الشبكات الاجتماعية.. رقابة ناعمة: د. أحمد أبوزيد

الشبكات الاجتماعية.. رقابة ناعمة: د. أحمد أبوزيد
        

          أدت المستجدات التكنولوجية الأخيرة إلى حدوث تغييرات جذرية في أساليب الحياة وطرق التواصل والاتصال واكتساب المعرفة وتوسيع العلاقات وتطوير المعلومات بشكل غير مسبوق في تاريخ الإنسانية. وبعد أن كانت «حياة المعرفة» (Life of Knowledge) تقاس بعشرات أو حتى مئات السنين أصبحت تقاس الآن في كثير من الأحيان بالشهور، بل بالأسابيع نظرًا لظهور معلومات جديدة طيلة الوقت تنسخ ما قبلها، أو تحدث فيها تعديلات جوهرية بسرعة فائقة لا يكاد الإنسان العادى يلاحقها أو يرصدها.

          وأدى تزايد المعرفة وتكاثرها وتشعّبها، بحيث تذهب بعض التقديرات إلى أن نصف ما نعرفه الآن لم يكن معروفًا لنا منذ عشر سنوات فقط، إلى سهولة التحرك في مجالات متنوعة ومتباينة، خاصة أن التكنولوجيا تتولى الآن إعادة تشكيل العقل الإنساني وطرق تفكيره وتوسيع نطاق الاتصال والتواصل والتأثر والتأثير.

          وكان ظهور الإنترنت واستخدامها ثورة حقيقية في ترسيخ العلاقات على جميع المستويات، وأداة فعالة في تدفق المعلومات وتسهيل تبادل وجهات النظر. ولكن لم تلبث الأمور أن تطورت بظهور الشبكات الاجتماعية Social Networks التي أسهمت في تغيير ملامح الحياة بشكل ملموس في كثير من المجتمعات في مختلف أنحاء العالم. وظهرالعديد من هذه الشبكات بمبادرات فردية أحيانًا كما هو الشأن في الشبكة المعروفة باسم فيس بوك Face book التي يدور حولها في الوقت الراهن كثير من الجدل، وأصبحت تستقطب أعدادًا هائلة من المشاركين الذين يعتمدون عليها في التواصل والتعبيرعن أنفسهم وآرائهم ومشاعرهم بشكل صريح وفاضح في كثير من الأحيان، وبلغ من انتشارها وفاعليتها أن ظهر عنها كتاب أصبح المادة الأولية لفيلم سينمائي عرض في أمريكا في الأول من شهر أكتوبر الماضي (2010). فنحن نعيش الآن إذن في عصر الشبكات الاجتماعية بأوسع معاني الكلمة، ونخضع لآلياتها وتكنولوجياتها وهي تختلف بطبيعة الحال عن الشبكات التقليدية التي لازمت تطور المجتمع البشري منذ بداية ظهوره. فالشبكات الحديثة تقيم علاقات متبادلة دون الاحتكاك الشخصي المباشر بين أطرافها المختلفين والكثيرين الذين يقدر عددهم بالنسبة لشبكة فيس بوك وحدها بخمسمائة مليون عضو (أو صديق كما يطلق عليهم لتبيين مدى قوة العلاقة إزاء القضايا المشتركة).

          وقد ظهر الفيلم تحت عنوان The Social Network: للتدليل على ماهية شبكة فيس بوك ووظيفتها وجوهرها. وظهر الكتاب الذي اعتمد عليه الفيلم بعنوان «بليونيرات بالصدفة»

          The Accidental Billionaires وهو أيضا عنوان كاشف، لأن مخترع فيس بوك وهو طالب بجامعة هارفارد - أصبح من أصحاب البلايين نتيجة عمل لم يكن يهدف إلى الكسب من ورائه، بل إنه لم يكن يتصور أن انشغاله به سوف يخرج عن النطاق الضيق المحدود الذي كان يريد استخدامه في إطاره.

