«اللورينشنز» بين التاريخ والحضارة وجمال الطبيعة

«اللورينشنز» بين التاريخ والحضارة وجمال الطبيعة

عندما يبدع الرسام ويخرج لوحة فنية رائعة، نقف أمامها مبهورين ومتعجبين كيف استطاعت ريشته أن تصنع هذا الجمال، لكن عندما يكون المبدع وصانع الجمال هو الله عز وجل فللجمال طعم آخر، وقد تعجز الكلمات عن وصف كمّ الجمال لمنطقة «لورينشنز Laurentian»  المكان الأجمل في كندا، والتي تحتل مساحة كبيرة في ولاية كيبك بهذا البلد.

 

على مدار ساعة تقريبًا من مدينة «مونتريال» متجهًا للشمال وفي ارتفاع مستمر عن سطح البحر يصل إلى أكثر من 3 آلاف قدم، وأنا على موعد مع جمال الطبيعة، مع كل ألوان الطيف، مساحات شاسعة من سلسلة جبال بالألوان الطبيعية، فالجبال هنا ليست مثل الجبال التي نعرفها أبدًا، وكان الوقت في الخريف وبالتحديد في أكتوبر 2021.
وهناك يستطيع كل مبدع أن يطلق لخياله العنان فينطلق إبداعه، ويرسم لوحاته، ويستطيع كل مغامر أن يبدأ مغامرته أيضًا من هذا المكان الذي يعزف موسيقى ربانية يشعر بها من يتأمل تكامل المشهد الفني بين المياه والأشجار والزرع والجبال وتدرج الألوان وتنوعها.
عندما جئت إلى مدينة مونتريال الكندية بمقاطعة كيبك كانت مشاهد الطبيعة الخلابة واضحة وتفرض نفسها على أعين كل زائر جديد، وقد تكون أعين سكانها اعتادت هذه المشاهد رائعة الجمال، وبدأت أستمتع بالمساحات الخضراء الشاسعة التي تفرض نفسها بقوة في كل بقعة من مونتريال، وهكذا على مستوى كندا كلها، والتي تتحول إلى ألوان الطيف بالخريف، ثم تكتسي بالرداء الأبيض في الشتاء مع هبوط الثلوج وكثافتها. لكن عندما تعرفت على صديقي سامي حنا، وهو شاب تجاوز الثمانين بقليل، ويعيش في كندا منذ أكثر من 45 عامًا، سألني هل تعرفت على كندا؟ قلت له إني أعيش فعليًا منذ عامين بمونتريال، لكن واقعيًا لم أتجاوز الستة أشهر فقط، بعد خصم فترة الحجر التي توقف فيها العالم بسبب فيروس كورونا.
ضحك سامي وقال: إذن أنت لم تر أجمل مكان في العالم، قلت له: وهل هناك أماكن أجمل مما نحن فيه؟ أجابني بكل تأكيد قائلًا «إذن أنت لم ترَ شيئًا». 
كانت الأمور بدأت تتحسن قليلاً، وتحدث انفراجة قبل أن تأتي سلالات جديدة من كورونا، فقررت أن أذهب معه لأرى هذا المكان الذي يحكي عنه، وبالفعل ذهبنا معا إلى منطقة «لورينشنز Laurentian».
ورغم أن الانبهار ليس من صفاتي الشخصية، ولا أعرف سببًا لذلك، إلا أنه تملكني من دون قصد مني، خاصة بعد أن تركنا مونتريال ونحن نسير في طرق شاسعة وممهدة تشكل الطبيعة على جانبيها أشكالها الرائعة من خلال سلاسل جبال متدرجة بالألوان الطبيعية، ويزداد انبهاري عندما ألمح بيوتًا تقبع وسط هذه الجبال والطبيعة الخلابة، وأتعجب هل يسكن هذه البيوت أناسٌ مثلنا؟
ومهما كتبت عن جمال هذه المنطقة فلن يكون بروعة أن تراها عيناك وتتنفس هواءها، ربما تقرب لك الصور التي التقطها بنفسي أو التي أرسلتها إلي إدارة السياحة باللورينشنز، كل هذا الجمال، لكن حتى الصور لن تكون كافية.

