر هؤلاء الكاتبات، خارج حدود الولايات المتحدة، هي إليس ووكر.. وهي روائية، وشاعرة وكاتبة مقال. ولدت في أسرة فقيرة. وهي صديقة الطفولة لموريسون، عرفت بنضالها من أجل الحقوق المدينة لزوجها. وبدأت حياتها الأدبية بديوان شعر عام 1968 تحت عنوان "مرة".. وقد ارتبطت بحركات تحرير عربية من أجل إفريقيا، وأيضا دافعت عن الهوية "الجنوبية" في روايتها "نبات البطونية الثائر" عام 1971 ومن بين أعمالها المهمة"البحث عن حديقة أمنا" وهو كتاب عن إبداع المرأة الزنجية في أمريكا وقد فازت كما سبق الذكر بجائزة بوليتزر عام 1983 عن رواية "اللون قرمزي".

وقد كان من المهم أن تقدم بضعة أسطر عن هذه الكاتبة باعتبارها كانت، إلى فترة قليلة أكثر شهرة من توني موريسون داخل الولايات المتحدة وخارجها.

ولدت كوليه أنطوني ووفورد، المعروفة أدبيا باسم توني موريسون في 18 فبراير عام 1931 بمدينة لورين بولاية أوهايو الأمريكية. وقد حملت اسم موريسون من زوجها الأول الذي اقترنت به في الجامعة، حيث درست في جامعتي هيوارد، وكورنيل وبعد تخرجها من الجامعة عملت مديرة لدى أحد بيوت النشر،كما عملت مدرسة تلقي المحاضرات حول إبداع الكاتب الأسود. وبمناسبة صدور روايتها "جاز" تحدثت توني موريسون عن سنوات الطفولة قائلة:" كانسكن مدينة صغيرة في ولاية أوهايو كان أبي عاملا بسيطا، وكم افتقدنا المال ولكنني لم أجرب أبدا الإحساس أنني أعيش في مأساة. وكان جيرانا القادمون من كل الأنحاء مثلنا لذا سرعان ما توحدنا معا. وتقاسمنا كل شيء معا اعتاد المهاجرون أن يأتوا إلينا، فهم يعرفون أن أبواب بيتنا مفتوحة. كان أبواي يسمعان دوما أغنيات شبابهما فأدركت أنهما يتذكران عصرهما الذهبي. لم يكفا عن الحديث عنه. وقد انغمست بكل طفولتي في هذا العالم". وفي مجلة "لونوفيل أوبسرفاتور" 2 يوليو 1992 تقول توني إنها كانت تقضي أغلب وقتها وهي طفلة في المكتبة "كنت أقرأ كل ما هو موجود فوق الأرفف، الشعر الكلاسيكي البريطاني والأمريكي، لم أكن أفكر طويلا في الأدب في الحقيقة كنت أرغب أن أكون راقصة. وتلقيت التدريبات في هذا المجال وكان على أن أتوقف. فنحن لا نختار مصائرنا".

وما إن أحست أن عليها أن تكون أديبة، حتى شدت رحالها إلى نيويورك، مدينة الأدب والفن. وحول اتجاهها إلى التدريس في الجامعة ترى توني موريسون أن ذلك كلن الوسيلة الأساسية للاتصال مع الواقع .ولاكتشاف الأشياء الجديدة وللإثراء الفكري.

عالم من النساء المتقزمات

في عالم توني موريسون الأدبي، نرى دائما تجربة شخصية تعيشها على السطور. وهذه التجربة تنضج من رواية لأخرى.ففي أول أعمالها "العين الأشد زرقة" 1970 نرى صبية قزمة سوداء تحاول أن تكون شقراء الشعر بأي ثمن، فهي مبهورة بالأطفال البيض وبأعينهم الملونة. وترى هذه الصبية أن الناس يتم تمييزهم حسب ألوان الشعر والعيون. وهي تتمني أن تنام وتصحو لتكون مثل شيرلي تمبل. وهذه الفتاة التي تدعى بيكولا بريدلف، أو خبز الحب الصغير كما هو اسمها بالإيطالية والإنجليزية، تغرق في دياجير الجنون وتتخيل نفسها تعيش في عالم يصبح فيه الحب هبة، أما الحب الوحيد المجاني فهو حب المحارم.

وتصف الكاتبة كيف تغوص الفتاة في هذا العالم، وهي لا تعرف ماذا ينتظرها من مصير غامض.أما أعمال الكاتبة المتلاحقة ببطء فهي: "صولا" عام 1974 و"أغنية سليمان" التي حصلت على جائزة أحسن رواية أمريكية عام 1977 و"طفل من فصيلة نبات الترنية"TARBABY عام 1981 وفي عام 1988، حصلت على جائزة بـوليتزر عن رواية "محبوبة"، وهي الرواية الوحيدة المترجمة لموريسـون إلى اللغة العربية. ثم هناك رواية "جاز" المنشورة في العام الماضى. كـما أن لها كتابـا آخر يحمل عنوان "اللعب في الظـلام ". يضم مقالات عن أدباء الجنوب.