دليل سكان العالم

          وأنا أدرك أن الكثيرين من القراء يعرفون القصة التي شاعت في العالم كله في الفترة الأخيرة بعد ظهور الفيلم، ولكن لا بأس مع ذلك أن أعرض لها هنا بإيجاز. «مخترع» الشبكة هو مارك زوكربرجMark Zuckerberg الطالب بجامعة هارفارد، وكان ما أصبح مشروعًا واختراعًا يعتبر في البداية نوعًا من عبث الشباب. فقد أراد زوكربرج بعد أن هجرته صديقته الطالبة أن يتعرّف على الجوانب التي تتوافر في فتيات الجامعة وتجعل بعضهن أكثر جاذبية وإغراء للطلاب ويحاول تصنيفهن وفق بعض المواصفات. فقام بجمع قدر كبير من المعلومات الشخصية وصور الفتيات لاستطلاع رأي الطلاب على الإنترنت، مما أغضب الفتيات وأدى إلى تدخل الجامعة وتوقيع العقوبة التأديبية عليه. ولكن الفكرة وجدت استحسانًا لدى طلاب «هارفارد» وانتشرت بسرعة إلى الجامعات الأخرى وتجاوزت حدود الإطار الذي وُضع لها في الأصل، وبدأ المشاركون يبدون آراءهم حول موضوعات مختلفة وينشرونها على الشبكة، بل وينشرون كثيرا من ملامح حياتهم الخاصة والحميمة ويتبادلونها في حرية مطلقة. وفي مجتمع عملي وبرجماتي مثل المجتمع الأمريكي تحول ما كان يعتبر نوعًا من عبث الشباب إلى مشروع ثقافي وتجاري عاد على صاحبه - الطالب - بمكاسب هائلة نتيجة لانتشار الفكرة على نطاق العالم. وقد بدأ المشروع عام 2003 وكان عمر زوكربرج تسع عشرة سنة، إذ كان مولده عام 1984 ولكن خلال هذه الفترة القصيرة ارتفع عدد المشاركين والذين يرجعون إلى الشبكة التي أطلق عليها اسم فيس بوك إلى خمسمائة مليون مشارك أو مستخدم (صديق).

          وقد نشرت مجلة The New Yorker بعددها الصادر بتاريخ 20 سبتمبر 2010 مقالاً يكشف عن كثير من جوانب شخصية زوكربرج ونظرته إلى نفسه وإلى الحياة وإلى مشروعه الذي وصفه بأنه «دليل سكان العالم» وأنه موقع يتيح للأفراد العاديين أن يخلقوا لأنفسهم هويات عامة عن طريق الإدلاء بما يريدونه من معلومات حول أنفسهم وتكوينهم الذهني والعاطفي بل ونشر صورهم الشخصية، وأن الهدف منه هو أن يصبح العالم «مكانًا أكثر انفتاحًا». وربما كانت الصفة التي هي بمنزلة شكوى يرددها معارفه أنه «روبوت» وأنه «مبرمج أكثر من اللازم» وأن حديثه كثيرا ما يكون أشبه برسالة صوتية «مسطّحة» وخالية من الحيوية. ولكنه كان يعشق دائما استخدام الكمبيوتر، وأفلح حتى وهو طفل في أن يبتكر ألعابًا كمبيوترية يلهو بها أقرانه من الأطفال وأنه حين التحق بجامعة هارفارد استطاع أن يبتدع برنامجًا ساعد الطلاب المستجدين على اختيار المواد التي يدرسونها في ضوء اختيارات الدفعات السابقة من الطلاب .. ولكن مما يكشف عن تطلعاته التي تحققت باختراع فيس بوك وسرعة انتشاره في كل أنحاء العالم، أنه كثيرا ما كان يردد بعض أبيات الشعر من الإلياذة اللاتينية مثل «الحظ يقف إلى جانب الشجعان» و«أمة/إمبراطورية لا تحدّها حدود». ويبدو أن الفيس بوك هو وطنه وإمبراطوريته التي لن يحدها شيء.

