المفكرة الثقافية

المفكرة الثقافية
        

  • رحلة: «زينة البحار» تجوب موانئ الخليج العربي وإيران

          تكريسًا لتاريخ عمان البحري والدور الذي لعبه البحارة العمانيون في التواصل مع الحضارات والشعوب الأخرى، قامت السفينة السلطانية «زينة البحار» بالرسو في ميناء الشويخ البحري، مستهلة بذلك رحلة بحرية تشمل موانئ دول مجلس التعاون الخليجي وإيران، بدأت أولا بزيارة ميناء الشويخ بدولة الكويت ثم ميناء سلمان بمملكة البحرين ثم ميناء الدوحة في دولة قطر وأخيرا ميناءي بندر عباس ومكران في الجمهورية الإسلامية في إيران، وستمكث «زينة البحار» لمدة ثلاثة أيام تقريبا في كل ميناء ثم تعود من جديد إلى نقطة البداية في ميناء قابوس بالعاصمة مسقط.

          وشهد ميناء الشويخ احتفالا رسميا بمناسبة وصول «زينة البحار»، تقدمه سفير سلطنة عمان في دولة الكويت سالم المعشني وسط حضور رسمي ديبلوماسي وإعلامي حاشد تقدمه محافظ العاصمة الشيخ علي الجابر الأحمد الصباح، وقامت فرقة عمانية شعبية بتقديم مجموعة من الأغاني والرقصات التقليدية التي أضفت على الحفل جوًا من الاستحسان والبهجة، وقد حرصت مؤسسة الموانئ الكويتية على تجهيز أفضل ما لديها من استعدادات ليكون مكان الحدث مناسبا للبحارة والضيوف الذين قدموا لمشاهدة السفينة، وقامت بنصب خيمة بيت شعر مجهزة بكل سبل الضيافة والترحيب.

          وأعرب مدير عام مؤسسة الموانئ الكويتية الشيخ صباح جابر العلي عن سعادته باستقبال طاقم السفينة السلطانية في الكويت، كما أشاد بمبادرة السلطان قابوس بن سعيد بتعزيز روابط الأخوة والصداقة بين سلطنة عمان والشعوب الخليجية والعربية، معتبرا أن رحلة «زينة البحار» بمنزلة إحياء للموروث البحري العماني الأصيل.

          وقام السفير العماني ومعه قائد السفينة الرائد محمود البلوشي باصطحاب كل من محافظ العاصمة الشيخ علي الجابر الأحمد الصباح ومدير عام مؤسسة الموانئ الكويتية الشيخ صباح الجابر العلي الصباح وضيوف الحفل في جولة تضمنت جميع أجزاء السفينة للاطلاع على مكوناتها خاصة قمرة القيادة والحجرات الداخلية. وتعتبر سفينة زينة البحار من نوع «البغلة» وهي سفينة خشبية شراعية تم تشييدها في مدينة صلالة العمانية ودشنت للمرة الأولى في مارس 1988 ويبلغ طولها 61 مترًا وتتسع لخمسة وسبعين شخصًا، وقد أتى على متنها في هذه الجولة 33 بحارا، وقد سبق لـ«زينة البحار» أن شاركت في احتفالات «الكرى 815» لتأسيس ميناء هامبورغ الألماني حيث قطعت 6500 ميل بحري خلال تلك الرحلة.

الكويت: إبراهيم المليفي

  • ملتقى: «ماهية الإنسان الكامل في التصوّف

          ضمن فعاليات الطبعة السابعة للقاء السنوي: «تصوف، وثقافة، وموسيقى» نظم المركز الوطني الجزائري للبحوث في عصور ما قبل التاريخ، وعلم الإنسان والتاريخ ملتقى دوليًا حول: «ماهية الإنسان الكامل في التصوّف التطبيقي»، أيام: 13،12،11 ديسمبر2010م، بمدينة: «عنابة» والتي تقع شرق العاصمة الجزائرية بمشاركة ما يزيد على خمسين باحثًا، وأكاديميًا من مختلف الدول العربية، والإسلامية، والأجنبية من تونس، والمغرب، وسورية، ولبنان، والأردن، واليمن، وتركيا، والهند، وإيران، وباكستان، وألمانيا، وسويسرا، وبلغاريا، وروسيا، وفرنسا وغيرها.

