الكشوف الجغرافية وأثرها في لغات العالم الجديد

الكشوف الجغرافية وأثرها في لغات العالم الجديد

تعد‭ ‬الكشوف‭ ‬الجغرافية‭ ‬الحديثة‭ ‬نقطة‭ ‬تحول‭ ‬حاسمة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬العالم‭ ‬وجغرافيته،‭ ‬فقد‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬تزايد‭ ‬المعرفة‭ ‬بكوكب‭ ‬الأرض،‭ ‬أرضًا‭ ‬وسكانًا‭ ‬وموارد،‭ ‬وحتى‭ ‬أواخر‭ ‬القرن‭ ‬الخامس‭ ‬عشر‭ ‬كان‭ ‬العالم‭ ‬القديم‭ ‬هو‭ ‬مجال‭ ‬النشاط‭ ‬البشري‭ ‬والصراع‭ ‬السياسي‭ ‬عبر‭ ‬تاريخه‭ ‬الطويل،‭ ‬واستمر‭ ‬ذلك‭ ‬حتى‭ ‬بدأت‭ ‬حركة‭ ‬الكشوف‭ ‬الحديثة‭ ‬التي‭ ‬ارتبطت‭ ‬بدايتها‭ ‬باتجاه‭ (‬كريستوفر‭ ‬كولومبس‭) ‬غربًا‭ - ‬عبر‭ ‬بحر‭ ‬الظلمات‭ (‬المحيط‭ ‬الأطلنطي‭) - ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬الهند‭ ‬وجنوب‭ ‬شرق‭ ‬آسيا،‭ ‬وتوالى‭ ‬خروج‭ ‬مستكشفين‭ ‬آخرين‭ ‬من‭ ‬غرب‭ ‬أوربا‭ ‬لارتياد‭ ‬المجهول‭ ‬وكشف‭ ‬أسرار‭ ‬مناطق‭ ‬وأقاليم‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬معروفة‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬وتمثل‭ ‬ذلك‭ ‬بجلاء‭ ‬في‭ ‬كشف‭ ‬الأمريكتين‭ ‬وأستراليا‭ ‬وجزر‭ ‬المحيط‭ ‬الهادي،‭ ‬وقد‭ ‬نتج‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الكشوف‭ ‬نتائج‭ ‬عدة‭ ‬لعل‭ ‬من‭ ‬أبرزها‭ ‬النتائج‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬والسياسية،‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬والتعرف‭ ‬على‭ ‬شعوب‭ ‬وقبائل‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬معروفة،‭ ‬وكذلك‭ ‬رسم‭ ‬خرائط‭ ‬للمناطق‭ ‬المكتشفة‭ ‬وما‭ ‬احتوتها‭ ‬من‭ ‬ظاهرات‭ ‬طبيعية‭ ‬كالجبال‭ ‬والأنهار‭ ‬والبحيرات،‭ ‬وما‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬مجتمعات‭ ‬قبلية‭ ‬تتباين‭ ‬في‭ ‬أصولها،‭ ‬وحضاراتها،‭ ‬ولغاتها‭ ‬وأساليب‭ ‬حياتها،‭ ‬مما‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬تزايد‭ ‬المعرفة‭ ‬الجغرافية‭ ‬بهذا‭ ‬العالم،‭ ‬وتبادل‭ ‬العلاقات‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬عديدة‭.‬

