عزيزي العربي

عزيزي العربي
        

  • يوم جميل للموت

          السيد رئيس التحرير الدكتور سليمان إبراهيم العسكري..

          تحية مفعمة بالاحترام لشخصكم الكريم، وبالشكر لمجهودكم في خدمة المواطن، ثقافيا وعلميا، على صفحات «العربي»، التي حصلت على أول عدد منها عام 1958، أحضره لي صديق لبناني كان يقيم في دولة الكويت، ومن وقتها أصبحت «العربي» من أهم روافد الثقافة العامة، التي عوضتني - إلى حد ما - عن حرماني من مقعد الدراسة، لم تتح لي الفرصة التي أتيحت للكاتب المغربي المرحوم محمد شكري، الذي دخل المدرسة وهو في العشرين من عمره! فأنا لم أدخلها ولا في أي عمر!

          لعل هذه «المقدمة» تكون عذرًا مقدمًا عن بعض الثغرات التي قد تشوب كتابتي، إن خلفيتي هذه اللامدرسية، كانت تقف دائمًا وراء ترددي بالكتابة إلى مجلة «العربي»، لأدلو بدلوي، حول أمر على صفحاتها. الآن، جاءت الفرصة المناسبة التي قصمت ظهر ترددي، السكوت عن الخطأ، خطأ!

          السيد رئيس التحرير..

          في العدد 619 (يونيو 2010) - صفحة 190 «من المكتبة الأجنبية»، تقديم الكاتب السيد صلاح سليمان، المقيم في ألمانيا، قرأت تقدمة لكتاب باللغة الألمانية، عنوانه «موت يوم جميل» للكاتبة الطبيبة «هيكاجروس» هنا يوجد خطأ فادح بالترجمة، مع كل احترامي للمترجم!

          إن الترجمة الصحيحة لعنوان الكتاب المذكور هي: «يوم جميل للموت»، واسم الكاتبة هو: «هايكه روس» فالمؤلفة، الطبيبة، تصف بلوعة ذاك اليوم الجميل، البديع (من حيث الطقس)، الذي قتل وجرح فيه الجنود الألمان، فالمؤلفة تعني: ان ذلك اليوم الجميل، بدلاً من أن يُعاش، أصبح «يوما جميلا للموت». أما تعبير «موت يوم جميل» بالألمانية فهو: Tod eines schonen Tages.

          لا أعتقد بأن تغيّر الطقس، من يوم مشمس جميل، إلى يوم مرعد.. ماطر، مبرق، سوف يكون سببًا لينعى بكتاب يكون عنوانه: «موت يوم جميل»!

موسى حيدر

  • شموس لا تعرف الكسوف

          لقد أكرَمَت مجلة «العربي» في عدد 621 لشهر أغسطس 2010 المناضل التونسي الخالد الذكر المرحوم والمغفور له عبدالعزيز الثعالبي ضمن المفكرة الثقافية. لقد انتفض هذا المناضل مزيلا القبر والكفن ليحضر بروحه الطاهرة الزكية تلك الندوة محلقا بجناحين تولاهما لافتة كتب عليها «زوروني كل سنة مرة.. ولا تنسوني بالمرّة».

          إن تلك الندوة وإن كانت ضيقة الوفاء لكنها واسعة الرحاب بالنسبة لمن حاولوا جعل كلمة الحق هي العليا.

          عبدالعزيز الثعالبي طرده المقيم العام الفرنسي أيام الاستعمار الغاشم ودائه الدابر فخرج من باب تونس الصغير ليدخل تاريخ الخضراء من بابه الكبير.

          لقد اتخذ عبدالعزيز الثعالبي من محنته هذه منطلقا نحو الكفاح من أجل الكرامة سلاحه آنذاك القرطاس والقلم. لقد صنف الأديب الكبير عبدالعزيز المقالح الرحالة المناضل عبدالعزيز الثعالبي بأنه من طينة محمد عبده (مصر) والأمير شكيب أرسلان (الشام) وعبدالقادر (الجزائر) وعبدالكريم الخطابي (المغرب) وعمر المختار (ليبيا).