          وقد توزعت بحوث الملتقى على خمسة محاور رئيسية، وقد بدأ المحور الأول المعنون بـ «الشيخ البوني»، وذلك نسبة للعلاّمة الكبير أبو العباس أحمد بن علي البوني، نسبة إلى بونة، وهو الاسم القديم لمدينة عنابة الجزائرية، بمداخلة للأستاذ د.سميح جيخان من مركز البحوث الإسلامية لوقف الديانة من إسطنبول بتركيا، تحت عنوان: «أحمد بن علي البوني وكتابه شمس المعارف الكبرى» تطرق فيها لإسهامات العلاّمة البوني، وركز على تأثير كتابه «شمس المعارف الكبرى» في شتى العلوم من بينها علم السيمياء، والتصوف. وفي المحور الثاني الموسوم بـ «الإنسان الكامل» قُدمت عدة مداخلات مهمة من بينها مداخلة الباحث د.خميسي حميدي من الجامعة المركزية بالجزائر الموسومة بـ: «الإنسان الكامل والحقيقة المحمدية»، كما قدمت الباحثة د.عصمت لطيف مهدي من جامعة حيدرآباد بالهند محاضرة تحت عنوان: «فكرة الإنسان الكامل عند ابن عربي ومحمد إقبال»، وقد قامت الباحثة من خلال هذه المداخلة بمقارنة متعددة الوجوه والأبعاد حول فكرة الإنسان الكامل عند ابن عربي ومحمد إقبال، وركزت من خلالها على الفلسفة المشتركة بينهما، وسعت إلى اكتشاف أوجه الشبه لديهما في الفكر والخيال والنظرية، كما سلطت الضوء على مفهوم وفكرة الإنسان الكامل، من خلال جملة من العناصر من بينها: «دراسة الإنسان، وترسيمه، وتقسيمه، وتفنيده، وتبيان مهمته وغايته، وتوضيح حقيقته أصلًا وفرعًا، وكمالًا ونُقصًا، ودينًا ووطنًا» كما برمجت في هذا المحور عدة محاضرات من بينها محاضرة الأستاذ د.سمير سليمان من جامعة بيروت المعنونة بـ «الإنسان الكامل ونظرية الحركة الجوهرية عند الحكيم الإلهي صدر الدين الشيرازي»، ومحاضرة د.ليلى خليفة من مجمع اللغة العربية في عمان بالأردن، عن: «المدينة الفاضلة الذهبية الكاملة والإنسان الكامل بين كمال الدين، وتمام النعمة عند ابن عربي»، وورقة د.عبدالعزيز سلطان طاهر المنصوب، من جامعة صنعاء في اليمن المعنونة «الإنسان الكامل: دلالة المعنى وأسبقية التأويل»، وقد قدمت ملخصات عن بعض المداخلات نظرًا لتعذر حضور بعض الأساتذة».

          وكان المحور الثالث تحت عنوان: «علم السيمياء»، وقد انطلق بمداخلة الباحث الجزائري عبدالباقي مفتاح عن: «علم الحروف عند الشيخ الأكبر محيى الدين ابن عربي»، ومن أهم الأبحاث التي أعدت في هذا المحور بحث د.ديلارو غورار من جامعة سلجوق بقونية، تحت عنوان «معاني الحروف الميتافيزيقية عند صدر الدين القونوي»، وبحث د. نصر الدين موهوب من برج بوعريريج في الجزائر عن: «الحروف وعلاقتها بالتوحيد في فكر ابن عليوة الجزائري»، الذي ركز فيه على دراسة العلاقات بين الحروف الهجائية والتوحيد في رسالة: «الأنموذج الفريد المشير لخالص التوحيد» لابن عليوة المستغانمي الجزائري الذي عاش ما بين: 1869-1934م، حيث استعرض ما أورده عن النقطة من حيث سريانها في الحروف، ومن حيث ظهورها، ومن ثم علاقتها بالحضرة الأحدية، أو نقول الغيب.