مكافحة الطبيعة وتسويقها
ولأن الإنسان استطاع بجدارة أن يكافح الطبيعة ويطوعها لأجله، فقد استغل الكنديون كل فصول السنة لتحقيق عائد اقتصادي كبير، وإذا تحدثنا عن «اللورينشنز» فإن هذه الروعة تصبح ناصعة البياض في فصل الشتاء، ليتم استغلالها في رياضات التزحلق على الجليد، فالسياح من كل أنحاء العالم يأتون شتاء لممارسة رياضة التزحلق على الجليد، أو لعمل مغامرات تسلق الجبال وسط الثلج، وفي الصيف للاستمتاع بالبحيرات والمناطق المفتوحة وركوب التليفريك، أو في الخريف لمشاهدة الألوان الطبيعية، أو كل ما سبق معًا.
ومن أهم المواسم هناك أيضًا «موسم السكر»، الذي يبدأ أواخر يونيو حتى أغسطس من كل عام، حيث يتم حصاد نبات القيقب ويستخرجون منه السكر، كما يصنعون منه العسل، وشجرة القيقب تعد الأكثر انتشارًا في كندا، حيث توجد في كل المقاطعات الكندية العشر، حتى إن العلم الكندي يحمل شعار ورقة القيقب، وهو نبات يوجد منه حوالي 125 نوعًا معظمها من الأشجار أو الشجيرات، ويسمى بالإنجليزية Maple ويصنع منه مشروب يعد هو الأول في كندا، ويستغل الكنديون هذا الحدث في الترويج له وجلب السياح.
فالمنطقة كلها مزدحمة طوال السنة، وكل فصل يتم التسويق للمكان فيه بشكل مختلف، وفهمت لماذا أصبحت كندا مصنفة من العشرة الكبار اقتصاديًا، رغم قسوة الحياة بها، فهم خبراء في تسويق الطبيعة التي منحهم الله إياها، إضافة إلى ثرواتها الأخرى.
ولا أعرف هل هي ميزة أم عيب أني زرت «اللورينشنز» أثناء الخروج من أزمة كورونا، وكانت نسبة السياح المتواجدين قليلة جدًا، مقارنة بالأيام العادية، ولمحت نظرات الحزن في عيون أصحاب المطاعم والكافيهات الخالية الذين يعتمدون في دخلهم على السياحة بشكل أساسي، إضافة لتوقف جميع رياضات التزحلق والمغامرات، والرحلات البحرية أيضًا، خاصة أن أكبر عدد للسكان في أي قرية من قرى «اللورينشنز» لا يتعدى سبعين ألف نسمة، ويطلق عليهم «الفلاحون» وهم متمسكون بعاداتهم وتقاليدهم، فهم مثلًا نادرًا ما يخرجون لتناول الطعام في مطعم لأنهم يطبخون داخل البيت، وما زال معظمهم يستخدم الخشب في التدفئة بعيدًا عن وسائل التدفئة الحديثة بالغاز والكهرباء.
واللورينشنز أو بالإنجليزية Laurentians وبالفرنسية Des Laurentides تبلغ مساحتها الإجمالية حوالي 22 ألف كيلو متر مربع، كلها مساحات خضراء، وبحيرات وأنهار، ويبلغ عدد سكانها 590 ألف نسمة (على حسب آخر تعداد في 2016). 
أطلق على المنطقة اسم «لورينشنز» نسبة إلى سلسلة الجبال البدائية التي تعبر قطاعها الشمالي في الدرع الكندي، ويقال إن جبال «اللورينشنز» تتكون من صخور يزيد عمرها على 540 مليون سنة، مما يجعل قممها الناعمة هي الأقدم على مستوى العالم، كما تحتوي اللورينشنز على تسعة آلاف بحيرة ونهر وهو رقم ضخم جدًا، يجعلنا نتخيل مدى جمال الطبيعة وسط هذه المساحة الشاسعة من البحيرات والجبال والأشجار.

