السيليكون .. هل يشكل بيوكيمياء بديلة ومخلوقات فضائية غريبة؟

السيليكون .. هل يشكل بيوكيمياء بديلة  ومخلوقات فضائية غريبة؟

‭ ‬بفضل‭ ‬عنصر‭ ‬السيليكون‭ (‬Si‭) (‬سيليسيوم‭ ‬بالفرنسية‭)‬،‭ ‬تقلصت‭ ‬المسافة‭ ‬بين‭ ‬الكائنات‭ ‬الحية‭ ‬والآلات‭ ‬ومنتجات‭ ‬التكنولوجيا‭. ‬والكائنات‭ ‬الحية‭ ‬على‭ ‬كوكب‭ ‬الأرض‭ ‬كائنات‭ ‬عضوية‭ ‬يدخل‭ ‬عنصر‭ ‬الكربون‭ (‬C‭) ‬في‭ ‬أساسها‭ ‬البيوكيميائي‭. ‬وقد‭ ‬طور‭ ‬باحثون‭ ‬أوربيون‭ ‬‮«‬شرائح‭ ‬عصبية‮»‬‭ ‬تقترن‭ ‬فيها‭ ‬خلايا‭ ‬المخ‭ ‬العضوية‭ ‬بدوائر‭ ‬السيليكون‭ ‬الذكية‭. ‬ولإنتاج‭ ‬الرقاقة‭ ‬العصبية‭ ‬قام‭ ‬الباحثون‭ ‬بضغط‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬16‭ ‬ألف‭ ‬ترانزستور‭ ‬إلكتروني‭ ‬ومئات‭ ‬المكثفات‭ ‬على‭ ‬رقاقة‭ ‬من‭ ‬السيليكون‭ ‬حجمها‭ ‬1‭ ‬مليمتر‭ ‬مربع‭ ‬فقط‭.‬‭ ‬ويمكن‭ ‬لهذا‭ ‬الإنجاز‭ ‬أن‭ ‬يمكّن‭ ‬يومًا‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬إنشاء‭ ‬بدائل‭ ‬عصبية‭ ‬متطورة‭ ‬لعلاج‭ ‬الاضطرابات‭ ‬العصبية‭ ‬أو‭ ‬تطوير‭ ‬أجهزة‭ ‬كمبيوتر‭ ‬عضوية‭ ‬باستخدام‭ ‬الخلايا‭ ‬العصبية‭ ‬الحية‭. ‬وقد‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬لعضو‭ ‬في‭ ‬الفريق‭ ‬البحثي‭ ‬‮«‬ستيفانو‭ ‬فاسانيللي‮»‬‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬بادوا‭ ‬في‭ ‬إيطاليا‭: ‬‮«‬يمكن‭ ‬لشركات‭ ‬الأدوية‭ ‬استخدام‭ ‬الشريحة‭ ‬لاختبار‭ ‬تأثير‭ ‬الأدوية‭ ‬على‭ ‬الخلايا‭ ‬العصبية‭ ‬لاكتشاف‭ ‬سُبل‭ ‬البحث‭ ‬الواعدة‭ ‬بسرعة‮»‬‭.‬

‭ ‬ويعتبر‭ ‬السيليكون‭ ‬والكربون‭ ‬‮«‬أولاد‭ ‬عمّ‮»‬‭ ‬لدودَيْن،‭ ‬كلاهما‭ ‬ينتميان‭ ‬إلى‭ ‬العائلة‭ ‬نفسها،‭ ‬عائلة‭ ‬المجموعة‭ ‬الرابعة‭ ‬في‭ ‬جدول‭ ‬مندليف‭ ‬الدوري‭ ‬للعناصر‭ ‬الكيميائية‭. ‬وكلاهما‭ ‬ينتهي‭ ‬بأربعة‭ ‬إلكترونات‭ ‬في‭ ‬طبقة‭ ‬الغلاف‭ ‬الخارجي‭ ‬لذرته،‭ ‬ما‭ ‬يتيح‭ ‬له‭ ‬وظيفة‭ ‬أنصاف‭ ‬الموصّلات‭ ‬المهمة‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الإلكترونيك‭. ‬لكن،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يتّحد‭ ‬الكربون‭ ‬بالماء‭ ‬بسهولة‭ ‬ليخلق‭ ‬عالمًا‭ ‬من‭ ‬الجزيئات‭ ‬العضوية‭ ‬التي‭ ‬تتطور‭ ‬إلى‭ ‬حياة‭ ‬نباتية‭ ‬أو‭ ‬حيوانية‭ ‬مختلفة،‭ ‬يرتمي‭ ‬السيليكون‭ ‬في‭ ‬رمال‭ ‬الشواطئ‭ ‬الدافئة‭ ‬والبيضاء‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يشكّل‭ ‬أية‭ ‬مساهمة‭ ‬في‭ ‬البنى‭ ‬الحية،‭ ‬كائنًا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬البنى‭.‬

‭ ‬والسيليكون‭ ‬هو‭ ‬العنصر‭ ‬الثامن‭ ‬في‭ ‬مجرّة‭ ‬درب‭ ‬التبانة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الكتلة‭ ‬الإجمالية‭ ‬بعد‭ ‬الهيدروجين‭ ‬والهيليوم‭ ‬والأكسجين‭ ‬والكربون‭ ‬والنيون‭ ‬والحديد‭ ‬والنيتروجين‭. ‬وهو‭ ‬العنصر‭ ‬السابع‭ ‬في‭ ‬المنظومة‭ ‬الشمسية‭. ‬لكن‭ ‬في‭ ‬قشرة‭ ‬الأرض‭ ‬يشكّل‭ ‬السيليكون‭ ‬العنصر‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الكتلة‭ ‬بعد‭ ‬الأكسجين‭. ‬ويفوق‭ ‬حضوره‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬الكربون‭ ‬بنسبة‭ ‬924‭ ‬مرة‭. ‬لكن‭ ‬السيليكون،‭ ‬بخلاف‭ ‬الكربون،‭ ‬لا‭ ‬نجده‭ ‬في‭ ‬الطبيعة‭ ‬كعنصر‭ ‬كمستقل،‭ ‬بل‭ ‬كـ«سيليكا‮»‬،‭ ‬متحدًا‭ ‬غالبًا‭ ‬مع‭ ‬الأكسجين‭ ‬في‭ ‬جزيئات‭ ‬الغبار‭ ‬والرمال‭ ‬والصخور،‭ ‬ويشكل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬80‭ ‬بالمئة‭ ‬من‭ ‬كتلة‭ ‬القشرة‭ ‬الأرضية‭. ‬

‭ ‬والسيليكا،‭ ‬أو‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬السيليكون،‭ (‬SiO2‭)‬،‭ ‬هو‭ ‬المكون‭ ‬الأكثر‭ ‬شيوعًا‭ ‬للرمل،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬يتيح‭ ‬تشكّل‭ ‬الكوارتز‭ ‬من‭ ‬السيليكا‭ ‬غير‭ ‬المتبلورة‭. ‬وتأتي‭ ‬السيليكا‭ ‬أيضًا‭ ‬بأشكال‭ ‬معدنية‭ ‬أخرى،‭ ‬مثل‭ ‬الصوان‭ ‬والياشب‭ ‬والعقيق‭. ‬وعندما‭ ‬يختلط‭ ‬السيليكون‭ ‬والأكسجين‭ ‬مع‭ ‬المعادن‭ ‬التفاعلية‭ ‬تكون‭ ‬النتيجة‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬فئة‭ ‬من‭ ‬المعادن‭ ‬تسمى‭ ‬السيليكات،‭ ‬التي‭ ‬تشكّل‭ ‬صخور‭ ‬الغرانيت‭ ‬والفلسبار‭ ‬والطين‭ ‬والميكا‭ ‬والأسبستوس‭. ‬

‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الذري،‭ ‬السيليكون‭ ‬هو‭ ‬العنصر‭ ‬الرابع‭ ‬عشر‭ ‬على‭ ‬الجدول‭ ‬الدوري،‭ ‬ويحتوي‭ ‬في‭ ‬نواته‭ ‬على‭ ‬14‭ ‬بروتونًا‭ ‬و14‭ ‬نيوترونًا،‭ ‬إضافة‭ ‬الى‭ ‬14‭ ‬إلكترونًا‭ ‬في‭ ‬أغلفته‭ ‬الخارجية‭. ‬وللسيليكون‭ ‬5‭ ‬نظائر‭ ‬أساسية،‭ ‬بين‭ ‬24‭ ‬نظيرًا‭ ‬معروفًا‭ ‬في‭ ‬الطبيعة‭ ‬والمختبرات،‭ ‬لكن‭ ‬النظير‭ ‬الأكثر‭ ‬شيوعًا‭ ‬والأكثر‭ ‬وفرةً‭ ‬في‭ ‬الطبيعة‭ (‬92‭ ‬بالمئة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬نظائر‭ ‬السيليكون‭ ‬مجتمعة‭) ‬هو‭ ‬صاحب‭ ‬الوزن‭ ‬الذري‭ ‬المعروف‭ ‬28‭.‬

‭ ‬استخرج‭ ‬السيليكون‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬السويد‭ ‬عام1824،‭ ‬وهو‭ ‬عنصر‭ ‬صلب‭ ‬فيزيائيًا،‭ ‬تبلغ‭ ‬كثافته‭ ‬2‭.‬3296‭ ‬غرام‭ ‬لكل‭ ‬سنتيمتر‭ ‬مكعب‭. ‬وهو‭ ‬يذوب‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬1414‭ ‬مئوية،‭ ‬ويغلي‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬3265‭ ‬مئوية‭.‬

‭ ‬ويعتبر‭ ‬السيليكون‭ ‬من‭ ‬أشباه‭ ‬الفلزات‭. ‬إنه‭ ‬معدن‭ ‬ولا‭ ‬معدن‭. ‬إنه‭ ‬متشابك،‭ ‬عنصر‭ ‬يقع‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الاثنين‭. ‬لكن‭ ‬الفلزات‭ ‬تحتوي‭ ‬بوجه‭ ‬عام‭ ‬على‭ ‬خصائص‭ ‬المعادن‭ ‬وغير‭ ‬المعادن‭. ‬والسيليكون‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬أشباه‭ ‬الموصّلات،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬يقوم‭ ‬بتوصيل‭ ‬الكهرباء‭ ‬باتجاه‭ ‬واحد‭. ‬وعلى‭ ‬عكس‭ ‬المعدن‭ ‬النموذجي،‭ ‬فإن‭ ‬السيليكون‭ ‬تتحسن‭ ‬إيصاليته‭ ‬بمرور‭ ‬الكهرباء‭ ‬من‭ ‬خلاله،‭ ‬وزيادة‭ ‬درجة‭ ‬حرارته‭ (‬بينما‭ ‬تسوء‭ ‬إيصالية‭ ‬المعادن‭ ‬الحقيقية‭ ‬عند‭ ‬ازدياد‭ ‬درجة‭ ‬حرارتها‭).‬

 

استخدامات‭ ‬السيليكون

السيليكون‭ ‬هو‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬العناصر‭ ‬المفيدة‭ ‬التي‭ ‬نستخدمها‭ ‬لأشياء‭ ‬كثيرة‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬وهي‭ ‬مادة‭ ‬رخيصة‭ ‬وافرة‭ ‬وبمتناول‭ ‬الجميع‭. ‬أشياء‭ ‬بالسيليكون‭ ‬نستخدمها‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬اليومية‭: ‬في‭ ‬سياراتنا،‭ ‬أغراض‭ ‬شخصية‭ ‬مثل‭ ‬مزيلي‭ ‬الروائح،‭ ‬ممتصي‭ ‬العرق،‭ ‬كوزمتيكس،‭ ‬مرطبات‭ ‬الجلد،‭ ‬أشياء‭ ‬تستخدم‭ ‬لخدمة‭ ‬الغذاء‭. ‬