          وكان المحور الرابع بعنوان: «علم الإكسير»، وقد ألقيت مجموعة من المداخلات في هذا المحور الذي ترأس جلساته الباحث د.بتول كوتشلو، وتركزت أغلب الأبحاث على علم الكيمياء، والتصوف، من بينها محاضرة د.محمود رضا اسفنديار من جامعة آزاد بطهران، المعنونة بـ: «نظرة إلى مؤلفات وأفكار مظفر علي شاه والتأكيد على علم الكيمياء والتصوف في أفكاره»، والتي حاول من خلالها استجلاء أفكار مظفر علي شاه، الذي عاش في أوائل العصر القاجاري، وكان من أبرز المهتمين بالعلوم العقلية والنقلية، وكان طبيبًا حاذقًا يعالج الناس، وقد سعى الباحث في مداخلته إلى دراسة كتابه المعنون بـ: «نور الأنوار في علم الكيمياء» والذي أوضح فيه خصائص الأحجار الكريمة، وأشار إلى مدى تعلقه وحبه لأستاذه ونهجه الصوفي.

          وقد عالج الباحث عبد المنعم القاسمي الحسني في مداخلته عن: «الأنفس السيبعة في الطريقة الرحمانية - الخلوتية وانشدادها إلى الكمال» منهج الطريقة الرحمانية في التربية الروحية، حيث شرح منهجها من حيث إنه برنامج تربوي يهتم بتطهير النفس من كل الأمراض التي تحجب الإنسان عن الله، وتقوم انحرافاته النفسية، والسلوكية فيما يتعلق بعلاقته مع الله، ومع الذات، وقد أشار الباحث إلى أن الطريقة الرحمانية قد عُنيت بتطهير آفات النفس وإحالتها إلى أخلاق حميدة مشكورة، وقد وضعت للنفس سبع مراتب هي: الأمارة، اللوامة، المطمئنة، الملهمة، الراضية، المرضية، الكاملة، كما تعرض في بحثه للأدوات التربوية التي انتهجتها هذه الطريقة في علاج النفس.

          فيما تركزت محاضرة د.محمد بدرخان من تركيا على: «عثمان فضلي إلهي وأثره في علم الإكسير: هداية المتحيرين»، وقد أشار فيها إلى أن عثمان فضلي إلهي من مشايخ الجلوتية في عهد الدولة العثمانية، وهو متصوف ومفسر حنفي المذهب جلوتي الطريقة، وقد تنوعت تصانيفه الكثيرة ما بين علوم الظاهر، وعلم التصوف، والباطن، وذكر أن أهم مؤلفاته هي: حاشية تفسير الفاتحة لصدر الدين قونوي، وشرح مفتاح الغيب، وكتاب الإيحاءات البرقيات، وقد ألف الشيخ عثمان فضلي رسالة في صناعة الكيمياء وأطلق عليها اسم هداية المتحيرين، وبحث فيها الحكمة، وصناعة الكيمياء، كما أنه عُرف بصناعة الإكسير.

          وقد كان المحور الأخير من المؤتمر تحت عنوان: «التصوف في العلم»، وقد قدمت فيه مداخلة الباحث فضل الله بياف من أكاديمية العلوم لجمهورية طاجيكستان بدوشانبه، تحت عنوان: «مجموعة الآثار الصوفية في مركز المخطوطات لأكاديمية علوم طاجيكستان»، عرض فيه لأهم المخطوطات الصوفية في أكاديمية علوم طاجيكستان، حيث ذكر أن مركز المخطوطات الشرقية لأكاديمية علوم طاجيكستان يضم5650مجلدا من الكتب المخطوطة، ويحتوي كل مخطوط على أكثر من رسالتين، وتتألف أغلب آثار المركز من المخطوطات الصوفية التي تتحدث عن ممثلي طرق التصوف، وقد أشار إلى أن أغلبية التصانيف هي عبارة عن مخطوطات للمتصوفة وهي نادرة وقيمة، ومكتوبة بلغات عدة منها العربية والفارسية والطاجيكية والتركية القديمة، ومن بين المخطوطات التي يحتويها المركز: «رسائل أخلاق ناصري» لنصر الدين طوسي، والذي عاش ما بين: (597-672هـ)، و«أخلاق محسنى» لكمال الدين حسين واعظ كاشفي (المتوفى في: 910هـ) و«جهار مقاله»، و«لسان الطير» لعلي شير نوائي». وقد أكد الباحث على أن أغلب هذه المخطوطات أحضرت من خراسان، والهند، وهي ذات قيمة علمية كبيرة، وتحتوي على معلومات أدبية، وتاريخية، وثقافية مهمة، ومن الممكن أن تستثمر وتقدم إضافات مهمة عن تاريخ التصوف، والمسائل الثقافية المختلفة لشعوب ما وراء النهر والأقطار المجاورة لها.

