رحلة إلى الشرق.. قلم: أشرف أبو اليزيد

 رحلة إلى الشرق.. قلم: أشرف أبو اليزيد
        

عدسة: إسماعيل مال الله

          مثلت الرحلة العربية القديمة إلى الشرق اكتشافًا، سواء كانت رحلة التجار لاكتشاف الخامات والأسواق لكسب الأقوات والأرزاق، أو كانت حجًا للعلماء من أجل الدراسة والاستنارة، أو كانت انطلاقًا لفتوح نشر الدين وضم تخوم جديدة لحدود الإمبراطورية الإسلامية الناشئة، أو ردة فعل ورحلة عكسية لمقاومة فتوح مضادة وغزوات قام بها من الشرق الأقصى محاربون خططوا ـ بالمثل ـ لاتساع رقعات ممالكهم. لكن تلك الرحلات العريقة التي امتدت قرونًا لم تنقطع، حتى بعد توقف نبض طريقي الحرير البري والبحري اللذين ربطا ـ سلامًا وحروبًا ـ بين شرقنا العربي في جغرافيتيه الدنيا والوسطى، وبين بلدان القارة الآسيوية بين أشرعة الحقائق ودفات الأساطير. لذلك كانت ندوة مجلة العربي الفكرية السنوية «العرب يتجهون شرقًا» بمنزلة رحلة مجددة إلى الشرق، قام بها ملاحون من الدول المشاركة، على متن «داو» جديدة اسمها «العربي»، أبحرت من ميناء الكويت باتجاه إعادة الاعتبار للدراسات الشرقية ـ الشرقية.

          مساء يوم شتائي بأحد فنادق العاصمة الكويتية، الكويت، أو الديرة كما يطيب للأذن استذكار لفظة «الدار» مدللة على اللسان، دشن الشيخ أحمد العبدالله الصباح وزير النفط وزير الإعلام راعي حفل الافتتاح وممثل راعي الندوة سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الصباح، فعاليات ندوة «العربي» السنوية في ختام عقدها الأول. إنه موعد التقليد السنوي الذي أسسه الدكتور سليمان العسكري، بعيد توليه رئاسة تحرير «العربي»، إيمانًا منه بأن حوار «العربي» مع المثقفين يجب ألا يتوقف عند حدود المطبوعة الشهرية التي تأسست ورقيًا في العام 1958م، بل يجب أن تجد متسعًا لها في فضاءات أخرى تؤدي فيه دورها بتفعيل الحراك الثقافي «العربي» ـ الدولي، وهو الأمر الذي دفعه أيضا لإنشاء موقع العربي الإلكتروني:

www.alarabimag.org

          لاستقطاب قراء جدد قد لا تصلهم المطبوعة خارج بلدان التوزيع الورقي.

كلمات ونغمات

          ليلة الافتتاح توزعت بين ثلاث كلمات وحشد من التكريمات وفيض من الأغنيات. في كلمته أعرب الشيخ أحمد العبدالله الأحمد الصباح وزير النفط وزير الإعلام، عن سروره بتمثيل راعي ندوة «العربي» سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الأحمد الصباح، ونقل إلى الحضور تحيات سموه وتمنياته لهم بالتوفيق في ندوتهم «العرب يتجهون شرقًا»، وأن ينعموا بطيب الإقامة في بلدهم الثاني دولة الكويت، بين أهليهم وإخوانهم. وقد رحّب بالسفراء الذين حضروا الافتتاح، وخص بالتحية الأخوات والإخوة الأكاديميين الذين قدموا من الدول الصديقة في الشرق الآسيوي، من جمهورية الصين الشعبية، وجمهورية الهند، والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وجمهورية كوريا، وجمهورية سنغافورة، وجمهورية تركيا، وجمهورية تتارستان، وضيوف دولة الكويت من الدول العربية الشقيقة، ثم قال:

          «في هذا العام، ونحن نحتفل بمرور نصف قرن على استقلال دولة الكويت، يُعبِّر المشهد الذي يضم ضيوفنا الكرام، القادمين من نحو عشرين بلدًا شقيقًا وصديقًا، أن دولة الكويت ليست بلاد العرب وحسب، بل هي وطن الثقافات الإنسانية جميعها، وملتقى الأفكار الداعية إلى تواصل الحضارات، والمنادية بتنوع الثقافات.

          إن اتجاه العرب إلى الشرق لم يكن بالنسبة لنا في دولة الكويت ردة فعل معاصرة على أحداث سياسية أو اقتصادية طارئة - كما قد يظن من يقرأ عنوان الندوة - بل كان ثمرة علاقات تاريخية لها جذورها، بدأها نواخذة دولة الكويت، وبحارتها، وسار على منوالهم تُجَّارها، واليوم يواصل الباحثون والدارسون - على حد سواء - تلك المسيرة الناصعة، التي تضع دولة الكويت في قلب العلاقات مع الشرق الآسيوي، مثلما هي في قلب العلاقات بين المشارقة والمغاربة أنفسهم. وقد عُنيت الدولة بشكل عام، ووزارة الإعلام بشكل خاص، ممثلة في إداراتها المختلفة، بالشرق الآسيوي. فالدولة التي تستقبل أبناء الجاليات الآسيوية للعمل في مرافقها لم تهمل توفير المناخ الصحي والثقافي والإعلامي لهؤلاء حتى باتوا يعدونها وطنًا ثانيًا لهم. ولم يكن ذلك الاهتمام، وتلك الرعاية، مقصورين على إقامة مدارس خاصة بهم وحسب، أو وجود منشآت دينية لعقائدهم، والسماح بإنشاء فرقهم الفنية ونواديهم الاجتماعية فقط، بل قدمت لهم وجبات إعلامية بلغاتهم، وفي مختلف الوسائط المكتوبة والمسموعة والمرئية، حيث كان حرص الدولة على الاهتمام بالحوار العقلاني وسيلة لحل المشكلات، نابذة العنف، وكارهة له، وداعية إلى القضاء عليه».

          وكشف وزير النفط وزير الإعلام عن مهد التوازن الإعلامي بين الشرق والغرب لدولة الكويت، قائلاً: «قبل أكثر من أربعة عقود وفي الخامس عشر من ديسمبر 1969م، كان حفل افتتاح محطة أم العيش رسميًا للإرسال التلفزيوني عبر الأقمار الاصطناعية، وقد انطلق الافتتاح وللمرة الأولى باستقبال برنامجين تلفزيونيين على الهواء مباشرة، كان الأول من العاصمة الأمريكية واشنطن، بينما استقبلنا الآخر في الوقت نفسه من العاصمة اليابانية طوكيو، وهو ما يعني أن العلاقات الإعلامية المتوازنة بين الشرق والغرب كانت علامة على مسيرتنا الإعلامية، منذ بواكير النهضة» واستطرد الشيخ أحمد العبدالله في الحديث عن أهمية انطلاق قناة «العربي» الثقافية المتخصصة عن وزارة الإعلام، لتغطي الثقافة بمعناها الشمولي، بعد أن بدأ بثها في فبراير 2009.

مؤسسات الكويت الثقافية تتجه إلى الشرق

          وتحدث الشيخ أحمد العبدالله عن المسعى الثقافي لدولة الكويت في الاتجاه إلى للشرق، الذي كان عنوانًا لأكثر من مؤسسة ثقافية، فأضاف: «يسعدني أن أنوِّه بالدور الذي تؤديه دار الآثار الإسلامية منذ افتتاحها قبل نحو 30 عامًا، وبالتحديد في 23 فبراير 1983 في أحد أبنية متحف الكويت الوطني، وكانت تضم آنذاك 1200 تحفة، مثّلت نواة لمقتنياتها، التي تصل اليوم لأكثر من 30 ألفًا، جاءت من مدن الشرق الإسلامي، تمثل رحلة العصور للفنون الإسلامية منذ القرن الثامن الميلادي ولعشرة قرون لاحقة. وهكذا، ومثلما نجد في الدار آثارًا من بلداننا العربية، سنطوف بأخرى من الصين وأفغانستان وتركيا وإيران والهند، وصولًا إلى صقلية وسواها.