كما‭ ‬يستخدم‭ ‬السيليكون‭ ‬في‭ ‬الرمل‭ ‬والطين‭ ‬للبناء‭ ‬مثل‭ ‬الخرسانة‭ ‬والطوب‭ (‬أحجار‭ ‬القرميد‭ ‬والطوب‭) ‬والفخار‭ ‬والزجاج‭ ‬والسيراميك،‭ ‬كما‭ ‬يستخدم‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬السبائك‭ ‬المعدنية،‭ ‬والصابون‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الأحجار‭ ‬الكريمة‭ ‬هي‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬السيليكا‭ ‬المرتبطة‭ ‬بجزيئات‭ ‬الماء،‭ ‬وكربير‭ ‬السيليكون‭ (‬SiC‭) ‬يكاد‭ ‬يكون‭ ‬صلبًا‭ ‬مثل‭ ‬الماس،‭ ‬وفقًا‭ ‬لمعهد‭ ‬المواد‭ ‬والمعادن‭ ‬والتعدين‭. ‬

 

السيليكون‭ ‬في‭ ‬أساس‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي

لكن‭ ‬الاستخدام‭ ‬الأهم‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬للسيليكون‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الكمبيوتر،‭ ‬وفي‭ ‬صناعة‭ ‬الخلايا‭ ‬الشمسية،‭ ‬إذ‭ ‬إنه‭ ‬العنصر‭ ‬الحاسم‭ ‬في‭ ‬الدوائر‭ ‬الإلكترونية‭ ‬والرقائق‭ ‬الحاسوبية،‭ ‬وهو‭ ‬لاعب‭ ‬رئيسي‭ ‬في‭ ‬الإلكترونيات‭ ‬الحديثة‭ ‬لأنه‭ ‬شبه‭ ‬موصل‭ ‬مثالي‭ ‬للكهرباء‭. ‬وعند‭ ‬تسخينه‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬منصهرة،‭ ‬يمكن‭ ‬تكوين‭ ‬السيليكون‭ ‬في‭ ‬رقائق‭ ‬شبه‭ ‬موصلة،‭ ‬لتكون‭ ‬بمنزلة‭ ‬قاعدة‭ ‬للدارات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬المتكاملة‭. ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬جعل‭ ‬السيليكون‭ ‬مميزًا‭ ‬بحيث‭ ‬كُرّست‭ ‬له‭ ‬مؤسسة‭ ‬كبرى‭ ‬في‭ ‬كاليفورنيا‭ ‬تمت‭ ‬تسميتها‭ ‬باسمه‭: ‬‮«‬وادي‭ ‬السيليكون‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬سيليكون‭ ‬فالي‮»‬‭. ‬وقد‭ ‬ظهر‭ ‬هذا‭ ‬الاسم‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬عام‭ ‬1971‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬Electronic‭ ‬News‮»‬‭.‬

التقنية‭ ‬العالية‭ ‬لاستخراج‭ ‬السليكون‭ ‬وتصنيعه‭ ‬واستخدامه‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬لهذا‭ ‬العنصر‭ ‬قيمة‭ ‬حقيقية،‭ ‬فخاصيته‭ ‬التي‭ ‬تتيح‭ ‬تصنيفه‭ ‬بين‭ ‬أشباه‭ ‬الموصلات،‭ ‬بحيث‭ ‬يتم‭ ‬استخدامه‭ ‬لصنع‭ ‬ترانزستورات‭ ‬تضخّم‭ ‬أو‭ ‬تغير‭ ‬التيارات‭ ‬الكهربائية‭ ‬المنخفضة‭ ‬التوتر،‭ ‬هي‭ ‬العمود‭ ‬الفقري‭ ‬للإلكترونيات‭ ‬من‭ ‬أجهزة‭ ‬الراديو‭ ‬والتلفزة‭ ‬والكمبيوتر‭ ‬إلى‭ ‬الهواتف‭ ‬الخلوية‭.‬

 

في‭ ‬الطب

ارتبط‭ ‬معدن‭ ‬السيليكون‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬بعمليات‭ ‬التجميل،‭ ‬لكن‭ ‬هل‭ ‬يحتاج‭ ‬الإنسان‭ ‬إلى‭ ‬معدن‭ ‬السيليكون‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬صحة‭ ‬جيدة؟

يحتوي‭ ‬جسم‭ ‬الإنسان‭ ‬على‭ ‬السيليكون‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأنسجة‭ ‬ويلعب‭ ‬دورًا‭ ‬مهمًا‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬نمو‭ ‬العظام‭. ‬ويمكن‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬السيليكون‭ ‬من‭ ‬مصادره‭ ‬الطبيعية‭ ‬والأخرى‭ ‬الصناعية،‭ ‬ويحتاج‭ ‬جسم‭ ‬الإنسان‭ ‬البالغ‭ ‬يوميًا‭ ‬إلى‭ ‬70‭ ‬ملغم‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المعدن‭ ‬كي‭ ‬يحظى‭ ‬بصحة‭ ‬جيدة‭. ‬