ثقافة الكوخ والبحيرة
بدأ الكنديون الفرنسيون الاستيطان بالمنطقة خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر، وأسسوا وجودًا زراعيًا في جميع أنحاء الوديان خلال القرن العشرين، ومن هنا أطلق على سكانها اسم «الفلاحين»، ثم أصبحت المنطقة فيما بعد مقصدًا سياحيًا شهيرًا، بما فيها من مقومات سياحية بامتياز، خاصة بعد بناء طرق سريعة في السبعينيات وطفرة في النمو في كل المرافق بها.
وما زالت حتى الآن تعتمد في الترويج للسياحة على ثقافة وجود الكوخ والبحيرة، فالكوخ للمعيشة والبحيرة للسباحة وركوب المراكب الصغيرة، إضافة إلى الدراجات وسط المساحات الخضراء، ثم ثقافة التزلج على المنحدرات والتزلج الريفي على الثلج في الشتاء، وكثيرون من سكانها يوفرون حجرات داخل بيوتهم للسياح للإقامة بالإفطار، وتكون أرخص كثيرًا من الفنادق، وكثير من السياح يفضلون هذه الطريقة لأنها تتيح لهم المعيشة أيضًا وسط أسرة، وهناك فرص لإقامة المعسكرات والإقامة في الخيام والأكواخ الثلجية خاصة للشباب.
واستطاع الفرنسيون فرض لغتهم لتكون اللغة الرسمية والأولى باللورينشنز، بعد أن كان لهم السبق في الاستيطان بالمنطقة، ونادرًا عندما تجد من يتحدث الإنجليزية. ويلجأ سكان مونتريال والسياح من مقاطعات كندية أخرى مثل نيو انجلاند وأونتاريو إلى اللورينشنز لقضاء عطلة نهاية الأسبوع أو الإجازة السنوية، إضافة إلى عدد لا يحصى من السياح يأتون سنويًا من أوربا وأمريكا، وهناك من اشترى بيتًا وسط الجبال يأتي إليه كل عام لقضاء عطلة هادئة بعيدًا عن الضجيج.
وبالإضافة إلى تميز الكنديين في تسويق الطبيعة، فهم يقدمون أيضًا كثيرًا من الأنشطة الترفيهية حتى لا تصاب بالملل، فهناك الكثير من المهرجانات والمناسبات، كما يمكن لعشاق الموسيقى والرقص والمسرح حضور الكثير من الاحتفالات، بالإضافة إلى كثير من الأنشطة الرياضية المتنوعة، ولم يفتهم أن يقدموا أنواعًا من المأكولات المحلية التي قد تتعرف عليها لأول مرة مثل: ضلع العجل، ولحم الغزلان، وصدر البط المشوي، وبرانش الأحد الذي يتميز بسمك السلمون، وفطائر القيقب بالزبدة، وهو أحد طقوس نهاية الأسبوع. وسرطان البحر لتناول طعام الغداء والحلو «سور لا نيج» وهي حلوى تتشكل عن طريق سكب عصارة القيقب المسلوقة التي
لاتزال ساخنة على الثلج الطازج، وغيرها.

مدن اللورينشنز
تحتوي اللورينشنز على عدة قرى، أو مدن صغيرة، أهمها: سان جيروم، فال ديفيد، سانت ديل، سان سوفير، ثم مونت ترمبلان، وكل مدينة منها تتميز وتشتهر بصفات تختلف عن الأخرى، وفي كل قرية يوجد طريق رئيسي تتجمع فيه المحلات والمطاعم المختلفة والمتاحف، ثم تتفرع الطرق للبحيرات والأنهار التي تحتوي على الأكواخ والبيوت والفنادق. 
وعندما نقرأ تاريخ كل مدينة نكتشف قصصًا تاريخية تظهر النضال والكفاح الذي بذله سكان هذه المدن، وسط قسوة هي الأصعب على مستوى العالم في درجات حرارة تصل إلى سالب 40 مئوية، ليصلوا بجهد عظيم إلى أن تكون «اللورينشنز» هي أهم الوجهات السياحية على مستوى العالم، وكيف كافح سكان هذه المنطقة لدخول خط سكك حديدية ليغير شكل وتاريخ «اللورينشنز» ويفتح مجال السياحة بها على مصراعيه. 
وتحرص كل مدينة على سرد تاريخها في متاحفها ليتعرف عليه كل زائر، والملاحظة التاريخية المهمة هي سيطرة الكنيسة بقوة على الحياة في هذه المدن، على المستوى الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، حتى إن معظم أسماء تلك المدن ترجع لقديسين في الكنائس، كما نلاحظ أن أهم مبنى في كل مدينة هو مبنى الكنيسة، وهذا إن دل فإنما يدل على اهتمام سكان هذه المناطق بالدين بشكل أساسي في حياتهم، وهو ما سنرى تأثيره خلال السطور القادمة.