          كان المقصود في أول الأمر إذن أن يقتصر الموقع على طلبة هارفارد وتشجيعهم على مشاركة بعضهم بعضًا في الذكريات والمشاعر وتبادل الرأي حول مشكلاتهم الخاصة، ولكن انتشار الفكرة والتغيرات التي طرأت على استخدام الشبكة في الإدلاء بمعلومات شخصية وحميمة جدًا عن الحياة والعلاقات الخاصة أثار كثيرا من التساؤلات الأخلاقية نظرًا للصراحة المطلقة التي يتم بها إفشاء السلوك الشخصي. واعتبر الكثيرون ذلك مؤشرًا واضحًا على انهيار الخصوصية وتعرية الذات أمام الكثيرين حتى ممن لايعرف بعضهم بعضا، ولكنه كشف في الوقت ذاته عن مدى احتياج الإنسان إلى من يشاركه مشكلاته ومشاعره وأسراره وهو في مأمن من التعرف على شخصيته وانكشاف سره والتعرض للمسئولية.. وفي أحد التقديرات الأخيرة أن 66% من الأمريكيين مستخدمي الإنترنت أطراف في الاتصال عن طريق تلك الشبكات بوجه عام، وأن حوالي نصف هذه النسبة يرجع إليها أكثر من مرة في اليوم الواحد في ما يشبه نوعًا من الإدمان، وأن المستخدمين ينتمون إلى كل الأعمار وليس إلى جيل واحد معين وبالذات جيل الشباب الذي ينتمي إليه زوكربرج.

جيل «الفيس بوك»

          ويكشف الفيلم عن بعض الجوانب الإنسانية التي تكمن وراء شبكة فيس بوك والتي لم تخطر بكل تأكيد على ذهن مارك زوكربرج. فالفيلم يتحدث في آخر الأمر عن الطبيعة البشرية من خلال إبراز وجهات النظر المتعارضة حول كل ما هو إنساني ويؤدي إلى النجاح أو الإخفاق وعن خصائص ومقومات الجيل الذي ينتسب إليه زوكربرج لدرجة أن مجلة ثقافية محترمة مثل New York Review of Books تخصص في عددها الصادر بتاريخ 25 نوفمبر 2010 مقالاً كاشفًا بعنوان Generation Why? يعرض الفيلم ويناقش ويشير صراحة إلى ما أسماه «جيل مارك زوكربرج». ويعترف الكاتب بأن فيلم الشبكة الاجتماعية يعترف بما يستحقه «جيل فيس بوك» من إعجاب واحترام كما تقول الجريدة, وهذا يزيد من الاستمتاع بالفيلم حتى وإن كان لا يستحق ذلك من الناحية الموضوعية, كما أنه يعرض لعدم المبالاة بما قد يحققه المشروع من مكاسب مادية لدرجة أن زوكربرج رفض عرضًا من مايكروسوفت بشرائه مقابل بليوني دولار، لأن المشروع هو «طفله» الذي يريد أن يرعاه وأن الهدف من المشروع هو تحقيق الاتصال والتواصل أو Connect حسب تعبيره على أوسع نطاق ممكن وبين أكبر عدد من المشاركين الذين يريدون الاتصال وأن الذي يشغل باله طيلة الوقت هو نوعية التواصل ونوعية المعلومات التي يتم تبادلها ونوعية العلاقة التي تنجم عن هذا الاتصال.

