عبدالعزيز حسين مربٍّ ودبلوماسيّ ورجل فكر ودولة

عبدالعزيز حسين مربٍّ ودبلوماسيّ ورجل فكر ودولة

وُلد‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬حسين‭ ‬في‭ ‬26‭ ‬نوفمبر‭ ‬عام‭ ‬1920،‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬يتميز‭ ‬بحب‭ ‬العلم‭ ‬والمعرفة،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬والده‭ ‬حسين‭ ‬عبدالله‭ ‬التركيت‭ ‬شغوفًا‭ ‬بالمعرفة،‭ ‬ملتزمًا‭ ‬بأصول‭ ‬الدين،‭ ‬متابعًا‭ ‬للقراءة‭ ‬وباحثًا‭ ‬عن‭ ‬الجديد،‭ ‬منفتحًا‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬المواقف،‭ ‬ومستنيرًا‭ ‬في‭ ‬تحليلاته‭ ‬ومتطورًا‭ ‬بمتابعته‭ ‬للمستجدات‭. ‬وقد‭ ‬لعبت‭ ‬هذه‭ ‬النزعة‭ ‬نحو‭ ‬العلم‭ ‬دورًا‭ ‬مهمًا‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الابن‭ ‬الذي‭ ‬وجد‭ ‬البيئة‭ ‬داخل‭ ‬البيت‭ ‬منفتحة‭ ‬تضع‭ ‬العقل‭ ‬عاملًا‭ ‬مؤثرًا‭ ‬في‭ ‬اختياراتها،‭ ‬فكان‭ ‬العقل‭ ‬رفيقه‭ ‬في‭ ‬التحصيل‭ ‬والاعتدال‭ ‬ميزان‭ ‬سلوكه‭ ‬وطغى‭ ‬حسن‭ ‬المعشر‭ ‬على‭ ‬مفرداته،‭ ‬وميّزت‭ ‬الجدية‭ ‬أحاديثه‭.‬

في‭ ‬عام‭ ‬1938‭ ‬توجه‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬حسين‭ ‬مبعوثًا‭ ‬من‭ ‬حكومة‭ ‬الكويت‭ ‬مع‭ ‬صديقيه‭ ‬الشاعر‭ ‬أحمد‭ ‬العدواني‭ ‬ويوسف‭ ‬مشاري‭ ‬البدر،‭ ‬حيث‭ ‬نال‭ ‬الشهادة‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬الأزهر‭ ‬عام‭ ‬1943،‭ ‬وعاد‭ ‬إلى‭ ‬الكويت‭ ‬حاملًا‭ ‬الشهادة،‭ ‬متخصصًا‭ ‬في‭ ‬فروع‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم،‭ ‬لكن‭ ‬طموحاته‭ ‬دفعته‭ ‬نحو‭ ‬المزيد،‭ ‬ليعود‭ ‬إلى‭ ‬القاهرة‭ ‬عام‭ ‬1945‭ ‬حيث‭ ‬اختارته‭ ‬حكومة‭ ‬الكويت‭ ‬مديرًا‭ ‬للمركز‭ ‬الثقافي‭ ‬الكويتي‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬ومشرفًا‭ ‬على‭ ‬شؤون‭ ‬الطلبة‭ ‬الكويتيين‭ ‬المبعوثين‭ ‬للدراسة‭ ‬فيها‭. ‬

 

في‭ ‬القاهرة‭ ‬ومجلة‭ ‬البعثة

جاء‭ ‬تواجده‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬منسجمًا‭ ‬مع‭ ‬رغباته‭ ‬في‭ ‬الإبحار‭ ‬بملفات‭ ‬العلم‭ ‬والمعرفة،‭ ‬وتنوعاتها،‭ ‬كانت‭ ‬القاهرة‭ ‬المكان‭ ‬المناسب‭ ‬لتأسيس‭ ‬مجلة‭ ‬أطلق‭ ‬عليها‭ ‬‮«‬البعثة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬يصدرها‭ ‬مركز‭ ‬الكويت‭ ‬الثقافي،‭ ‬وتولى‭ ‬رئاسة‭ ‬تحريرها،‭ ‬ووفرت‭ ‬للطلبة‭ ‬الكويتيين‭ ‬وسيلة‭ ‬لنشر‭ ‬أفكارهم‭ ‬وانطباعاتهم،‭ ‬وكانت‭ ‬من‭ ‬أنجح‭ ‬المطبوعات‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬النشر‭ ‬الكويتي‭. ‬

في‭ ‬عام‭ ‬1950التحق‭ ‬بجامعة‭ ‬لندن‭ ‬ليحصل‭ ‬على‭ ‬دبلوم‭ ‬التربية،‭ ‬وشهادة‭ ‬خاصة‭ ‬بالزمالة‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬الجامعة،‭ ‬حيث‭ ‬أمضى‭ ‬سنتين‭ ‬تخصص‭ ‬في‭ ‬مادة‭ ‬التربية‭ ‬المقارنة‭. ‬

في‭ ‬عام‭ ‬1952،‭ ‬اختاره‭ ‬مجلس‭ ‬المعارف‭ ‬المشكل‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الاختصاص‭ ‬والمتابعين‭ ‬للتعليم‭ ‬رئيسًا‭ ‬للقسم‭ ‬الفني‭ ‬في‭ ‬الوزارة،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬الجانب‭ ‬الإداري‭ ‬له‭ ‬رئيس‭ ‬آخر‭. ‬

انطلق‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المأمورية‭ ‬متأثرًا‭ ‬بما‭ ‬تربى‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬العائلة‭ ‬من‭ ‬انفتاح‭ ‬ومتابعة‭ ‬ومن‭ ‬حصيلة‭ ‬التعليم‭ ‬والإقامة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬القاهرة‭ ‬ولندن‭.‬‭ ‬

ووضع‭ ‬الأولوية‭ ‬لملفين،‭ ‬أولهما‭ ‬التعليم‭ ‬حيث‭ ‬تنفتح‭ ‬الأبواب‭ ‬لكل‭ ‬المواطنين،‭ ‬والثانية‭ ‬احتضان‭ ‬تعليم‭ ‬المرأة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬نصيبها‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬الرجل‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة،‭ ‬ونجح‭ ‬في‭ ‬تحقيقهما‭. ‬

ظل‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬حسين‭ ‬مسؤولًا‭ ‬عن‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬لمدة‭ ‬عشر‭ ‬سنوات،‭ ‬سخر‭ ‬فيها‭ ‬ما‭ ‬اقتبسه‭ ‬من‭ ‬بيت‭ ‬العائلة،‭ ‬وما‭ ‬وقف‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬وما‭ ‬شاهده‭ ‬في‭ ‬لندن،‭ ‬وصاغ‭ ‬استراتيجية‭ ‬تعليمية‭ ‬كويتية‭ ‬تراعي‭ ‬التراث،‭ ‬وتستجيب‭ ‬لمتطلبات‭ ‬المعرفة،‭ ‬ووفر‭ ‬لهذا‭ ‬النهج‭ ‬دعم‭ ‬وتأييد‭ ‬القيادة‭ ‬الكويتية،‭ ‬ومؤازرة‭ ‬أهلية‭ ‬عامة‭.‬

كما‭ ‬أصر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يتواصل‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬مع‭ ‬التحولات‭ ‬التي‭ ‬يشهدها‭ ‬العالم‭ ‬فاتسعت‭ ‬الملفات‭ ‬في‭ ‬التدريس‭ ‬وتجاوزت‭ ‬الرياضة‭ ‬واللغة‭ ‬والثقافة‭ ‬إلى‭ ‬المستجدات‭ ‬في‭ ‬تبدلات‭ ‬البيئة‭ ‬وعلوم‭ ‬الجيولوجيا‭ ‬وطبقات‭ ‬الأرض‭ ‬والتنقيب‭ ‬عن‭ ‬الآثار‭ ‬ورصدها‭ ‬والتوجه‭ ‬للاكتشافات‭ ‬في‭ ‬بر‭ ‬الكويت‭ ‬وفي‭ ‬جزرها‭. ‬