          وعرض محمد حسن خان من جامعة بركة الله بهوبال بالهند لسلاسل الطرق الصوفية الموجودة بشبه القارة الهندية، حيث ذكر أن الطرق الصوفية الست، وسلاسلها في الهند أسهمت في إصلاح توجهات الهنود، وفي ترقيتهم روحيًا، وهي: النقشبندية، والقادرية، والسهروردية، والجشتية، والشطارية، وذكر كذلك أن السلسلة الفردوسية قد سادت الهند ولكنها كانت محدودة، وقد عرفتها منطقة بهار في شمال شرق الهند. وقد تميز هذا الملتقى بدقة تنظيم جلساته العلمية، وحسن تسييرها رغم تعددها، إضافة إلى ثراء نقاشاته، وعمق ما دار من حوار بين مختلف الباحثين، والمعقبين من الحضور.

الجزائر: محمد سيف الإسلام بوفلاقة

  • غياب: رحيل الشاعر السعودي محمد الثبيتي (1952 - 2011)

          خسر المشهد الثقافي السعودي يوم الجمعة الموافق الرابع عشر من شهر يناير (كانون الثاني)، من عام 2011، واحدًا من رواد الشعر الحديث، ليس على المستوى المحلي فقط، إنما على مستوى العالم العربي أيضا، كما يؤكد بذلك النقاد، ومجايلوه.

          رحل الشاعر محمد الثبيتي، بعد غيبوبة ألمت به، أثر إصابته بجلطة، قبل نحو عام، أخذت بوادرها في الظهور، بعد رجوعه بوقت قصير، من مشاركة، شعرية فاعلة، في الأيام الثقافية السعودية، التي أقيمت في اليمن، مخلفا بذلك إرثًا شعريًا قيمًا، تمثل في خمسة دواوين.

          ولد الشاعر محمد عواض الثبيتي، في عام 1952م في وادي «الشروط»، التابع لمركز لغب، في محافظة بني سعد، من منطقة الطائف، لأسرة متوسطة الحال، وحاباه القدر بأب، وجد يقرضان الشعر، إضافة إلى امتلاك أسرته، مكتبة زاخرة بالكتب، وإن غلب عليها الطابع الديني، ما غرز في نفس الصغير، منذ وقت مبكر حب المطالعة، والقراءة، وبعد أن أنهى المرحلة الابتدائية، دفع به أبوه، بعد أن لاحظ نبوغه، إلى جدته المقيمة في مكة المكرمة، ليواصل، الطفل البدوي، تعليمه للمرحلة المتوسطة، بجوار الحرم المكي، حيث أروى نهمة في مطالعة العديد، من كتب التراث، مثل السيرة الهلالية، والزير سالم، وعنترة، إضافة إلى عمله في فترة الإجازات، مطوفا للحجاج، والمعتمرين، في المسجد الحرام، وذلك من أجل تأمين أحتياجاته، وشراء المزيد من الكتب، خاصة بعد أن نشأت بينه وبين صاحب مكتبة، في الطائف، كان يمده بما يحتاج إليه من كتب بمبالغ زهيدة، أو من دون مقابل أحيانا، علاقة صداقة، ما ساعد على تفتق موهبته الشعرية مبكرا، وفي السادسة عشرة من العمر، كتب الثبيتي، أبياتا عارض فيها، إحدى قصائد أحمد شوقي، ومنها: «إذا جاد الزمان لنا بيوم، وصالاً جاد بالهجران عاما».

العمل وإصدار الدواوين

          بعد حصول الثبيتي، على شهادة معهد المعلمين الثانوي في مكة المكرمة، انخرط في سلك التعليم، معلما في مدرسة المطعن في جازان، وبعد مضي عام، عاد إلى مكة المكرمة، وواصل عمله في سلك التعليم، كما أصيب بمرض الملاريا، وفي فترة من الفترات، عاوده الحنين من جديد، إلى مواصلة الدراسة، للحصول، على بكالوريوس في علم الاجتماع، وكان وقتها، قد أصدر ديوانه الأول «عاشقة الزمن الوردي» 1982، وفي عام1984، أصدر «تهجيت حلما.. تهجيت وهما»، ولم يمض سوى عامين، حتى أصدر ديوانه الثالث «التضاريس»، في عام1986، وعد الثبيتي بذلك، من أبرز شعراء الحداثة، في الثمانينيات من القرن الماضي، وبعد فترة غياب، إلا من قصائد عابرة فاز من خلالها بجوائز تكريم، عاد للظهور من جديد في عام 1997، ونشر قصائد جديدة منها «سيد البيد»، و«موقف الرمال»، التي حصل من خلالها على جائزة البابطين، وأصدر، في عام 2005 باسمها ديوانه الأخير.