          وقد تختلف الآراء حول جدوى ذلك الاكتشاف، ولكن زوكربرج نفسه يرى أن فيس بوك حركة اجتماعية Social Movement وليس مجرد أداة أو وسيلة للتواصل، وأنه سوف يزيح البريد الإلكتروني من الطريق بل إن عصر البريد الإلكتروني قد انتهى أو أنه في طريقه إلى الاختفاء تماما وأن فيس بوك بدأ يسيطر أو على الأصح «يستعمر» ويحتل كل النشاط البشري على الشبكة الدولية. وربما كان أهم ما يميز الشبكات الاجتماعية بوجه عام هو درجة الشفافية المطلقة وما سوف يترتب عليها من تغيرات، في العلاقات والسلوك ونظم الحياة. فمشاركة الآخرين في المعلومات والأفكار والأحاسيس والأسرار والتبادل الصريح المكشوف تقضي على الهوة الفاصلة بين ما هو خاص وما هو عام وتساعد على اختفاء الرياء والنفاق وتجعل من الصعب خداع الآخرين. وفي كتاب حديث بعنوان The Effect of The Face Book يذهب المؤلف ديفيد كيركباتريك إلى أن الشبكات الاجتماعية تربط العالم بعضه ببعض، وأن انتشارها سوف يؤدي في النهاية إلى بزوغ «عقل كوكبي» يعمل على تغيير العالم. ومع ذلك فإن الكثيرين يرون أن شدة الإقبال على الشبكات الاجتماعية فيه مضيعة وإهدار للوقت والانصراف عن العمل الجاد، وكثيرًا ما يؤدي إلى «إدمان» الكمبيوتر، خاصة أن الوقت يمر بسرعة رهيبة أثناء الاتصال وتبادل الأخبار التي كثيرًا ما تكون تافهة. إلا أن الكشف عن الشخصية فيه توكيد لهذه الشخصية وليس إهدارًا لها، على الرغم من أن كل تلك الاتصالات هي اتصالات افتراضية virtual بين «أصدقاء» افتراضيين.

عقل كوكبي جديد

          وليس ثمة شك في أن فيس بوك والشبكات الاجتماعية المماثلة مثل تويتر Twitter وماي سبيس My Space ويوتيوب YouTube تلعب دورًا مؤكدًا في توسيع دوائر «الأصدقاء» وتقوم بالتالي بدور مهم في تحقيق التقارب الثقافي والتفاهم بين الشعوب ولكن فيس بوك يعتبر أوسع هذه الشبكات انتشارًا وشعبية إذ تقدر فترة استخدامه بأكثر من 700 بليون دقيقة في الشهر الواحد في تبادل الأخبار والآراء والأحاسيس والأسرار والصور الشخصية وغيرها. بيد أن هناك تخوّفات كثيرة وهواجس من تجاوز الحدود عن طريق المبالغة في الكشف عن أسرار الحياة الشخصية والعلاقات الحميمة مما يتعارض مع القيم المتوارثة في شتى المجتمعات على الرغم من كل ما يقال عن تغير المعايير الاجتماعية والأخلاقية بتغير الزمن. فهناك كثير من الإغراءات للإدلاء بخفايا الحياة الشخصية إلى جانب ما قد ينشره البعض من ادعاءات غير صحيحة والرغبة في التظاهر وتعرية الذات أمام الآخرين تعبيرًا عن الحرية الشخصية والتمرّد على المجتمع. إلا أن هذه التخوفات تجد من يهوّن من شأنها ويرى أن هذه الشبكات الاجتماعية تمثل الرابطة التي سوف تجعل العالم مكانًا أفضل لحياة سليمة بالنسبة للجنس البشري، وأن الناس يميلون بطبيعتهم إلى الاحتكاك والمشاركة حتى مع الأغراب، وأن الاطمئنان إلى عدم الكشف عن شخصيات وهويات المشاركين وهو ما تتعهد الشركات بمراعاته - يضفي كثيرًا من الطمأنينة مما يساعد على مزيد من الانفتاح الذي يساعد بدوره على الفهم وحل المشكلات، وأن هذه النظرة ليست مثالية يصعب تحقيقها فقد أثبت فيس بوك بالذات منذ تأسيسه عام 2003 أنه عامل مؤثر في الحياة وتكوين رأي عام واسع المدى في كثير من الأمور، خاصة أن المشاركين فيه يستخدمون أكثر من سبعين لغة منتشرة في أرجاء تلك الأمة/الإمبراطورية الافتراضية.