وتتناول‭ ‬هذه‭ ‬الدراسة‭ ‬مراحل‭ ‬الكشوف‭ ‬الجغرافية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الجديد‭ - ‬وهو‭ ‬هنا‭ ‬مقصور‭ ‬على‭ ‬الأمريكتين‭ - ‬وما‭ ‬ترتب‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الكشوف‭ ‬من‭ ‬نتائج‭ ‬وآثار‭ ‬في‭ ‬لغات‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬الجديد‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬لغات‭ ‬أصيلة‭ ‬وما‭ ‬اعتراها‭ ‬من‭ ‬تغير‭ ‬وما‭ ‬شهدته‭ ‬من‭ ‬اندثار،‭ ‬أو‭ ‬لغات‭ ‬الوافدين‭ ‬من‭ ‬أوروبا‭ - ‬واستعمروا‭ ‬هاتين‭ ‬القارتين،‭ ‬ونشروا‭ ‬فيها‭ ‬لغاتهم‭ ‬الأوربية‭ ‬حتى‭ ‬أصبحت‭ ‬لغات‭ ‬رسمية‭ ‬للدول‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬الشمال‭ ‬والوسط‭ ‬والجنوب،‭ ‬بل‭ ‬أصبحت‭ ‬صفة‭ ‬مميزة‭ ‬للقارتين‭ ‬حضاريًا‭ ‬وثقافيًا‭ - ‬فأمريكا‭ ‬الشمالية‭ - ‬أنجلو‭ ‬ساكسونية،‭ ‬وأمريكا‭ ‬الجنوبية‭ - ‬لاتينية‭ ‬،‭ ‬وجزر‭ ‬البحر‭ ‬الكاريبي‭ ‬تحمل‭ ‬الصفتين‭ ‬معًا‭ ‬حسب‭ ‬تاريخ‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬الاستعماري،‭ ‬وما‭ ‬ترتب‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬سيادة‭ ‬لغة‭ ‬المستعمر‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬والإدارة‭ - ‬والثقافة،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬معًا‭.‬

والمتأمل‭ ‬في‭ ‬سيرة‭ ‬الكشوف‭ ‬الجغرافية‭ ‬الحديثة‭ ‬ومسيرتها‭ ‬منذ‭ ‬خرجت‭ ‬من‭ ‬شبه‭ ‬جزيرة‭ ‬أيبيريا‭ ‬سنة‭ ‬1492‭ ‬وما‭ ‬تلاها‭ ‬يدرك‭ ‬أنها‭ ‬تمت‭ ‬على‭ ‬مراحل‭ - ‬وبإيقاع‭ ‬تراكمي‭ ‬مستمر،‭ ‬فقد‭ ‬بدأت‭ ‬بالجزر‭ ‬الساحلية‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬نقاط‭ ‬ارتكاز‭ ‬للتغلغل‭ ‬نحو‭ ‬الداخل،‭ ‬وكانت‭ ‬جزر‭ ‬البحر‭ ‬الكاريبي‭ - ‬أو‭ ‬جزر‭ ‬الهند‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬اشتقت‭ ‬اسمها‭ ‬من‭ ‬هدف‭ ‬هذه‭ ‬الكشوف‭ ‬المبكرة‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬الهند‭ ‬بالاتجاه‭ ‬غربًا‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬الطرق‭ ‬العابرة‭ ‬لبلاد‭ ‬المشرق‭ ‬الإسلامي،‭ ‬ثم‭ ‬تلا‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬بسنوات‭ ‬قليلة‭ ‬اكتشاف‭ ‬المناطق‭ ‬الساحلية‭ ‬الشرقية‭ ‬في‭ ‬يابس‭ ‬القارتين‭ ‬وبدأ‭ ‬استيطان‭ ‬الأوربيين‭ ‬الأوائل‭ ‬في‭ ‬مراكز‭ ‬محددة‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬هذه‭ ‬السواحل،‭ ‬وأصبحت‭ ‬تلك‭ ‬المراكز‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬نوايات‭ ‬ارتكاز‭ ‬وتوسع‭ ‬نحو‭ ‬الداخل‭ ‬لكشف‭ ‬غموضه‭ ‬ومعرفه‭ ‬أسراره‭ ‬تدريجيًا‭ ‬في‭ ‬مراحل‭ ‬تالية‭ ‬ومتعاقبة‭.‬

وقد‭ ‬جذبت‭ ‬المستعمرات‭ ‬البريطانية‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬الشمالية‭ ‬أعدادًا‭ ‬ضخمة‭ ‬من‭ ‬المهاجرين‭ ‬ذوي‭ ‬الميول‭ ‬الدينية،‭ ‬ومن‭ ‬فقراء‭ ‬أوربا‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬القرنين‭ ‬السابع‭ ‬عشر‭ ‬والثامن‭ ‬عشر،‭ ‬قدموا‭ ‬من‭ ‬الجزر‭ ‬البريطانية‭ ‬وألمانيا‭ ‬وهولندا‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأقطار‭ ‬الأوربية‭. ‬وقد‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬السكان‭ ‬نحو‭ ‬3‭ ‬ملايين‭ ‬أوربي‭ ‬في‭ ‬سبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الثامن‭ ‬عشر،‭ ‬وبدأت‭ ‬أعداد‭ ‬السكان‭ ‬الأصليين‭ ‬في‭ ‬التناقص‭ ‬بشدة‭ ‬بسبب‭ ‬الأمراض‭ ‬الأوربية،‭ ‬والحروب‭ ‬التي‭ ‬خاضوها‭ ‬ضد‭ ‬الأوربيين‭ ‬في‭ ‬المستعمرات‭ ‬الجديدة‭.‬