          وقدم بعض الأكاديميين، رسائل ماجستير، ودكتوراة في شعر الثبيتي، المترع بالصور، والتشبيهات والخيالات، والذي يحوي حمولات، لا تكتفي بأن تستنطق الحياة، وتقف على دلائلها فقط، إنما تفجر الدهشة، عبر قاموس لغوي متفرد، وأخاذ، ومن خلال، شعر عفوي، يؤنسن، الليل، والرمال، وصور حداثية، مغايرة، مكتنزة، ونابضة بالدلالات، وتعتبر الكاتبة منى المالكي أن قصيدة «التضاريس»، «تشكل رأس الهرم الشعري، في تجربة محمد الثبيتي الشعرية، من حيث مقدرتها على بناء الأسطورة، وخلق الشخصيات الموازية للتراث الشعري والنثري المتراكم»، فيما يمتلئ قاموسه الشعري بمفردات الرمل، موقظًا بذلك نبض الصحراء اليباس، في مواضيعه المتنوعة، والتي شملت : الغزل، الوصف، التأمل.

          وحول تجربة الثبيتي الشعرية، يقول الشاعر محمد العلي أن «الثبيتي لم يدع المعنى يتجاوز نفسه، أو يجعل المفردة اللغوية تلبس مجازا بكرا وحسب، بل أحدث في شعرنا، نقلة ابداعية جديدة، هي الانتقال من مجاز المفردة، الى مجاز القصيدة».

          «ومن وجوه الغرابة»، والكلام للعلي أن «الثبيتي أثر في من قبله.. بمعنى انه فتح أعينهم، على عجز لغوي، لم يكونوا ملتفتين إليه، أو قادرين على انتهاكه.. ولكنه لم يؤثر في الجيل الذي بعده من الشباب الشعري حسب قراءتي اذ بقي هذا الجيل سجينا لهموم عشوائية، ولغة تسأل عن المعنى في الغالب، وقد يكون هذا ناشئا من مرض الثقافة العربية ككل وليس قصورا فيهم».

          يقول الثبيتي تحت عنوان : تَحِيَّةٌ لِسَيّدِ الِبيْدِ

          سَتَمُوتُ النُّسُورُ التي وَشَمَتْ دَمَكَ الطفلَ يوماً
          وأنتَ الذي في عروقِ الثرى نخلةٌ لا تَمُوتْ
          مَرْحَباً سَيَّدَ البِيدِ ..
          إنَّا نَصَبْنَاكَ فَوقَ الجِرَاحِ العَظِيمَةِ 
          حَتَّى تَكُونَ سَمَانَا وصَحْرَاءَنَا
          وهَوانَا الذِي يَسْتَبِدُّ فَلاَ تَحْتَوِيهِ النُعُوتْ 
          سَتَمُوتُ النُّسُورُ التي وَشَمَتْ دَمَكَ الطفلَ يوماً
          وأَنْتَ الذي فِي حُلُوقِ المَصَابِيحِ أغْنِيَةٌ لاَ تَمُوتْ
          مَرْحَباً سَيَّدَ البِيدِ ..
          إنَّا انْتَظَرْنَاكَ حَتَّى صَحَونَا عَلَى وقْعِ نَعْلَيكَ
          حِينَ اسْتَكَانَتْ لِخُطْوَتِكَ الطُّرُقَاتُ
وألْقَتْ عليكَ النوافذُ دفءَ البيوتْ

الرياض: شمس علي

  • ذكرى: 14عقدًا على إنشاء «الكتبخانة»

          لم تنس مصر، وهي تحتفل بمرور 14 عقدًا على إنشاء دار الكتب والوثائق القومية التي حضرها عدد كبير من الكتاب والمفكرين من جميع أنحاء العالم، استحضار الدور الرائد لشيخ العروبة د.أحمد زكي الذي كانت تجربته ولاتزال من أهم التجارب التي أسست لهذه الدار التى كانت تعرف بـ «الكتبخانة».

