صائم على سطح القمر

 العالِم «د. صيام»، يحب الأطفال ويحبونه: يسألونه ويجيبهم، يلعبون معه ويلاعبهم، ينتهز أيّة فرصة كي يبقى معهم أطول وقت ممكن، وكثيرًا ماكان «عم صيام» - كما يحب أن يناديه الأطفال - يشرح لهم أسرار جهازه الجديد، به سوف يسافر إلى القمر، بلا صاروخ.
بعد أن قرّر العم «صيام» قضاء شهر رمضان فوق سطح القمر، وباستخدام آلته العجيبة، أخبر الجميع بقراره، فلم يدهش أحد. وقفت مجموعة أصدقائه من الأطفال وسط الحديقة الكبيرة بمدينتهم. تبدو آلته كقرص معدني وعلى سطحه مجموعة الأزرار، وبعض زوائد الاستشعار المعدنية، كذلك لوحة كشَاشَة كمبيوتر.
سأله الأطفال عن جهازه وآلته العجيبة، أجاب بأنها آلة تعمل بأشعّة الليزر، تلك الأشعة القادرة على اختراق أيّة حواجز أو موانع، وليس عليه إلا أن يضع الجهاز فوق بطنه، ويضغط على أزرار التشغيل فينطلق محمولاً بالأشعة. وهو بالضبط ما فعله، فانطلق حالاً!
عندما هبط العم صيام على سطح القمر، اكتشف بأنه هبط في النصف المظلم. نظر حوله وقال: «يا لها من مفاجأة! يجب أن أبحث عن حلّ مناسب لهذه المشكلة!».
مع انقضاء عدّة أيام، عبّر الأطفال عن شوقهم لِرؤية العم صيام، ورغبتهم في الاطمئنان عليه، خصوصًا أنه لم يبعث بأيّة رسالة منذ سفره، لكن صديقهم «حازم» أخبرهم أنه بالفعل وصلته الرسالة الأولى، وتحدّث عن مشكلة لم يتوقّعها، لقد توقّفت آلة التوقيت معه، ولذلك طلب من الجميع أن يبعثوا له بمقترحاتهم بشأن وقت الإفطار، ووقت الإمساك.
تابع آخر: «أقترح أن نذهب إلى المفتي لنسأله: كيف يصوم العم صيام؟».
وهم على الطريق، عبّر أحدهم عن قلقه، إن تعطّل جهاز التوقيت وعدم إحساس صديقهم بالزمن يجعله يمتنع عن الأكل والشرب لفترات طويلة قد تسبب له الأضرار، وهو ما عبّر عنه للمفتي الذي أجاب: «إنها حقًا مسألة جديدة!»، فوقف أحدهم وعبّر عن قلقه على حياة صديقهم، فابتسم المفتي وتابع:
«أرى أنه يجب عليه أن يتناول إفطاره وسحوره على حسب إحساسه بالزمن».
... انقضت فترة بحساب العم صيام، لقد أكمل شهر الصوم، وعليه أن يفكّر جدّيًا فى قضاء أيام العيد.
العيد بين أهله وأصدقائه! فورًا أعدّ كل شيء للعودة إلى الأرض، واستقبله الأطفال فوق الحديقة بوسط المدينة، وكلهم يرحّبون ويصافحونه بحرارة، لكنهم شعروا بالدهشة بعد أن سألهم بثقة: 
«متى تبدأ صلاة العيد غدًا يا أبنائي؟».
أخبروه أنه لم ينقضِ من الشهر إلا عشرة أيام فقط!
شعر العم صيام بالحيرة، كيف يتصرّف أمام هذه المفاجأة؟! قرّر أن يتابع صيام الأيام التالية من شهر رمضان، فلما سأله أحدهم عن مشاعره بعد عودته إلى الأرض، ردّ قائلاً:
«صحيح كانت هناك مشكلة في الأجهزة، واعتمدت على حواسي ومشاعري، لكن يبدو أن الإنسان الذي يعيش وحده يخطئ في أشياء كثيرة!.