المفكرة الثقافية

  المفكرة الثقافية
        

  • تقرير: التنمية الثقافية الصادر عن مؤسسة الفكر العربي: عقول العرب تقيم في المغتربات

          قصور معلوماتي وضعف إنفاق على البحث العلمي

          يحفل «التقرير العربي الثالث للتنمية الثقافية» هذا العام بمعطيات وأرقام جديرة بحجم تميّزها ومطابقتها للواقع البحثي والعلمي والثقافي والإبداعي في الوطن العربي.

          يورد التقرير الذي تصدره مؤسسة الفكر العربي للعام الثالث بمشاركة نخبة من المثقفين العرب وهيئة استشارية مؤلفة من مفكرين وأكاديميين وأخرى للتحرير تجمع أبرز المتخصصين في الملفات محور التقرير، حقائق ووثائق تؤكد حجم التحديات التي يواجهها العرب، خصوصًا في ما يتعلق بالبحث العلمي والمعلوماتية وهما موضوعان لاتزال مجتمعاتنا تتقدم حثيثًا باتجاهما في ظلّ الكثير من العوائق وفي مقدمها انخفاض مستويات التمويل والإنفاق المتخلفة عن المعدل العالمي عمومًا.

          ويشير التقرير إلى أن ما يُصرف على البحث العلمي العربي قليل ولا يكاد يذكر، وأن العالم العربي يحتلّ موقعًا ملاصقًا لقارة إفريقيا في هذا الشأن وبمعدلات لا تتجاوز 0.2 من إجمالي الدخل القومي العام.

          ويوضح التقرير أن ثمة إجماعًا على قصور مؤسساتي وتكنولوجي وثقافي ينبغي التصدي سريعًا له، إضافة إلى الحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى تشبيك الباحثين والمؤسسات البحثية من أجل التجديد المعرفي وتعزيز ثقة الباحث العربي بنفسه، ويتطرق التقرير إلى دور البحث العلمي في الإبداع والتنمية، خصوصًا لجهة المردود المجتمعي والاقتصادي للمعرفة العلمية ووضع الصناعات العربية ومدى استيعابها للإبداع، إذ يتّضح أن عدد البراءات العربية المسجلة عالميًا بين 2005 و2009 لم يتجاوز 475 براءة اختراع بينما بلغت في ماليزيا وحدها 566 براءة اختراع. علمًا أن عدد سكان العالم العربي يبلغ نحو 330 مليون نسمة فيما يصل عدد سكان ماليزيا إلى نحو 26 مليون نسمة.

          ويضيء التقرير على ثغرة في غاية الأهمية تتمثل في عدم وجود مرصد عربي يهتم ببناء المؤشرات الكمية والنوعية العربية ويضمن صدقية البيانات حول البحث والنشر العلمي والإبداع العربي، الأمر الذي يؤدي حتمًا إلى نقص في المعلومات الواردة من الدول العربية وهذا ما يثير شكوى المؤسسات الدولية ذات الصلة، إذ أن معظم الأرقام التي تقدّمها ملفات تقرير هذا العام باستثناء ملف الإبداع والمتعلقة بواقع المعرفة والثقافة في بلداننا تُنسب لجهات ومؤسسات أجنبية مثل البنك الدولي واليونسكو والاتحاد الدولي للاتصالات والمنتدى الاقتصادي العالمي والمنظمة العالمية للملكية الفكرية، وذلك في ظل غياب مؤسساتنا الوطنية العربية المعنية بتوفير معلومات وأرقام حول ملفات وقضايا مجتمعاتنا.