          وفي كلمته حرص شيخ المحققين العالِم د.حسين نصار على الإشادة بالدور الفاعل الذي قام به شيخ العروبة لخلق منهج علمي لتحقيق المخطوطات العربية القديمة، ونشرها لقارئ جديد، ولفت نصار إلى أن هذا الرجل هو أول من اضطلع بما أطلق عليه «التحقيق» في دار الكتب، وهو الاسم الذي لقي القبول من الجميع، فكانت محققاته أول ما احتضنته الدار من تحقيقات.

          وفي هذه المناسبة أكد د.حسين نصار أن شيخ العروبة انتقل بدار الكتب من صناعة تحقيق التراث المخطوط، من مجرد مرحلة التصحيح المطبعي إلى العمل العلمي المتكامل الذي كان اللبنة الأولى في البناء الشامخ الذي شيده علماء مصر وأشقاؤهم في الأقطار العربية الأخرى وماثلوا به ما شيده كبار المستشرقين الذين توقف د.مصطفى لبيب، في بحثه، أمام عدد من أعلامهم ممن تشكَّلت تجربتهم المعرفية باتصالهم المباشر بدار الكتب، وكان للدار النصيب الأوفر في تكوينهم العلمي بعد أن ارتبط إنتاجهم العلمي المتميِّز بها، وفي مقدمتهم: الإيطالي كارلو نللينو (1872 1938)، الذي كان من أشهر تلاميذ عميد الأدب العربي، د. طه حسين, وكان رائدًا لدراسات تاريخ علم الفلك عند العرب, وأتيحت له فرصة الدراسة بالجامعة الأهلية في مصر منذ إنشائها سنة 1908 قبل أن يصبح أستاذا في الجامعة المصرية، والروسي إجناتي يوليا نوفتش كراتشكوفسكي (1883 1951) صاحب الدراسة المتميِّزة عن «الأدب الجغرافي العربي» الذي أسهم في نشر روائع عديدة من النصوص العربية القديمة، وترجم إلى الروسية الكثير من عيون الأدب العربي القديم والمعاصر، والسويدي هنريك صمويل نَيْبِرج (1899 1974) الذي حقق كتاب «الانتصار» للخياط وطبعته دار الكتب المصرية سنة 1935, ويعد من أهم المصادر في دراسة مذهب المعتزلة، والألماني ماكس مايرهوني (1874 1945)، طبيب العيون الشهير, الذي استوطن القاهرة وقضى فيها بقية حياته، وهو صاحب الدراسات القَيِّمة عن تاريخ الطب والفلسفة العربية، والألماني جوزيف شاخت (1902 1969), الذي أسهم في تحقيق الكثير من نصوص الفقه الإسلامي, وهو الذي أشرف على إعداد كتاب «تراث الإسلام», و«دائرة المعارف الإسلامية» في طبعتها الأوربية الثانية، والبريطاني جون آرثر آربري (1902 1969), الذي رأس قسم الدراسات اليونانية واللاتينية عند إنشائه بالجامعة المصرية, وهو مترجم معاني القرآن إلى اللغة الإنجليزية, وأسهم في نشر الكثير من عيون التراث الصوفي الإسلامي، والألماني بول كِراوس (1904 1944), الذي عمل مدرسًا للفلسفة بالجامعة المصرية, واشتهر بدراساته الرائدة في تاريخ العلوم العربية وبخاصة «كيمياء جابر بن حيَّان».

          وانتهى لبيب إلى أنه لولا هذه الصلة الوثيقة التي قامت بين هؤلاء المستشرقين ودار الكتب لما أمكن لكثير من روائع النصوص الإسلامية المحققة, والدراسات المعبرة عن جوانب حضارتنا أن ترى النور.

