زكاة وصلاة وعيديّة

دخلت خلود باكية. أخذتها الأم في حضنها، وسألتها: لماذا تبكين يا خلود؟
قالت خلود وهي مازالت تبكي: خالد يقول إن الله لن يقبل صيامي.
نظر الأب إليها بدهشة، وسألها: ولماذا يقول خالد ذلك؟
قالت خلود وأمّها تمسح دموعها بمنديل: لا أعرف.
نادى الأب على خالد الذي أتى مسرعًا، وسأله عن السبب فيما قاله لخلود، فقال خالد: لأنها لم تدفع زكاة الفطر يا أبي.
ابتسم الأب وقال لخالد: وهل دفعت أنت زكاة الفطر؟
سكت خالد قليلًا، وقال: لا.
ضحكت خلود، وقالت: فلن يقبل الله صيامك أنت أيضًا.
قال خالد: إذن، فقد صمنا بلا فائدة.
قال لهما الأب ضاحكًا: لا، بل سيقبل الله صيامكما، إن شاء الله.
قال خالد: وزكاة الفطر يا أبي؟
قال الأب: لقد أخرجت أنا زكاة الفطر عنكما.
قالت خلود: وما هي زكاة الفطر؟
قالت الأم: فرض الله زكاة الفطر على المسلمين لِيطهّر بها الصيام، فإذا ارتكب الصائم بعض الأخطاء الصغيرة التي لا تبطل الصيام ولكنها تجعله غير كامل، ثم أخرج زكاة الفطر، فإن الله يغفر له هذه الأخطاء الصغيرة، ويتقبّل صومه كاملًا طاهرًا.
سألت خلود: وعلى مَن تجب زكاة الفطر؟
أسرع خالد بالإجابة: لقد قرأت أنها واجبة على كل مسلم كبير وصغير، ذكر وأنثى.
أضاف الأب: أحسنت يا خالد، ويجوز إخراجها بداية من أوّل يوم في رمضان حتى قبل صلاة عيد الفطر. وقد أخرجت الزكاة عن أسرتنا كلها منذ عدّة أيام، والحمد لله.
قالت خلود: ومَن يأخذ زكاة الفطر يا أبي؟
قال الأب: الفقراء والمساكين من الأقارب والجيران، أو الأغراب.
قال خالد: وكيف ندفع زكاة الفطر يا أبي؟
أجاب الأب: إنها مبالغ قليلة يمكن أن تقدّمها على شكل نقود أو حبوب غذائية. ولكل نوع من الحبوب، كالقمح والفول، كمّية معيّنة لا تقل عنها، ويمكن أن تدفع ما يساويها نقدًا بسعر الوقت الذي تخرج فيه الزكاة.
قالت خلود: العيد بعد أيّام يا أبي، هل ستأخذنا معك لصلاة العيد؟
قال الأب: نعم، سنذهب جميعًا لنصلّي في الخلاء، اتّباعًا لسنّة الرسول، صلّى الله عليه وسلّم.
قالت الأم: ستكون صلاة العيد بعد شروق الشمس بحوالي 25 دقيقة. 
أضاف الأب: سيصلّي بنا الإمام ركعتين بلا أذان ولا إقامة، ومع تكبيرة إحرام الركعة الأولى سيكبّر الإمام سبع تكبيرات ونحن نردّدها خلفه. وفي الركعة الثانية تكون خمس تكبيرات نردّدها خلفه أيضًا. وبعد انتهاء الصلاة يخطب الإمام خطبتين، بينهما استراحة قصيرة جدًا، يبدأ الخطبة الأولى بتسع تكبيرات، ويبدأ الخطبة الثانية بسبع تكبيرات، وتنتهي صلاة العيد.
قال خالد: لكن التكبيرات تستمر يا أبي.
قال الأب: نعم يا خالد، تستمر التكبيرات بعد كل صلاة مفروضة حتى عصر أوّل يوم العيد.
قالت خلود: إذن فقد صمنا، وأخرجنا زكاة الفطر، وسنصلّي العيد في جماعة في الخلاء، وسيقبل الله منّا كل ذلك.
قالت الأم: إن شاء الله يا خلود.
احتضنت خلود أبوَيها، وقبّلتهما قائلة: كل عام وأنتما بخير.
وفعل خالد مثلها، بعد أن قال لأبيه: لا تنسَ «العيدية» يا أبي، ولْتكن في هذا العيد أكبر من العيد الماضي!.