منتدى العربي

 منتدى العربي

الحركات الإسلامية في تركيا... إلى أين؟

هل ستفلح الحركات الإسلامية في كسر الطوق العلماني الذي يحيط بنشاطها ويقف حاجزا بينها وبين الوصول للحلم؟

بعد أن استقر الأمر لأتاتورك ببضع سنين، ألغى خلالها السلطنة فالخلافة، وأعلن الجمهورية على أساس علماني، وقطع شوطا فيما سماه بالإصلاحات الدينية : ترجم الأذان إلى التركية ثم ترجم القرآن، وألغى تدريس الدين في المدارس، وألغى حجاب المرأة وتعدد الزوجات، وأستبدل بالحرف العربي الحرف اللاتيني، بعد كل ذلك، سأل كاتب بريطاني يدعى "هاري ليوك" أحد الأتراك في أعماق الأناضول عن أتاتورك فأجاب : خادم مخلص لمولانا السلطان خليفة المسلمين! والواقع أن الشعب التركي في الـ "أناضولو" - وتعني الأرض المليئة بالألم - كان في تلك الفترة في واد وأتاتورك في واد آخر.

أمر بالسفور فاستمرت المرأة الريفية محتفظة بحجابها المعتاد الذي يغطي الشعر والعنق ويسفر عن الوجه، وأقر أتاتورك النساء في الأناضول على ذلك لما قدمنه من تضحيات أثناء معارك التحرير . وأمر بارتداء الزي الغربي، فلم يتخل التركي عن سرواله وابتدع قبعة ريفية أضاف إليها رفرافا متحركا ينزعه أثناء الصلاة ويعيده بعدها . وبمناسبة الحديث عن غطاء الرأس ، من الطريف أن نذكر أن السلطان محمود الثاني - وهو أول سلطان أجرى إصلاحات تبنى فيها الزي الغربي - كان قد أمر بإلغاء العمامة واستبدال الطربوش بها ، وهو الذي كان لباس الرأس الشائع في اليونان والنمسا ودول البلقان، وألغاه بعد ذلك أتاتورك على أساس أنه شعار إسلامي واستبدل به القبعة الأوربية التي حلت محل الطربوش في الغرب! وأخيرا ألغى أتاتورك تدريس الدين في المدارس، فأقبل شعب الأناضول وأبناؤه على طلب علوم الشريعة من علماء المسلمين المنتشرين في أنحاء الأناضول.

في البداية ولفترة ما ، قابل رجل الأناضول ما فعله أتاتورك في المجال الديني بشيء من اللامبالاة، إلا أنه حين جد الجد، ما لبثت اللامبالاة أن تحولت إلى حركات، والحركات إلى انتفاضات، فقفز إلى السلطة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ومن مختلف الجهات وبالعديد من المسميات.

والحركات الإسلامية على ثلاثة أنواع:

أ - حركات عقائدية لتنوير الجيل بأمور دينه.
ب - حركات ذات طابع صوفي.
ج - حركات ذات توجه سياسي.

ثمة صفات مشتركة لهذه الحركات، نذكر منها : الحرص على توجيه الجيل توجيها دينيا خالصا وَإِعَادَة الصبغة الإسلامية لتركيا، ونزع ما كان من جفاء وقطيعة بينها وبين بقية الشعوب العربية والإسلامية. الواقع أن إيمان الشعب التركي بربه وتمسكه بعقيدته لم يتزعزع في يوم من الأيام، بل إنه كان دائما الحافز لكفاحه وتضحياته.

لقد كان أتاتورك أدرى الناس بذلك، مما جعله في بدايات وطوال فترة معارك التحرير يحرص على أن يبدو بمظهر المتمسك بدينه ، الغيور على مقدسات الأمة وعقيدتها، فكان يدعو لتحرير الأرض ممن سماهم بالكفار.

لجأ إلى ذلك أثناء المعارك ضد غزو اليونان لقلب الأناضول، كما لجأ إليه فيما بعد لإثارة حمية رجال المقاومة في تلك المناطق من شمال سوريا التي كانت تحت الانتداب الفرنسي، كمرعش وعنتاب وأورفه الذين كان يمدهم بالمال والسلاح.