ورغم‭ ‬حداثة‭ ‬هذه‭ ‬الملفات‭ ‬للمجتمع‭ ‬الكويتي‭ ‬فإنه‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬إدخال‭ ‬التنوع‭ ‬في‭ ‬مادة‭ ‬التعليم‭ ‬مع‭ ‬الاستجابة‭ ‬لغريزة‭ ‬المعرفة‭.‬

كان‭ ‬مديرًا‭ ‬ناجحًا،‭ ‬تمتع‭ ‬بدعم‭ ‬أمير‭ ‬الكويت‭ ‬الراحل‭ ‬الشيخ‭ ‬عبدالله‭ ‬السالم،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬متابعًا‭ ‬لمسيرة‭ ‬التعليم‭ ‬وكسب‭ ‬التأييد‭ ‬الشعبي،‭ ‬والأهم‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬دائم‭ ‬الاتصال‭ ‬بسمو‭ ‬الأمير‭ ‬الشيخ‭ ‬عبدالله‭ ‬السالم‭ ‬الذي‭ ‬وجد‭ ‬فيه‭ ‬رجلًا‭ ‬جديرًا‭ ‬بالمهمات‭ ‬التعليمية‭ ‬والثقافية‭ ‬والسياسية،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬أدب‭ ‬الكلام‭ ‬موجودًا،‭ ‬ورجاحة‭ ‬العقل‭ ‬حاضرة‭ ‬دائمًا،‭ ‬وحسن‭ ‬التصرف‭ ‬مع‭ ‬أهل‭ ‬السلطة‭ ‬بارزًا،‭ ‬ملتزمًا‭ ‬بقواعد‭ ‬الاحترام،‭ ‬وظهرت‭ ‬فيه‭ ‬المناقب‭ ‬التي‭ ‬يحتاجها‭ ‬رجال‭ ‬الدولة،‭ ‬لذلك‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬محصورًا‭ ‬في‭ ‬أحاديثه‭ ‬مع‭ ‬المسؤولين‭ ‬بملف‭ ‬التعليم‭ ‬فقط‭ ‬وإنما‭ ‬كان‭ ‬طرفًا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يهم‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬أعلنت‭ ‬استقلالها‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬1961،‭ ‬وسط‭ ‬أفراح‭ ‬طاغية‭ ‬في‭ ‬الداخل،‭ ‬وادعاءات‭ ‬فجّرها‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬العراق‭ ‬اللواء‭ ‬عبدالكريم‭ ‬قاسم،‭ ‬مدعيًا‭ ‬تبعية‭ ‬الدولة‭ ‬الفتية‭ ‬للعراق،‭ ‬وتسبب‭ ‬في‭ ‬أزمة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬عربيًا‭ ‬وإقليميًا‭ ‬خلقت‭ ‬جذور‭ ‬التباعد‭ ‬والحذر‭ ‬كما‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬حساسيات‭ ‬بين‭ ‬أعضاء‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية،‭ ‬وكان‭ ‬أمير‭ ‬الكويت‭ ‬الشيخ‭ ‬عبدالله‭ ‬السالم‭ ‬رجلًا‭ ‬حكيمًا‭ ‬مسالمًا‭ ‬ملتزمًا‭ ‬بأمن‭ ‬الوطن‭ ‬واستقلاله‭ ‬مدركًا‭ ‬لمسؤوليته‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬قدسية‭ ‬السيادة،‭ ‬وواثقًا‭ ‬من‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬تأمين‭ ‬الوطن‭ ‬وصون‭ ‬أمنه‭ ‬وسلامة‭ ‬شعبه،‭ ‬فاختار‭ ‬إغلاق‭ ‬المنافذ‭ ‬لصد‭ ‬العدوان،‭ ‬مستعينًا‭ ‬بدعم‭ ‬بريطانيا‭ ‬لتطويق‭ ‬المخاطر،‭ ‬وانتقى‭ ‬ممر‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬طارقًا‭ ‬الباب‭ ‬في‭ ‬طلب‭ ‬العضوية‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬التجمع‭ ‬المعبر‭ ‬عن‭ ‬التعاضد‭ ‬والتفاهم‭ ‬العربي،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬اختار‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬كرادع‭ ‬يوقف‭ ‬التهديدات‭ ‬عبر‭ ‬طلب‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬التي‭ ‬تضم‭ ‬أعضاء‭ ‬الأسرة‭ ‬العالمية‭.‬

دبلوماسيًا‭ ‬وسياسيًا

جاءت‭ ‬ادعاءات‭ ‬العراق‭ ‬صدمة‭ ‬غير‭ ‬متوقعة‭ ‬لأن‭ ‬جميع‭ ‬المؤشرات‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬تؤكد‭ ‬جوانبها‭ ‬الإيجابية،‭ ‬وكانت‭ ‬وفود‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬المنظمات‭ ‬العالمية‭ ‬المتخصصة‭ ‬تنسق‭ ‬دائمًا‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬لتوحيد‭ ‬المواقف‭ ‬لاسيما‭ ‬مع‭ ‬الوفود‭ ‬العراقية،‭ ‬والأهم‭ ‬أن‭ ‬حاكم‭ ‬الكويت‭ ‬الشيخ‭ ‬عبدالله‭ ‬السالم‭ ‬خلال‭ ‬زيارته‭ ‬إلى‭ ‬بغداد‭ ‬في‭ ‬مايو1958،‭ ‬أثناء‭ ‬العهد‭ ‬الملكي،‭ ‬قاوم‭ ‬بشدة‭ ‬مساعي‭ ‬بريطانيا‭ ‬لإقناعه‭ ‬بالانضمام‭ ‬إلى‭ ‬الاتحاد‭ ‬الهاشمي‭ ‬كدولة‭ ‬مستقلة‭.‬

كانت‭ ‬تصورات‭ ‬حكومة‭ ‬العراق‭ ‬آنذاك‭ ‬اعتبار‭ ‬الكويت‭ ‬مصدرًا‭ ‬أساسيًا‭ ‬لتوفير‭ ‬الدعم‭ ‬المالي‭ ‬للاتحاد،‭ ‬كان‭ ‬الشيخ‭ ‬عبدالله‭ ‬السالم‭ ‬حازمًا‭ ‬في‭ ‬إنهاء‭ ‬الحماية‭ ‬البريطانية‭ ‬وإعلان‭ ‬الاستقلال،‭ ‬لذلك‭ ‬حشد‭ ‬كل‭ ‬المؤهلات‭ ‬الكويتية‭ ‬للتصدي‭ ‬لأطماع‭ ‬حكومة‭ ‬عبدالكريم‭ ‬قاسم،‭ ‬وكان‭ ‬الأستاذ‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬حسين‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬الرجال‭ ‬الذين‭ ‬جندهم‭ ‬لمعركة‭ ‬الاستقلال،‭ ‬وكانت‭ ‬أولى‭ ‬المسؤوليات‭ ‬تكليفه‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬نيويورك‭ ‬لتقديم‭ ‬الطلب‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬عضوية‭ ‬المنظمة‭ ‬العالمية،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أرسل‭ ‬سكرتير‭ ‬حكومة‭ ‬الكويت‭ ‬المرحوم‭ ‬بدر‭ ‬عبدالله‭ ‬الملا‭ ‬طلب‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬الهيئة‭ ‬في‭ ‬برقية‭ ‬عاجلة‭ ‬إلى‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ - ‬سفير‭ ‬الإكوادور‭- ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬26‭ ‬يونيو‭ ‬1961،‭ ‬مع‭ ‬طلب‭ ‬عقد‭ ‬جلسة‭ ‬عاجلة‭ ‬للنظر‭ ‬في‭ ‬تهديدات‭ ‬العراق‭ ‬وتأثيرها‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬المنطقة،‭ ‬وأبعادها‭ ‬على‭ ‬السلم‭ ‬العالمي،‭ ‬كما‭ ‬قدم‭ ‬العراق‭ ‬شكوى‭ ‬ضد‭ ‬الحشود‭ ‬البريطانية‭ ‬التي‭ ‬استجابت‭ ‬لطلب‭ ‬أمير‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬المساعدة‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬سيادتها‭. ‬