في روايـة "صـولا" نـرى فتـاة زنجيـة تـدعى "صولابيس" وللاسم هنا معناه، فاسم العائلة "سلام" الذي تحمله البطلة يدل على ما تفتقده الفتاة من صفاء. وهي فـلاحة من ولاية أوهايو وتمثل الفتاة آخر أبناء الجيل الثالث من زنـوج أمريكيين عانـوا الكثير من الاضطهاد العنصري ولـذا فهي امرأة متحـررة تفتقـد القدرة أن تكـون محبوبة، أو عاشقة. رغم أن آلاف المشاعر تنتابها وهناك دائـما مواجهة ساخنة بين صولا وأمها وجـدتها، وهن كـما أشرنا يمثلن ثلاثة أجيال عشن تجارب مختلفة.

وتقول مجلـة بانوراما الإيطـاليـة- 25 أغسطس 1991- إن النساء الثلاث: صـولا، وهانا وإيفا يعشن مأساة تنخر بـين اللحم والعظم لدى كل منهن، ولأنهن من البشر فالمعاناة عالية وهن يشعرن أنهن إفـريقيات أمريكيات فلا يمكن للمرء أن ينسلخ عن جـذوره بسهولة. وتقول المجلة إن الرواية مكتوبة بلغـة خاصة يمتزج فيهـا الأسلـوب الأدبي بـالتعبيرات والجمل الحقيقيـة التي ينطقها الناس في الجنوب وخاصة بين الأسرات الزنجية.

وفي هذه الرواية هناك بـذور العنف الشديد الذي يعرفه المجتمـع الأمريكي، خاصة في صعيـد الولايات المتحد! فهناك امرأة تزرع في نفس ابنها رغبة الانتقام كي يحرق كل ما حـوله، تحت ادعاء أنه ما أمتع أن تتحول الأشياء إلى أطلا!.

والنيران تشتعل في مدارس الزنوج

وفي عدد أكتوبر 1995 من مجلة "مجازين ليترير" هناك مقارنة بين توني مـوريسون، وصديقتها أليس ووكر في أنهما ينتميان إد الأدب النسوي fAEMNISME وقد بدا هذا واضحا في ثلاث رواياث من أعمالها، على الأقل، ومنها رواية "محبوبة" إلا أن الكاتبة حاولت أن تخرج أحيانا من عالم المرأة للدخول إلى عالم الرجل الأسود مثلما في رواية "أغنية سليمان" حيث نـرى رجلا يدعى "ماكـون دير" أو "ماكـون الميت" الذي يحاول جـاهدا أن ينسى سنوات العبـوديـة، ولكنـه لا يستطيع، حيث يجد نفسـه مهتما بالتوغل في جـذور أجداده الزنوج وقد وصفتها مجلة " لونوفيـل أوبسرفـاتور" بأنها " اوديسا " الـزنـوج في الولايات المتحدة.

أما في الرواية التاليـة للكاتبة، فإنها عادت للاهتمام بالمرأة الزنجية فـ "جادين" في رواية "طفل من فصيلة الترنيه" تعمل عارضة أزياء عالمية ولعلها المرأة الوحيدة في روايات الكاتبـة التي استطاعت أن تحب بعض الوقت فهذا الـرجل "صن" يموت في حـادث سيارة وتكشف الرواية عن استحالة قيام علاقـة دائمة بين رجل زنجي وامرأة من نفس الجذور، وليس فقط بـين اثنين من لونين مختلفين لأن الجذور القديمة تبدو ماثلة أمام الإنسان حين يحب.

وقد خرجت الكاتبة أيضا في هذه الرواية من عالم الزنوج الفقراء كي تصور عالم المقتدرين منهم.

ظلت توني موريسون مجرد كـاتبة ذات أهمية أقل حتى حصلت في عام 1988 على جـائزة بوليتزر عن روايتها "محبوبة"، وسرعان ما لفتت الأنظار إلى أدبها، وعالمها.

وفي هذه الرواية تعود الكاتبة إلى الجنوب فيما بعد نهاية الحرب الأهلية بين ولايتي كنتـاكي وأوهايو بسنوات. قليلة حيث البيض يشعرون بزهو الانتصار، أما الزنوج فإنهم يملأون المدن. وهناك حرب خفيـة بين البيض والسود، فمدارس الزنـوج تشتعل فيها النيران، والرجال الكبار يجلدون كالاطفال أما النساء الزنجيات فإنهن لا يفلتن من رجال الجيش. وفي هذا العالم يوجـد منزل غريب يحمل رقم 124 تعيش فيه "سيث" العبـدة سابقا، والتي تقيم مع ابنتها دنفر البـالغة من العمر ثمانيـة عشر عاما. لقد أنجبـت الابنة طفلة صغيرة اسمها "محبوبة" والتي تصبح شـاهـدا على ما يدور حولها بعد أن قطع المنشار لسانها.