          ويتطرق التقرير إلى مكانة الجامعات العربية البحثية المتخلفة أيضًا، وقد سجلت جامعتان عربيتان فقط في أحدث تصنيف معلن لجامعة «شنغهاي» (2010) اختراقًا مميزًا لقائمة أفضل جامعات العالم وهما: جامعة الملك سعود وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، أما في تصنيف مجلة «تايمز» البريطانية فقد جاءت جامعة الإسكندرية في المرتبة الـ 149 من بين مائتي جامعة. وتشير المعطيات إلى ترهل مراكز البحوث لدينا وحاجة الجامعات العربية إلى أكثر من مائة وخمسين ألف حامل دكتوراه للقيام بمهمات التعليم الجامعي والبحث العلمي، في حين تشكّل هجرة الأدمغة العربية نزفًا حقيقيًا للعقل العربي، فهناك أكثر من مليون خبير واختصاصي عربي من المهاجرين العاملين في الدول المتقدمة. وتُظهر الأرقام أن 54% من الطلاب العرب الذين يدرسون في الخارج لا يعودون إلى بلادهم، وأن 34% من الأطباء الأكفاء في بريطانيا ينتمون إلى الجاليات العربية وأن مصر وحدها قدمت في السنوات الأخيرة نحو 60% من العلميين العرب والمهندسين في الولايات المتحدة الأمريكية. كما شهد العراق هجرة حوالي 7300 عالم تركوا بلدهم بسبب الأحوال السياسية والأمنية. وإجمالاً فإنه منذ العام 1977 وحتى الآن هاجر أكثر من 750.000 عالم عربي إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

فجوة بين إنتاج الثقافة الرقمية واستهلاكها

          فيما يختص بالبنية المعلوماتية العربية التي تشكل قناة لجميع أنواع التواصل الثقافي الرقمي في العالم العربي، يوضح التقرير أن التواصل الثقافي الرقمي يتيح فرصًا لا محدودة في مجال التنمية وإنتاج ونشر الوعي الثقافي، وأن السلوك البحثي في التواصل الثقافي من قبل الجمهور العربي يحمل في طياته نواة جيدة لاستهلاك وتواصل نوعي يتّسم بالتخصص والتواصل، فيما تكشف الأرقام أن المؤسسات المعنية بأمور الثقافة عربيًا معزولة عن أغلب جمهور الإنترنت نتيجة الحضور الضعيف لهذه المؤسسات على الشبكة. كما يؤكد التقرير أن ثمة فجوة هائلة بين معدل إنتاج الثقافة العربية واستهلاكها على شبكة الإنترنت، إذ لا تتجاوز مشاركات الجمهور نصفًا في المائة من حجم المدوّنات والمواقع، ويورد أن نصف مليار عملية بحث عن الأغاني والأفلام قام بها العرب على شبكة الإنترنت خلال العام 2009 بينما لم يتجاوز البحث عن قضايا الثقافة الأخرى 386 ألف عملية بحث. واللافت أن اهتمامات العرب إلكترونيًا توزّعت بين أربع قضايا أساسية هي: فلسطين كقضية مركزية وقضايا الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.

الأفضلية لكتب الأدب على الدين

          في ملف التأليف والنشر يطرح التقرير سؤالاً رئيسيًا حول ماذا قرأ العرب وماذا كتبوا في المقابل، ويتّضح أن الأكثر شراء للكتب والأكثر اعتيادًا على القراءة هم من الفئة العمرية التي تتراوح بين العشرينيات والثلاثينيات على الرغم من تراجع التعليم بالعربية، كما تُظهر الأرقام أن نحو 70 في المائة من القرّاء يفضّلون الكتب العربية ونحو 20 في المائة يفضّلون الكتب المترجمة من لغات أجنبية إلى اللغة العربية، كما أن أغلبية القرّاء يفضلون الكتّاب العرب مقارنة بالأجانب والنسبة الأكبر منهم يقرأون في مجال الأدب يليهم من يفضلون قراءة الكتب المتعلقة بالأديان، علمًا أن فئة الكتب الدينية كانت تستحوذ على النسبة الأعلى من استطلاعات الرأي السابقة.

الشعر يفتقد النقد والقراءة

          المشهد الإبداعي العربي كان محور ملف شمل الرواية والشعر وصناعة السينما وحركة المسرح العربي وقضية الكلمة في الأغنية العربية، ويلحظ التقرير افتقار الشعر عمومًا إلى المتابعة النقدية وإلى القراءة معًا، على عكس الرواية الأشد حضورًا من الشعر والأكثر استقطابًا للكتّاب أيضًا، إذ أن العديد من الشعراء والمسرحيين اتجهوا إلى كتابة الرواية بعدما وجدوا فيها فسحة أوسع للتعبير.