في‭ ‬27‭ ‬يونيو‭ ‬1961‭ ‬أعلنت‭ ‬الجمهورية‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬موقفها‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬أصدره‭ ‬الوزير‭ ‬عبدالقادر‭ ‬حاتم‭ - ‬الناطق‭ ‬الرسمي‭ ‬للجمهورية،‭ ‬تطالب‭ ‬القاهرة‭ ‬فيه‭ ‬بسحب‭ ‬القوات‭ ‬البريطانية‭ ‬التي‭ ‬رأت‭ ‬وجودها‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬يهدد‭ ‬الأمة‭ ‬العربية،‭ ‬وأن‭ ‬القاهرة‭ ‬تعارض‭ ‬انضمام‭ ‬الكويت‭ ‬للجامعة‭ ‬العربية‭ ‬ولن‭ ‬تؤيد‭ ‬طلبها‭ ‬لعضوية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ما‭ ‬بقيت‭ ‬هذه‭ ‬القوات‭ ‬في‭ ‬الكويت‭.‬

كان‭ ‬الرئيس‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر‭ ‬قد‭ ‬بارك‭ ‬استقلال‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬برقية‭ ‬وجهها‭ ‬إلى‭ ‬أمير‭ ‬الكويت‭ ‬الراحل‭ ‬الشيخ‭ ‬عبدالله‭ ‬السالم،‭ ‬وذلك‭ ‬قبل‭ ‬نزول‭ ‬القوات‭ ‬البريطانية‭ ‬في‭ ‬الكويت،‭ ‬كما‭ ‬قدم‭ ‬مبعوث‭ ‬الكويت‭ ‬إلى‭ ‬القاهرة‭ ‬الأستاذ‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬حسين‭ ‬طلب‭ ‬انضمام‭ ‬الكويت‭ ‬إلى‭ ‬الجامعة‭ ‬في‭ ‬22‭ ‬يونيو‭ ‬1961،‭ ‬قبل‭ ‬إعلان‭ ‬الادعاءات‭ ‬العراقية،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬أرسلت‭ ‬الكويت‭ ‬طلب‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭.‬

لكن‭ ‬بيان‭ ‬القاهرة‭ ‬الصادر‭ ‬في‭ ‬27‭ ‬يونيو‭ ‬المعترض‭ ‬على‭ ‬انضمام‭ ‬الكويت‭ ‬إلى‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تنسحب‭ ‬القوات‭ ‬البريطانية‭ ‬وضع‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬معقد‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬أمير‭ ‬الكويت‭ ‬الواعي‭ ‬لضرورات‭ ‬تواجد‭ ‬الدعم‭ ‬العربي‭ ‬المؤثر‭ ‬لصدّ‭ ‬أطماع‭ ‬حكومة‭ ‬العراق‭ ‬وجد‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬الملك‭ ‬سعود‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬وإرساله‭ ‬قوات‭ ‬سعودية‭ ‬تبلغ‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭ ‬من‭ ‬الجنود‭ ‬والضباط‭ ‬البداية‭ ‬التي‭ ‬تمنحه‭ ‬الاطمئنان،‭ ‬كما‭ ‬تابع‭ ‬الأمير‭ ‬مواقف‭ ‬القاهرة‭ ‬في‭ ‬معارضتها‭ ‬انضمام‭ ‬الكويت‭ ‬إلى‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬والأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لتأمين‭ ‬انسحاب‭ ‬القوات‭ ‬البريطانية‭. ‬

اختار‭ ‬الأمير‭ ‬الشيخ‭ ‬عبدالله‭ ‬السالم‭ ‬الأستاذ‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬حسين‭ ‬ممثلًا‭ ‬للكويت‭ ‬في‭ ‬نيويورك‭ ‬لتأمين‭ ‬نجاح‭ ‬طلب‭ ‬الكويت،‭ ‬لكن‭ ‬الوفد‭ ‬البريطاني‭ ‬لم‭ ‬ينتظر‭ ‬وصول‭ ‬المبعوث‭ ‬الكويتي‭ ‬فتبنى‭ ‬طلب‭ ‬الكويت‭ ‬للانضمام،‭ ‬وساهم‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬الأجواء‭ ‬لعقد‭ ‬اجتماع‭ ‬لمجلس‭ ‬الأمن‭ ‬لبحث‭ ‬شكوى‭ ‬الكويت،‭ ‬فتم‭ ‬عقد‭ ‬أول‭ ‬اجتماع‭ ‬في‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬يوليو‭ ‬1961،‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬يوم‭ ‬عطلة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬خطورة‭ ‬الوضع‭ ‬لا‭ ‬تسمح‭ ‬بالتأجيل‭.‬

تولى‭ ‬مندوب‭ ‬بريطانيا‭ ‬السير‭ ‬باتريك‭ ‬دين‭ ‬طرح‭ ‬شكوى‭ ‬الكويت‭ ‬مؤكدًا‭ ‬لمجلس‭ ‬الأمن‭ ‬أن‭ ‬بريطانيا‭ ‬تسحب‭ ‬قواتها‭ ‬من‭ ‬الكويت‭ ‬متى‭ ‬أراد‭ ‬الأمير‭ ‬ذلك‭ ‬سعيًا‭ ‬إلى‭ ‬طمأنة‭ ‬القاهرة‭. ‬

تأجل‭ ‬اجتماع‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬إلى‭ ‬يوم‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬يوليو‭ ‬1961،‭ ‬انتظارًا‭ ‬لمشاركة‭ ‬وفد‭ ‬الكويت‭.‬

حضر‭ ‬الوفد‭ ‬الكويتي‭ ‬برئاسة‭ ‬الأستاذ‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬حسين‭ ‬ومعه‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المستشارين‭.‬

طلب‭ ‬مندوب‭ ‬الكويت‭ ‬الكلمة‭ ‬فاعترض‭ ‬مندوب‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفييتي،‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬أن‭ ‬الكويت‭ ‬دولة‭ ‬غير‭ ‬معترف‭ ‬بها،‭ ‬لكن‭ ‬المجلس‭ ‬رفض‭.‬

أما‭ ‬مندوب‭ ‬العراق‭ ‬‮«‬عدنان‭ ‬الباجه‭ ‬جي‮»‬‭ ‬فاعترض‭ ‬على‭ ‬طلب‭ ‬الكويت‭ ‬المشاركة‭ ‬وفق‭ ‬المادة‭ ‬35‭ ‬من‭ ‬الميثاق،‭ ‬طالبًا‭ ‬الاستماع‭ ‬إليه‭ ‬وفق‭ ‬المادة‭ ‬39‭ ‬بصفته‭ ‬الشخصية‭ ‬وليس‭ ‬ممثلًا‭ ‬لدولة،‭ ‬وأنهى‭ ‬رئيس‭ ‬المجلس‭ ‬الجدل‭ ‬بمشاركة‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬حسين‭ ‬ممثلًا‭ ‬لدولة‭ ‬وليس‭ ‬بصفة‭ ‬شخصية،‭ ‬كما‭ ‬رفض‭ ‬المجلس‭ ‬طلب‭ ‬مندوب‭ ‬العراق‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬أول‭ ‬المتحدثين،‭ ‬وأعطى‭ ‬الكلمة‭ ‬لمندوب‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفييتي‭ ‬الذي‭ ‬هاجم‭ ‬بريطانيا‭ ‬وسلوكها‭ ‬الاستعماري‭ ‬وشهية‭ ‬الغرب‭ ‬إلى‭ ‬النفوذ‭ ‬والتسلط،‭ ‬ولم‭ ‬يتطرق‭ ‬إلى‭ ‬الكويت‭.‬