كان يحرص على إقامة شعائر الدين، ويفتتح اجتماعاته السياسية بتلاوة من القرآن الكريم، يعقبها الدعاء من قبل علماء المسلمين، ويرفع يديه إلى السماء مؤمنا على دعائهم. لقد اختار عددا من العلماء إضافة إلى الزعماء من جميع أطراف الهضبة التركية ليكونوا أعضاء في أول مجلس للأمة وأعلن أن المجلس سيفتتح بعد تلاوة القران والمولد الشريف وقراءة البخاري.

وأقتطف فيما يلي بعض ما ورد في بلاغ دعوة الأعضاء لأنه طويل : - سيفتتح بعون الله ولطفه في يوم 23 "أبريل" لعام 1920 مجلس الأمة بعد صلاة الجمعة.

- إن جعل افتتاح المجلس الذي سينهض بمهمات في أقصى درجات الأهمية كإنقاذ اِسْتِقْلَال الوطن وإنقاذ مقام السلطنة والخلافة السامية، في يوم الجمعة، إنما من أجل الاستفادة من بركة هذا اليوم ولاشتراك جميع النواب في صلاة الجمعة في جامع "حاجي بيرم" وسيؤخذ الفيض من نور القران والصلوات على الرسول.

- لتكريس قدسية ذلك اليوم، سيبدأ من الآن في مركز الولاية - أنقرة - وبترتيب من قبل جناب الوالي، بتلاوة القرآن الكريم، وقراءة البخاري الشريف وسيختتم الجزء الأخير في المزار بعد صلاة الجمعة.

الصفة المشتركة الأخرى بين الحركات الإسلامية هي : الابتعاد عن التطرف والعنف، والتصرف بحكمة وذكاء، فالحركات التي تقتصر على الدعوة والتوجيه والتثقيف كانت تحرص على أن تتجنب الحديث في السياسة ولا توجه أي نقد للحكومات القائمة، وإنما تصرف جل همها لتنشئة جيل مؤمن متنور ليتحول بعض هؤلاء إلى دعاة يساهمون في نشر الوعي الإسلامي، تمهيدا لصحوة إسلامية شاملة، وكأنهم في ذلك ينحون منحى "حسن البنا" مؤسس حركة الإخوان المسلمين والقائل: "أُقِيمُوا دولة الإسلام في صدوركم تقم في أرضكم".

الحركة النورية : أشهر الحركات ا لإسلامية التي تعمل في مجال الدعوة واليقظة وأكثرها انتشارا، أسسها "سعيد النورسي" نسبة إلى قرية "نورس" التي ولد فيها جنوب - غربي الأناضول عام 1293 هجرية واسمها مأخوذ من قوله تعالى:سورة المائدة، الآيتان: 15، 16. قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين. يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم.

اشتهر في صباه بذاكرة معجزة، فكان يحفظ الكتاب بعد قراءة وَاحِدَة، بدأ من مقامات الهمذاني في صباه إلى إحياء علوم الدين في شبابه، ولقب ب " بديع الزمان" لغزارة علمه وشمولية معرفته.

وأقبل عليه طلاب العلم، وله مريدون من مختلف أنحاء تركيا. له مؤلفات كثيرة تسمى وسائل النور، نذكر منها دليل الباب، وعصا موسى. والتركيز في رسائله على العقائد لأن همه كان إنقاذ العقيدة الإسلامية في الناشئة. ولقد دعي كعضو لأول مجلس للأمة، إلا أنه ما لبث حين شعر بانحراف أتاتورك في مجال الدين عن الخط الذي كان قد بدأه، أن أنسحب بعد أن ألقى خطبة في نواب الأمة ذكرهم فيها بآخرتهم بقوله : "أيها المبعوثون - وهو لقب نواب الأمة حينذاك - إنكم مبعوثون ليوم عظيم، يوم يقوم الناس لرب العالمين". وتفرغ بعد ذلك للعلم وللدعوة ويمكن القول إن الجيل الذي أنشأه يشكل قواعد جميع الحركات الإسلامية.