          ملف السينما العربية تناول دور العرض والإيرادات والأفلام المنتجة محليًا والأخرى الأجنبية المعروضة، ويبرز هذا الملف ظاهرة استجدّت منذ العام 1990 وهي تفوق الأفلام الهندية على الأفلام المصرية إذ فاق عددها في العام 2009 ضعف عدد الأفلام المصرية. ولوحظ أن هناك ثباتًا في معدلات إنتاج الأفلام القصيرة في دولة الإمارات العربية المتحدة، فيما شهدت السعودية أول فيلم سعودي تشكيلي طويل وأول كتاب عن السينما السعودية بعنوان «الفانوس السحري: قراءات في السينما السعودية»، فيما اعتبر العام 2009 من أكثر الأعوام ازدهارًا في تاريخ الأفلام الفلسطنيية، وبقيت السينما المصرية من ثلاثة أسواق في العالم تنال فيها الأفلام المحلية الحصة الأكبر من السوق وذلك يعود لقوانين وإجراءات تحمي الإنتاج المحلي.

          تفاوت الإبداع المسرحي بين الدول العربية، وبرزت محاولات عدة للحفاظ على هذا النوع من الفنون الذي شهد تراجعًا في العقدين الأخيرين في الدول العربية، فقد تقلص جمهور المسرح وأصبح نخبويًا يكاد يقتصر على العاملين والمشتغلين بهذه الفنون، وفقد المسرح العربي دوره التنويري. وبرز وجود تجارب مسرحية احترافية وجرعات تجريب مسرحي عالية في غير دولة من بينها الإمارات العربية المتحدة والمغرب، في حين عاش المسرح المصري حالة من الجمود ليس بسبب قلة الإنتاج وإنما السبب الرئيسي يعود إلى قلة دور العرض، خصوصًا بعد أن أغلقت سبعة من فضاءات العرض المتميزة في العاصمة.

حصاد العام: الديمقراطية واللغة والترجمة قضايا ملحة

          الحراك الثقافي في العام الماضي شكّل محتوى ملف الحصاد الفكري والثقافي، وأبرز ما تضمنه هذا الملف تتويج عاصمتين عربيتين ثقافيتين: القدس عاصمة للثقافة العربية، وبيروت عاصمة عالمية للكتاب. وشغلت صناعة الكتاب العربي تأليفًا ونشرًا وتوزيعًا المهتمين وذوي الاختصاص، كما نشطت جهات عدة في بحث مستقبل الكتاب الورقي، وحظي تجديد الفكر الإسلامي المعاصر باهتمام واضح فعقدت مؤتمرات وكتبت مقالات عدة حول الموضوع. كما حظيت مسألة الديمقراطية باهتمام عربي لافت، وشغلت أوساط المثقفين والإعلاميين العرب قضية الإعلام العربي في عصر التكنولوجيا في محاولة لفهم أسباب «الانفجار الإعلامي» في ظل غزارة عدد المطبوعات الصحفية والإذاعات والفضائيات.

          وأشارت الإحصائيات إلى تزايد عدد القنوات الدينية التي وصلت إلى 80 محطة مطلع العام 2009 الأمر الذي أثار قلق المتابعين من استغلال هذه المساحة لممارسة أنشطة مشبوهة وإطلاق فتاوى من خارج شروط الإفتاء. كما حظيت قضية اللغة العربية باهتمام لافت في ظل المخاوف من ضعف الناطقين بالعربية وضعف العربية نفسها في المدارس والجامعات وأيضًا في الإعلام والصحافة وفي مجال تعريب العلوم وصك المصطلحات، إذ احتلت اللغة العربية المركز الرابع بين لغات العالم، وقد جاءت بعد الإنجليزية والصينية والإسبانية. كما استحوذ موضوع الترجمة على اهتمام عربي واسع النطاق، خصوصًا من قبل وزارات الثقافة والمؤسسات الثقافية العربية، ولوحظ توسيع قوس اللغات التي يترجم عنها العرب على الرغم من أن معظم الترجمات بقيت محصورة باللغتين الإنجليزية والفرنسية، وحفلت سنة 2009 بعدد وافر من المؤتمرات والندوات وورش العمل التي ناقشت النشاط الترجمي والمعاني الثقافية والحضارية والسياسية للترجمة في ظل عالم معولم.