تحدث‭ ‬بعده‭ ‬مندوب‭ ‬الكويت‭ ‬الأستاذ‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬حسين‭. ‬كان‭ ‬الخطاب‭ ‬أنيقًا‭ ‬في‭ ‬صياغته‭ ‬مترفعًا‭ ‬عن‭ ‬الاتهامات،‭ ‬متجاهلًا‭ ‬مندوب‭ ‬العراق،‭ ‬حيث‭ ‬قدم‭ ‬نبذة‭ ‬واضحة‭ ‬عن‭ ‬تاريخ‭ ‬الكويت‭ ‬ونفى‭ ‬وجودها‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬العثمانية،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬المراسلات‭ ‬بين‭ ‬حكومة‭ ‬العراق‭ ‬وحكومة‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬العهدين‭ ‬الملكي‭ ‬والجمهوري،‭ ‬ودعم‭ ‬الوفود‭ ‬العراقية‭ ‬لانضمام‭ ‬الكويت‭ ‬إلى‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الهيئات‭ ‬العالمية‭ ‬مع‭ ‬شرح‭ ‬لدبلوماسية‭ ‬الكويت‭ ‬المستقلة‭ ‬في‭ ‬تأكيد‭ ‬انسحاب‭ ‬بريطانيا‭ ‬مع‭ ‬انتهاء‭ ‬التهديد‭.‬

كان‭ ‬الأستاذ‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬حسين‭ ‬حريصًا‭ ‬على‭ ‬أدب‭ ‬الخطابة‭ ‬محترمًا‭ ‬مقام‭ ‬المجلس،‭ ‬ولم‭ ‬يرد‭ ‬على‭ ‬استفزازات‭ ‬مندوب‭ ‬العراق،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬يتطرق‭ ‬إلى‭ ‬خطاب‭ ‬مندوب‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفييتي‭. ‬

تحدث‭ ‬مندوب‭ ‬الجمهورية‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬عمر‭ ‬لطفي‭ ‬مؤكدًا‭ ‬دعم‭ ‬بلاده‭ ‬لشعب‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مصيره،‭ ‬وطالب‭ ‬بحل‭ ‬المشكلة‭ ‬وفق‭ ‬مبادئ‭ ‬الأخوة‭ ‬العربية‭ ‬مع‭ ‬معارضة‭ ‬انضمام‭ ‬الكويت‭ ‬دون‭ ‬سحب‭ ‬القوات‭ ‬البريطانية‭. ‬وتم‭ ‬تأجيل‭ ‬الاجتماع‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭.‬

بدأت‭ ‬الجلسة‭ ‬الثالثة‭ ‬بعد‭ ‬ظهر‭ ‬السادس‭ ‬من‭ ‬يوليو‭ ‬1961‭ ‬قدم‭ ‬فيها‭ ‬مندوب‭ ‬بريطانيا‭ ‬مشروع‭ ‬قرار‭ ‬يتعهد‭ ‬فيه‭ ‬العراق‭ ‬باستخدام‭ ‬الوسائل‭ ‬السلمية‭ ‬تجاه‭ ‬الكويت،‭ ‬وتعهد‭ ‬بريطانيا‭ ‬بسحب‭ ‬القوات‭ ‬متى‭ ‬قرر‭ ‬حاكم‭ ‬الكويت‭ ‬ذلك،‭ ‬ويدعو‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬إلى‭ ‬احترام‭ ‬استقلال‭ ‬الكويت،‭ ‬مع‭ ‬متابعة‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬تطورات‭ ‬الموضوع،‭ ‬لم‭ ‬يشر‭ ‬إلى‭ ‬طلب‭ ‬الكويت‭ ‬للعضوية‭.‬

تكلم‭ ‬ممثل‭ ‬الكويت‭ ‬الأستاذ‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬حسين،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬رغم‭ ‬ادعاءات‭ ‬مندوب‭ ‬العراق‭ ‬حول‭ ‬النوايا‭ ‬السلمية‭ ‬للعراق‭ ‬فإن‭ ‬حكومة‭ ‬الكويت‭ ‬أخبرته‭ ‬بتزايد‭ ‬الحشود‭ ‬العراقية‭ ‬وأن‭ ‬الإعلام‭ ‬العراقي‭ ‬مستمر‭ ‬في‭ ‬نقل‭ ‬التهديدات،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أن‭ ‬الكويت‭ ‬لا‭ ‬تثق‭ ‬في‭ ‬نوايا‭ ‬العراق‭.‬

انتهت‭ ‬الجلسة‭ ‬الثالثة،‭ ‬وعقد‭ ‬المجلس‭ ‬جلسته‭ ‬الرابعة‭ ‬والأخيرة‭ ‬حول‭ ‬الموضوع‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬يوليو‭ ‬1961،‭ ‬كانت‭ ‬المفاجأة‭ ‬مشروع‭ ‬قرار‭ ‬من‭ ‬الجمهورية‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬يؤكد‭ ‬استقلال‭ ‬الكويت،‭ ‬وسحب‭ ‬القوات‭ ‬البريطانية،‭ ‬وحل‭ ‬سلمي‭ ‬للأزمة‭ ‬عبر‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية،‭ ‬والمشروع‭ ‬يركز‭ ‬على‭ ‬سحب‭ ‬القوات‭ ‬البريطانية‭ ‬لأن‭ ‬وجودها‭ ‬لن‭ ‬يحل‭ ‬الأزمة‭. ‬

كان‭ ‬تعليق‭ ‬مندوب‭ ‬الكويت‭ ‬على‭ ‬مقترح‭ ‬القاهرة‭ ‬بأن‭ ‬الكويت‭ ‬توافق‭ ‬على‭ ‬انسحاب‭ ‬بريطانيا‭ ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬التهديدات‭ ‬المستمرة‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬ضمان‭ ‬لاستقلال‭ ‬الكويت،‭ ‬وهذا‭ ‬سبب‭ ‬ضعف‭ ‬المشروع‭ ‬المطروح‭. ‬

أصبح‭ ‬المجلس‭ ‬أمام‭ ‬مشروعين،‭ ‬البريطاني،‭ ‬ومشروع‭ ‬الجمهورية‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة،‭ ‬فطرح‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الإكوادوري‭ ‬المشروعين‭ ‬على‭ ‬التصويت،‭ ‬مبتدئًا‭ ‬بالمشروع‭ ‬البريطاني،‭ ‬فعارضه‭ ‬مندوب‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفييتي‭ ‬الذي‭ ‬يؤيد‭ ‬المشروع‭ ‬العربي‭ ‬لدعوته‭ ‬إلى‭ ‬انسحاب‭ ‬القوات‭ ‬البريطانية‭. ‬

ويعلق‭ ‬المندوب‭ ‬البريطاني،‭ ‬بأن‭ ‬المشروع‭ ‬العربي‭ ‬يتجاهل‭ ‬السيادة‭ ‬الكويتية‭ ‬التي‭ ‬تقرر‭ ‬مدى‭ ‬الحاجة‭ ‬للوجود‭ ‬البريطاني‭.‬

نال‭ ‬المشروع‭ ‬البريطاني‭ ‬سبعة‭ ‬أصوات،‭ ‬وأسقطه‭ ‬الفيتو‭ ‬الروسي،‭ ‬بينما‭ ‬امتنع‭ ‬عن‭ ‬التصويت‭ ‬وفدا‭ ‬الجمهورية‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬وسيلان،‭ ‬وحول‭ ‬التصويت‭ ‬على‭ ‬المشروع‭ ‬العربي،‭ ‬صوت‭ ‬مع‭ ‬المشروع‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفييتي،‭ ‬سيلان‭ ‬والجمهورية‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة،‭ ‬وسقط‭ ‬المشروع‭ ‬لأنه‭ ‬لم‭ ‬ينل‭ ‬العدد‭ ‬المطلوب‭ (‬سبعة‭ ‬أصوات‭). ‬