وللسيليكون‭ ‬فوائد‭ ‬عديدة،‭ ‬وليس‭ ‬صحيحًا‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬عنه‭ ‬أنه‭ ‬يستخدم‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬العمليات‭ ‬التجميلية،‭ ‬وإنما‭ ‬هو‭ ‬مفيد‭ ‬لصحة‭ ‬الإنسان‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬تناوله‭ ‬بشكل‭ ‬صحيح،‭ ‬فهو‭ ‬يعتبر‭ ‬ضروريًا‭ ‬في‭ ‬تكوين‭ ‬الكولاجين،‭ ‬كما‭ ‬يلعب‭ ‬دورًا‭ ‬مهمًا‭ ‬في‭ ‬تصلّب‭ ‬العظام‭ ‬ويحسّن‭ ‬من‭ ‬جهاز‭ ‬المناعة،‭ ‬كما‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬تقوية‭ ‬الأظافر‭ ‬والجلد‭ ‬والشعر‭ ‬ويخفف‭ ‬من‭ ‬أمراض‭ ‬الأوعية‭ ‬القلبية‭ ‬وضغط‭ ‬الدم‭.‬

ولم‭ ‬تُظهر‭ ‬الأبحاث‭ ‬والدراسات‭ ‬الحديثة‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬الأعراض‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تظهر‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬جراء‭ ‬نقص‭ ‬السيليكون،‭ ‬لكونه‭ ‬متوافرًا‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأطعمة‭ ‬والأغذية،‭ ‬لكن‭ ‬نقصه‭ ‬ينعكس‭ ‬بالطبع‭ ‬على‭ ‬نمو‭ ‬العظام‭.‬

لكن‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬السيليكون‭ ‬خطيرًا‭ ‬عند‭ ‬استنشاقه‭ ‬كرذاذ‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬فترات‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬إذ‭ ‬قد‭ ‬يتسبّب‭ ‬في‭ ‬مرض‭ ‬الرئة‭ ‬الذي‭ ‬يعرف‭ ‬باسم‭ ‬السيليكية‭.‬

 

هل‭ ‬من‭ ‬بيوكيمياء‭ ‬بديلة‭ ‬قائمة‭ ‬

على‭ ‬السيليكون؟

قد‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬الحياة‭ ‬المؤسسة‭ ‬على‭ ‬السيليكون،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬هورتا‮»‬‭ ‬في‭ ‬مسلسل‭ ‬‮«‬ستار‭ ‬تريك‮»‬،‭ ‬خيالًا‭ ‬علميًا‭ ‬بالكامل،‭ ‬وفقًا‭ ‬لباحثين‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬‮«‬كالتيك‮»‬‭. ‬فقد‭ ‬أظهرت‭ ‬الأبحاث‭ ‬المبكرة‭ ‬هناك‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬دمج‭ ‬السلييكون‭ ‬في‭ ‬الجزيئات‭ ‬المعتمدة‭ ‬على‭ ‬الكربون‭ ‬مثل‭ ‬البروتينات‭. ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬السيليكون،‭ ‬كانت‭ ‬الحياة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬ستصبح‭ ‬مختلفة‭ ‬تمامًا،‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬الكون‭ ‬برمته‭ ‬كان‭ ‬سيغدو‭ ‬مختلفًا‭ ‬تمامًا‭ ‬من‭ ‬دونه‭.‬

لقد‭ ‬عرف‭ ‬العلماء‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬أن‭ ‬الحياة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التلاعب‭ ‬كيميائيًا‭ ‬بالسيليكون‭. ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬يمكن‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬الجسيمات‭ ‬المجهرية‭ ‬لثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬السيليكون‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الحشائش‭ ‬والنباتات‭ ‬والطحالب‭ ‬الضوئية‭ ‬التي‭ ‬تحوي‭ ‬ثنائي‭ ‬أكسيد‭ ‬السيليكون‭ ‬في‭ ‬هيكليتها‭ ‬البيوكيميائية‭. ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬حالات‭ ‬طبيعية‭ ‬معروفة‭ ‬للحياة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬السيليكون‭ ‬والكربون‭ ‬معًا‭ ‬في‭ ‬جزيئات‭.‬