          إن الكثير من الأقلام العربية وإن جفّت عن إعطاء كل ذي حق حقه ولو بتحية أو ترحم فإن هناك أقلاما وضمائر حية تسيل كأنها الحق «سلسبيل» وتتوقد وطنية كأنها نار فوق علم.

          باسم الضمير الإنساني وباسم كل شعور وطني يتوقد رغم وحشية وسائل الإطواء أشكر الأديب الكبير عبدالعزيز المقالح ومجلة «العربي» على هذه الندوة التي هي بمنزلة تأبين لرحالة لم يرحل بعد وصدق من قال «اذكروا أمواتكم بخير».

عامر كشيش
ولاية سوسة - تونس

  • جبران.. ناثرًا

          كم يسعدني أن أطالع مجلتكم الرائعة وتناولها الأكثر من رائع لكل قضايا الوطن العربي والإسلامي رأكثر ما يمتّعني فيها السطور الرقيقة ذات الحسّ المرهف للشاعر المبدع «فاروق شوشة» فهو صاحب قلم قلّ أن يتكرر خاصة وهو يتناول ببراعة أعمال كبار الشعراء والأدباء، وفي العدد الأخير من العام المنصرم تناول ببراعة مدهشة أحد أعمال «جبران خليل جبران»، والمدهش أن العمل كان نثرًا وليس شعرًا. كما كان ذلك اكتشافًا أدبيًا جد رائع، فلم أكن أتوقع أن يكون لجبران نثر بهذه الروعة وهذا العمق، لقد أدهشني قول جبران: «لقد أحببتكم كثيرًا وفوق الكثير قد أحببت الواحد منكم، كما لو كان كلكم وأحببتكم جميعًا كما لو كنتم واحدًا». كلمات من لؤلؤ على بساط من سندس، أتمنى أن يكرر الشاعر فاروق شوشة التجربة مع كل الشعراء الذين يملكون نثرًا رائعًا بهذه الصورة، ولي سؤال أطرحه على شاعرنا الكبير: هل تسمح لنا بأن نخصص صفحة واحدة في مجلتنا الغراء لأحد الأعمال النثرية لأحد الشعراء المعروفين، نريد أن نقرأ نثرًا لشوقي وحافظ وأبوماضي ونزار قباني والمنفلوطي وغيرهم.

          لقد استمتعت وأنا أقرأ سطور جبران، وأتمنى أن يستمتع كل القرّاء بالنثر العربي الجميل. ولكم وافر التحية وفائق الأمنيات.

مدحت جلال فضل
كفر الشيخ - مصر

  • مصير السُّهْروَرْدي

          قيد مطالعتي لمجلتكم، وقع تحت ناظري مقال د. محمد المنسي قنديل (العدد 614 - يناير 2010) أظهر فيه الكاتب مدى تحامل البعض على رجال الفكر والوعي بكل قسوة وفظاظة على مر العصور والأزمان وتشابه الرجال، ما دفعني إلى أن أرجع للوراء، وأجد شخصية لا تقل عن السهروردي المقتول قيمة وعطاء وفكرًا وهو الحلاج المصلوب المقتول أيضًا فدفعت به هنا على صفحات مجلتكم مقارنة بحال صاحبنا، وآن الأدوار لا تتغير ولكنه تبادل في الأشخاص المسماة مع أنني هنا أطرح فقط تغطية الحلاج مع أني لست له أو عليه منصفًا ومفندا للآراء الاعتباطية الهزلية والتي ليست لها دلائن أو قرائن.

أسامة صلاح - مصر

  • اكتبوا عن منيف

          يسعدني وأنا أحد قرّاء هذه المجلة «العربي» أو «موسوعة العربي» أن أتقدم بالشكر الجزيل لكم على جميع ما يحرر بهذه المجلة القيّمة. إنني من قرّاء هذه المجلة وقد حرصت من صغري على جميع الأعداد منذ عام 1968م.