انتهى‭ ‬الفصل‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬مساعي‭ ‬الكويت‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬بقوة‭ ‬الفيتو‭ ‬السوفييتي،‭ ‬لكن‭ ‬السفير‭ ‬البريطاني‭ ‬لخّص‭ ‬مزاج‭ ‬المجلس‭ ‬قائلًا‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬تهديدات‭ ‬العراق‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬يقبله‭ ‬المجلس‭ ‬والمطلوب‭ ‬المتابعة‭ ‬والاجتماع‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‮»‬‭.‬

تحدث‭ ‬مندوب‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الاجتماع‭ ‬معبرًا‭ ‬عن‭ ‬الأسف‭ ‬لأن‭ ‬المجلس‭ ‬لم‭ ‬يتخذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬لمعالجة‭ ‬الوضع‭ ‬الذي‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬شكوى‭ ‬الكويت،‭ ‬لكن‭ ‬الكويت‭ ‬راضية‭ ‬عن‭ ‬مشاعر‭ ‬الدعم‭ ‬والتأييد‭ ‬التي‭ ‬لمسها‭ ‬الوفد‭ ‬وتأمل‭ ‬أن‭ ‬يواصل‭ ‬المجلس‭ ‬اهتمامه‭ ‬بالوضع‭. ‬

أعد‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬حسين‭ ‬تقريرًا‭ ‬وافيًا‭ ‬عن‭ ‬مداولات‭ ‬المجلس‭ ‬يوم‭ ‬الأحد‭ ‬التاسع‭ ‬من‭ ‬يوليو1961،‭ ‬وأرسله‭ ‬إلى‭ ‬سكرتير‭ ‬الحكومة‭ ‬بدر‭ ‬الملا،‭ ‬تناول‭ ‬فيه‭ ‬مداولات‭ ‬المجلس،‭ ‬واصفًا‭ ‬إياها‭ ‬بالإيجابية‭ ‬لصالح‭ ‬الكويت،‭ ‬متطرقًا‭ ‬إلى‭ ‬المشاورات‭ ‬التي‭ ‬تمت‭ ‬بين‭ ‬وفد‭ ‬الكويت‭ ‬ووفد‭ ‬بريطانيا،‭ ‬أما‭ ‬المشروع‭ ‬العربي‭ ‬فقد‭ ‬اعترض‭ ‬عليه‭ ‬مندوب‭ ‬الكويت‭ ‬لعدم‭ ‬ضمانه‭ ‬استقلال‭ ‬الكويت‭ ‬وسلامة‭ ‬حدودها،‭ ‬فكان‭ ‬رد‭ ‬السفير‭ ‬المصري‭ ‬‮«‬عمر‭ ‬لطفي‮»‬‭ ‬أن‭ ‬المشروع‭ ‬أملِي‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬القاهرة،‭ ‬كما‭ ‬ذكر‭ ‬مندوب‭ ‬الكويت‭ ‬أن‭ ‬مندوب‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفييتي‭ ‬رفض‭ ‬اللقاء‭ ‬معه‭ ‬رغم‭ ‬تعدد‭ ‬المحاولات‭. ‬

ويتطرق‭ ‬مندوب‭ ‬الكويت‭ ‬إلى‭ ‬إيجابية‭ ‬التشاور‭ ‬مع‭ ‬وفد‭ ‬بريطانيا‭ ‬التي

‭ ‬تقبل‭ ‬أي‭ ‬خطوة‭ ‬تصون‭ ‬استقلال‭ ‬الكويت،‭ ‬وهنا‭ ‬يثير‭ ‬المندوب‭ ‬لأول‭ ‬مرة،‭ ‬حيث‭ ‬يسجل‭ ‬بأنه‭ ‬بحث‭ ‬مع‭ ‬السفير‭ ‬البريطاني‭ ‬موضوع‭ ‬تقبل‭ ‬قوة‭ ‬دولية‭ ‬عربية‭ ‬تحل‭ ‬مكان‭ ‬قوات‭ ‬بريطانيا،‭ ‬فوافق‭ ‬على‭ ‬الفكرة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يوافق‭ ‬عليها‭ ‬حاكم‭ ‬الكويت‭ ‬والمسؤولون‭ ‬في‭ ‬لندن،‭ ‬كما‭ ‬أفاد‭ ‬بأنه‭ ‬اقترح‭ ‬إشراك‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬المشكلة‭ ‬فوافق‭ ‬السفير‭ ‬البريطاني‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬وتحدث‭ ‬مع‭ ‬مندوب‭ ‬الجمهورية‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬عمر‭ ‬لطفي،‭ ‬واتضح‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬حرية‭ ‬التصرف،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬القاهرة‭ ‬مهتمة‭ ‬بوجود‭ ‬القوات‭ ‬البريطانية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬اهتمامها‭ ‬بالتهديدات‭ ‬العراقية،‭ ‬وأنها‭ ‬لا‭ ‬تعتبرها‭ ‬جدية،‭ ‬مع‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬استقلال‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬نطاق‭ ‬الأسرة‭ ‬العربية،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬تأييدها‭ ‬الوحدة‭ ‬ورفضها‭ ‬مبدأ‭ ‬الضم،‭ ‬وهنا‭ ‬يقترح‭ ‬أن‭ ‬يتواجد‭ ‬مندوب‭ ‬للكويت‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬يتمتع‭ ‬بالكفاءة،‭ ‬ويتابع‭ ‬مع‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬ومع‭ ‬القاهرة‭.‬

كما‭ ‬يتحدث‭ ‬في‭ ‬التقرير‭ ‬عن‭ ‬التعاون‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬مكتب‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬نيويورك‭ ‬الذي‭ ‬دعا‭ ‬الوفود‭ ‬العربية‭ ‬إلى‭ ‬اجتماع‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬الوفد‭ ‬العراقي‭ ‬لتدارس‭ ‬موضوع‭ ‬إحلال‭ ‬قوة‭ ‬عربية‭ ‬محل‭ ‬القوات‭ ‬البريطانية‭. ‬

وفي‭ ‬حديثه‭ ‬مع‭ ‬داغ‭ ‬همرشولد‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬يرى‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬أنه‭ ‬بالإمكان‭ ‬إرسال‭ ‬قوات‭ ‬دولية‭ ‬تحل‭ ‬مكان‭ ‬بريطانيا،‭ ‬والخطوة‭ ‬الأولى‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬الكويت‭ ‬أو‭ ‬أية‭ ‬دولة‭ ‬مؤيدة‭ ‬الطلب‭ ‬إلى‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬كما‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬وجود‭ ‬ممثلين‭ ‬من‭ ‬هيئة‭ ‬الأمم‭ ‬يسهل‭ ‬المشكلة‭ ‬ويمنع‭ ‬العدوان،‭ ‬وينصح‭ ‬الأستاذ‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬حسين‭ ‬بأن‭ ‬تتم‭ ‬دراسة‭ ‬طلب‭ ‬تواجد‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬وهنا‭ ‬يواصل‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬حسين‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬رأيه‭ ‬بأن‭ ‬تواجد‭ ‬القوات‭ ‬البريطانية‭ ‬هو‭ ‬السبب‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬وصول‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬إلى‭ ‬قرار،‭ ‬وينصح‭ ‬بقوة‭ ‬بالبحث‭ ‬عن‭ ‬بديل‭ ‬للوجود‭ ‬البريطاني،‭ ‬ويرى‭ ‬أن‭  ‬مشاركة‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬أضمن‭ ‬سبيل‭ ‬لنيل‭ ‬دعم‭ ‬القاهرة‭ ‬والكتلة‭ ‬الاشتراكية‭. ‬