‭ ‬وقد‭ ‬قام‭ ‬الكيميائيون‭ ‬بتصنيع‭ ‬جزيئات‭ ‬تتكون‭ ‬بشكل‭ ‬مصطنع‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬السيليكون‭ ‬والكربون‭. ‬توجد‭ ‬هذه‭ ‬المركبات‭ ‬العضوية‭ ‬السيليكونية‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬المنتجات،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المستحضرات‭ ‬الصيدلانية،‭ ‬والمواد‭ ‬اللاصقة،‭ ‬والدهانات،‭ ‬ومبيدات‭ ‬الأعشاب،‭ ‬ومبيدات‭ ‬الفطريات،‭ ‬وشاشات‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬والتلفزيون‭. ‬هكذا‭ ‬إذن،‭ ‬يكون‭ ‬العلماء‭ ‬قد‭ ‬اكتشفوا‭ ‬طريقة‭ ‬لتمكين‭ ‬علم‭ ‬الأحياء‭ ‬من‭ ‬ربط‭ ‬الكربون‭ ‬والسيليكون‭ ‬كيميائيًا‭ ‬معًا‭.‬

‭ ‬وحول‭ ‬الآثار‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الأمر،‭ ‬والكيمياء‭ ‬الغريبة‭ ‬البديلة‭ ‬الممكنة‭ ‬في‭ ‬عوالم‭ ‬بعيدة‭ ‬في‭ ‬الكون،‭ ‬يقول‭ ‬فرانسيس‭ ‬أرنولد،‭ ‬باحث‭ ‬ومهندس‭ ‬كيميائي‭ ‬بمعهد‭ ‬كاليفورنيا‭ ‬للتكنولوجيا‭ ‬في‭ ‬باسادينا،‭ ‬‮«‬شعوري‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬استطاع‭ ‬الإنسان‭ ‬أن‭ ‬يطوّع‭ ‬الحياة‭ ‬لبناء‭ ‬روابط‭ ‬بين‭ ‬السيليكون‭ ‬والكربون،‭ ‬فإن‭ ‬الطبيعة‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تفعل‭ ‬ذلك‭ ‬أيضًا‮»‬‭. ‬وأضاف‭ ‬أرنولد‭: ‬‮«‬أردنا‭ ‬أن‭ ‬نرى‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬بإمكاننا‭ ‬استخدام‭ ‬ما‭ ‬تفعله‭ ‬البيولوجيا‭ ‬بالفعل‭ ‬للتوسع‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬كيمياء‭ ‬جديدة‭ ‬بالكامل‭ ‬لم‭ ‬تستكشفها‭ ‬الطبيعة‭ ‬عندنا‭ ‬بعد‮»‬‭. ‬وقد‭ ‬قام‭ ‬العلماء‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المعهد‭ ‬بتفصيل‭ ‬النتائج‭ ‬التي‭ ‬توصلوا‭ ‬إليها‭ ‬مؤخرًا‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬العلوم‭. ‬