          وقد سعت دار الآثار الإسلامية لأن تقدم هذه الكنوز لزوارها، بل سافرت في معارض تطوف العالم كله، كي تكون سفيرًا حيًا يعرض ذخائر حضارتنا الإسلامية، وخاصة في الشرق الآسيوي. وقد أسست دار الآثار الإسلامية ثلاثة معارض عالمية جوالة، شملت 29 دولة حضرها أكثر من 3 ملايين زائر، مع استمرار هذا النوع من النشاط الثقافي المهم لمعارض دار الآثار الإسلامية خلال الفترة المستقبلية، وكان لي الشرف في افتتاح أربعة معارض منها.

          وأشاد بدور «العربي»: «كما أن القائمين على مجلة العربي منذ صدورها في ديسمبر عام 1958م، انتبهوا لأهمية التواصل مع الشرق، فقدّموا أفكاره ونشروا عن أعلامِه، وعرضوا ترجمات لآدابه، واستطلعوا أقطاره، مثلما نشر المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ثقافات ذلك الشرق العريق في السلاسل الشهرية مثل «من المسرح العالمي» و«عالم المعرفة»، وهو الأمر الذي يؤكد - بالمثل - نهج الدولة، ومؤسساتها الثقافية، في تبني حوار الثقافة العربية مع الثقافات الآسيوية العريقة.

          وعرج حديث الشيخ أحمد العبدالله إلى النهضة الآسيوية: «لقد شهدنا في آسيا تجربة النمور الاقتصادية، والمعدلات المتسارعة التي نهضت بها تلك الدول، مثلما نشأنا على نهضات تكنولوجية في كل أقطارها، وهو ما وضعها على الخريطة العالمية كقوة مؤثرة، حتى استضافت كوريا الجنوبية أخيرًا قمة العشرين، لتعلن عن نظام اقتصادي جديد. وارتبط هذا النمو الاقتصادي بنمو لا يقل عنه أهمية في مجال الثقافة وميدان السياحة، وصارت هذه البلدان تستقطب الملايين من الزوار، وخاصة من منطقتنا العربية. ولم تتوقف علاقاتنا التاريخية مع آسيا على الماضي، ولم تتحدد في الحاضر بالزيارة، بل نشأت مؤسسات مشتركة تعمل على رفاهية المواطنين في الجانبين. إن العالم العربي، الذي يقع نصفه في آسيا، لجدير بأن تكون علاقاته مع البلدان الآسيوية - تجاريًا وثقافيًا وسياسيًا - أقوى من ذي قبل، وما أجدرنا باستعادة الطرق التي أسست للحضارات القديمة، لنرفد بها حضارتنا المعاصرة. كانت منطقة الخليج العربية في الماضي نقطة تواصل بين آسيا وأوربا، عبر الموانئ البحرية والبرية، وها هي اليوم تستعيد ذلك الجسر جوّا، بعد أن أصبحت مطاراتها الدولية الكبرى وسيطًا للنقل بين قارات العالم القديم».

          وختم الشيخ أحمد العبدالله كلمته بخطاب وجهه إلى المساهمين في ندوة «العربي»: «إن عناوين أبحاث الندوة وجلساتها، تعنى بالاتجاه شرقًا بين الماضي والحاضر والمستقبل، وهي مثلما تقرأ لنا تاريخ الرحلات المبكِّرة من دول الشرق إلى الوطن العربي في اليابان والصين، تستكشف طرق الحرير البحرية والبرية التي ربطت بين العرب والشرق. ومثلما لا تغفل دراسة الاتجاه شرقًا في فضاء الإعلام المرئي، والمكتوب، تستبصر تواصل الفنون والتأثيرات المتبادلة بين العمارة العربية والآسيوية، والموسيقى هنا وهناك، بل كذلك تأثير الحركات الصوفية في آسيا على الشرق العربي. كما أن الندوة - وهو أمر مهم - تدرس حالة الترجمة من اللغة العربية وإليها مع لغات القارة الآسيوية، التي يتحدث بها أكثر من نصف سكان العالم. ولا يكتمل المشهد إلا بأن يحكي لنا مستطلعو مجلة العربي عن رحلاتهم الآسيوية. وخلال عقد كامل، منذ بدأت ندوات «العربي» الفكرية في العام 2001، عُني القائمون عليها بتطويرها، فأصبحت تلبي حاجة المثقفين العرب، في وجود نافذة جديدة للحوار الفكري البنّاء. وهكذا ناقشت قضايا «النشر الإلكتروني» لمتابعة ما طرأ في مجاله المتسارع الخطى، خاصة بعد أن بدأ موقع المجلة على شبكة الإنترنت في استقبال ملايين القراء كل عام. وطرحت للنقاش «الثقافة العلمية» التي أراها ركيزة للتقدم، وقد لبت المجلة حاجة القارئ العربي لمادة علمية تخاطبه، فأصدرت ملحقًا مجانيًا للمجلة (العربي العلمي) منذ يونيو 2005. ووسعت المجلة أفق «الحوار بين المشارقة والمغاربة»، ليس لإثارة الخلاف، ولكن للمصارحة الواجبة، من أجل بناء الثقة المتبادلة بين شطري الأمة العربية. ورأت أن من واجبها قراءة الغرب مقابل القراءات العديدة للشرق، فكانت ندوتها «الغرب بعيون عربية». وفي خضم موت دوريات متخصصة وتدشين أخرى كان من واجبها أن تتحدث عن «مستقبل المجلات الثقافية».

          وفي إطار حرصها على «قضايا اللغة العربية» كمرآة لهوية الأمة نادت بضرورة الاهتمام باللغة العربية في كل أفق ثقافي. وكذلك خصصت «العربي» ندوات عن «أدب الطفل العربي»، و«الإبداع المعاصر»، وهو ما تواصله اليوم في هذه الندوة «العرب يتجهون شرقًا». ويأتي هذا كله ضمن الدور الثقافي والإعلامي الذي تقوم به مؤسسات الدولة الثقافية، ومؤسسات المجتمع المدني الأدبية والفنية والبحثية.

          ولم تكتف الندوة بالنقاش، بل قدمت نموذجًا عمليًا للحراك الثقافي الذي تتبناه، فكرّمت المؤسسات والأفراد الذين خاطبوا بأعمالهم فضاء الأفكار التي تطرحها، مثلما تبنت دور دولة الكويت في أن تكون بلاد العرب والعالم، فاستضافت المبدعين والمفكرين والمثقفين والإعلاميين، ليس فقط من الدول العربية، ولكن من خارج الحدود أيضا. ولهذا كله، فنحن نعوّل كثيرًا على دور هذه الندوة، في زيادة الوعي بأهمية التواصل الأعمق مع الشرق، الذي تمثل دولة الكويت والعرب، جزءًا منه. ومثلما يسعدنا أن تبدأ الدعوة في دولة الكويت لذلك الحوار الفكري والأكاديمي، نتمنى أن تجدوا فيما تعرضونه من أبحاث، وما توصون به من آراء، أفكارًا جديدة، تؤمّن مستقبلًا أفضل للحوار والتعاون من أجل أجيالنا القادمة».