ومن‭ ‬هذا‭ ‬التقرير‭ ‬تبرز‭ ‬الملامح‭ ‬التي‭ ‬تتشكل‭ ‬منها‭ ‬الحلول‭ ‬الممكنة،‭ ‬حيث‭ ‬وقف‭ ‬المبعوث‭ ‬الكويتي‭ ‬على‭ ‬الحقائق‭ ‬التي‭ ‬توجد‭ ‬في‭ ‬صياغة‭ ‬أي‭ ‬مشروع‭ ‬ممكن‭ ‬لأزمة‭ ‬الكويت‭.‬

قدم‭ ‬السفير‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬حسين‭ ‬طلب‭ ‬انضمام‭ ‬الكويت‭ ‬للجامعة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬لقائه‭ ‬مع‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬المساعد‭ ‬الدكتور‭ ‬سيد‭ ‬نوفل‭ ‬في‭ ‬22‭ ‬يونيو‭ ‬1961،‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬قبل‭ ‬ادعاءات‭ ‬العراق‭. ‬وقد‭ ‬شعر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اتصالاته‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬قبل‭ ‬ترؤسه‭ ‬وفد‭ ‬الكويت‭ ‬إلى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬بأن‭ ‬المخرج‭ ‬المأمول‭ ‬قد‭ ‬توفره‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭. ‬

كانت‭ ‬بداية‭ ‬انشغال‭ ‬الجامعة‭ ‬بالأزمة‭ ‬مع‭ ‬سفر‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للجامعة‭ ‬العربية‭ ‬السيد‭ ‬عبدالخالق‭ ‬حسونة‭ ‬إلى‭ ‬الكويت‭ ‬ولقائه‭ ‬مع‭ ‬أمير‭ ‬الكويت‭ ‬الشيخ‭ ‬عبدالله‭ ‬السالم،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬حريصًا‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬ترتيبات‭ ‬تشكل‭ ‬عائقًا‭ ‬لطموحات‭ ‬حاكم‭ ‬العراق،‭ ‬ولن‭ ‬يتقبل‭ ‬إجراءات‭ ‬لا‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬طمأنة‭ ‬الكويت‭.‬

بعد‭ ‬عودة‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬حسين‭ ‬إلى‭ ‬الكويت‭ ‬اختاره‭ ‬الشيخ‭ ‬عبدالله‭ ‬السالم‭ ‬مبعوثًا‭ ‬إلى‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية،‭ ‬لمتابعة‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يتصوره‭ ‬الحل‭ ‬المناسب‭ ‬للأزمة،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ظهرت‭ ‬استحالة‭ ‬عضوية‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬وفي‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬دون‭ ‬سحب‭ ‬القوات‭ ‬البريطانية‭. ‬

 

معركته‭ ‬الوطنية‭  ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية

كان‭ ‬اختيار‭ ‬الأستاذ‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬حسين‭ ‬ممثلًا‭ ‬للكويت‭ ‬لدى‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬مبعث‭ ‬اطمئنان‭ ‬لما‭ ‬يملكه‭ ‬من‭ ‬مؤهلات‭ ‬واتصالات‭ ‬وفهم‭ ‬للدبلوماسية‭ ‬المصرية،‭ ‬وما‭ ‬لديه‭ ‬من‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬التفاهم‭ ‬معها،‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬العناصر‭ ‬توفر‭ ‬الأمل‭ ‬الذي‭ ‬يتوقعه‭ ‬الشعب‭ ‬الكويتي‭ ‬من‭ ‬دعم‭ ‬عربي‭ ‬في‭ ‬أزمته‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة‭.‬

عاش‭ ‬الأستاذ‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬لمدة‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬طالبًا‭ ‬ومسؤولًا،‭ ‬بنى‭ ‬فيها‭ ‬شبكة‭ ‬قوية‭ ‬من‭ ‬الاتصالات،‭ ‬متعددة‭ ‬الاهتمامات‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬والثقافة‭ ‬والإعلام‭ ‬والفنون‭ ‬والتعليم،‭ ‬وتابع‭ ‬تطورات‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬القاهرة،‭ ‬ولكونه‭ ‬صاحب‭ ‬ميول‭ ‬عروبية‭ ‬فإنه‭ ‬وجد‭ ‬في‭ ‬أولويات‭ ‬الثورة‭ ‬المصرية‭ ‬بتجنيد‭ ‬الطاقات‭ ‬العربية‭ ‬لصالح‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬انسجامًا‭ ‬وتناغمًا‭ ‬مع‭ ‬قناعاته،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬سهل‭ ‬له‭ ‬ثقة‭ ‬القيادة‭ ‬المصرية‭ ‬في‭ ‬توجهاته‭.‬

كانت‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬حريصة‭ ‬على‭ ‬تسهيل‭ ‬انضمام‭ ‬الكويت‭ ‬إلى‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية،‭ ‬وعلى‭ ‬تسهيل‭ ‬العقبات،‭ ‬وقد‭ ‬تمثل‭ ‬هذا‭ ‬الحرص‭ ‬في‭ ‬تواصل‭ ‬الملك‭ ‬سعود‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر‭ ‬لتجاوز‭ ‬الأزمة‭ ‬بقبول‭ ‬عضوية‭ ‬الكويت‭ ‬دون‭ ‬تأخير‭ ‬لأن‭ ‬تلك‭ ‬الخطوة‭ ‬تدعمها‭ ‬القوى‭ ‬العربية‭ ‬والعالمية‭ ‬وتضعف‭ ‬موقف‭ ‬العراق‭.‬

في‭ ‬الحادي‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬يوليو1961استقبل‭ ‬الرئيس‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر‭ ‬الشيخ‭ ‬جابر‭ ‬الأحمد‭ ‬الصباح‭ ‬وسلمه‭ ‬رسالة‭ ‬خطية‭ ‬من‭ ‬أمير‭ ‬الكويت‭ ‬تتعلق‭ ‬بالأزمة،‭ ‬كان‭ ‬موقف‭ ‬الرئيس‭ ‬عبدالناصر‭ ‬متفهمًا‭ ‬لموقف‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬ضمان‭ ‬لاستقلالها‭ ‬وكان‭ ‬يميل‭ ‬إلى‭ ‬التواجد‭ ‬العربي‭ ‬بديلًا‭ ‬عن‭ ‬بريطانيا‭ ‬مع‭ ‬استعداده‭ ‬لتحقيق‭ ‬ذلك‭ ‬الهدف‭.‬

 

اجتماع‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬12‭ ‬يوليو1961‭ ‬وبحث‭ ‬شكوى‭ ‬الكويت‭ ‬ضد‭ ‬العراق

نشرت‭ ‬وكالة‭ ‬أنباء‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬تقريرًا‭ ‬سياسيًا‭ ‬عن‭ ‬موقف‭ ‬القاهرة‭ ‬من‭ ‬اجتماع‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية،‭ ‬والذي‭ ‬حدد‭ ‬أربعة‭ ‬خطوط‭ ‬أساسية‭ ‬لحل‭ ‬الأزمة‭ ‬ستعرض‭ ‬أمام‭ ‬اجتماع‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية،‭ ‬وهي‭: ‬

‭- ‬تدعيم‭ ‬استقلال‭ ‬الكويت‭. ‬

‭- ‬انسحاب‭ ‬القوات‭ ‬البريطانية‭ ‬فورًا‭. ‬

‭- ‬قبول‭ ‬الكويت‭ ‬عضوًا‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭. ‬

‭- ‬إيجاد‭ ‬ضمانات‭ ‬عربية‭ ‬كافية‭ ‬لصد‭ ‬أي‭ ‬تهديد‭ ‬قد‭ ‬تتعرض‭ ‬له‭ ‬الكويت‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬جهة‭ ‬كانت،‭ ‬وتنفيذ‭ ‬هذه‭ ‬الخطة‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ،‭ ‬وذلك‭ ‬حماية‭ ‬للأمة‭ ‬العربية‭ ‬وللحفاظ‭ ‬على‭ ‬مصالحها‭.‬