 

دوافع‭ ‬الكشوف‭ ‬الجغرافية

كانت‭ ‬دوافع‭ ‬الكشوف‭ ‬الجغرافية‭ ‬المبكرة‭ ‬عديدة‭ - ‬لعل‭ ‬أبرزها‭ ‬الدوافع‭ ‬الدينية،‭ ‬حيث‭ ‬أدى‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬العرب‭ ‬المسلمين‭ ‬والإمارات‭ ‬المسيحية‭ ‬في‭ ‬شبه‭ ‬جزيرة‭ ‬أيبيريا‭ ‬إلى‭ ‬سقوط‭ ‬الأندلس‭ ‬وطرد‭ ‬العرب‭ ‬نهائيًا‭ ‬منها‭ ‬سنة‭ ‬1492،‭ ‬وهي‭ ‬السنة‭ ‬التي‭ ‬بدأ‭ ‬فيها‭ ‬كريستوفر‭ ‬كولومبس‭ ‬أولى‭ ‬رحلاته‭ ‬للكشف‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الهند‭ ‬بالاتجاه‭ ‬غربًا‭. ‬وقد‭ ‬ارتبط‭ ‬بالدوافع‭ ‬الدينية‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬التبشير‭ ‬الديني‭ ‬لنشر‭ ‬المسيحية،‭ ‬وساعدت‭ ‬جمعيات‭ ‬تبشيرية‭ ‬كثيرة‭ ‬على‭ ‬القيام‭ ‬بهذه‭ ‬الكشوف‭ ‬لنشر‭ ‬المسيحية‭ ‬لدى‭ ‬الجماعات‭ ‬والقبائل‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬ارتادها‭ ‬المستكشفون‭.‬

والواقع‭ ‬أن‭ ‬أوربا‭ ‬المسيحية‭ ‬وجمعياتها‭ ‬التبشيرية‭ ‬والعلمية‭ ‬والمستكشفين‭ ‬الأوربيين‭ ‬رأوا‭ ‬في‭ ‬الكشف‭ ‬الجغرافي‭ ‬والتبشير‭ ‬ونشر‭ ‬الحضارة‭ ‬الأوربية‭ ‬واجبًا‭ ‬مفروضًا‭ ‬عليهم،‭ ‬وكانت‭ ‬إفريقيا‭ ‬وأمريكا‭ ‬اللاتينية‭ ‬بشعوبها‭ ‬وقبائلها‭ ‬المجال‭ ‬الخصب‭ ‬لتلك‭ ‬الجهود،‭ ‬فقد‭ ‬اعتقد‭ ‬الأوربيون‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية‭ ‬تسكنها‭ ‬جماعات‭ ‬هندية‭ ‬وثنية‭ ‬متخلفة‭ ‬يجب‭ ‬هدايتها‭ ‬إلى‭ ‬المسيحية‭ ‬وتغيير‭ ‬معتقداتها‭ ‬المتباينة،‭ ‬لذلك‭ ‬كانت‭ ‬الكنائس‭ ‬والكاتدرائيات‭ ‬هي‭ ‬المنشآت‭ ‬الأوربية‭ ‬المبكرة‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬اكتشفها‭ ‬الأوربيون‭ ‬وسيطروا‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الجديد‭.‬