بيروت: ثناء عطوي

  • تكريم: بلدية الجزائر الوسطى تكرم جميلة بوحيرد

          بعد غياب طويل عن الساحة، وابتعاد عن الأضواء والظهور، بسبب تفضيلها لحياة العزلة، والتزامها الصمت والعزوف عن حضور حفلات التكريم لفترة طويلة، نجحت بلدية الجزائر الوسطى أخيرًا في كسر عزلة المجاهدة والمناضلة الكبيرة، أسطورة النضال والثورة الجزائرية جميلة بوحيرد، التي تعتبر إحدى أبرز المناضلات من أجل الحرية في القرن المنصرم، وأقنعتها بقبول حضور احتفالية تكريمها بالجزائر العاصمة مسقط رأسها، حيث ألقت كلمة تحدثت فيها عن مسيرتها مع النضال، والكفاح الثوري.

          جاء هذا التكريم بمناسبة الاحتفاء بمرور خمسين عامًا على مظاهرات 11 ديسمبر 1960م، والتي خرج فيها الشعب الجزائري حاملاً الأعلام الجزائرية، ومناديًا بحياة الجزائر، واستقلالها، وذلك في ظل زيارة الجنرال ديغول للجزائر، وقد قتل في ذلك اليوم مئات الجزائريين من قبل الجيش الفرنسي، والمعمرين المسلحين، وقد ساهمت هذه المظاهرات في دفع سكة المفاوضات الجزائرية إلى الأمام، والتي انتهت فيما بعد إلى استقلال الجزائر...

          شهد الحفل حضور عدد كبير من الشخصيات التاريخية، ورموز النضال والثورة الجزائرية، ورفقاء المناضلة في مقدمتهم صديقتها جاكلين قروج، إضافة إلى عدد كبير من الوجوه الفنية والثقافية، والعديد من الوزراء السابقين، والمسئولين، والسفراء من مختلف الدول العربية والإسلامية، وجمع حاشد من الجماهير المتعطشة لرؤية المرأة الأسطورة جميلة بوحيرد التي تعتبر إحدى أهم خمس شخصيات سياسية طبعت القرن العشرين، وأثرت فيه بفضل نضالها، وصبرها الأسطوري، فهي رمز مشرق من رموز الكرامة العربية، والنضال البطولي، والحرية الإنسانية...

          وقد عبّر الجميع عن سعادتهم الكبيرة، وابتهاجهم بحضور المناضلة الرمز جميلة بوحيرد، التي أثلجت صدورهم بعد سنوات طويلة من الصمت والعزلة، بعد أن كانت ترفض التكريمات، وتبتعد عن اللقاءات الإعلامية...

          وقد افتتح حفل التكريم بكلمة من قبل الدكتور الطيب زيتوني؛ رئيس المجلس الشعبي البلدي بالجزائر، عبر فيها عن سعادته وغبطته الكبيرة بحضور شخصية في وزن الأسطورة جميلة بوحيرد، أحد الرموز الثورية المشعة على الصعيدين العربي والعالمي.

          وقد خاطب الدكتور الطيب زيتوني المناضلة جميلة بوحيرد بصورة مباشرة واصفًا إياها بالعمة، وأم جميع الجزائريين، مكررًا وصفها ببطلة الجزائر، وبطلة العالم العربي، كما أشار في سياق كلمته الترحيبية إلى أنه لحدث عظيم أن تحضر المجاهدة الكبيرة جميلة بوحيرد، ويقام على شرفها حفل تكريمي في ذكرى 11 ديسمبر 1960م، التي تعد غاية في الأهمية في ذاكرة كفاح الشعب الجزائري، ونضاله من أجل التحرر وتحقيق الاستقلال.