الحركات الصوفية : في فترة الحكم العثماني كانت هنالك عشرات الطرق الصوفية، وقد ألغاها أتاتورك جميعا باستثناء "الطريقة المولوية" نسبة إلى مؤسسها "مولانا جلال الدين الرومي" نظرا لقيمتها السياحية على أن تقتصر على قاعدتها في "قونية". وتعتبر هذه الطريقة بالإضافة إلى "البكتاشية" من أشهر وأكثر الطرق انتشارا في تركيا وتنفرد المولوية بكونها عالمية التوجه. فجلال الدين الرومي يوجه الدعوة إلى البشر جميعا من كل الأجناس والأديان ويقبل على زيارته سائحون من مختلف دول أوربا كما تتميز عن غيرها بطريقة الذكر لديها، وهو الوسيلة لإعادة التحام الروح بالخالق الذي انفصلت عنه بولادتها في هذا العالم، فمريدوها يرتدون لباسا موحدا ويذكرون الله في رقصات يدورون خلالها حول أنفسهم على ألحان الناي التي هي من وضع جلال الدين نفسه.

ولجلال الدين مؤلفات أشهرها "المثنوي" وديوان شعر معظم قصائده بالتركية والفارسية والقليل منها بالعربية.

وكانت هذه الطريقة، ولاتزال، أحد المصادر التي تعزز إيمان الأتراك وخاصة في "قونية" وما جاورها من بلاد، التي تعتبر أحد معاقل الحركات الإسلامية التي تمدها بالرجال. وهي المكان الذي انطلق منه زعيم الحركات الإسلامية السياسية "نجم الدين أربكان" ويرشح فيه نفسه للانتخابات آمنا مطمئنا واثقا من الفوز.

بقي أن نشير إلى طريقة صوفية صغيرة منعزلة وتدعى "التيجانية" وتعمل سرا ولها أعداد محدودة من الأتباع. لجأ بعضهم منذ فترة طويلة إلى التطرف فالعنف، نتيجة تبنيهم مبادئ تشبه مبادئ جماعات التكفير. كفروا أتاتورك وانهالوا على بعض تماثيله تحطيما حتى أن أحدهم، وفي ميدان "اولوس" أكبر ميادين أنقرة تسلق تمثال أتاتورك وانهال عليه بمطرقته، وقبض على الرجل، وكانت المفاجأة أن ليس في القوانين المرعية ما ينص على معاقبته. فكان أن استصدرت الدولة تشريعا دعي بـ "قانون حماية أتاتورك" ينص على معاقبة كل معتد على أتاتورك من خلال تماثيله وصوره.

أربكان والقفز إلى السلطة

أول انتفاضة للحركات الإسلامية إنما حدثت في أول فرصة سنحت. ففي عام 1943 أصدر "عصمت اينونو" مرسوما جمهوريا ينص على تعدد الأحزاب وسرعان ما تألف حزبان - بالإضافة إلى حزب أتاتورك حزب الخلق الجمهوري - وهما:

الحزب الديمقراطي بزعامة جلال بايار وعدنان مندريس.

حزب الأمة بزعامة فوزي جقمق وصادق آل دوغان.

وحزب الأمة كان حزبا إسلاميا يدعو إلى التوجه نحو العالم العربي والإسلامي، وزعيم الحزب كان رفيقا لمصطفى كمال وأكبر داعم له ومتعاون معه في معارك التحرير، عرف عنه أنه كان ذا توجه ديني مؤمنا متمسكا بعقيدته، وكان حين انضم إلى حركة التحرير قائدا عاما للجيش العثماني وبرتبة مارشال، وكما قاد أشد المعارك ضراوة وهي معركة "سقاريا" حتى أن مصطفى كمال أثناء تبني مشروع إضافة الألقاب للعائلات التركية، اختار له لقب "جقمق" وتعني الشرارة. إلا أن الرجل خاب أمله في "أتاتورك" - وهو اللقب الذي أطلقه عليه رفاقه ويعني : أبوالأتراك - حين اختار العلمانية واتخذ منها مبررا ليأمر بإجراءات تقطع أواصر الأمة بدينها ومعتقداتها. أما الحزب الديمقراطي فيدعو إلى الحرية والتطوير والإصلاح ضمن إطار العلمانية ومبادئ انقلاب أتاتورك.