كانت‭ ‬العوامل‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬أعقبت‭ ‬سقوط‭ ‬الأندلس‭ ‬في‭ ‬1492‭ ‬دافعًا‭ ‬رئيسيًا‭ ‬لدى‭ ‬الأوربيين‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬شرقي‭ ‬آسيا‭ - ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الطرق‭ ‬المعتادة‭ ‬التي‭ ‬تخترق‭ ‬المشرق‭ ‬الإسلامي،‭ ‬وقد‭ ‬وجدت‭ ‬هذه‭ ‬الدعوة‭ ‬استجابة‭ ‬كبرى‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬اكتشاف‭ ‬‮«‬بارثليمو‭ ‬دياز‮»‬‭ - ‬طريق‭ ‬رأس‭ ‬الرجاء‭ ‬الصالح‭ ‬في‭ ‬25‭ ‬ديسمبر‭ ‬1497‭ ‬والوصول‭ ‬إلى‭ ‬الهند‭ ‬سنة‭ ‬1498‭ - ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الأسباب‭ ‬الرئيسية‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬اكتشاف‭ ‬العالم‭ ‬الجديد‭ - ‬في‭ ‬نصف‭ ‬الكرة‭ ‬الغربي،‭ ‬وتنافست‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬دول‭ ‬أوربية‭ ‬عديدة،‭ ‬أبرزهم‭ ‬الإسبان‭ ‬والبرتغاليون‭ ‬ثم‭ ‬الإنجليز‭ ‬والفرنسيون‭ ‬وغيرهم‭ ‬بعد‭ ‬ذلك،‭ ‬وقد‭ ‬سلك‭ ‬الإسبان‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬رحلة‭ ‬كريستوفر‭ ‬كولومبس‭ ‬طريق‭ ‬الجنوب‭ ‬الغربي‭ - ‬أو‭ ‬طريق‭ ‬الغرب‭ ‬بحثًا‭ ‬عن‭ ‬الممر‭ ‬البحري‭ ‬المؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الهند‭ ‬والصين‭ ‬وعبر‭ ‬المسافة‭ ‬بين‭ ‬الساحلين‭ ‬الأوربي‭ ‬والأمريكي‭ ‬التي‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬حوالي‭ ‬4800‭ ‬كيلومتر‭ ‬في‭ ‬رحلات‭ ‬أربع‭ ‬متعاقبة‭ ‬بدأها‭ ‬سنة‭ ‬1492،‭ ‬وكانت‭ ‬جزر‭ ‬البحر‭ ‬الكاريبي‭ ‬أولى‭ ‬المحطات‭ ‬التي‭ ‬وصل‭ ‬إليها‭ ‬الإسبان‭ ‬في‭ ‬الأمريكتين‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭.‬

وإذا‭ ‬كان‭ ‬الدافع‭ ‬لكشف‭ ‬طريق‭ ‬بحري‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬جنوب‭ ‬شرقي‭ ‬آسيا‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬أسهم‭ ‬مبكرًا‭ ‬في‭ ‬كشف‭ ‬الأمريكتين،‭ ‬فإن‭ ‬الثروات‭ ‬الطبيعية‭ ‬بها‭ ‬خاصة‭ ‬الذهب‭ ‬والفضة‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية،‭ ‬والفراء‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬أمريكا‭ ‬الشمالية‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الإمكانات‭ ‬الطبيعية‭ ‬المساعدة‭ ‬على‭ ‬قيام‭ ‬الزراعة،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬حافزًا‭ ‬رئيسيًا‭ ‬لتطور‭ ‬هذه‭ ‬الكشوف‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الجديد‭.‬

ورغم‭ ‬تعدد‭ ‬المستكشفين‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأوربية،‭ ‬فإن‭ ‬السمة‭ ‬الغالبة‭ ‬للكشوف‭ ‬الجغرافية‭ ‬في‭ ‬الأمريكتين‭ ‬قد‭ ‬أخذت‭ ‬منحى‭ ‬خاصًا‭ ‬بالدول‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬حركة‭ ‬الكشوف‭ ‬التي‭ ‬حددت‭ ‬الظاهرات‭ ‬الطبيعية‭ ‬مساراتها‭ ‬نحو‭ ‬الداخل‭ ‬الأمريكي،‭ ‬ففي‭ ‬أمريكا‭ ‬الشمالية‭ ‬وصل‭ ‬الإسبان‭ ‬حتى‭ ‬الأطراف‭ ‬الجنوبية‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬شبه‭ ‬جزيرة‭ ‬فلوريدا‭ ‬سعيًا‭ ‬وراء‭ ‬الذهب،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬سلك‭ ‬الفرنسيون‭ ‬محورًا‭ ‬شماليًا‭ ‬غربيًا‭ ‬عبر‭ ‬حوض‭ ‬نهر‭ ‬سانت‭ ‬لورانس‭ ‬الذي‭ ‬قادهم‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬البحيرات‭ ‬العظمي،‭ ‬وهو‭ ‬نفس‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬نهر‭ ‬المسيسبي‭ ‬الذي‭ ‬ساعد‭ ‬على‭ ‬تقدم‭ ‬الكشوف‭ ‬الفرنسية‭ ‬في‭ ‬محور‭ ‬شمالي‭/ ‬جنوبي‭ ‬حتى‭ ‬خليج‭ ‬المكسيك،‭ ‬بينما‭ ‬استقر‭ ‬الإنجليز‭ ‬على‭ ‬السواحل‭ ‬الشرقية‭ ‬لأمريكا‭ ‬الشمالية‭ ‬المواجهة‭ ‬للجزر‭ ‬البريطانية‭ ‬في‭ ‬غرب‭ ‬أوربا،‭ ‬ثم‭ ‬اخترقوا‭ ‬نطاق‭ ‬مرتفعات‭ ‬الأبلاش‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬مستغلين‭ ‬نهر‭ ‬أوهايو‭ (‬بوابة‭ ‬الغرب‭) ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬النطاق‭ ‬الأوسط‭ ‬من‭ ‬أمريكا‭ ‬الشمالية‭.‬