الرقابة الناعمة

          والملاحَظ بوجه عام أن استخدام تلك الشبكات بدأ ينحو نحو الجدية وارتفاع مستوى الأفكار وإن كانت هناك بطبيعة الحال تجاوزات عديدة وخروج عن القيم وتحرر من المبادئ الأخلاقية والاجتماعية ولكنها جزء من الحياة الواقعية التي ينبغي التسليم بها. فالمهم هو أن الشبكات الاجتماعية أصبحت تمثل في بعض أبعادها مشروعات هادفة ودعوة للتغيير الاجتماعي والفعل العام المشترك وتوحيد الجهود والاستفادة من مختلف التخصصات العلمية والتكنولوجية في تحقيق تلك الأهداف، وتعمل بالتالي على حدوث ثورة جديدة في العالم عن طريق استقطابها لتلك الملايين العديدة من البشر الذين لم يكن لهم سوى دور هامشي في الحياة فأصبحوا يناقشون مشكلات المجتمع والإنسان والعالم بأسره ويتبادلون في ذلك مختلف الآراء والخبرات ويؤلفون قوة فعالة من الرأي العام العالمي قادرة على تغييرالنظم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي كانت تنفرد بصياغتها النخبة أو الصفوة مع إنكار حق الاغلبية العظمى من البشر العاديين في المشاركة في رسم السياسات التي تؤثر في حياتهم وتحدد مصائرهم، وربما كان ذلك يمثل أهم وظيفة يمكن أن تقوم بها تلك الشبكات، فهي وظيفة تعطي الإنسان إحساسًا بآدميته ووجوده ككيان معترف به وله دور إيجابي في الحياة.

          وقد أصبحت الشبكات الاجتماعية، نتيجة لانتشارها الواسع وشدة الإقبال على استخدامها، عاملاً مكملاً لوسائل الاتصال والإعلام التقليدية في تكوين الرأي العام بل إنها تجاوزت تلك الوسائل التقليدية في عمق واتساع التأثير، وأصبح الإنسان العادي هو صانع الخبر وواضع السياسة وصاحب القرار إلى حد بعيد بل وصانع المستقبل بالتالي. ويظهر ذلك بشكل واضح في موقف السلطات والأجهزة الرسمية في مختلف الدول من تلك الشبكات وما تحمله وتنشره من أفكار وآراء وانتقادات لسياساتها وما يترتب على ذلك من تغييرات في نظرة السلطات إلى الجماهير وهو ما نشاهده الآن في مجتمعات العالم الثالث وفي النظم الشمولية التي تضطر في كثير من الأحيان إلى اتخاذ موقف الدفاع عن نفسها وتبرير سياساتها، أو ما قد تلجأ إليه من فرض القيود على انتشار واستخدام تلك الشبكات. فكثيرًا ما تشكو تلك السلطات من طريقة عرض الأمور على الشبكات ولكنها تراعي في آخر الأمر - وعلى مضض منها - ما يصدر عن تلك الشبكات من انتقادات وتوجيهات. فالشبكات الاجتماعية تؤلف الآن ما يعرف باسم «الرقابة الناعمة» Soft Censorship لأنها تقوم بالفعل بهذا الدور المؤثر دون الاصطدام العلني العنيف مع السلطات الغاشمة أو الفئات الفاسدة في المجتمع، وهو دور رقابي سياسي واجتماعي في المحل الأول كثيرًا ما تعجز عن القيام به وسائل الإعلام الأخرى أو التنظيمات السياسية المعارضة. وهي تؤدي ذلك الدور ببراعة من خلال إتاحة الفرصة للنقد الصريح دون التعرض للأذى كما يحدث في كثير من الأحيان لوسائل الإعلام العادية وللكتّاب والمفكرين وبخاصة في العالم الثالث .

          وعلى أي حال، ومهما اختلفت الآراء حول فاعلية وجدوى وأخلاقيات تلك الشبكات وانحراف بعض المشتركين فيها، فإنها تساعد بشكل أو بآخر على القضاء على السلبية واللامبالاة التي يبديها بعض أفراد المجتمع في العالم الثالث بوجه خاص إزاء الأوضاع المتردية التي يرسفون فيها وتتيح لهم كل إمكانات التعبير بصراحة وجرأة عن رأيهم في تلك الأوضاع والمسئولين عنها وطرق التخلص منها. وهذا موقف إيجابي يكشف عن قوة الرقابة الناعمة. وربما كان هذا هو ما يقصده مارك زوكربرج حين وصف فيس بوك بأنه «حركة» وليس مجرد أداة للتواصل والتعارف.

 

 

أحمد أبوزيد