آسيا بعيون «العربي»

          وحيّا الدكتور سليمان إبراهيم العسكري، رئيس تحرير مجلة العربي، ممثل راعي الندوة وبدأ كلمته بالترحيب بضيوف الدولة باسم مجلة «العربي»، التي جعلت من صفحاتها وطنًا لكل صاحب رأي ثاقب، وبستانًا لكل ذي فكر خلاق، ثم قال:

          «منذ عشر سنوات، بدأنا تقليدًا جديدًا في «العربي»، وهو إقامة ندوة فكرية موسّعة تستقطب أقلام الأكاديميين والأدباء من مشارق الأرض العربية ومغاربها. واليوم نحتفل بمرور عقدٍ كامل على هذه الانطلاقة النابعة من دور «العربي» كمؤسسة ثقافية كويتية تخاطب العالم كله، وتسعى إليه، مثلما ترحب بفكره وتضيء ثقافته وتحترم حضارته، وإذا كانت «العربي» اللبنة الأولى التي أرستها دولة الكويت في مشروعها الثقافي بتوجيه دائم ورعاية فائقة من حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، فإننا نرفع إلى سموه تهنئتنا جميعًا، بمرور خمس سنوات على توليه مقاليد الدولة، حفظه الله ورعاه، مثلما نهنئ أبناء هذا الوطن بمرور عشرين عامًا على التحرير، وخمسين عامًا على الاستقلال وقيام الدولة الدستورية. إن مجيء ندوة «العربي» لهذا العام وسط هذه الاحتفالات كلها يجعل من تاريخ انعقادها مناسبة تؤكد مبادئ دولة الكويت في أن تكون سفيرة الكويت إلى العالم العربي، وسفيرة العرب إلى العالم كله.

          وتحدث رئيس تحرير «العربي» عن مسيرة المجلة في أكثر من نصف قرن: «في ديسمبر من عام 1958 ولد النداء الأشهر الذي خاطبت به «العربي» قراءها من المحيط إلى الخليج؛ اعرف وطنك أيها العربي، وهكذا سافرت صفحاتها من بلد إلى آخر، ومن مدينة إلى سواها، واستطلعت النائي قبل الداني، فكانت كتابًا مفتوحًا ونافذة فسيحة أطل منها أبناء الأمة الواحدة على ثقافاتهم المنسية وحضاراتهم الخالدة. وبعد أقل من عقدين، اتسع فضاء «العربي» للحوار مع العالم خارج الجغرافيا العربية، وكانت قارة آسيا، التي نعدها ضيف شرف هذه الندوة، الساحة التي عرَّفها محررو المجلة ومصوروها للقراء العرب، حيث استطاعت «العربي» التجوال في أربع وعشرين دولة مما جعلها ديوان الرحلة العربية المعاصرة.

          وأشار رئيس التحرير إلى منتخبات هذه الاستطلاعات التي نشرت خلال ثلاثين عامًا وجمعها كتاب «آسيا بعيون العربي» الذي صدر احتفالا بندوة هذا العام: «ولانزال نطمح إلى أن تواصل وزارة الإعلام رعايتها الكريمة لكي تسافر «العربي» إلى البقاع الآسيوية التي لم تطأها حتى اليوم. فريادة «العربي» تجعلها تؤكد على أهمية السفر في المكان، والزمان، لأن الرؤية والمعاينة هي جُل المعرفة، فرغم تزايد قنوات التلفزيون، ووصول آلات التصوير إلى بقاع منعزلة، وزوايا نائية، تبقى الكلمة ويظل الانطباع الشخصي يعطيان للصورة قيمتها ومصداقيته. ولم تكتف «العربي» بنشر استطلاعات إلى دول آسيا، بل قدمت - ولاتزال - خلاصة الفكر لدى الثقافات الآسيوية في الاقتصاد والفنون والآداب، بل أصبحت تستقبل كتابًا من هذه البلدان يكتبون خصيصًا لها باللغة العربية».

الريادة وأمانة الرسالة

          وأضاف الدكتور سليمان العسكري: «إننا في هذه الندوة لا ندعي ريادة التوجه إلى الشرق الآسيوي، بل نعتقد أننا نواصل أمانة الرسالة التي حملها أجدادنا على عاتقهم، سواء كانوا رحالة مغامرين، أو تجارا مسافرين، أو طلابًا للعلم ولو في الصين، وهي أمانة يجب أن نحافظ عليها، وأن نواصل أداء تلك الأمانة، لأن هذا الشرق يحمل - كما كان دائمًا - بذور الخير، وجذور التقدم. وحين نعود إلى تاريخ العلاقات الكويتية مع دول آسيا نجدها مثالا يحتذى، والدليل على ذلك أن تجار الكويت تمكنوا بفضل علاقاتهم الطيبة مع البلدان الآسيوية من أن يفتحوا أكثر من 300 مكتب تجاري في الهند قبل تدفق النفط، لينطلقوا منها إلى بقية الدول الآسيوية. واليوم نجد هذه الاستثمارات وقد تضاعفت آسيويًا في قطاعات الطاقة والعقارات والزراعة والبنية التحتية والتمويل. ومثلما نؤمن بقيمة الاستثمار في التجارة والصناعة وإقامة البنى التحتية التي برعت فيها العقول الآسيوية، تقنيًا، فتسيّدوا العالم بها، فإننا نؤمن، بقدر لا يقل أهمية، بقيمة الاستثمار الثقافي، الذي نعده أثمن من ذلك كله، فهو العمود الفقري لكل تقدم مادي، وهو ما يجعلنا نطمح إلى إنشاء تعاون ثقافي رفيع مع هذه الدول التي تمد أياديها إلينا بمشروعات ثقافية مشتركة من أجل الحوار معنا، ومحاولة فهمنا. ولعل هذه الندوة وما تضمه من أبحاث ومناقشات تكون بداية جادة على طريق تلمس نقاط التواصل الثقافية بين العرب وآسيا، بما يفتح فرص التلاقي والتفاعل مع تلك الثقافات».

          واستطرد الدكتور سليمان العسكري إلى ذكر المحطات المعاصرة في مسيرة «العربي»: «لقد بدأنا في «العربي» مخاطبة الآخر باللغة الإنجليزية عبر موقع المجلة الإلكتروني. الزائر لهذا الموقع الإلكتروني الذي أسسناه قبل عشر سنوات سيجد ترجمة للاستطلاعات إلى اللغة الإنجليزية، وقد وجدت هذه الترجمة صدى لدى مؤسسات ثقافية عديدة، وترجم بعض هذه الرحلات إلى لغات آسيوية، منها اليابانية والكورية والروسية، وذلك يجعل من سفارة «العربي» إلى العالم واقعًا ثقافيًا ملموسًا. كما يسرنا في هذا المساء أن نرحب بكوكبة من الهامات والقامات، مؤسسات وأفرادًا، ممن ساهموا في دعم ذلك الحوار مع الشرق الأقصى. إن تكريمهم اليوم ليمثل دعوة إلى المؤسسات العاملة في هذا الحقل لمواصلة دعم الحوار مع الشرق، من أجل إقامة جسور بيننا وبين الشرق الآسيوي، آملين أن تثمر هذه الجهود، وأن يطيل الله في عمر هؤلاء الرواد».

          وحذر الدكتور العسكري من الخطر الذي يهدد الهوية العربية الآسيوية: «إن الخطر الأكبر الذي يهددنا، في الشرق العربي من المحيط إلى الخليج، وفي الشرق الآسيوي من الجزر اليابانية إلى الجزيرة العربية هو خطر التهميش، ومرض الفرقة، وفيروس التناحر. وما ندوتنا، وما دعوتنا، إلا إلى الوقوف مع كل الثقافات الوطنية الغنية بتنوعها لمواجهة هذا التحديات والأخطار والكوارث. نحن نعلن رفضنا لإلغاء الثقافات الأخرى، وندعو لفهمها والحوار معها، من أجل تعاون يفيد الإنسانية كلها. لقد واكبت نشأة حضاراتنا العربية على ضفاف أنهار النيل والرافدين وسواها تأسيس حضارات أخرى في الشرق، ولم يكن تزاوج هذه الحضارات عبر طرق الحرير البحرية والبرية إلا غرسًا لبذرة العمران الذي نرى ثماره اليوم».