وقد‭ ‬شكلت‭ ‬المرتفعات‭ ‬الغربية‭ (‬جبال‭ ‬الروكى‭) ‬حاجزًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬ممتدًا‭ ‬من‭ ‬الشمال‭ ‬إلى‭ ‬الجنوب‭ ‬وعائقًا‭ ‬صعبًا‭ ‬أمام‭ ‬المستكشفين‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬ساحل‭ ‬المحيط‭ ‬الهادي،‭ ‬والذى‭ ‬تحقق‭ ‬بعد‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬وصول‭ ‬الأوربيين‭ ‬إلى‭ ‬القارة‭. ‬الجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬المرشدين‭ ‬من‭ ‬الهنود‭ ‬الأمريكيين‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬ساعدوا‭ ‬كلًا‭ ‬من‭ ‬‮«‬ميريويدز‭ ‬لويس‮»‬،‭ ‬‮«‬وويليام‭ ‬كلارك‮»‬‭ - ‬في‭ ‬عبور‭ ‬هذه‭ ‬المرتفعات‭ - ‬كأول‭ ‬مستكشفين‭ ‬لها‭ - ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬بداية‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬خلال‭ ‬عهد‭ ‬توماس‭ ‬جيفرسون‭ ‬الذي‭ ‬تولى‭ ‬رئاسة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬سنة‭ ‬1801‭.‬

 

اكتشاف‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية

ويكاد‭ ‬الأمر‭ ‬يتكرر‭ ‬في‭ ‬كشف‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬الذهب‭ ‬والمعادن‭ ‬النفيسة‭ ‬دافعًا‭ ‬رئيسيًا‭ ‬لتدفق‭ ‬الإسبان‭ ‬والبرتغاليين‭ ‬لكشف‭ ‬هذه‭ ‬القارة‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬القرن‭ ‬الخامس‭ ‬عشر،‭ ‬وتلاهم‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الإنجليز‭ ‬والفرنسيون‭ ‬والهولنديون‭. ‬حددت‭ ‬مظاهر‭ ‬البيئة‭ ‬الجغرافية‭ ‬محاور‭ ‬الكشف‭ ‬الجغرافي،‭ ‬فكانت‭ ‬الجزر‭ ‬والمناطق‭ ‬الساحلية‭ ‬هي‭ ‬أولى‭ ‬المناطق‭ ‬المكتشفة‭ ‬التي‭ ‬استوطنها‭ ‬الأوربيون‭ ‬بعد‭ ‬ذلك،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬سمات‭ ‬الموقع‭ ‬المتطرف‭ ‬وظروف‭ ‬البيئة‭ ‬غير‭ ‬الملائمة‭ ‬وأشكال‭ ‬السطح‭ ‬الشاهقة‭ ‬الارتفاع‭ ‬أخرت‭ ‬اتجاه‭ ‬الكشوف‭ ‬حتى‭ ‬منتصف‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر،‭ ‬ومن‭ ‬أوضح‭ ‬الأمثلة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬الأجزاء‭ ‬الداخلية‭ ‬من‭ ‬حوض‭ ‬الأمازون‭ ‬وهضبة‭ ‬بتاجونيا‭ ‬وإقليم‭ (‬الجران‭ ‬–‭ ‬شاكو‭) ‬والقطاع‭ ‬الجنوبي‭ ‬من‭ ‬مرتفعات‭ ‬الأنديز‭.‬