جاءت‭ ‬تلك‭ ‬الأفكار‭ ‬معبّرة‭ ‬عن‭ ‬موقف‭ ‬القاهرة‭ ‬وفي‭ ‬اليوم‭ ‬نفسه‭ ‬الذي‭ ‬التقى‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬الشيخ‭ ‬جابر‭ ‬الأحمد‭ ‬والوفد‭ ‬المرافق‭ ‬له‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر‭ ‬وحديثه‭ ‬عن‭ ‬التواجد‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬الأزمة‭. ‬

ومع‭ ‬انعقاد‭ ‬جلسة‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬لبحث‭ ‬شكوى‭ ‬الكويت‭ ‬طرحت‭ ‬الكويت‭ ‬مذكرة‭ ‬تؤكد‭ ‬فيها‭ ‬الاستعداد‭ ‬لسحب‭ ‬القوات‭ ‬البريطانية‭ ‬فورًا‭ ‬إذا‭ ‬توفر‭ ‬الشرطان‭:‬

‭- ‬أن‭ ‬يسحب‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬العراق‭ ‬تصريحاته‭ ‬التي‭ ‬أعلن‭ ‬فيها‭ ‬ضم‭ ‬الكويت‭ ‬إلى‭ ‬العراق‭ .‬

‭- ‬أو‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬بإرسال‭ ‬قوات‭ ‬لها‭ ‬إلى‭ ‬الكويت‭ ‬لتحل‭ ‬مكان‭ ‬القوات‭ ‬البريطانية‭.‬

نالت‭ ‬المقترحات‭ ‬دعم‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬والجمهورية‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭. ‬وقد‭ ‬تأجل‭ ‬الاجتماع‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬للاستماع‭ ‬إلى‭ ‬بيان‭ ‬مندوب‭ ‬العراق،‭ ‬ولم‭ ‬يتم‭ ‬البتّ‭ ‬في‭ ‬انضمام‭ ‬الكويت‭ ‬لأن‭ ‬القاهرة‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬الفصل‭ ‬بين‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬الجامعة‭ ‬وسحب‭ ‬القوات‭ ‬البريطانية‭ ‬وإحلال‭ ‬قوات‭ ‬عربية‭ ‬مكانها‭. ‬

حملت‭ ‬مذكرة‭ ‬الكويت‭ ‬مخرجًا‭ ‬غير‭ ‬متوقع‭ ‬للوضع‭ ‬المتأزم‭ ‬داخل‭ ‬أجواء‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية،‭ ‬وكانت‭ ‬الفكرة‭ ‬قد‭ ‬نبتت‭ ‬من‭ ‬اقتناع‭ ‬مبعوث‭ ‬الكويت‭ ‬إلى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الأستاذ‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬حسين‭ ‬بأن‭ ‬قبول‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لن‭ ‬يتحقق‭ ‬إلا‭ ‬عبر‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية،‭ ‬وأن‭ ‬الموقف‭ ‬السوفييتي‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬تصلب‭ ‬الجمهورية‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬سحب‭ ‬القوات‭ ‬البريطانية‭ ‬المخرج‭ ‬الوحيد،‭ ‬ومن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬غير‭ ‬المتوقع‭ ‬جعل‭ ‬خيار‭ ‬الكويت‭ ‬صعبًا،‭ ‬فلا‭ ‬وصول‭ ‬إلى‭ ‬عضوية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬دون‭ ‬مباركة‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭.‬

وقد‭ ‬تولد‭ ‬محتوى‭ ‬مذكرة‭ ‬الكويت‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الاعتبارات،‭ ‬التي‭ ‬شكلت‭ ‬جدول‭ ‬أعمال‭ ‬اجتماع‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬العشرين‭ ‬من‭ ‬يوليو‭ ‬1961‭.‬

سبق‭ ‬هذا‭ ‬الاجتماع‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬المشاورات‭ ‬المتشابكة،‭ ‬فيها‭ ‬المريح‭ ‬وفيها‭ ‬الغليظ،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬المناخ‭ ‬السائد‭ ‬في‭ ‬ممرات‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬يضغط‭ ‬بضرورة‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬العربي‭ ‬المشترك،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬وسط‭ ‬ظروف‭ ‬سياسية‭ ‬وإعلامية‭ ‬مصرية‭ ‬تدفع‭ ‬نحو‭ ‬البت‭ ‬الإيجابي‭ ‬وفق‭ ‬المقترحات‭ ‬الكويتية‭.‬

حاول‭ ‬مندوب‭ ‬العراق‭ ‬تأجيل‭ ‬التصويت‭ ‬فلم‭ ‬يفلح،‭ ‬وطالب‭ ‬بأن‭ ‬تقوم‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬بتقديم‭ ‬مقترح‭ ‬إلى‭ ‬أمير‭ ‬الكويت‭ ‬ليلغي‭ ‬الاتفاقية‭ ‬التي‭ ‬عقدها‭ ‬مع‭ ‬بريطانيا‭ ‬في‭ ‬19‭ ‬يونيو‭ ‬1961‭ ‬فلم‭ ‬يتحقق‭ ‬ذلك‭.‬

ولم‭ ‬يجد‭ ‬مندوب‭ ‬العراق‭ ‬تجاوبًا‭ ‬فطلب‭ ‬إلقاء‭ ‬خطاب‭ ‬استغرق‭ ‬ساعة‭ ‬ونصف‭ ‬الساعة‭ ‬في‭ ‬استعراض‭ ‬تاريخ‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬معبرًا‭ ‬عن‭ ‬موقف‭ ‬بغداد،‭ ‬بعدها‭ ‬مباشرة‭ ‬قدمت‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬مشروع‭ ‬قرار‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬انضمام‭ ‬الكويت‭ ‬إلى‭ ‬الجامعة،‭ ‬مع‭ ‬التزام‭ ‬بسحب‭ ‬القوات‭ ‬البريطانية‭. ‬

طرح‭ ‬المشروع‭ ‬السعودي‭ ‬للتصويت‭ ‬فخرج‭ ‬المندوب‭ ‬العراقي‭ ‬محتجًا،‭ ‬فدعا‭ ‬الرئيس‭ (‬مندوب‭ ‬المغرب‭) ‬ممثل‭ ‬الكويت‭ ‬لأخذ‭ ‬مقعده‭ ‬فجاء‭ ‬الأستاذ‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬حسين‭ ‬وجلس‭ ‬خلف‭ ‬لوحة‭ ‬كتبت‭ ‬عليها‭ ‬‮«‬الكويت‮»‬‭ ‬وإلى‭ ‬جانبها‭ ‬العلم‭ ‬الكويتي،‭ ‬فكان‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ (‬عبدالخالق‭ ‬حسونة‭) ‬أول‭ ‬المرحبين‭.‬

فوض‭ ‬المجلس‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬بالتنسيق‭ ‬مع‭ ‬الكويت‭ ‬لترتيب‭ ‬تشكيل‭ ‬القوات‭ ‬العربية،‭ ‬كما‭ ‬قام‭ ‬الشيخ‭ ‬جابر‭ ‬الأحمد‭ ‬الصباح،‭ ‬وزير‭ ‬المالية،‭ ‬بجولة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬لتشكيل‭ ‬القوة‭ ‬التي‭ ‬دخلت‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬عام1961،‭ ‬وهي‭ ‬تعبير‭ ‬عن‭ ‬دعم‭ ‬سياسي‭ ‬ومؤازرة‭ ‬معنوية،‭ ‬عن‭ ‬حرص‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬سلامة‭ ‬الكويت‭ ‬واستقلالها‭ ‬وسيادتها،‭ ‬وظلت‭ ‬القوات‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬حوالي‭ ‬ثلاثين‭ ‬شهرًا‭.‬

 