          وبعد كلمة رئيس المجلس الشعبي التي ركز فيها على مسيرة المناضلة المُحتفى بها، والمكانة التي تحتلها في ذاكرة الشعب الجزائري والأمة العربية، ألقت المناضلة جميلة بوحيرد كلمة كان لها وقع كبير، وتأثير بالغ على الحضور، حيث حثت الجميع ولاسيما الشباب منهم على ضرورة الوفاء لتضحيات الشهداء، والتعمق أكثر بغرض معرفة تاريخ الثورة الجزائرية، وفي البدء عبرت عن سعادتها، وفرحتها بهذه الالتفاتة التكريمية، حيث قالت: «لا تتصوروا كم أنا سعيدة بوجودي بينكم»، ووجهت كلمتها إلى الشباب الجزائري بصفته حامل لواء الحاضر، مؤكدة على ضرورة الوفاء لرسالة الشهداء، وخاطبتهم قائلة: «عليكم أن تفرحوا بثورتكم، وعليكم بحب الجزائر فهي تحبكم، وأوصيكم بالجزائر، لو تتأملوا في ثورتنا لعرفتم كم كانت عظيمة...لا أستطيع وصف عظمتها، وعظمة من جاهدوا في سبيل أن تحيا الجزائر، الأمل فيكم ياشباب الجزائر».

          وبعد ذلك انتقلت للحديث عن مسيرتها النضالية، ورحلتها مع الكفاح الثوري، وتجربتها في مواجهة الاستعمار الفرنسي، مشددة على عدم نسيان التضحيات الكبيرة التي بذلها شهداء الجزائر، وقالت: «لا أنسى الشهداء، ولا أبناء الشهداء، لا يمر يوم إلا وتذكرت الشهداء»، كما قالت بوحيرد «إن الجزائر التي أنجبت شهداء أمثال: العربي بن مهيدي، والعقيد لطفي وغيرهما، مازالت تجود وتنجب رجالًا آخرين على شاكلتهم».

          واستعرضت المحطات التاريخية التي عاشتها إبان الاستعمار الفرنسي، وذكرت بأن أسعد أيام حياتها يوم حكم عليها بالإعدام، وأشارت إلى أن المجاهدين الجزائريين، ومن شدة تعلقهم بالتضحية، وحبهم للشهادة كانوا يقيمون الأفراح عندما يقدمون زملاء لهم إلى المقصلة لإعدامهم بسجن «سركاجي» بالجزائر.

          وروت جميلة بوحيرد في كلمتها الحادثة التي عاشتها، والتي تجسد من خلالها النضال الجزائري، وبرزت ثقافة التضحية ونكران الذات، حيث قالت: «عندما كنت ومجموعة من المجاهدين والشهداء من بينهم طالب عبدالرحمن كنا نمزح عندما كان أحد القضاة الفرنسيين يقرأ علينا التهم الموجهة إلينا خلال محاكمة صورية، حيث وجهت تهم تصل عقوبتها إلى الإعدام». كما قالت: « إننا كنا نواجه أحكام الإعدام بالأفراح والزغاريد»، وذكرت أن: «مناضلًا بكى بكاءً شديدًا بعد الحكم عليه في سنة: 1957م بالسجن المؤبد ليس لشدة العقوبة ولكن لكون عقوبته أخف من تلك المسلطة على جميلة بوحيرد، وبعض المجاهدات الأخريات، حيث قال: يا للعار كيف أقابل رفقائي غدًا، النساء يحكم عليهن بالإعدام، وأنا بالمؤبد». كما ذكّرت المناضلة بوحيرد بأن هناك الكثير من المجاهدين الذين يستحقون التذكير بهم، والتنويه بجهودهم، وشجاعتهم الأسطورية، ولايزال هناك من لا يعرفهم ، ولهم قصص وملاحم قد تجعلنا نبكي عشرات المرات...

          وقد رأت جميلة بوحيرد في تكريمها تكريمًا وعرفانًا لما قام به جميع الشهداء والمجاهدين.

          كما ألقى عبدالرحمن بلعياط؛ عضو المكتب السياسي لحزب جبهة التحرير الوطني، كلمة عن سيرتها، مشيرًا إلى أنها كانت ومازالت ترمز إلى الفدائية الجزائرية، وصورتها وصوتها وصلا إلى مختلف أصقاع العالم، كما قال إن تضحيات الجميلة بوحيرد تبقى راسخة في أذهان الجزائريين، وجميع العرب، ولن تُمحى على مر الأزمنة.