سان جيروم وملك الشمال
تستقبل مدينة «سان جيروم» القادم إلى جبال «اللورينشنز» فهي الأكبر ويصل عدد سكانها إلى أكثر من 68 ألف نسمة، وسميت المدينة باسم القديس جيروم، وهو أب كنيسة اشتهر بأنه ترجم الكتاب المقدس من اليونانية والعبرية إلى اللاتينية تعرف ترجمته باسم Vulgate.
ويرجع الفضل في فكرة إنشاء طريق سكة حديد يصل إلى مدن اللورينشنز إلى «أنطوان لابيل» كاهن رعية القديس جيروم، بداية من عام 1869، وتم التنفيذ بالفعل في عام 1876، حتى إنه لقب بـ«ملك الشمال»، و«رسول الاستعمار»، حيث كان يُنظر إلى السكك الحديدية على أنها وسيلة لتلبية احتياجات الحطب ومواد البناء للمراكز الحضرية مثل مونتريال وكيبيك.
هناك متحف باسم «لابيل» وسط المدينة يحتوي على العديد من اللوحات التراثية، كما تنظم كل صيف مهرجان سان جيروم التراثي، بالإضافة إلى تميزها بالعديد من الأنشطة الثقافية والترفيهية على مدار العام.

فال ديفيد... قرية الثقافة والطبيعة
عرفت مدينة «فال ديفيد» قديما باسم «مطاحن بيليسل» على اسم مالك إحدى مناشر الخشب الأولى في المنطقة، لكن في عام 1923 تمت تسميتها باسم «فال ديفيد» نسبة إلى لويس أثاناسي ديفيد (1882-1953) عضو البرلمان، ووالده لوران أوليفييه ديفيد (1840-1926) عضو مجلس العموم ومؤلف العديد من الكتب.
وهي قرية تضم أكثر من 5200 نسمة، تشتهر بمأكولاتها اللذيذة والمتنوعة بالإضافة إلى طابعها الفني، ويعيش فيها العديد من الفنانين والكتاب والراقصين المشهورين والهواة، ومنهم الشاعر الكندي المعروف «جاستون ميرون» وعازف الجاز «تشارلي بيدل» والمغني وكاتب الأغاني «آلان جربر».
بدأت فال ديفيد في أواخر الخمسينيات تشتهر بالثقافة والتشجيع على الفن، مما شجع عددًا كبيرًا من الفنانين على المجيء إليها والاستقرار بها، وإنشاء استوديوهاتهم ومعارضهم بها، مما خلق مناخًا ملائمًا للتنمية الثقافية واشتهرت بأنها قرية للثقافة والطبيعة.

