تهنئة: احتفالاتُ الكويت .. احتفالاتُ العرب

تهنئة: احتفالاتُ الكويت .. احتفالاتُ العرب
        

          تعيشُ البلاد هذا العام احتفالات استثنائية، يطيبُ للقلب أن يفرحَ بقدومها، وأن يدعو الجميع للاحتفال بها. فاحتفالاتُ الكويت ليست مقصورة على حدودها الجغرافية، وليست لأبنائها وحدهم، بل هي احتفالات للعرب جميعهم، لأن الكويت كانت ولاتزال وستظل بلاد العرب.

          فنحن نحتفلُ بمرور خمس سنوات على تولي حضرة صاحب السمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه أمور الدولة، وهي سنوات حافلة بدعم سموه لمنجزات الديمقراطية الكويتية، وشاهدة على وثبات حققتها الدولة تخطت بها الأزمات العالمية.

          كما نحتفل بمرور عشرين عامًا على التحرير، واكتمال خمسين سنة على الاستقلال، وهي احتفالات الكويت كما أنها احتفالات العرب، نهنئ بها أمير البلاد، مثلما نهنئ جميع العرب. فالكويتُ بلادُ العرب منذ اليوم الأول لاستعادة استقلالها، بعد أن عاشت في نهار الاثنين التاسع عشر من يونيو 1961 أهم حدث في تاريخها المعاصر، باستعادة استقلالها التام وسيادتها الكاملة، إثر حفل توقيع وثائق الاستقلال بين أمير الكويت الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح طيب الله ثراه والمقيم السياسي للمملكة المتحدة في الخليج. وكان ذلك اليوم ميلادًا جديدًا للعروة الوثقى بين الكويت والعرب، حين أعلن أمير الاستقلال في خطاب إلى شعبه انتماء البلاد وهويتها كما يراها الكويتيون:

          «وإنا لنرجو، ونحن على أبواب عهد جديد، أن تبدأ الكويت انطلاقها بتقوية أواصر الصداقة والأخوة مع شقيقاتها الدول العربية، للعمل بتكاتف وتآزر على ما فيه خير العرب وتحقيق أماني الأمة العربية».

          هكذا بدأ الاستقلال، وهكذا دشن عهد الدستور، وها هو اليوبيل الذهبي يجمعنا كلنا تحت سماء واحدة، نجلُّ فيها مسيرة الرواد، الذين ضموا سواعد الجميع تحت راية واحدة، تبني، وتتقدم، وتتطور، وتستحدث، لخير أبناء البلاد والمنطقة والعالم العربي كله.

          إن هذه المجلة «العربي»، التي أسسها حضرة صاحب السمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، عندما كان رئيسا لدائرة الإرشاد والأنباء، في مطلع ديسمبر 1958، كانت شاهدة على فجر ذلك الاستقلال، مثلما ظلت أمينة لفكر مؤسسها في أن تكون مجلة كل العرب. فقد رآها سموه ـ منذ البداية ـ سفيرة الثقافة العربية الأصيلة من الكويت إلى الوطن العربي. ولذلك حين تحتفلُ «العربي»، بأبيها الروحي، ومرور خمس سنوات على تولي سموه شئون البلاد، فهي تؤكد على عروبية الاحتفال بحكمة أميرها، وهو يقودُ الدولة لتحقق طموحاتها القوية في الألفية الثالثة، في أن تكون مركزًا للاقتصاد مثلما هي مركز للثقافة بفضل ما أنشأه على مر السنوات أمراء هذا البلد، الذي يرى صورته في مرآة أشقائه.

          و«العربي» تحتفل بالمثل مع العرب بذكرى التحرير، ومرور عشرين عامًا، سعت فيها دولة الكويت - المؤمنة بعروبتها - في تضميد جراحها التي زاد من قسوتها أنها كانت جراحًا بأيد عربية. في عيد الاستقلال منذ نحو 50 سنة، وإثر إعلان عبدالكريم قاسم عن أطماع نظامه في دولة الكويت، كتبت «العربي» في أغسطس 1961:

          «العربي، هدية هذا البلد الصغير الخيِّر الكويت، إلى الوطن العربي، يدعو كل عربي، في هذه الأزمة الحاضرة، وفي كل ما سوف يأتي العرب من أزمات ـ وسوف يأتي منها الكثير ـ يدعوه إلى أن تكون أول فكرة تخطر بباله هي التوفيق بين العرب لا التفريق، وصيانة الثوب العربي من التمزيق. علمًا بأن العالم اليوم في تكتل كتلًا تنشأ بعد تكتل، والكتلة العربية ـ إن لم تُصَنْ ـ كانت كالقطيع تتناوشه السباع من كل مكان».

          كأن وعي «العربي» الاستشرافي يقرأ الغيب، إذ تسببت - بعد ثلاثين عامًا من ذلك الصيف البعيد - أزمة احتلال النظام العراقي للكويت في نشوء صدع عربي كبير، حاولت الكويت ـ بمساعدة أشقائها من الدول العربية - في أن ترأبه، وأن تستعيد حلم العروبة، وبعد عقدين، نقول إن العرب يحتفلون معنا بذكرى مرور 20 عامًا على التحرير، وهو ما أثبتته السنوات في العلاقات العربية - العربية، خاصة أن الدولة شهدت على أرضها قمة المصالحة العربية، لأنها تؤمن بأن الخير سيعم المنطقة والعالم العربي حين يؤمن العرب بقيمهم التي توحِّدهم، وما أكثرها، وينبذون ما يفرقهم، وما أوضحه.

          و«العربي» بهذه المناسبات الوطنية الثلاث المتزامنة تقدم التهنئة لأميرها وولي عهدها ورئيس وزرائها ولكل الشعب الكويتي والعربي، داعية المولى عز وجل أن يصون هذا الوطن ويحفظ للعرب وحدتهم وأخوّتهم ويوحد خطاهم لما فيه عزهم وسؤددهم.

العربي