‭ ‬وقد‭ ‬توقع‭ ‬الباحثون‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة،‭ ‬أن‭ ‬نوعًا‭ ‬من‭ ‬الحياة‭ ‬الغريبة‭ ‬في‭ ‬عوالم‭ ‬فضائية‭ ‬مختلفة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬أساس‭ ‬كيميائي‭ ‬مختلف‭ ‬تمامًا‭ ‬عن‭ ‬الحياة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭. ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الماء‭ ‬كمذيب‭ ‬يخدم‭ ‬الجزيئات‭ ‬البيولوجية،‭ ‬ربما‭ ‬تعتمد‭ ‬كائنات‭ ‬حية‭ ‬هناك‭ ‬على‭ ‬الأمونيا‭ ‬أو‭ ‬الميثان‭. ‬وبدلًا‭ ‬من‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الكربون‭ ‬لإنشاء‭ ‬جزيئات‭ ‬الحياة،‭ ‬ربما‭ ‬يمكن‭ ‬لتلك‭ ‬الكائنات‭ ‬استخدام‭ ‬السيليكون‭. ‬فذرات‭ ‬السيليكون‭ ‬يمكن‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬تشكل‭ ‬روابط‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬أربع‭ ‬ذرات‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬واحد،‭ ‬وهي‭ ‬الخاصية‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬الكربون‭ ‬مناسبًا‭ ‬لتشكيل‭ ‬سلاسل‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الجزيئات‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬أساسًا‭ ‬للحياة‭ ‬كما‭ ‬نعرفها،‭ ‬مثل‭ ‬البروتينات‭ ‬والحمض‭ ‬النووي‭. ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬السيليكون‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬أكثر‭ ‬العناصر‭ ‬شيوعًا‭ ‬في‭ ‬الكون‭. ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬يشكل‭ ‬السيليكون‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬30‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬كتلة‭ ‬قشرة‭ ‬الأرض،‭ ‬ويزيد‭ ‬بنسبة‭ ‬150‭ ‬مرة‭ ‬تقريبًا‭ ‬عن‭ ‬الكربون‭ ‬في‭ ‬القشرة‭ ‬الأرضية‭.‬

‭ ‬وقد‭ ‬قام‭ ‬الباحثون‭ ‬بتوجيه‭ ‬الميكروبات‭ ‬إلى‭ ‬خلق‭ ‬جزيئات‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬لها‭ ‬مثيل‭ ‬في‭ ‬الطبيعة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استراتيجية‭ ‬تعرف‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬التطور‭ ‬الموجّه‮»‬،‭ ‬والتي‭ ‬كان‭ ‬أرنولد‭ ‬رائدًا‭ ‬لها‭ ‬أوائل‭ ‬التسعينيات‭. ‬ومثلما‭ ‬يقوم‭ ‬المزارعون‭ ‬بتعديل‭ ‬المحاصيل‭ ‬والماشية‭ ‬منذ‭ ‬أمد‭ ‬طويل‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تربية‭ ‬أجيال‭ ‬من‭ ‬الكائنات‭ ‬الحية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬السمات‭ ‬التي‭ ‬يريدون‭ ‬ظهورها،‭ ‬كذلك‭ ‬يقوم‭ ‬العلماء‭ ‬بتوليد‭ ‬الميكروبات‭ ‬لإنتاج‭ ‬الجزيئات‭ ‬التي‭ ‬يرغبون‭ ‬فيها‭.‬

وقد‭ ‬ركز‭ ‬أرنولد‭ ‬وفريقه‭ (‬الذي‭ ‬يتضمن‭ ‬الكيميائي‭ ‬العضوي‭ ‬التخليقي‭ ‬جينيفر‭ ‬كان،‭ ‬والمهندس‭ ‬البيولوجي‭ ‬روسل‭ ‬لويس،‭ ‬والكيميائي‭ ‬كاي‭ ‬تشن‭) ‬على‭ ‬الإنزيمات،‭ ‬وهي‭ ‬البروتينات‭ ‬التي‭ ‬تحفز‭ ‬أو‭ ‬تسرع‭ ‬التفاعلات‭ ‬الكيميائية‭. ‬كان‭ ‬هدفهم‭ ‬هو‭ ‬إنشاء‭ ‬إنزيمات‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تولد‭ ‬مركبات‭ ‬سيليكونية‭ - ‬عضوية‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬قال‭ ‬أرنولد‭ ‬لمجلة‭ ‬‮«‬علم‭ ‬الأحياء‭ ‬الفلكية‮»‬،‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2017‭: ‬‮«‬إن‭ ‬مختبرنا‭ ‬يستخدم‭ ‬التطور‭ ‬لتصميم‭ ‬إنزيمات‭ ‬جديدة،‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يعرف‭ ‬حقًا‭ ‬كيفية‭ ‬تصميمها‭ - ‬فهي‭ ‬معقدة‭ ‬للغاية،‭ ‬لكننا‭ ‬نتعلم‭ ‬كيف‭ ‬نستخدم‭ ‬التطور‭ ‬لصنع‭ ‬إنزيمات‭ ‬أخرى‭ ‬جديدة‮»‬‭ ‬■