سان سوفير... والتزحلق على الجليد
قصة مدينة «سان سوفير» مختلفة كثيرًا، ومليئة بالنوادر والغرائب، فهذه المدينة استطاعت أن تجعل من رياضة التزحلق على الجليد صانعة للتاريخ، تاريخ كيبك بأكملها وليس فقط منطقة «اللورينشنز». 
الحكاية بدأت منذ عام 1905 عندما كان أعضاء نادي مونتريال للتزحلق يأتون للتزحلق لمسافات طويلة، وكانت وقتها رياضة التزحلق على الجليد مقصورة على أبناء الطبقة المتوسطة الإنجليز في مونتريال، وكان يُنظر إلى التزلج - الذي يتطلب معدات محددة مكلفة جدًا - على أنه خاص بنخبة الأثرياء الأنجلوفون، ولم يكن مألوفًا رؤية مئات الأشخاص ينتظرون في محطة القطار والزلاجات في أيديهم ويسرعون للحاق بالقطار للعودة إلى مونتريال.
وفي التوقيت نفسه كانت الزراعة في «سان سوفير» تتناقص، والصناعة راكدة، والسياحة الصيفية تتقدم ببطء نظرا لعدم وجود عوامل مساعدة، ففكر كاهن سان سوفير «كوري ديجاردان» في فكرة تسويقية بامتياز، حيث حث العائلات على استضافة السياح الذين يأتون من مونتريال للتزحلق، وبالفعل تم تخصيص واجهة المنزل للضيوف، بينما كانت العائلة تعيش في الخلف، كما وجد القرويون عملًا في الفنادق وفي صيانة الأكواخ والمنازل للسياح الأثرياء، وتدريجيًا نشأت فكرة تأجير المنازل للسياح بالإفطار، والتي تسببت وقتها في رواج كبير للمدينة، واستمرت حتى الآن في توفير دخل كبير لسكان هذه المدن.
وصدقت توقعات «كوري ديجاردان» عندما قال للأهالي «سوف يتعرفون علينا بشكل أفضل، ويقعون في حب قريتنا، ويشترون العقارات ويبنون المنازل»، وبالتالي حدثت تنمية للمدينة بشكل سريع تعويضًا عن ركود الزراعة والصناعة.
ليس هذا فقط، بل مع انتشار رياضة التزحلق على الجليد، وتزايد عدد المتزلجين بشكل كبير، أقنع بيرسي دوغلاس رئيس الرابطة الكندية للتزلج للهواة في عام 1927، شركة السكك الحديدية الوطنية الكندية ببدء تشغيل القطارات لهذا الغرض فقط، وبالفعل في العام نفسه استجابت الشركة وظهر ما أطلق عليه «قطارات الثلج» نظرًا لنقلها المتزلجين من وإلى «سان سوفير»، وكانت هذه القطارات تختلف عن قطارات البضائع.
استطاعت صناعة التزلج تغيير المشهد في نهاية العشرينيات من القرن الماضي بجدارة، وشجع هذا على إقامة أول سباق للتزلج المتعرج في سان سوفير، وكان هذا النوع من التزلج ما زال غير معروف. 
الطريف أن الفرنسيين عارضوا فكرة إنشاء نادي تزلج للنساء فقط، لأنها فكرة تتعارض مع الأسرة والأخلاق التي بشر بها رجال الدين الكاثوليك، إلا أن النادي أنشئ في عام 1932 برئاسة بيتي شيرارد، وساهم هذا النادي بشكل كبير في مسيرة التزلج الرائعة، وفازت عضواته بعشرات الميداليات وشاركن في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في «سانت موريتز» عام 1948.
وفي «سان سوفير» يوجد متحف مخصص للتزلج افتتح منذ عام 2007، ويتناول الدور الذي لعبه هذا النشاط ولا يزال يلعبه في التنمية الاقتصادية والسياحية والتكنولوجية والثقافية لمنطقة «اللورينشنز»، ويستعرض كل من ساهم في تقدم التزلج كرياضة ترفيهية وتنافسية.
وتشتهر أيضًا «سان سوفير» بوادي جبال الألب الذي يقع بين الجبال والبحيرات، وتتميز بخيارات ضخمة من الأنشطة الترفيهية والثقافية، وبها أيضًا أهم أماكن التزلج الليلي، وتوجد بها «الحديقة المائية» وهي من المزارات المهمة ويمكن ممارسة الغطس البارد بها، كما تشتهر «سان سوفير» بجودة الأجبان المحلية والشوكولاتة التي يحرص السائحون على شرائها.