موقف‭ ‬بريطانيا‭ ‬

كان‭ ‬الموقف‭ ‬البريطاني‭ ‬مساندًا‭ ‬للتوجه‭ ‬نحو‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬لتشكيل‭ ‬قوة‭ ‬تتمركز‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬بين‭ ‬العراق‭ ‬والكويت،‭ ‬قوتها‭ ‬في‭ ‬معانيها‭ ‬وأبعادها‭ ‬السياسية،‭ ‬وكان‭ ‬التنسيق‭ ‬بين‭ ‬الكويت‭ ‬وبريطانيا‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬الحرجة‭ ‬متواصلًا‭.‬

 

سفيرًا‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬

تتويجًا‭ ‬لثقة‭ ‬أمير‭ ‬الكويت‭ ‬بدور‭ ‬الأستاذ‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬حسين‭ ‬وما‭ ‬أبرزه‭ ‬من‭ ‬فكر‭ ‬راجح‭ ‬وما‭ ‬يملكه‭ ‬من‭ ‬حس‭ ‬واقعي‭ ‬وتقديرًا‭ ‬لمعرفته‭ ‬للأوضاع‭ ‬السياسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬فقد‭ ‬عينه‭ ‬الأمير‭ ‬سفيرًا‭ ‬للكويت‭ ‬في‭ ‬القاهرة،‭ ‬مع‭ ‬ترحيب‭ ‬القاهرة‭ ‬بهذا‭ ‬الترشيح‭ ‬لشخص‭ ‬يقدر‭ ‬له‭  ‬انسجامه‭ ‬مع‭ ‬الدعوة‭ ‬للتضامن‭ ‬العربي‭ ‬ومواقفه‭ ‬السياسية‭. ‬

ظل‭ ‬سفيرًا‭ ‬نشطًا‭ ‬مقربًا‭ ‬من‭ ‬الطرفين،‭ ‬ناصحًا‭ ‬حكومة‭ ‬الكويت‭ ‬بما‭ ‬يراه‭ ‬في‭ ‬الابتعاد‭ ‬عن‭ ‬الخلافات‭ ‬العربية،‭ ‬ومساهمًا‭ ‬مؤثرًا‭ ‬في‭ ‬تطور‭ ‬العلاقات‭ ‬بالجوانب‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والثقافية‭ ‬والتعليمية‭. ‬

 

اختياره‭ ‬وزيرًا‭ ‬

اختاره‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬صباح‭ ‬السالم،‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬ورئيس‭ ‬الوزراء،‭ ‬وزير‭ ‬دولة‭ ‬لشؤون‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬عام1961،‭ ‬وظل‭ ‬وزيرًا‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬1985،‭ ‬بخمس‭ ‬وزارات‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬الشيخ‭ ‬صباح‭ ‬السالم‭ ‬وفي‭ ‬عهد‭ ‬الشيخ‭ ‬جابر‭ ‬الأحمد‭ ‬الصباح،‭ ‬كان‭ ‬دوره‭ ‬مؤثرًا‭ ‬في‭ ‬التنسيق‭ ‬بين‭ ‬الوزراء‭ ‬ومجلس‭ ‬الأمة،‭ ‬بالإشراف‭ ‬على‭ ‬مسار‭ ‬قرارات‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء،‭ ‬وصار‭ ‬وزيرًا‭ ‬مؤثرًا‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الدولة‭ ‬داخليًا‭ ‬وخارجيًا،‭ ‬ومستشارًا‭ ‬يسعى‭ ‬لإبعاد‭ ‬الخلافات‭ ‬بين‭ ‬الوزراء‭ ‬والمجلس،‭ ‬مع‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬سلامة‭ ‬العلاقات‭ ‬الكويتية‭ - ‬العربية‭.‬

حصل‭ ‬على‭ ‬ثقة‭ ‬الجميع‭ ‬لاسيما‭ ‬القيادة‭ ‬المصرية‭ ‬الثورية،‭ ‬واعيًا‭ ‬للضرورات‭ ‬وأن‭ ‬تنفتح‭ ‬الكويت‭ ‬على‭ ‬الجميع،‭ ‬ومهتمًا‭ ‬كثيرًا‭ ‬بالجانب‭ ‬الثقافي،‭ ‬وحريصًا‭ ‬على‭ ‬انفتاح‭ ‬الكويت‭ ‬الفكري،‭ ‬بانيًا‭ ‬الجسور‭ ‬مع‭ ‬مراكز‭ ‬الفكر‭ ‬والتطوير‭ ‬عربيًا‭ ‬وعالميًا،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬نال‭ ‬الارتياح‭ ‬الشعبي‭ ‬لتواجده‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬القرار‭ ‬الكويتي،‭ ‬حيث‭ ‬تمتع‭ ‬بثقة‭ ‬مختلف‭ ‬أبناء‭ ‬الشعب‭ ‬الذين‭ ‬يرون‭ ‬فيه‭ ‬حارسًا‭ ‬ومؤتمنًا‭ ‬على‭ ‬سلامة‭ ‬مجرى‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬علاقتها‭ ‬مع‭ ‬البرلمان‭ ‬ومع‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والعالم‭ ‬أجمع،‭ ‬كما‭ ‬واصل‭ ‬حرصه‭ ‬على‭ ‬تأمين‭ ‬اللمعة‭ ‬العروبية‭ ‬في‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الكويتية‭ ‬وفتح‭ ‬الأبواب‭ ‬لمختلف‭ ‬الثقافات‭ ‬تأكيدًا‭ ‬للقيم‭ ‬الإنسانية‭ ‬العالمية‭ ‬مستفيدًا‭ ‬مما‭ ‬استوعبه‭ ‬خلال‭ ‬حياته‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬ولندن‭. ‬

خرج‭ ‬من‭ ‬الوزارة‭ ‬عام‭ ‬1985‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬وضوح‭ ‬مظاهر‭ ‬الإرهاق‭ ‬الصحي‭ ‬عليه،‭ ‬ثم‭ ‬صارت‭ ‬ديوانيته‭ ‬موقع‭ ‬حوارات‭ ‬حضارية‭ ‬مستنيرة‭ ‬وانفتاح‭ ‬سياسي‭ ‬واحترام‭ ‬حق‭ ‬الاختلاف‭ ‬في‭ ‬الاجتهادات‭. ‬كان‭ ‬زوار‭ ‬الكويت‭ ‬يحرصون‭ ‬على‭ ‬زيارته‭ ‬في‭ ‬مسكنه‭ ‬للاستماع‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬الكويت،‭ ‬لكنه‭ ‬ظل‭ ‬قريبًا‭ ‬من‭ ‬السلطة‭ ‬حتى‭ ‬وفاته‭ ‬عام‭ ‬1996،‭ ‬عن‭ ‬عمر‭ ‬يناهز‭ ‬الخامسة‭ ‬والسبعين‭. ‬وقد‭ ‬خصصت‭ ‬الدولة‭ ‬صرحًا‭ ‬ثقافيًا‭ ‬يحمل‭ ‬اسم‭ ‬مكتبة‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬حسين‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬مشرف‭ ‬تتواجد‭ ‬فيها‭ ‬مؤلفاته‭ ‬وكتبه‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تزين‭ ‬رفوف‭ ‬منزله‭ ‬بمنطقة‭ ‬الشويخ‭. ‬

ليظل‭ ‬اسم‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬حسين‭ ‬يحتل‭ ‬موقعًا‭ ‬بارزًا‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الكويت‭ ‬ومواقفها‭ ‬السياسية‭ ‬والدبلوماسية‭ ‬والثقافية،‭ ‬ويبقى‭ ‬علامة‭ ‬بارزة‭ ‬بين‭ ‬رواد‭ ‬الكويت‭ ‬ورجالاتها‭ ‬الذين‭ ‬أسهموا‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬الغالي،‭ ‬ويبقى‭ ‬الأستاذ‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬حسين‭ ‬رجل‭ ‬فكر‭ ‬ودولة‭ ‬■