          ونقل رئيس تحرير «العربي» خبر الإعداد لصدور مجلة نوعية جديدة: «يسرني أن أعلن وسط هذا المحفل الكريم عن قرب صدور مجلة «العربي العلمي»، التي تجدون نسختها التجريبية الأولى ضمن أوراق الندوة. لقد بدأت تجربتنا في النشر العلمي منذ خمس سنوات بنشر ملحق «العربي العلمي» الذي أثبت الإقبال عليه حاجة القارئ العربي لدورية متخصصة في العلوم باللغة العربية.

          وهذا الإصدار تتويج للتوجه الذي سنّته دولة الكويت في أن ترعى نشر الثقافة العلمية للشباب العربي. ولعل ذلك يدفعنا إلى التفكير بجدية في مشروعنا القادم، وهو إصدار «العربي» في طبعة إنجليزية لتوسعة الخطاب مع العالم، بدأناها تجريبيًا بترجمة حديث الشهر والاستطلاعات على موقع «العربي» الإلكتروني إلى اللغة الإنجليزية في سبيل مد جسور الحوار الثقافي مع العالم كله. إنه الصدور الذي نطمح إلى أن نؤديه كما نتمنى، وأن تساعدونا على المضي فيه».

نصف قرن من التنوير

          أما كلمة الضيوف والمكرّمين فكانت للدكتور خالد إرن مدير عام مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية (إرسيكا) في إستانبول، تركيا، الذي أكد في حديثه على دور مجلة العربي التي تمتد لأكثر من نصف قرن في تنوير الرأي العام، وسعيها المتواصل في نشر العلم والمعرفة على مستوى العالم العربي والعالم الإسلامي في وقت واحد، وجهودها الدؤوبة في التقارب بين شرق العالم الإسلامي وغربه وشماله وجنوبه، والعمل المتواصل في توطيد عرى المحبة والصداقة بين العرب والمسلمين، حتى أصبحت منارة تشع بالعلم والمعرفة، ونبراسًا يهدي في مجالات شتى، في العلم والفكر والأدب والثقافة.

          وقال الدكتور خالد إرن: «لا شك أن الدين الإسلامي هو الذي جمع بين ثقافاتنا في تلك الرقعة الجغرافية الشاسعة الممتدة من حدود الصين شرقًا حتى شرق أوربا غربًا ومن آسيا الوسطى شمالاً حتى حدود إفريقيا جنوبا. وهو الإسلام الذي يوحد بين قلوبنا ومشاعرنا، والقاسم المشترك الذي ينبني عليه كثير من الأمور. وهذا هو العامل الأهم الذي أقيم مركزنا من أجله، ليعمل على توطيد عرى التعاون بين دول العالم الإسلامي».

          وكان المركز قد تم تكريمه ضمن فعاليات الافتتاح. وقد تأسس مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية، التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بإستانبول، كأول جهاز ثقافي عام 1979م، وهو متفرع من منظمة المؤتمر الإسلامي التي تضم في عضويتها 57 دولة، ويضطلع المركز بالعديد من النشاطات في مجالات البحث والنشر والمعلوماتية والمكتبة والتوثيق وتشجيع الدراسات الأكاديمية في المجالات الثقافية والفنون والعلوم في العالم الإسلامي، بالإضافة إلى عنايته بالآثار الإسلامية وبصيانة وترميم التراث الحضاري والمعماري وما يتصل بتلك المجالات، كما يقوم المركز بتنظيم العديد من الأنشطة والفعاليات كالمؤتمر والمعارض الفنية والمسابقات الدولية في مجال الفنون والعمارة والحرف اليدوية بالتعاون مع حكومات الدول الأعضاء بالمنظمة ومع المؤسسات العلمية والثقافية فيها.

          أما باقي المؤسسات المكرّمة فهي كلية اللغة العربية، بجامعة الدراسات الدولية ببكين، ولها تاريخ قرابة 50 عامًا، قدمت خلاله كبار الدبلوماسيين والصحفيين والأساتذة الجامعيين وغيرهم من المتخصصين العاملين في شتى مجالات التبادل بين الصين والدول العربية، وتسلمت درع التكريم الدكتورة تشانغ هونغ يي زاهرة عميدة الكلية.

          وكرّمت «العربي» بالمثل المركز القومي للترجمة، وتسلم درع التكريم مديره الدكتور جابر عصفور، الذي بدأ جهده في الترجمة بتأسيس المشروع القومي للترجمة، الذي احتفل مع بداية 2006 بإصدار الكتاب رقم 1000, ويسعى لتعدد اللغات المترجم عنها, فنقل عما يقرب من ثلاثين لغة.

          ومن لبنان تسلم الدكتور فيكتور الكك درع تكريم مركز اللغة الفارسية وآدابها، الجامعة اللبنانية، الذي تأسس منذ العام 1959، من أجل إعداد باحثين في الدراسات العربية - الإيرانية المقارنة وإعلاميين للفارسية المنتشرة في إيران وأفغانستان وطاجيكستان وآسيا الوسطى.

          ومن المملكة المغربية تسلم العلامة الدكتور عبدالهادي التازي درع تكريم أكاديمية المملكة المغربية التي تأسست في العام 1977 لتعمل بمنزلة مكتب دائم لتنسيق التعريب بالمغرب وفي الوطن العربي كافة. وقد عربت من خلال مكتب تنسيق التعريب من 1973 إلى 2002 ما قدره 132.904 مصطلحات، وضعتها تحت تصرّف العلماء والأساتذة، والطلاب والتلاميذ، لتمكين العربية من مواجهة هجمة التحديات. وفي سنة 2002 أصدرت 29 معجمًا معربًا موحدًا، بل قوائم مصطلحات في 29 علمًا، تحتوي على 82.910 مصطلحات في 29 علمًا.

          ومن دولة الكويت تم تكريم المخرج السينمائي عبدالله المخيال (مؤسسة المخيال للإنتاج الفني) الذي تخصص في تقديم الأفلام الوثائقية، مثلما خص آسيا بجزء بارز من نشاطه التوثيقي.

          وقد تزامن عرسُ العربي الثقافي مع احتفال دولة الكويت بعيد استقلالها الخمسين، وعيد التحرير العشرين، ومرور خمس سنوات على تولي حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مقاليد البلاد. ولهذا كانت الأغنيات التي قدمها عازفو ومنشدو المعهد العالي للفنون الموسيقية بدولة الكويت بإشراف عميد المعهد الدكتور سليمان الديكان، واستحضر الحفل ما قدمه مطربو ومطربات العرب احتفالاً بأعياد الكويت ومنهم أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وفيروز وعبد الحليم حافظ وشادي الخليج وغيرهم، وكانت هدية «العربي» ليست فقط نصوص الكلمات في الكتيب الموثق لها مع سيَر مؤديها وكاتبيها وملحنيها، بل كذلك أسطوانة صوتية لمعظم هذه القطع بتسجيلاتها الأصلية.