          وتجدر الإشارة إلى أن المناضلة جميلة بوحيرد قد كرمت العديد من المرات في مختلف الدول العربية، واستقبلتها الجماهير العربية بحفاوة كبيرة في العديد من الدول، من بينها: الكويت، وسورية، والعراق، ومصر وغيرها من البلدان.

الجزائر: محمد سيف الإسلام بوفلاقة

  • مسرح: مهرجان المسرح الأردني ينافس على العالمية

          بعد 16 دورة سجلها تاريخ «مهرجان المسرح الأردني» تحول في نوفمبر 2010 إلى مهرجان دولى، شاركت فيه عشرون فرقة مسرحية تنتمى إلى 71 دولة، لكن القائمين عليه لم يلتفتوا إلى تغيير اسمه ليدل على صفته الدولية، فظل باسم «مهرجان المسرح الأردني».

          أهدى المهرجان دورته السابعة عشرة هذه إلى روح اثنين من سدنة المسرح العربي:المصري عبدالرحمن عرنوس، زوربا مسرحنا المصري الذي ترك أثرًا عميقًا في الساحة الأكاديمية الأردنية عندما استعانت به جامعة اليرموك ليدرس لطلابها التجريب في الفنون الدرامية فسحرهم بإنسانيته وتلقائيته، وعلمه مما فجر طاقاتهم الكامنة؛ فرقصوا ومثلوا وغنوا وأخرجوا.

          وقد تأثرت كثيرًا وأنا أستمع إلى شهادات كبار المسرحيين العرب حول عرنوس في الندوة التذكارية التي افتتحها الفنان الأردني حكيم حرب، رئيس المهرجان وفيها قدمت إضاءات رائعة حول هذا المسرحى الفذ الذي عاش بيننا دون أن ننتبه إليه، فكانت كلمات: أحمد سخسوخ، وعمرو قابيل، والمنصف السويسي، ومجد القصص، وأحمد عبدالحليم، وغنام غنام، وشيمة التل، وكنعان البني، ومخلد الزيودي بمنزلة رد اعتبار لهذا الفنان الذي كانت حياته فصولًا من الغبن والنكران في مأساة طويلة لم يصنع نهايتها سوى الموت.

          وكان المركز الثقافي الملكي بعمان قد شهد انطلاق هذه الدورة الجديدة من المهرجان التي توزعت عروضها وفعالياتها على 6 مسارح في عمان والزرقاء طوال 11 يوما، فضلًا عن الورش والندوات النقدية والتقييمية التي تناولت الأعمال المعروضة وعاينت أبعادها الجمالية وسويتها الفنية بمشاركة عدد من نقاد المسرح البارزين.

          وفي حفل الافتتاح أشار نبيه جميل شقم، وزير الثقافة الأردني إلى دعم الدولة للمشروعات الثقافية الهادفة الى رفع مستوى الذوق الفني، وتوسيع الأفق لدى المواطن. وقال: سنكون أكثر جدارة بالانتماء إلى المسرح عندما نجعله يعاين مشكلات الناس ويلمس أوجاعهم ويسهم في فضح البشع واللاإنساني، وينشر عبق كل ما هو جميل وإنساني.

          وقال المخرج حكيم حرب، مدير المهرجان: نحن نجتمع لنحتفي بمهرجان تحول من المحلية الى العالمية. مؤكدًا أن الأردن أصبح واحة للفكر والإبداع والتميّز في مجال الحريات وحقوق الإنسان.

عمَّان: مصطفى عبدالله

  • معرض كتاب: افتتاح معرض الخرطوم الدولي للكتاب

          افتتح الأستاذ السموأل خلف الله القريش وزير الثقافة السوداني وعدد من أصحاب دور النشر المحلية والعالمية فعاليات معرض الخرطوم الدولي للكتاب في دورته السادسة بأرض المعارض ببُري، ويقام المعرض تحت رعاية الأستاذ علي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية بمشاركة أكثر من 130 جهة من البلاد العربية والأجنبية بجانب بريطانيا، وذلك وسط حضور كبير من السفراء الأجانب وممثلي البعثات الدبلوماسية، والجاليات العربية المقيمة بالخرطوم، وعدد من منظمات المجتمع المدني العاملة في الحقل الثقافي، بالإضافة إلى عدد من المثقفين والمفكرين.