          ويفرد العالم د.عبدالستار الحلوجي ورقته لتناول أصول الفهرسة، موضحا أنها ضرورة لا تستغني عنها أية مكتبة, وإن كانت فهرسة المخطوطات تتطلب بيانات أكثر تفصيلًا من تلك التي تتطلبها فهرسة المطبوع, لأن كل نسخة لها سماتها وملامحها المادية التي تميزها عن غيرها من نُسَخ الكتاب نفسه كالورق والخط والمسطرة، وما قد تحمله الهوامش من شروح وتعليقات ومقابلات وسماعات وإجازات وتملكات, وما قد يعتريها من نقص بعض الأوراق. وإذا كانت صفحة العنوان في المطبوع تقدم معظم البيانات التي يتطلبها المفهرس, فإن هذه الصفحة في المخطوطات تأتي في مرتبة تالية من الأهمية, لأنها في أحسن حالاتها لا تذكر سوى العنوان واسم المؤلف وحتى هاتان المعلومتان لا يُعتمد فيهما على صفحة العنوان وإنما على مقدمة المخطوط.

          وفي هذا الاتجاه يشير المدير الحالي للدار، د. عبدالناصر حسن، إلى أن الدار تقوم بنشاط في التعامل مع: أوربا، وشرق آسيا، والأمريكتين، وإفريقيا، لإتاحة المعلومات حول ما تضمه من عناوين تكشف عن ثراء الثقافة والحضارة العربية والإسلامية، وذلك في مقابل إمدادنا بالمعلومات عن أحدث الكتب وقواعد البيانات.

          ويذكر أن الدار مهتمة بتطوير نفسها ومسايرة الطفرة التقنية في مجال المعلومات والمكتبات في نفس الوقت الذي تهتم فيه بتوفير مخازن مناسبة لحفظ المخطوطات والبرديات والمسكوكات، وتوفير مصادر متنوعة للمعرفة في أوعية مختلفة من المطبوعات والدوريات والميكروفيلم، بالإضافة إلى توفير قاعات تستوعب عددًا كبيرًا من المترددين على الدار مع تخصيص أماكن للمراكز المتخصصة والمكاتب الإدارية.

          ويهدينا أليسون أوتا، رئيس الجمعية الآسيوية الملكية لبريطانيا العظمى وأيرلندا، صورة لصناعة الكتاب في العالم الإسلامي، ويقول: على الرغم من أن المصادر تُخبرنا عن وجود مكتبات كبيرة خلال الخلافتين العباسية والفاطمية، إلا أن الأدلة تختلف على ذلك.

          ويحصي د.شريف سيد أنور ثلاثة عشر ألف قطعة من النقود والعملات التي تقتنيها دار الكتب المصرية والتي تعد أكبر وأهم المجموعات في هذا المجال قاطبة، وهي تنتمي إلى عصور مختلفة، وفترات متباينة، وهي لا تقتصر على النقود والمسكوكات الإسلامية فحسب، بل تمتد إلى أبعد من ذلك، إذ توجد بها نماذج للنقود الأوربية لاسيما تلك التي كانت معاصرة للفترة العثمانية وما بعدها مثل الدوكات البندقية والريالات الأوربية، كالريال الهولندي، والريال الإسباني، بالإضافة إلى نماذج فريدة من نقود مصر، وأخرى لمثيلاتها من النقود الأوربية التي كانت معاصرة لها.

          ومن أهم ما تحويه دار الكتب المصرية أيضا والتي تنتمي إلى تلك المجموعة «الميداليات» التي تعد بحق سجلًا حافلًا لتاريخ مصر السياسي الحديث، وبخاصة فترة محمد علي باشا وما بعدها مما أضفى أهمية خاصة على قيمة هذه المجموعة.

          لذا فإن تنوع مفردات هذه المقتنيات، وانتماءها إلى عصور مختلفة جعلاها من أهم المجموعات العربية.

          وفي كلمته قال د. محمد صابر عرب، رئيس مجلس ادارة الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية: «إن قرنًا وأربعة عقود من تاريخ هذه المؤسسة العريقة يثير في الذاكرة الكثير من المعاني الكبيرة، فقد شهدت مصر منذ مطلع القرن التاسع عشر مشروعًا تنمويًا كبيرًا، بداية من التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وانتهاء بالتنمية الثقافية».

القاهرة: مصطفى عبدالله

 

   





محافظ العاصمة الشيخ علي الجابر الصباح والسفير العُماني سالم المعشني في جولة داخل السفينة





خريطة توضح الموانئ التي رست فيها «زينة البحار» حول العالم





فرقة عمان للفنون الشعبية تقدم إحدى لوحاتها أمام الحضور





محافظ العاصمة والسفير العُماني وطاقم «زينة البحار» في صورة جماعية





زينة البحار





ملصق المؤتمر





محمد الثبيتي