جلسة أولى ورحلات مبكرة

          تقاطعت أفكار الجلسات الثماني لندوة «العربي» بين خطين، أفقي وعرضي، وتوازى فيها البحث بين العلاقات التاريخية والرؤية المستقبلية. خصصت الجلسة الأولى التي ترأسها الشاعر عبدالعزيز سعود البابطين رئيس مجلس أمناء جائزة مؤسسته للإبداع الشعري لدراسة الاتجاه شرقًا: الماضي والحاضر والمستقبل، ونقل الدكتور مسعود ضاهر (الجامعة اللبنانية) عن مواقف بعض المستعربين اليابانيين من القضايا العربية في القرن العشرين، مع وجود أكثر من ستمائة باحث ياباني متخصص في شئون الشرق الأوسط، منهم قرابة مائة وعشرين باحثًا متخصصًا في القضايا العربية، وبروز نوع من التضامن الإنساني لديهم مع الشعوب العربية التي كانت تتعرض لأبشع أنواع الاستغلال والقهر عبر المشروع الاستيطاني الصهيوني في فلسطين، ومن بديع نتائج الورقة التي عرضها الدكتور مسعود ضاهر أن يتحمس البابطين لنشر ترجمة لأحد أهم أعمال المستعربين اليابانيين حول العرب.

          وكان المتحدث الثاني، الدكتور جعفر كرار قد تخصص في العلاقات السودانية - الصينية من عصر ما قبل الإسلام وحتى أوائل القرن العشرين بتركيز خاص على العلاقات خلال عهد أسرة تانغ (Tang 618-907م) وأسرة سونغ (Song 960-1279) وأسرة يوان (Yuan 1271-1368م)، وأسرة مينغ (1368 - 1644م)، كاشفًا عن عمق العلاقات بين وطنه وبين السودان والصين، حيث يعمل منذ سنوات طويلة، معتمدًا على اكتشافات لأدوات أثرية صينية في ميناء عيذاب وأماكن أخرى في أنحاء السودان على وجود هذه العلاقات، فضلاً عن وجود مصادر صينية وعربية ربطت منذ حوالي القرن الأول الميلادي إلى القرن السادس عشر الميلادي موانئ البحر الأحمر بشكل عام وموانئ السودان الشرقية وإثيوبيا بالشرق الأقصى والصين بشكل خاص.

طريقا الحرير البحري والبري

          في الجلسة الثانية التي ترأسها الدكتور عبدالله يوسف الغنيم رئيس مركز البحوث والدراسات الكويتية، دولة الكويت، تحدث المؤرخ الكبير الدكتور عبدالهادي التازي عضو أكاديمية المملكة المغربية عن رحلات رحالة المغرب العربي إلى دول الشرق، ابن بطوطة نموذجًا، وقال مازجًا التاريخ بالحياة في ثراء إن تكريم اسم فاطمة جعل لها أسماء تدليل كثيرة، منها بطوطة، وهو ما يعني أن ابن بطوطة يوازي معنى ابن فاطمة. وقدم التازي شواهد على صدق ما جاء في رحلات ابن بطوطة، حتى أنه عدَّها بمنزلة تسريبات تاريخية لأوانها وأنها «ويكيليكس» عصرها. ومن بين ما عرضه التازي على الجمهور فقرة من وثيقة منقوشة على خشبة بمسجد عاصمة مالديف وقف عليها ابن بطوطة عند زيارته لها عام 744هـ (1344م).

          أما حسين إسماعيل، نائب رئيس تحرير مجلة «الصين اليوم»، الذي أمضى نحو العقدين في الصين شاهدًا حيًا على نمو ذلك العملاق الاقتصادي، فقد تناول رحلة عكسية بدأت في الصين وصولًا إلى الشرق، وهي الرحلات السبع للسندباد الصيني المسلم تشنغ خه، أمير البحر، قائلاً: إن الاختلاف بينه وبين غيره من البحارة الأوربيين أن الأول في رحلاته السبع عبر المحيطات والبحار كان رسول سلام؛ يقيم صداقات ويتبادل الهدايا والثقافة والمعرفة والمعلومات، بينما الآخرون كانوا قراصنة بحر استعماريين لم يتورّعوا عن تسخير كل شيء وأي شيء لخدمة أغراضهم الاستعمارية؛ مثلما سعى ماغلان إلى اكتشاف طريق جديد إلى الهند، ليس للتعرف على أهل وثقافة هذه البلاد وإقامة صداقات معها وإنما لنهب ثرواتها واحتلال أرضها.

الاتجاه شرقًا في فضاء الإعلام

          ثم واتت الكاتب حسين إسماعيل فرصة الحديث ثانية في الجلسة التالية التي ترأسها وليد النصف رئيس تحرير جريدة القبس (الكويت)، حين قرأ ورقة فريدة وانغ فو رئيسة تحرير «الصين اليوم»، نموذجًا للإصدارات الآسيوية الثقافية باللغة العربية، التي حددت نهجها بالصراحة في الكتابة عن الصين: «نحن نكتب كل شيء، المشكلات في الصين، البطالة، الفقر، الفساد، ونكتب عن النجاح في الصين، النمو الاقتصادي السريع، ثمار انتهاج سياسة الإصلاح والانفتاح، نكتب عن المساوئ في العمل أو الإدارة، ننشر تحليلات ودراسات حول التنمية الاقتصادية والاجتماعية والمشكلات والتحديات التي تواجهها، نكتب كل ذلك مدعومًا بالبيانات الدقيقة، كذلك دائمًا نحكي حكايات لعامة أبناء الشعب، مثل حكايات العمال والفلاحين، وحكايات توظيف الجامعيين، وحكايات زواج الجيل الجديد».

          وعندما وجّهت الكلمة إلى سمير أرشدي أستاذ اللغة الفارسية بجامعة الكويت للحديث عن مجلة «شيراز شيراز» المجلة الأولى التي تهتم بتعريف القارئ العربي بالأدب الإيراني المعاصر نموذجًا ثانيًا للإصدارات الآسيوية الثقافية باللغة العربية خص حديثه للوم العرب لعدم قيامهم بالترجمة العكسية في مقابل الجهود التي يبذلها الإيرانيون.

          وفي ورقتي التي عرضت بالجلسة نفسها تحت عنوان «مُشاهِدٌ عَرَبيٌّ أمام قنواتِ التلفزيون الآسيويةِ المُوَجَّهة» دعوت لإنشاء قناة تتحدث بلغات الصين (1.328 مليار نسمة) والهند (1.021 مليار نسمة) واليابان (127.590 مليون نسمة) وكوريا الجنوبية (48.333 مليون نسمة)، وإيران (74.196 مليون نسمة)، وهي خمسة ألسن لدول تشكل أكثر من ثلث سكان العالم! بعد رصد لحضورنا على تلك الشاشات الموجهة بين حضور لغوي، وحضور ثقافي، تعبر عنه استضافة أعلام الثقافة العربية، وحضور سياحي وحضور درامي، وقد رصدته في الصين، وهو ما قد لا يراه المشاهد العربي على قناة «العربية - CCTV» لكن التلفزيون الصيني بدأ عرض المسلسل المصري «أرابيسك» بطولة صلاح السعدني، بواقع حلقتين يوميًا على القناة المركزية الصينية، ليكون أول مسلسل عربي يتم عرضه في التلفزيون الصيني بعد الترجمة والدبلجة اللازمة للمسلسل لعرضه ناطقًا باللغة الصينية حتى يحوز أكبر قدر ممكن من المشاهدين، كما توزّعت باقي أشكال الحضور بين خبري أو رسمي، أو مهني.

رحالة «العربي»

          خصصت الجلسة الرابعة التي ترأسها الكاتب فهمي هويدي لسماع شهادات رحالة «العربي» إلى آسيا، وبدأت بشهادة هويدي نفسه، الذي قدّم ملامح زياراته إلى البلدان الإسلامية، وخاصة تلك التي كانت لاتزال ضمن مظلة الاتحاد السوفييتي، وكانت شعوبًا تتوق إلى الدين، وتمارسه عن ورع، رغم وجودها النائي، وتجد في الممارسات الصوفية شكلاً حافظًا للإسلام.