أما‭ ‬المناطق‭ ‬الساحلية‭ ‬ذات‭ ‬المواقع‭ ‬الجغرافية‭ ‬الجيدة‭ ‬فقط‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬كشفها‭ ‬خاصة‭ ‬شمال‭ ‬شرق‭ ‬القارة‭ - ‬وغربها‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬كانت‭ ‬الأسبق‭ ‬في‭ ‬الاستيطان‭ ‬والتعمير‭ ‬من‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬الداخلية‭.‬

‭ ‬وتكاد‭ ‬أدبيات‭ ‬علم‭ ‬الجغرافيا‭ ‬تجمع‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬اتصالات‭ ‬بشرية‭ ‬قديمة‭ ‬بين‭ ‬العالمين‭ ‬القديم‭ ‬والجديد،‭ ‬ويرجع‭ ‬بعض‭ ‬الباحثين‭ ‬هذه‭ ‬الاتصالات‭ ‬إلى‭ ‬نحو‭ ‬14000‭ ‬سنه‭ ‬قبل‭ ‬الميلاد‭ ‬عندما‭ ‬عبر‭ ‬المهاجرون‭ ‬الآسيويون‭ ‬الأوائل‭ ‬مضيق‭ ‬برنج‭ ‬من‭ ‬سيبيريا‭ ‬إلى‭ ‬ألاسكا‭ ‬في‭ ‬مجموعات‭ ‬صغيرة‭ ‬منتشرة‭ ‬عبر‭ ‬الأمريكتين‭. ‬وقبل‭ ‬مجيء‭ ‬الأوربيين‭ ‬في‭ ‬العصر‭ ‬الحديث‭ ‬كانت‭ ‬الأمريكتان‭ ‬عامرتين‭ ‬بالسكان‭ ‬في‭ ‬مجتمعات‭ ‬مركبة،‭ ‬وأقدم‭ ‬هذه‭ ‬الحضارات‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬عاشت‭ ‬في‭ ‬النطاق‭ ‬النهري‭ ‬الساحلي‭ ‬لبيرو‭ ‬الحالية‭ ‬بين‭ ‬500‭ ‬و3500‭ ‬سنة‭ ‬قبل‭ ‬الميلاد‭ ‬اعتمادًا‭ ‬على‭ ‬الزراعة‭.‬

كذلك‭ ‬الحال‭ ‬بالنسبة‭ ‬لشمال‭ ‬غرب‭ ‬أوربا‭ ‬حيث‭ ‬اتجه‭ ‬‮«‬النورسمن‮»‬‭ ‬الذين‭ ‬أبحروا‭ ‬من‭ ‬آيسلنده‭ ‬وجرينلند،‭ ‬وهؤلاء‭ ‬يمثلون‭ ‬الأوربيين‭ ‬الأوائل‭ ‬الذين‭ ‬وصلوا‭ ‬أمريكا‭ ‬عبر‭ ‬نحو‭ ‬خمس‭ ‬رحلات‭ ‬تمت‭ ‬حوالي‭ ‬سنة‭ ‬1000‭ ‬ميلاديه‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بمنطقة‭ ‬لبرادور‭ ‬ونوڤاسكوشيا‭ ‬ونيوانجنلند‭. ‬

‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الاتصال‭ ‬الدائم‭ ‬بين‭ ‬أوربا‭ ‬والأمريكتين‭ ‬تَمثل‭ ‬في‭ ‬أولى‭ ‬رحلات‭ ‬كريستوفر‭ ‬كولومبس‭ (‬ولد‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬إيطاليا‭) ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬من‭ ‬إسبانيا‭ ‬ولحساب‭ ‬الإسبان،‭ ‬في‭ ‬3‭ ‬أغسطس‭ ‬عام‭ ‬1492‭ ‬بثلاث‭ ‬سفن‭ ‬عليها‭ ‬88‭ ‬بحارًا،‭ ‬ووصلت‭ ‬إلى‭ ‬جزر‭ (‬Watling‭) ‬من‭ ‬جزر‭ ‬بهاما‭ ‬الحالية‭ ‬في‭ ‬12‭ ‬أكتوبر‭ ‬1492،‭ ‬كما‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬كوبا‭ ‬وهسبانيولا‭. ‬أما‭ ‬رحلته‭ ‬الثانية‭ ‬فغادرت‭ ‬إسبانيا‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬25‭ ‬سبتمبر‭ ‬1493‭ ‬وكانت‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬17‭ ‬سفينة‭ ‬و1500‭ ‬بحار،‭ ‬ووصلت‭ ‬إلى‭ ‬جزر‭ ‬الأنتيل‭ ‬الصغرى‭ ‬في‭ ‬3‭ ‬نوفمبر‭ ‬1493‭. ‬وجاءت‭ ‬رحلته‭ ‬الثالثة‭ ‬من‭ ‬إسبانيا‭ ‬فكانت‭ ‬في‭ ‬30‭ ‬مايو‭ ‬1498‭ ‬ومعه‭ ‬6‭ ‬سفن‭ ‬ووصل‭ ‬إلى‭ ‬السواحل‭ ‬الشمالية‭ ‬لأمريكا‭ ‬الجنوبية‭. ‬أما‭ ‬الرحلة‭ ‬الرابعة‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬9‭ ‬مايو‭ ‬1502،‭ ‬والتي‭ ‬وصل‭ ‬فيها‭ ‬كولومبس‭ ‬إلى‭ ‬أمريكا‭ ‬الوسطى‭ ‬ومات‭ ‬سنة‭ ‬1506،‭ ‬مقتنعًا‭ ‬بأنه‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬آسيا‭ ‬بالاتجاه‭ ‬غربًا‭.‬

أما‭ (‬جون‭ ‬وسبسيتان‭ ‬كابوت‭) ‬وهما‭ ‬مستكشفان‭ ‬إيطاليان،‭ ‬فقد‭ ‬أبحرا‭ ‬من‭ ‬إنجلترا‭ ‬ووصلا‭ ‬إلى‭ ‬نيوفوندلاند‭ ‬وربما‭ ‬نوفاسكوشيا‭ ‬سنه‭ ‬1497،‭ ‬وجاءت‭ ‬رحلة‭ ‬جون‭ ‬الثانية‭ (‬1498‭) ‬باحثًا‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تجاري‭ ‬نحو‭ ‬آسيا‭ ‬وفشل‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬وخسر‭ ‬كل‭ ‬أسطوله‭ ‬البحري،‭ ‬وخلال‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬سيطر‭ ‬الإسبان‭ ‬والبرتغاليون‭ ‬على‭ ‬الكشوف‭ ‬الجغرافية،‭ ‬وفي‭ ‬عامي‭ ‬1497‭ ‬و1499‭  ‬أبحر‭ ‬المستكشف‭ ‬الإيطالي‭ (‬أمريجو‭ ‬فسبوتشي‭) ‬من‭ ‬إسبانيا‭ ‬ووصل‭ ‬إلى‭ ‬السواحل‭ ‬الشمالية‭ ‬والشرقية‭ ‬لأمريكا‭ ‬الجنوبية‭. ‬وكان‭ ‬أول‭ ‬مستكشف‭ ‬يقرر‭ ‬أن‭ ‬الأراضي‭ ‬التي‭ ‬اكتشفت‭ ‬كانت‭ ‬قارة‭ ‬جديدة،‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬قارة‭ ‬آسيا،‭ ‬لذا‭ ‬أطلق‭ ‬اسمه‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬القارة‭ ‬الجديدة‭.‬

والواقع‭ ‬أن‭ ‬مكتشفي‭ ‬الأمريكتين‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬1492‭ - ‬1806‭ ‬بلغ‭ ‬عددهم‭ ‬نحو‭ ‬أربعين‭ ‬مكتشفًا‭ ‬أشهرهم‭ ‬كولومبس،‭ ‬وأمريجو‭ ‬فسبوتشي‭ ‬وكابوت،‭ ‬وماجلان،‭ ‬وكانوا‭ ‬هم‭ ‬الرواد‭ ‬الأوائل،‭ ‬ثم‭ ‬جاء‭ ‬الآخرون‭ ‬من‭ ‬بعدهم‭ ‬في‭ ‬تعاقب‭ ‬زمني‭ ‬وتراكمي‭ ‬يضيف‭ ‬كل‭ ‬منهم‭ ‬جديدًا‭ ‬إلى‭ ‬سابقيه‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬كشف‭ ‬المناطق‭ ‬والأقاليم‭ ‬الداخلية‭ ‬أو‭ ‬السواحل‭ ‬والأنهار‭ ‬وغيرها‭.‬