          ففي حفل الافتتاح ألقى السيد السموأل خلف الله وزير الثقافة كلمة ترحيب لكل الحضورالرسمي والشعبي وضيوف البلاد ولكل الجهات التي شاركت في الإعداد لهذا المعرض مقدمًا تحية خاصة للناشرين السودانيين ووصفهم بأنهم يقدمون خدماتهم في أصعب الظروف، وأضاف السموأل في حديثه: «اتفقنا مع الاتحاد العام للناشرين العرب على أن يتولى زمام هذا المعرض ويصبح من صميم برامج اتحاد الناشرين وتنظيمه للمعارض العربية، ولذلك سيكون المعرض في العام القادم ضمن هذه المنظومة العربية في شهر ديسمبر من كل عام وستلتقون عبر هذا المعرض بكبار المفكرين والأدباء والشعراء والمبدعين من جميع أنحاء العالم على وجه الخصوص الإخوة العرب والأفارقة».

          وأضاف الوزير أن هذا المعرض نريد أن يكون نشاطه مبنيًا على نشاط المنظمات الطوعية ومنظمات المجتمع المدني وهذا تحقيقًا لشعارنا الذي رفعناه في الوزارة الجديدة أن الثقافة تقود الحياة عبر القيادة الجماعية، وان الدولة ستوفر المزيد من الإمكانات لخدمة الثقافة التي تقود المجتمع وتكرس الصورة الجمالية في سائر جوانب الحياة السودانية، مؤكدًا عودة مهرجان الخرطوم الدولي للموسيقي وإطلاق مهرجان الشعر العربي مطلع العام المقبل.

          كما عبّر السموأل خلف الله عن عميق أسفه لغياب الناشر المصري المعروف الحاج مدبولي الذي غيّبه الموت عن المشاركة في هذه الدورة وهو كان من المداومين على المشاركة فيها عبر السنوات الماضية.

          ورأى الوزير أنه لا الدولة ولا وزارة الثقافة صنعت المشهد الثقافي في السودان بل الشعب السوداني وحده من صنع الحدث، مشيدًا بتضافر الجهود من أجل إنجاح المعرض.

          من جهتها أكدت مديرة معرض الخرطوم الدولي للكتاب فاطمة محمد أحمدون أن المعرض يتجه نحو تعزيز المشهد الثقافي السوداني. فالفرد السوداني، حسب المتحدثة، يعمل من اجل تعميم الوحدة الوطنية بين جميع ولايات السودان وتحقيق السلام الشامل في المنطقة.

150 دار نشر و3500 عنوان

          واعتبرت أحمدون أن النتائج الإيجابية التي وصل اليها المعرض حتى الآن جاءت نتيجة تضافر الجهود بين جميع الجهات المعنية والمهتمة بالشأن الثقافي، داعية جميع وسائل الإعلام السودانية الى تسليط الضوء على هذه التظاهرة نظرا لما لهذه الوسائل من وقع على المتلقي. ورأت أحمدون أن مشاركة أكثر من مئة وخمسين دار نشر عربية وأجنبية، من مختلف الدول بمنزلة استقامة عود هذه التظاهرة التي يطمح القائمون عليها إلى تحقيق أفضل النتائج من خلالها، مشيرة إلى اتساع دائرة العناوين الحديثة لتبلغ نحو 3500 عنوان. وقدم الأستاذ حمادة زغلول كلمة الناشرين معبرًا عن سعادته بالمشاركة في الدورة السادسة وأعرب عن أهمية هذه الدورة التي شهدت تغييرًا واضحًا وتطورًا كبيرًا فيما يخص التنظيم والترتيبات وأن المعرض شامل لكل الجوانب العلمية والأدبية.