          كما تحدث الروائي محمد المنسي قنديل عن إيجابية الاتجاه شرقًا، لأنه «ليس للعرب تاريخ عدائي مع دول آسيا، كما أن آسيا هي بلاد الحكمة القديمة والتقاليد الراسخة، وفي فورة التحديث التي تعيشها لم تتخلص من ماضيها أو تنقلب عليه، فضلاً عن أن عملية التنمية والتحديث في آسيا قد حدثت في بلاد مكتظة بالسكان الفقراء، وهي المشكلة نفسها التي نعانيها في دولنا العربية، والتجربة الآسيوية تقدم لنا نموذجًا قابلاً للتطبيق وسط هذه الظروف الصعبة، وقال إن تجربة الدول الآسيوية في التحديث جديرة بالاحتذاء، وأن التكنولوجيا التي استخدمتها آسيا رخيصة، كما أن الغرب نفسه يتجه شرقًا».

          وأشار القاصّ محمد المخزنجي من خلال شهادة أتت على نحو قطعة أدبية إلى ضرورة قراءة الجغرافيا السكانية بكل مواجعها، في أحواض الأنهار الآسيوية، وهو ما فعله في استطلاعاته التي كان يختار مسارها بنفسه.

          وإذا كان هويدي وقنديل والمخزنجي ينتمون إلى أجيال عملت سابقًا في «العربي» ورادت رحلات المجلة واستطلاعاتها الآسيوية، فإن الجيل الحالي تمثل على المنصة بالكاتب إبراهيم المليفي وأشرف أبواليزيد (صاحب هذه السطور). وقد تحدث المليفي عن أن لدى الشرق كل ما نحتاج وأكثر، مُرَكّزًا على التجربتين الماليزية والفيتنامية في النهوض الاقتصادي والتحديث الحضاري، وأضاء سريعًا رحلة نادرة إلى اليابان في ثلاثينيات القرن الماضي بها رحالة عربي تلمـّس نهضتها الأولى قبل الحرب العالمية الثانية وأوصانا ناصحًا بالقول: «ولنا في اليابان أسوة حسنة، فلنسلك نهجها»، علنا نستنير من عناصر نهوضها فنأمن العثار الذي يتهدد الأمم في فجر نهوضها وطور انتقالها.

          أما بين ما تحدثتُ عنه بشهادتي «في قلب آسيا» فمنحاي لإعادة اكتشاف الشرق عبر ثلاثة اتجاهات، الأول البحث عما بقي من روابط إسلامية وعربية، والثاني هو دراسة الفنون النوعية لتلك المناطق، والثالث رصد سر التقدم.

الشرق والعرب: تواصل الفنون

          في صباح اليوم التالي بدأت جلسة «الشرق والعرب: تواصل الفنون» برئاسة الدكتور سليمان عبدالمنعم الأمين العام، مؤسسة الفكر العربي، بيروت.

          قدمت الدكتورة هالة أحمد فؤاد (مصر) قراءة أولية فى كتاب «البيروني» المعنون «تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة» سعت إلى كشف احتمالات التحايل الخفي المتواري في أعماق النص. أو بعبارة أخرى، البحث عن آليات التفاعل الأكثر مراوغة داخل المشهد النصي بين الحضارة المستضيفة، والحضارة المستضافة، وكيف صاغتها عين السارد المخايلة بدورها من خلال مراياه الذاتية، وعبر موقعه الثقافي والمعرفي والعقائدي، بل وانتمائه الطبقي والعرقي، وتجربته المعقدة المليئة بالمفارقات الخصبة داخل واقعه الحضاري، الذي لا يخلو بدوره من خصوصية شديدة التنوع والثراء والتعقيد.

          وعرض الدكتور نزار غانم (اليمن) للأواصر الموسيقية بين بلاد العرب وآسيا، عبر النموذج اليمني - الهندي، ضمن نظريتين، تبنى الأولى وهي نظرية الموجات الثقافية أو الدوائر المنداحة، التي جاء بها الألماني إريك فون هورنبوستيل في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، وعرض للأخرى وهي نظرية التناص، التي لها حضور قوي في الأجناس الأدبية والفنية وليس فقط في الموسيقى والغناء كفنون أدائية.

          الشاعر عبده وازن (لبنان) وضع أفغانستان على خريطة ندوة «العرب يتجهون شرقًا» حين تناول أعمال الشاعر بهاء الدين مجروح عجب، لعدم ترجمة نصوص بهاء الدين مجروح إلى العربية (كما إلى اللغات الأخرى) إلا من شذرات لا تفي الشاعر حقه ولا تمنح القراء صورة وافية عن أدبه الرفيع.

          وكان ممكنًا أن يُترجَم إلى العربية على غرار الشعراء الفارسيين أو الإيرانيين، مادامت الفارسية لغته الأم. لكنّ المترجمين (العرب والفرس) عن الفارسية لم يولوه كثير اهتمام. ولعله قدر هذا الشاعر الذي كتب ملحمة «المنفى» الأفغاني بدءًا من العام 1979، عندما وقعت أفغانستان في هيمنة القبضة السوفييتية. لكنّ ما يدعو إلى العجب أن الشاعر الذي فرّ إلى باكستان هربًا من الشيوعية لم ينجُ من كراهية الشيوعيين ولا من حقد الأصوليين، فكان ضحيتهم جميعًا عندما سقط أمام منزله في مدينة بيشاور في منفاه الباكستاني عام 1988.

الشرق الآسيوي يقرأ الأدب العربي

          عاد الدكتور مسعود ضاهر للمنصة رئيسًا للجلسة التي جاء عنوانها «الشرق الآسيوي يقرأ الأدب العربي»، تحدثت فيها عن ترجمة الأدب العربي إلى الصينية الدكتورة تشانغ هونغ يي (عميدة كلية اللغة العربية، جامعة الدراسات الدولية، بكين)، وقالت إنه بعد بداية شاقة طويلة، أخذ برعم حركة الترجمة ينفتح مع نسيم الإصلاح، فقد أصبحت الترجمة عملاً حرًا منفتحًا على الجميع، ونضج صف بشري صيني يقوم بالعمل، كما كثرت دور النشر التي تهتم بالترجمة، سواء أكانت رسمية أم اكاديمية، وبالتالي ظهرت نتائج مرموقة لهذا العمل.

          وتفاءل أيضا الكاتب والمترجم شاهجهان مادمبات (الهند) بأنه في ظل النهضة الاقتصادية والثقافية الهائلة التي شهدتها الهند في الآونة الأخيرة وتضخم الطبقة المتوسطة التي تقبل على قراءة الآداب العالمية، ثمة إمكانات مشرقة لتقديم الأدب العربي الحديث النابض بالحيوية والحياة إلى القراء في الهند في شتى لغاتهم، داعيًا الجهات المعنية من أشخاص ومؤسسات إلى تكاتف الجهود لنقل الأدب العربي إلى اللغات الهندية.

          تحدث ضمن زاوية أخرى من وجهات النظر الدكتور أحمد إبراهيم رحمه الله (رئيس قسم اللغة العربية، جامعة كاليكوت، كيرالا، الهند) عن مكانة الأدب العربي في الهند وترجمته إلى اللّغات الهندية، مقدمًا نماذج لفحول الأدب العربي في الهند، لكنه تألم من أن نشر الأدب العربي الخالص في الهند أو ترجمته إلى اللغات الهندية لا يلقى أي نوع من التشجيع لدى أحد في الهند إلا عند بعض الأكاديميين في الجامعات، حيث إن صدارة تعليم العربية وآدابها في الهند لاتزال في أيدي علماء الدين المخلصين الذين كانوا يحفظون هذه اللغة في الهند عبر القرون الماضية وهم لا يرضون بتعليم الروايات الجديدة!

