في الحلم نفعل الأعاجيب!

يرغب آدم في أن يكون له صديق، ولكن ألا يوجد أصدقاء من بني جلدتك ياصغيري؟ 
كلّا، كلّا. يقول آدم: أنا أريد صديقًا غريبًا لا يشبه أحدًا من بني جلدتي. أريد صديقًا من الطبيعة. 
قد يكون هذا مثيرًا للضحك، أو مثيرًا للسخرية! ولكن لا بأس من أن نسايره في حلمه، حتى يتّضح الخيط الأبيض من الخيط الأسود، فنعرف لِم هو يرغب في أن يلعب مع أصدقاء من الطبيعة.
وقف تحت السحابة السوداء التي ترغب في أن تفرغ حملاً ثقيلاً من الماء، ناءت بحمله مدّة طويلة.
- أيتها السحابة، ألا تحبين أن أكون صديقًا لك؟ 
- كلّا، الأرض هي صديقتي الوحيدة، وقد عاهدتها ألّا أصادق أحدًا سواها. أسرع إلى بيتك فالماء الذي أفرغه الآن سيبلّلك، فيصيبك بنزلة برد. 
- وأنتِ أيتها الريح ألا تودّين أن أكون صديقًا لك؟ 
كانت الريح تستجمع قواها كي تهب على الشمال، فهناك فلاحون يحصدون قمحًا تحت شمس حارقة، ينتظرون نسيمًا عليلاً. وفي البحر مراكب شراعية لا تسير إلّا بالريح. 
- كلّا، لديّ ما يكفي من الأصدقاء. والآن أنا تأخّرت عن إنجاز مهامّ كثيرة، كأن أجفّف المستنقعات، وأدفع المراكب، وأنشر النسيم، لذا لا وقت لديّ أضيّعه، وداعًا. 
- وأنت أيها الغراب ألا ترغب في أن نتصادق؟ 
- كلّا. أنا لا أحب اللعب أو العيش في البرّ، سأكون حزينًا لو غادرت هذا المكان. وأنت هل تستطيع العيش في الأشجار؟ 
- كلّا. 
- إذًا لا أحد منا خُلق ليَلعب مع الآخر، وداعًا.
فلْيذهب إلى الكلب السلوقي. 
- أيها الكلب، أريد أن تكون صديقي.
- لِمَ؟ أنا دومًا مشغول بمطاردة الأرانب، فلا وقت لديّ لِلّعب أو الحديث، حتى الطعام آكله وأنا أجري، صاحبي يقول لي دائمًا إن الوقت من ذهب. 
مع السلامة، سأطارد أرنبًا شَممت رائحته قبل أن يختفي في حجره. 
- وأنت أيها العندليب ألا تريد أن نكون صديقين؟ 
أطلق العندليب ضحكة ساخرة: 
- ولِمَ نكون صديقين؟ لِأجل أن تمسك بي فتسجنني في قفص، أحب أن أكون دومًا حرًا طليقًا. 
ورفع رأسه إلى السماء التي يصرخ فيها الرعد، يريد أن يكون صديقًا للرعد،
فيردّ عليه الرعد: 
- أنا وحيد فعلاً، ولكنني أخشى عليك من صوتي، إنه مرعب جدًا. لم يقترب منّي أحد منذ زمن طويل. أنا حزين فعلاً لأنني بلا أصدقاء، ولكن ما باليد حيلة. 
- وأنت أيتها الشمس، كوني صديقتي؟
- أخشى عليك من ناري إن أنا صافحتك أو لمستك ونحن نلعب، لا أحد يستطيع أن يقترب منّي، لهذا تراني دائمًا وحيدة. 
فيا لآدم المسكين!
لا أحد في الطبيعة يرغب في أن يكون صديقًا له.
حتى الدجاجة قالت له إنها تشغل بالها طوال اليوم ببيضها وكتاكيتها. 
حتى القطّ قال له إنه لا وقت لديه لِلّعب، فهو مهتم باصطياد الفئران. 
حتى الفأر قال له إنه لابد أن يكون يقظًا وحذرًا. 
حتى النملة قالت له بأنها تعمل لأجل أن تكون مرتاحة في فصل الشتاء. 
ولكن، ألا يحقّ لآدم أن يلعب مع هؤلاء إن أراد؟
يتحقّق هذا في الحلم إن أراد!
في الحلم أصبح يلعب مع القمر، ويركب ظهر الشمس، ويسابق الكلب السلوقي، ويصادق الفأر، والقطّ، والرعد، والنمل. 
حتى إنه كان يستطيع أن يقول: لا. 
لا أرغب في اللعب، أحب اليوم أن أكون وحيدًا لِأنشغل بالتأمّل والقراءة. 
ويقول هذا لِلقطّ والدجاجة والعندليب والغراب.
في الحلم يستطيع آدم أن يفعل الأعاجيب: أن يقول لا، وأن يقول لا أرغب في اللّعب معك. 
يقول هذا حتى لِلشمس والقمر والرعد، إن أراد.