تقرر "سيث" وزوجها أن يهجرا البيت وأن يتجها مع الأسرة إلى سنسناتي وفي أثناء الرحلة يختفي الأب وبفضل قوة شخصية "سيث" فإنها تتمكن من عبور النهر.

الموسيقى الزنجية التي.. قلبت العالم

ولعل توني موريسون في ذلك تلميذة مخلصة في مدرسة ابن الجنوب ويليام فوكنر، الذي فاز بجائزة نوبل عام 1949، والذي اتبع هـذا الأسلوب في الكثير من رواياته وعلى رأسها "الصخب والعنف" ولعل هذا دفع بمجلة لونوفيل أوبسرفاتور إلى اعتبار موريسـون بمثابة "فـوكنر" الأسود في 2 يوليو من العام الماضي، حيث اعتبرتها أهم كاتب أمريكي معاصر..

في أحدث روايـة منشورة للكاتبة تحت عنوان "جاز" تعود توني موريسون مجددا إلى سنوات العشرينيات، بعد أن انتهت الحرب العالمية بأشهر قليلة كانت أوربا في ذلك الوقت لا تـزال مغطاة بغبار الحرب أما الأمـريكيون فلم يكـونـوا يكفون عن الغنـاء على موسيقى الجاز.هذه الموسيقى ولدت أولا في الجنوب، وعلى أيدي الزنوج.

لم تلبث هذه الموسيقى أن انتشرت حول العالم، وحول هذا الفن في حياة الـزنوج صورت الكاتبـة فتاة زنجيـة صغيرة، في الثامنة عشرة من العمر وهي جميلة، ومغرية وتدعى دور كاس.

وكما في روايات موريسون الأخـرى، فهناك دائما نساء أخريات يدرن في فلك الشخصية الرئيسية وهما الزوجان جو وفيوليت، في الخمسـين من العمر ويعمل "جو" بائعا متجولا أما الزوجة فتجدل شعر النساء وذات يوم يلتقي "جو" بالفتاة دور كاس ويحبهـا ثم يغمرها بالهدايا ولكن الفتاة تحلم بأن يحبها شاب في مثل سنها فتخدع جـو مما يدفعه إلى أن يقتلها وفي يوم الدفن تنهال الزوجـة على جسد الفتاة وتطعنها أكثر من مرة بسكين

وترى أسرة الفتـاة أن عليها أن تنتقم لمقتل ابنتها على طريقة الثأر في صعيد ممر، فتلجأ إلى العنف.

والأشخاص هنا هم أبنـاء البيئـة الصلـدة، القاسية فوسط مراعي فرجينيا نما هولاء الأشخاص وعاشوا عنصرية بالغة القتامة، فأحداث العنف تملأ الرواية فأم فيوليت قـد ماتت بأن رمت بنفسها في البئـر وكل هذا العنف ممزوج بموسيقى خشنـة صادرة من آلات نحاسية وتبـدو الموسيقى هنـا أشبه بـديناميت يتفجر بـين البشر وهي تبدو خطيرة، حسية، وشاعرية.

وتقول توني موريسون في مجلة " لونوفيل أوبسرفاتور" 10 يونيه 1993: "لقـد تصورنا بشكل خاص أن هـذه الموسيقى كانت تمثل شبـاب الزنوج في ذلك العصر لقد كـانت الموسيقى بمثـابـة انفجـار عرقي سمحت لجميع الأجيال بالتلاقي على اختلاف مشاربهم، فقبل موسيقى الجاز كـانت لنا عادات مختلفـة والآن اختلف الأمر فيما يتعلق بمراسيم الأفراح ونحن مثـلا نتزوج لأننا نختار شركاء حيـاتنا. إنها موسيقى تقـارب بين البشر، موسيقى تجعل كل طرف يهرول باحثا عن الآخر".

هذا هو بعض من عالم توني موريسون وكـما رأينـا فإنه عالم ضيق، بالغ الخصـوصيـة متكـرر، لكنه من طراز الآداب العملاقة التي ناصرت الزنوج، ابتداء من "كوخ العم توم" مرورا بـ "ذهب مع الريح" وأعمال فوكنر وقـد تغير هذا العـالم إلى حد ما لكنه لا يزال يعبر عن الجذور التي يشعر بها الزنوج بأن سنوات العبودية ليست بعيدة، وأنه من الصعب النسيان.

 

محمود قاسم

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




توني موريسون





نادين جورديمر





وليام ستايرون





إيريس مردوخ





وليام فوكنر





جيمس بولدوين





لقطة من فيلم اللون القرمزي المأخوذ عن رواية للكاتبة أليس ووكر