          وتجولت «العربي» داخل المعرض وأروقته التي حوت مجالات مختلفة ثقافية ودينية وطبية وكتب الأطفال وكانت الكتب الدينية الأكثر طلبًا تليها كتب الأطفال، ورفض عدد كبير من العارضين فكرة أن النشر الإلكتروني أضر بتجارتهم وإن اجتمعوا على تأثير محدود وفي مجالات بعينها ولكن يظل الكتاب الورقي يملك حضوره وقدرته على المقاومة، كما استطلعنا آراء عدد من الحضور النوعي للوقوف على انطباعاتهم عن هذه الدورة:

آراء الحضور

  • عبدالرحمن عبودي أحد زوار المعرض أفادنا قائلًا: «الدورة السادسة لمعرض الخرطوم الدولي للكتاب، تدهشنا فخامة التنظيم وكلفته على حساب نوعية المصادر المعرفية المعروضة.. وهذا ينبئ بمكانة الكتاب ودوره في حياتنا اليومية «الخرطوم تعرض» على عكس الوهم الخمسيني القديم، القائل بأن «الخرطوم تقرأ». على كلٍ دائمًا ما تكون توقعاتنا فائضة عن الحدث وذلك لأسباب عدة، تأتي الرقابة الممارسة على التفكير والمعارف في أولها بالإضافة إلى المساحة المفرودة للكتاب الديني، وهو بدوره يقع في إطار توسيع عملية الرقابة، ثم أخيرًا وليس آخرًا بالطبع ارتفاع الأسعار الذي يعاني منه العالم كله».
  • الشاعر كامل عبدالماجد تحدث قائلًا: سعيد بوجودي في معرض الخرطوم في دورته السادسة، الإعداد للمعرض في هذه الدورة متميز والدعوات شملت عددًا كبيرًا من السفراء الأجانب والعرب بالتحديد والبعثات الثقافية الموجودة في العاصمة، ويلاحظ أن المعرض من الداخل أكثر اتساعًا من الدورات الماضية، وعدد الناشرين أكثر ولكن افتقدنا الناشر المعروف الحاج مدبولي الذي غيّبه الموت لأول مرة لا يكون له جناح في هذا المعرض منذ 2006 والذي كان يأتي إليه بنفسه، وكّل السودانيين مرتبطون وجدانيًا بمدبولي وما من سوداني يذهب إلى القاهرة وإلا نجده يشتري من مكتبته.
  • الفنان علي مهدي الأمين العام لاتحاد الفنانين العرب سابقًا قال: «إن المعرض في كل دورة يثبت تطوره، ولقد طُفت على المعرض فوجدت عدد الناشرين السودانيين على وجه الخصوص متزايدًا بالرغم من أهمية المشاركات الأخرى، العناوين مختلفة ومتنوعة لمست كل القضايا التي تهم القارئ والمهتم فهي دورة متميزة ولها قيمتها.
  • الممثل صالح عبدالقادر رئيس قسم الدراما بجامعة النيلين عبّر عن سعادته بالمعرض والبرامج المصاحبة وبتوسيع دائرة المشاركة للبرامج المصاحبة في أكثر من موقع.
  • أما الجيلاني الواثق فقال: المعرض في تقديري إحساس جميل بالفرح والأناقة والتميز والجمال، أثناء تطوافي في أنحاء المعرض رغم أنني لم أره كله إلا أنني شعرت بأن المعروض مميز وجميل ويستحق المشاهدة والمتابعة والاقتناء وهذه الدورة أرى أنها مختلفة عن الدورات السابقة، الوزارة بذلت مجهودًا طيبًا، أتيت للمعرض لأكمل مكتبتي سيما في بعض الدراسات السودانية.

          ورافق المعرض برنامج مصاحب يحتوي على أنشطة أدبية من بينها ندوات أدبية وفكرية ومنتديات ثقافية، حيث شارك عدد من الشعراء في الفعاليات من بينهم الشاعر عبدالقادر الحصني من سورية، والشاعرة حنان الحملاوي وعبدالملك مختار من الجزائر.

الخرطوم: محمد خليفة صديق

 

 





غلاف تقرير التنمية الثقافية الصادر عن مؤسسة الفكر العربي





المناضلة جميلة بوحيرد





 





رئيس المهرجان في إحدى الندوات





جناح الكتب القانونية المصرية بالمعرض