سانت أديل... وأول منتجع للتزلج
تشتهر مدينة «سانت أديل» بالمعارض الفنية وتعرض أعمالاً فنية لفنانين من كيبك، وفيها أيضًا ولد الكاتب «كلود هنري غرينيون» (1894-1976)، والذي اشتهر بروايته Un Homme et Son Péché «المرأة والبخس»، ويحتفون به ويعرضون أعماله الأدبية ودراسات عن روايته الشهيرة.
سميت «سانت أديل» على اسم القديسة أديل ريموند، زوجة مؤسس المدينة «أوغسطين نوربرت نورين»، والتي توفيت ودفنت بكنيسة المدينة مع نورين زوجها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وكان نورين من القادة المتمردين والثائرين ووصل إلى مناصب وزارية مهمة، وله تاريخ كبير على مستوى كندا، وكان عميدًا لأول كلية حقوق بمدينة لافال.
كما شهدت «سانت أديل» بناء أول منتجع للتزلج، «شاليه كوشاند» في عام1914، والذي فتح الباب لإنشاء مزيد من الفنادق والتوسع في منحدرات التزلج المحلية، مما ساهم في التنمية الاقتصادية والثقافية للمدينة، والمنطقة كلها.

مونت تريمبلانت... وسياحة التليفريك
في مدينة «مونت تريمبلانت» ركبت التليفريك، وهي تجربة خاصة جدًا، ورغم أني ركبت التلفريك في بيروت وكانت تجربة ممتعة ومثيرة ومغامرة بين جبال لبنان، إلا أن التلفريك في «مونت تريمبلان» له شكل ومذاق آخر، فهو لا يشعرك بالمغامرة ولا بالإثارة، لأنه لا يسير بتهور أو بسرعة كبيرة، إنما الإثارة والمتعة وهو ينقلنا بكل سهولة بين الجبال ذات الألوان الرائعة المزينة بألوان الطيف، وكانت حبات المطر تتساقط على زجاج التلفريك لتعطي مشهدًا تشكيليًا بامتياز، ويتغير المشهد في الشتاء حيث يعبر التلفريك براكبه وسط جبال الثلج لكنه لا يعمل أثناء أي عواصف ثلجية، نظرًا لخطورة الوضع. 
وداخل مدينة «مونت تريمبلانت» توجد الحديقة الوطنية البرية المشجرة وعمرها 125 عامًا، وتغطي أكثر من 1500 كيلومتر مربع من بحيرات وأنهار وتلال وغابات لورينشنز الرائعة، وبها مسارات رائعة للمشي لمسافات طويلة وركوب الدراجات في الجبال بالإضافة إلى طرق التخييم والنهر للزوارق.
كما تشتهر مدينة «مونت تريمبلانت» بمنتجع مونت تريمبلانت للتزلج، الذي يبعد سبعة كيلومترات عن القرية نفسها، عند سفح جبل يسمى مونت تريمبلانت. تتميز المنطقة المحيطة أيضًا برياضة المشي لمسافات طويلة وركوب الدراجات والتجديف وصيد الأسماك والغولف وحبال الانزلاق والتنس والجري والكارتينج ومجموعة من الأنشطة الخارجية الأخرى.
وتمتاز «مونت تريمبلانت» بتقديم العديد من العروض الثقافية والفعاليات الرياضية والأنشطة العائلية التي تقدمها لضيوفها، كما أطلق عليها لسنوات عديدة «منتجع التزلج الأول في شرق أمريكا الشمالية» من قبل قراء مجلة «سكاي»، ولا تزال تحتل المرتبة الأولى في مجموعة كيبيك للرياضة والهواء الطلق.
ويوجد بالمدينة أيضا الكثير من المحلات التجارية والمقاهي وأماكن المبيت والإفطار والمطاعم وأماكن للاستكشاف سيرًا على الأقدام، وفي الصيف هناك رحلات بحرية على الماء، وفي الشتاء يتم تحويل البحيرة المجاورة للشاطئ البلدي إلى حلبة للتزلج على الجليد، وتكون مضاءة للتزلج حتى الساعة الـ 10 مساء ■

مشهد يوضح البيوت التي تقبع وسط الجبال الطبيعية الخلابة 

بحيرة من البحيرات الكثيرة المنتشرة في اللورينشنز ويظهر بجانبها جزء من الجبال الطبيعية ذات الألوان الخلابة

أثناء ركوب التليفريك ويظهر جمال الجبال بألوانها الطبيعية وشكل المنازل الرائع