          وبعد استعراض لتاريخ الترجمة من العربية إلى الفارسية في إيران قالت الدكتورة نسرين شكيبي ممتاز (جامعة الزهراء، طهران) إن عددًا كبيرًا من المترجمين الإيرانيين هم من الشعراء، ومن الطبيعي أن نلمس رغبة كبيرة لديهم تجاه الشعر وترجمته إلى لغتهم الأم وإضافة إلى ذلك فإن ترجمة الكتب الروائية والقصصية تحتاج إلى كثير من رحابة الصدر وطول الأناة، وهذا ما لا يوجد عند الإنسان العصري، كما أن أحد الأسباب الأخرى هو أن كثيرًا من الحوارات في الكتب العربية الروائية والقصصية هي باللغة المحلية والعامية، وهذا ما يجعل الترجمة بالنسبة للمترجم الذي لم يكن قد عاش في تلك البلاد أمرًا صعبًا. كما أن قيم وأخلاق المجتمع الإيراني لهما دور كبير في عدم التعاطي مع الكتب التي لا تتماشي معها.

العرب وآسيا ـ تأثيرات متبادلة

          ويعود الدكتور جعفر كرار إلى المنصة رئيسًا لجلسة حملت عنوان العرب وآسيا ـ تأثيرات متبادلة. الدكتور شهاب غانم (الإمارات)، تناول العلاقات العربية - الآسيوية الثقافية مُركّزًا على التبادل مع الهند نموذجًا، وهو يرى أن الشعر هو روح الأمة، والاهتمام بترجمة الشعر ضروري للتواصل بين الشعوب، ولدعم حوار الحضارات بدلاً من صراعاتها. والاهتمام بالعلاقات الثقافية مع الهند والشرق يجب أن يأتي على رأس الأولويات بالنسبة للعرب، فدولتان مثل الصين والهند هما دولتان تتقدمان إلى صدارة الأمم في سرعة كبيرة.

          الدكتورة نورية كراييفا (جمهورية تتارستان، الاتحاد الروسي)، تناولت دراستها المخطوطات العربية في تتارستان، والتي بلغت 25 ألف مخطوطة، بدأ جمعها أكاديميًا في أوائل القرن التاسع عشر، وبالتحديد في سنة 1807 من قبل جامعة قازان الإمبراطورية (تأسست سنة 1803) مع افتتاح الكلية الشرقية الأولى في روسيا، مع بدء تدريس اللغات الشرقية باللغة العربية.

          بعيدًا عن الشعر والكنوز المخطوطات وفي رحاب العلوم تحدث جمال غيطاس رئيس تحرير مجلة «لغة العصر» عن أهمية الاتجاه شرقًا في القضايا العلمية، مؤكدًا على أن ذلك الاتجاه لا يحمل شروطًا مجحفة يفرضها الغرب على البحث العلمي والتعاون التقني حين تكون هناك اتفاقيات بينه وبين الدول العربية، وقدّم عدة نماذج مما حدث مع مصر.

العرب يقرأون الآداب الآسيوية

          في الجلسة الختامية التي ترأسها الدكتور سليمان إبراهيم العسكري، رئيس تحرير «العربي» استمعنا إلى شهادات معمقة لتجارب متعددة في نقل الأدب الآسيوي إلى اللغة العربية. وقدم الدكتور سليمان عبدالمنعم أمين عام مؤسسة الفكر العربي تقريرًا عمّا اتخذ من توصيات بشأن ترجمة الأعمال الصينية. بينما عرض الدكتور فيكتور الكك لحركة الترجمة بين اللغتين العربية والفارسية، مؤكدًا على أن العربية لم تكن أبدًا لغة الشارع، بل كانت لغة النخبة، وإنه يتمنى أن يكون هناك تقارب بين الثقافتين العربية والفارسية ولو بعد قرن!

          المترجم كامل يوسف حسين (مصر) الذي قدم للمكتبة العربية نحو 80 كتابًا مترجمًا من الأعمال الصينية واليابانية عبر الإنجليزية، كان هاجسه غابة من علامات الاستفهام الفرعية حول المعايير التي تم اعتمادها في اختيار النصوص المترجمة إلى العربية من الآداب الآسيوية، سواء بشكل مباشر أو عن طريق لغة وسيطة، وطبيعة المشروعات التي اندرجت فيها هذه الترجمات، والأسرار الكامنة وراء غياب آداب بكاملها عن جهود الترجمة إلى العربية.

          أما الدكتور جابر عصفور، رئيس المركز القومي للترجمة (مصر) الذي تناول بداية التخطيط للمشروع القومي للترجمة منذ سنة 1995، ملحقًا بالمجلس الأعلى للثقافة، قبل أن يستقل بنفسه، ويصبح المركز القومي للترجمة، وكيف كانت حركة الترجمة إلى اللغة العربية أسيرة المركز الأوربي - الأمريكي، الذي لا تفارق لغته الإنجليزية في الأغلب الأعم، وأن أكثر الإبداعات والإنجازات الفكرية التي تنتسب إلى لغات هذا المركز تتم من خلال اللغة الإنجليزية. وهذا وضع لا يمكن أن يستقيم لمن يريد أن يبني مشروعًا للترجمة، لا يقع في شراك المركزية الأوربية - الأمريكية، فيكون تابعًا سلبيًا، فالمطلوب والمفيد توجه نقيض، يلزم عنه أن أي مشروع قومي للترجمة يفتح نوافذه على رياح كل ثقافات الكوكب الأرضي.

          ومادام المشروع قد انطلق من مبدأ الإيمان بالتنوع الثقافي، والتسليم بأن الترجمة هي قاطرة التقدم التي تسهم إسهامًا أصيلاً في عملية التنمية، فضلاً عن كونها وسيلة بالغة الحيوية لتطوير وتعميق حوار متكافئ بين الحضارات، فقد كان من المنطقي أن يتحقق الإيمان بالتنوع الثقافي في اختيار كتب المشروع في المجلس الأعلى للثقافة أولاً، والمركز القومي للترجمة ثانيًا، توسيعًا لأفق الحوار وتقديمًا لنماذج عديدة مباشرة وغير مباشرة، في وسائل وطرق التنمية الشاملة، على امتداد الكرة الأرضية، ونقلاً عن لغاتها الأصلية مباشرة، وذلك بهدف التأكد من عدم وجود ما يعرقل وصول معاني الأصل ودلالاته.

البيان الختامي للندوة

          عالج البيان الختامي لندوة مجلة العربي «العرب يتجهون شرقًا» كل الأسئلة الهاجسة في أوراق الحضور، وكذلك خلال المناقشات التي لم تتسع هذه السطور لها. وتلا الدكتور سليمان العسكري البيان الختامي، وجاء فيه شكره لسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الصباح على رعايته الندوة، وقال:

          «على مدى ثلاثة أيام سعدنا بحضور نخبة من مفكري العرب ومبدعيهم، مع أقرانهم الباحثين والإعلاميين من إيران والهند وتتارستان وسنغافورة وتركيا والصين وكوريا الجنوبية. وما كان لقاؤنا إلا تتويجًا لفكرة غرست بذرتها الأجيال الأولى من روّاد الرحلة العربية إلى الشرق الآسيوي، سواء كانوا طلابًا للعلم أو بحارة أو تجارًا، وجهوا شراعهم للشرق مثلما وجه المشاركون في الندوة شراعهم إليها. وأيضًا أنوّه بمشاركة المؤسسات العربية والدولية في الندوة، ممثلة بمركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية في إستانبول، ومؤسسة الفكر العربي في بيروت، والمركز القومي للترجمة في القاهرة، واتحاد صحفيي آسيا في سيئول، وكلية اللغة العربية في جامعة الدراسات الدولية ببكين، وأكاديمية المملكة المغربية، فضلًا عن عديد الجامعات والمؤسسات الصحفية على امتداد الرقعة الجغرافية الكبيرة لندوة هذا العام.