          وبهذه المناسبة، أفيدكم بأنني قد اشتريت بعض الأعداد السابقة لهذا التاريخ من بعض كبار السن الذين يبيعون الكتب المستعملة حيث اشتريت العدد الثاني من «العربي» وبسعر 200 ريال، وهذا المبلغ يعتبر كبيرًا بهذا التاريخ، وجمعت بعضها بأسعار تفوق سعرها المحدد عدة أضعاف، حيث كانت تباع بالرياض في سوق قديم يسمى «حراج بن قاسم».

          إنني أقرأ جميع ما يكتب بهذه المجلة من مقالات قيّمة منذ كان رئيسها د. أحمد زكي.

          وبهذه المناسبة آمل التكرّم بالكتابة عن الروائي عبدالرحمن المنيف وعن ملحمته الروائية المشهورة «مدن الملح» وغيرها لإطلاع القرّاء عليها.

عبدالعزيز محمد علي العمرو - الرياض

  • تعقيب الوحدة سبيل نهضتنا العربية

          تعقيبا على مقال الأستاذ الكبير د.سليمان إبراهيم العسكري رئيس تحرير مجلة «العربي» الغراء العدد 623 - أكتوبر 2010 بعنوان «التجدد الحضاري» أقول:

          يعلمنا تاريخ الأمم والحضارات أنها تتراوح بين النهضة والانحسار، ولكن المهم أن يدرك أبناء الأمة هذه الحقيقة، وأن ينهضوا ويشبوا عاقدين العزم على استعادة قوتهم وحضارتهم وأمجادهم، وأن يحتلوا مكانتهم اللائقة بين الأمم بوصفهم أمة إسلامية وعربية عريقة.

          لقد حقق أجدادنا أمجادًا عظيمة، وأقاموا حضارة راقية انتشرت في كل العالم وأضاءت الطريق أمام الغرب لإقامة حضارتهم ونهضتهم الراهنة.

          مثل هذا الشعور بالأمل والتفاؤل يبعد عن أبناء الأمة في الوقت الحاضر مشاعر الضعف والذل والهزيمة والانحسار، ذلك لأن الزمن دوار، وأن الحضارة كالكائن الحي تنهض وتشب من جديد، بل وتعود في ثوب أكثر رقيًا وعلمًا وخبرة. المهم توافر النية وعقد العزم الجماعي على النهوض بالأمة وإقامة حضارة إنسانية راقية وتقدمية وشاملة وعصرية.

          وإذا كان بعض العلماء يعتقدون أن سوء استخدام الأرض ومصادرها الطبيعية كان يقبع وراء الانهيار الاقتصادي والسياسي للحضارات الأولى، فإن حضارة اليوم الأمريكية مثلاً سوف تنهار بسبب السفه والإسراف الزائد وتبديد الطاقات المالية والبشرية في عدوانها على الشعوب المسالمة والفقيرة كالعراق وأفغانستان.

          الصلف والتعالي والغطرسة وغزو الشعوب الآمنة هو الذي يبدد حضارة المعتدي وينهك اقتصاده ويقضي على قواه البشرية المقاتلة التي تنشر العدوان في كل مكان.

          وإذا كان البعض قد حدد القضايا النهضوية الست في شكل الوحدة العربية، والديمراطية، والتنمية المستقلة، والعدالة الاجتماعية، والاستقلال الوطني والقومي، والتجدد الحضاري، إلا أننا في حاجة هذه الأيام إلى الاهتمام بالجانب الأخلاقي وإحياء ضمائر الناس لمقاومة آفة الفساد التي تفشت في هذا العصر وأصبحت قادرة على التهام كل عوائد التنمية، ولابد من توافر إرادة البناء والنهوض والتقدم.