ولقد أدرك رجال الحركات الإسلامية أن حزب الأمة محاصر ومكشوف ومحارب ، ولن يستطيع أن يحقق أيا من أهدافه لأنه متهم بالرجعية ومعاداة العلمانية، فقرروا التغلغل في الحزب الديمقراطي حتى وصل بعضهم، كإمام وواعظ جامع "حاجي بيرم"، إلى مراكز قيادية. اتفقوا مع الحزب على تأييده في الانتخابات مقابل تحقيق عدد من مطالبهم. وهكذا وفي انتخابات تعددية أجريت عام 1950 حقق الحزب الديمقراطي فوزا كاسحا، حصل فيه على "408" مقاعد في مجلس الأمة مقابل "68" مقعدا لحزب أتاتورك، وبضعة مقاعد لحزب الأمة. وكان الديمقراطيون أوفياء بوعودهم، ففي أول جلسة للبرلمان عقب القسم، صادق المجلس على قانون يسمح برفع الأذان باللغة العربية، وتلاوة القرآن في إذاعة أنقرة ونقل الاحتفالات الدينية. وتوالت التغييرات الجذرية، فمن إعادة تدريس الديانة إلى المدارس الابتدائية، إلى زيادة أعداد معاهد الأئمة والخطباء وتقديم الدعم المادي لها، ومن ثم السماح بإقامة مؤسسات إسلامية ومنحها التراخيص بإنشاء معاهد للشريعة، وإرسال البعثات لدراسة الشريعة الإسلامية في مصر وسوريا. لقد قام الحزب الديمقراطي خلال عشر سنوات تولى فيها الحكم، بما يشبه الانقلاب المضاد في الحقل الإسلامي، وكل ذلك في إطار العلمانية والالتزام بمبادئ انقلاب أتاتورك، وكان السبب الموجب الذي ورد وتكرر في جميع ما اتخذوه من قرارات هو: إن ما قام به أتاتورك العظيم من إصلاحات تتعلق بالدين كان ضروريا في حينه، لأن الفساد كان قد استشرى، وكان هنالك طبقة ممن يدعون العلم من الرجعيين ذوي الأفكار الضيقة المتعصبة يستغلون الدين لأغراضهم الخاصة : إلا أنه وبعد مضي فترة طويلة تم خلالها القضاء على تلك الفئة الفاسدة، حان الوقت لتستعيد الأمة حريتها في ممارسة شعائر دينها، وتعليم الجيل وبإشراف الحكومة نفسها أمور دينه حماية له من أي توجيه خاطئ مضلل. واستمر الحزب الديمقراطي في الاستجابة لرغبات رجال الحركات الإسلامية، فتضاعف عدد معاهد الأئمة والخطباء، وازداد عدد العلماء، وبلغ عدد المساجد التي أنشئت في فترة حكمه "15" ألف مسجد، كما استمر الإسلاميون في دعم الحزب الديمقراطي ففاز بالأكثرية مرتين متتاليتين بعد ذلك واستمر في الحكم عشر سنوات، وكان يمكن أن يستمر أكثر من ذلك مادام متمتعا بتأييد غالبية الإسلاميين لولا انقلاب جمال كورسال في 27 مايو 1960 الذي تسلم بموجبه الجيش زمام السلطة. ومنذ ذلك الحين يتناوب الجيش والشعب على السلطة. فما يكاد الجيش يقرر العودة إلى الإدارة المدنية، حتى ينشط رجال الدعوة الإسلامية للعمل على محورين : يتغلغلون في أحد الأحزاب العلمانية ويقدمون له الدعم مقابل الاستجابة لمطالبهم. وفي نفس الوقت يتكتل البعض الآخر حول حزب إسلامي. وعلى هذا المنهج تعاون الإسلاميون مع حزب العدالة برعاية (ديميريل) عام 1969 حين ألف نجم الدين أربكان حزب النظام القويم، ثم كان تأليف حزب السلامة الوطني بعد انقلاب عام 1971 وائتلافه مع حزب الشعب الاشتراكي برئاسة "بولند أجاويد" الذي أصبح فيه أربكان نائبا لرئيس الوزراء وفي تلك الفترة حدثت معارك قبرص واحتل الجيش التركي ثلث الجزيرة ثم عاد حزب السلامة للائتلاف مع حزب العدالة في وزارة حصل فيها على "7" مقاعد من أصل "23" وذلك خلال الفترة بين عامي 1975 و 1978. وعقب انقلاب "كنعنان افران" في 12 سبتمبر من عام 1980، ومن ثم عودة الحياة الديمقراطية بعد فترة، التف الإسلاميون حول "تورغوت أوزال" زعيم حزب الوطن الأم، وفي عهده وصل رجال الحركات الإسلامية إلى مراكز عليا، وانتشروا في مختلف مرافق الدولة ومؤسساتها الاقتصادية والثقافية والعلمية، وتأسس معهد الدراسات الإسلامية في قصر "يلدز" الذي يقوم بعمل جبار في مجال الفكر والتراث الإسلامي.