          الحوارات الثرية التي أعقبت الأوراق المتعمّقة للمشاركين، والشهادات الحية التي قدمها شهود العيان على التجربة الآسيوية، تثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن التوجه شرقًا ليس فعلًا آنيًا، بل هو حراك طبيعي في الحياة، وتلبية ضرورية في الثقافة، وخلاصة ما جاءت به الندوة هو التأكيد على حاجتنا إلى دراسة الشرق الآسيوي المعاصر على نحو أفضل، إذ بقدر ما تكون الدراسات التاريخية داعمة للحاضر، تكون دراسة الحاضر نفسه إرهاصًا للمستقبل. كما أننا نلح في ألا نذهب فرادى إلى الشرق الآسيوي، علينا أن نحدد - كأمة عربية - حاجتنا من الشرق، ونذهب إليه بأفق متسع، وخيال أوسع، ولكن ضمن إطار وإستراتيجية ترسم الخطى، ليس فقط لعام أو عامين، بل لعقود قادمة.

          إن الترجمة بين لغتنا العربية ولغات الشرق الآسيوي هي أهم ما نعوّل عليه في ارتقاء الحوار مع الشرق الآسيوي، ولذلك يجب تنسيق الجهود ضمن طموح أكبر بألا نكرر خطوات، بل يجب أن نبني على ما سبقنا من خطى، ويأتي تنسيق جهود الترجمة بين المؤسسات والأفراد ضمن خط أكبر، ليس فقط لنقل الآداب والفنون، وهي مهمة، ولكن أيضًا لنقل التجارب الإنسانية والعلمية والمهنية والتعليمية.

          في مكتبات الشرق كنوز من المخطوطات العربية، تمثل جزءًا أثيرًا من ذاكرتنا، وقسمًا مهمًا من حضارتنا، وهي تحتاج إلى رعايتنا إما بترميمها أو بأرشفتها أو تحقيقها، لسد الثغرات في الذاكرة الجمعية للحضارة الإنسانية، التي مثلت فيها حجر زاوية لقرون عدة.

          كما تدعم الندوة الأفكار التي دعت إلى دعم التواصل العكسي والتبادل المعرفي بين العرب والشرق، بإنشاء نافذة إعلامية تخاطب ثلث سكان العالم بلغاتهم. وتدعو الندوة كذلك لأن تتضمن مناهج الدراسة العربية في مختلف المراحل السنية، زادًا معرفيًا عن الشرق الآسيوي، يضمن للأجيال القادمة فهمًا أكبر لثقافات وحضارات ومجتمعات، فيها ما يختلف عنا، وبها أيضًا ما نأتلف معه.

          الاهتمام بتبادل الفنون بين العرب وآسيا، حيث نؤمن بأن تلك الفنون هي الجسر الذهبي لعبور الثقافات، خاصة أن التلاقح بينها يضرب عميقًا في التاريخ، بما يؤهلها لأن تكون نافذة ثرية للتفاهم والحوار. وسوف نجمع أوراق هذه الندوة ونقاشاتنا في مجلد واحد أو أكثر يصدر ضمن سلسلة «كتاب العربي»، ليكون وثيقة وقّع عليها المشاركون من 20 دولة».

 

 

أشرف أبو اليزيد   
 




صورة الغلاف





مشهد من إحدى جلسات ندوة مجلة (العربي) العرب يتجهون شرقا





شعار الندوة





إهداء درع ندوة «العربي» إلى سمو الشيخ نواف الأحمد الصباح ولي العهد، دولة الكويت





ضيوف ندوة العربي في ضيافة ولي عهد دولة الكويت





شهد حفل الافتتاح حشد من كبار الشخصيات، وفي الصورة جانب من الحضور





دعي إلى ندوة العربي (العرب يتجهون شرقا) باحثون وأدباء ومفكرون وإعلاميون من 20 دولة





راعي الحفل يتجول في معرض «آسيا بعيون العربي» برفقة رئيس التحرير





آسيويات في معرض «آسيا بعيون العربي»





آسيويات في معرض «آسيا بعيون العربي»





آسيويات في معرض «آسيا بعيون العربي»





آسيويات في معرض «آسيا بعيون العربي»





تكريم مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية بإستانبول يتسلمه مدير عام المركز الدكتور خالد إرن





درع تذكارية تحمل شعار الندوة مهداة إلى الشيخ أحمد العبد الله الصباح وزير النفط وزير الإعلام





صورة من الحفل الموسيقي الذي اختتم به حفل الافتتاح لعازفي وعازفات ومنشدي ومنشدات المعهد العالي للفنون الموسيقية بدولة الكويت





في 500 صفحة صدر على هامش الندوة كتاب «آسيا بعيون العربي» يضم منتخبات من رحلات مستطلعي «العربي» إلى الأقطار الآسيوية





الشاعر الكويتي عبد العزيز سعود البابطين يترأس الجلسة الافتتاحية، التي تحدث فيها الدكتور مسعود ضاهر (لبنان)، والدكتور جعفر كرار (السودان)





بطاقة عرضها المؤرخ التازي لوثيقة منقوشة على خشبة بمسجد عاصمة المالديف وقف عليها ابن بطوطة عند زيارته لها في العام 1344م





الجلسة الثانية التي ترأسها الدكتور عبدالله يوسف الغنيم رئيس مركز البحوث والدراسات الكويتية، وتحدث فيها المؤرخ الكبير الدكتور عبد الهادي التازي عضو أكاديمية المملكة المغربية والكاتب حسين إسماعيل، نائب رئيس تحرير مجلة «الصين اليوم»





جلسة «طريقا الإعلام البري والبحري»، ترأسها وليد النصف رئيس تحرير القبس الكويتية، وتحدث فيها حسين إسماعيل وسمير أرشدي وأشرف أبو اليزيد





جلسة «الشرق والعرب: تواصل الفنون» برئاسة الدكتور سليمان عبد المنعم الأمين العام، مؤسسة الفكر العربي، بيروت، بأوراق للدكتورة هالة أحمد فؤاد والدكتور نزار غانم وعبده وازن





الدكتور جعفر كرار إلى المنصة رئيسًا لجلسة حملت عنوان العرب وآسيا ـ تأثيرات متبادلة. مع الدكتور شهاب غانم الإمارات والدكتورة نورية كراييفا (جمهورية تتارستان، الاتحاد الروسي)، وجمال غيطاس (مصر)





الجلسة الرابعة التي ترأسها الكاتب فهمي هويدي لسماع شهادات رحالة «العربي» إلى آسيا: محمد المنسي قنديل، ومحمد المخزنجي، وإبراهيم المليفي وأشرف أبو اليزيد وبدأت بشهادة هويدي نفسه الذي قدم ملامح زياراته إلى البلدان الإسلامية أيام عمله في «العربي»





الدكتور مسعود ضاهر رئيسًا للجلسة التي جاء عنوانها «الشرق الآسيوي يقرأ الأدب العربي»، وتحدثت فيها نسرين شكيبي ممتاز (إيران)، شاهجهان مادمبات، والدكتور أحمد رحمة الله (الهند)، والدكتورة تشانغ هونغ يي زاهرة (الصين)





الجلسة الختامية التي ترأسها الدكتور سليمان إبراهيم العسكري، رئيس تحرير «العربي» مع شهادات معمقة لتجارب متعددة في نقل الأدب الآسيوي إلى اللغة العربية. للدكتور سليمان عبد المنعم والدكتور جابر عصفور والدكتور فيكتور الكك والمترجم كامل يوسف حسين