          ونحن اليوم في أمس الحاجة إلى ما يدعو إليه أستاذنا الكبير د.سليمان إبراهيم العسكري نحو بناء قدرتنا على التجديد الذاتي والإتقان والتحسين والتجويد والانفتاح على غيرنا من الحضارات دون أن نفرط في هويتنا العربية والإسلامية. ولقد أصاب وأجاد أستاذنا د.سليمان إبراهيم العسكري، حفظه الله، حين أكد أن التشخيص الدقيق للمشكلة يعد أساسًا قويًا في رسم برامج العلاج.

د. عبدالرحمن محمد عيسوي
الإسكندرية - مصر

  • اعتذار

          نشرت المجلة في باب «عزيزي العربي» بالخطأ مقالاً تكرر في العددين 613، 618 كتبه د.حسن محمد أحمد محمد من السودان بعنوان «الفلسفة من النظرية إلى الواقع العملي»، وكان قد نشر في المرة الأولى باسم عبدالله الباكري من السعودية، والصواب أن المقال كتبه د.حسن محمد أحمد من السودان. ونعتذر عن هذا الخطأ غير المقصود.

«المحرر»

  • امرأة شاعرة

          بداية لا يخدعنّك العنوان، فالمرأة التي أعنيها لا علاقة لها بالشعر - نظمًا على الأقل - لا من قريب ولا من بعيد. فهي مديرة قسم رئيسي في مصنع لإنتاج المكائن الزراعية المتنوعة، وهي مقلّة في الكلام، إلا فيما يتعلق بالعمل، فإنها تكثر من الكلام في هذا الصدد إذا لزم الأمر. وتتحدّث بإسهاب «ورقّة» عن الفولاذ أو الحديد إلى درجة يظن المنصت إليها كأن للفولاذ أو للحديد قلبًا يخفق، أو أذنين تسمعان، وعندما التقيتها للمرة الأولى كمديرة للقسم الذي أعمل فيه بهرتني بما انطوت عليه من ذكاء لمّاح، وسرعة هائلة على التحرّك في الاتجاه الصحيح عند الضرورة. وذلك الذكاء اللمّاح، وسرعة التحرّك تلك من طرفها هما مَن أنقذ المعمل برمته من دمار رهيب ذات يوم، ساعة انفجرت قاروة غاز في بوفيه أحد الأقسام، وشبَّ على الفور حريق كبير. وأذكر أنها قالت لي بعد إطفاء الحريق وفي حديث ابتعد عن النار قليلاً:

          إن ظروف الحياة تستدعي من الإنسان أحيانًا أن يقاتل حتى بأظفار يديه للحصل على ما يستحقّه أو يصبو إليه، وتأمّلت أناملها الحريرية فلم أجد أي أثر للأظفار فيها. وفي إحدى المرّات رنّ هاتف مكتبها، وكنت وقتذاك مع مجموعة من الزملاء والزميلات في لقاء عادي وإيّاها، وكان المتحدث على الطرف الآخر ابنها الذي أوفد للدراسة في أمريكا. وساعتها كلمته كأمّ حنون، كأنها تقرأ عليه من ديوان شعر لا أرق ولا أحلى.

          كانت كلماتها المضمخة بالحنان والشوق تتطاير في الهواء مثل فراشات ملوّنة، أما نحن الزملاء فكنّا ننصت إليها، أو تطارد مسامعنا كلماتها المحلّقة في الجو، كأننا طيور جائعة تجاهد في التقاط ما أمكن من تلك الفراشات الملونة البديعة.

          وبعد انتهاء المكالمة قالت لنا وهي تبتسم بودّ ورضىً: ابني. حبيبي.. يقول إنه يتحدّث إليّ وهو جالس تحت ضياء القمر الساطع في ليل أمريكا الآن، وأنا أردّ عليه من تحت شمس بلادنا المشرقة كما ترون.

          أردت أنْ أقول لها: إنّ الشمس تتكلم مع القمر إذن ولكن خجلتُ.. خجلتُ أن أتفوّه بعبارة قد تتخطى حدود اللياقة في الكلام فيما بيننا، ولو بملليمترات قليلة.

منجد مخيبر
حمص - سورية