وعاد "أربكان" بعد حل حزب السلامة الوطني بحزب "الرفاه" الذي وصل الإسلاميون من خلاله إلى السلطة بالائتلاف مع حزب الطريق القويم، وأصبح "أربكان" لأول مرة رئيسا للوزراء، وقام خلال فترة رئاسته التي لم تستمر لأكثر من سنة واحدة بأكبر نشاط سياسي واقتصادي مع العالم العربي والإسلامي، وكان لحزب الرفاه أكبر كتلة برلمانية. كما نجح الحزب في انتخابات البلديات وحصل على حصة الأسد وخاصة في المدن الكبرى. وحين حل حزب الرفاه، عاد الإسلاميون بحزب "الفضيلة". وفي الانتخابات الأخيرة عام 1999 ركز الحزب جهوده في انتخابات البلديات لأنها الألصق بالشعب وبخدماته، وللابتعاد لفترة عن السياسة، فحصل على نسبة 5. 24% منها "4" مناطق في استنبول من أصل "6". وعاد الإسلاميون سيرتهم الأولى بالتكتل وراء حزب علماني هو : حزب القوميين الأتراك فحقق الحزب بدعمهم المرتبة الثانية وتراجع "الفضيلة" إلى المرتبة الرابعة، فخففوا من ضغط أنصار أتاتورك عليهم ومحاربتهم لهم. لقد أمضت الجماعات الإسلامية العقائدية عشرات السنين، أنشأوا خلالها أجيالا من الشباب المسلم المسلح بالإيمان والفكر والمعتز بعقيدته. ولم تفلح جهود سبعين عامة من الإدارة العلمانية في صرف الشعب عن دينه. والحركات الإسلامية تزداد قوة يوما بعد يوم، وأصبح معلوما لدى كل رجال السياسة في تركيا أن الطريق إلى مجلس الأمة، فالسلطة، إنما يمر عبرهم وبتأييدهم. والإسلام جزء من هوية التركي وله دور حيوي في حياته اليومية، والأتراك يعلمون أن الإسلام هو الذي حقق لهم العزة والسيادة. يقول "سرهاري ليوك" : "إن الإسلام هو الذي جعل من الأتراك شعبا قويا، فهو الذي استنهض همة قبيلة منسية في سيبيريا، ومدها بالعزيمة والتنظيم، مما مكنها من إقامة واحدة من أكبر الإمبراطوريات في التاريخ الحديث".

 

محمد طه الجاسر