 

المستكشفون‭ ‬والقبائل‭ ‬الأصلية‭ ‬

في‭ ‬أمريكا‭ ‬الشمالية

سبق‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬الكشوف‭ ‬الجغرافية‭ ‬بدأت‭ ‬بالجزر‭ ‬والمناطق‭ ‬الساحلية‭ ‬شرق‭ ‬الأمريكتين،‭ ‬وبدأت‭ ‬في‭ ‬التغلغل‭ ‬تدريجيًا‭ ‬نحو‭ ‬الداخل‭ ‬لتكتشف‭ ‬جماعات‭ ‬وقبائل‭ ‬تختلف‭ ‬في‭ ‬عددها‭ ‬وقوتها‭ ‬ولغاتها،‭ ‬ولم‭ ‬تجد‭ ‬الكشوف‭ ‬التي‭ ‬تمت‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬أمريكا‭ ‬الشمالية‭ - ‬لغات‭ ‬أو‭ ‬جماعات‭ ‬قوية‭ ‬تقف‭ ‬أمام‭ ‬لغة‭ ‬الفاتحين،‭ ‬حتى‭ ‬جماعات‭ ‬الاسكيمو‭ ‬كانوا‭ ‬من‭ ‬القلة‭ ‬بحيث‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لها‭ ‬تأثير‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬لهجات‭ ‬شمال‭ ‬القارة‭ ‬ولغاتها‭.‬

أما‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬أمريكا‭ ‬الشمالية‭ ‬وجنوبها‭ ‬فالأمر‭ ‬يختلف‭ ‬اختلافًا‭ ‬كبيرًا،‭ ‬وذلك‭ ‬لأن‭ ‬القبائل‭ ‬الهندية‭ ‬في‭ ‬الوسط‭ ‬والغرب‭ ‬والجنوب‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬الكثرة‭ ‬العددية‭ ‬ما‭ ‬سمح‭ ‬بسيادة‭ ‬لغاتها‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬وصمدت‭ ‬أمام‭ ‬الإنجليزية‭ ‬ردحًا‭ ‬طويلًا‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬أبرزها‭ ‬جماعات‭ ‬الشيروكي‭.‬

وقد‭ ‬قاومت‭ ‬لغات‭ ‬هذه‭ ‬القبائل‭ ‬اللغات‭ ‬الأوربية‭ ‬الوافدة‭ - ‬الدخيلة‭ ‬غير‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تصمد‭ ‬أمام‭ ‬كثرة‭ ‬الوافدين‭ ‬والمستوطنين‭ ‬وسيادة‭ ‬لغتهم‭ ‬الإنجليزية،‭ ‬وارتبط‭ ‬ذلك‭ ‬بعدد‭ ‬المهاجرين‭ ‬الأوربيين‭ ‬إلى‭ ‬أمريكا‭ ‬الشمالية‭ ‬والسيطرة‭ ‬الاستعمارية‭ ‬على‭ ‬أراضيها،‭ ‬فقد‭ ‬سيطر‭ ‬البريطانيون‭ ‬على‭ ‬مساحات‭ ‬ضخمة‭ ‬منها،‭ ‬وشاركتهم‭ ‬إسبانيا‭ ‬في‭ ‬الأطراف‭ ‬الجنوبية‭ ‬خاصة‭ ‬فلوريدا‭ ‬ونيومكسيكو‭ ‬الحالية،‭ ‬أما‭ ‬فرنسا‭ ‬فقد‭ ‬سيطرت‭ ‬على‭ ‬إقليم‭ ‬كويبك‭ ‬الحالي،‭ ‬وتنازلوا‭ ‬لبريطانيا‭ ‬عن‭ ‬مناطق‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الحالية‭ - ‬وهي‭ ‬لويزيانا‭ ‬التي‭ ‬سميت‭ ‬باسم‭ ‬امبراطور‭ ‬فرنسا‭ ‬لويس‭ ‬الرابع‭ ‬عشر‭.‬

وقد‭ ‬شهدت‭ ‬الأمريكتان‭ ‬قيام‭ ‬حضارات‭ ‬قديمة‭ ‬بها‭ ‬لعل‭ ‬أهمها‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬نشأت‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬300‭ - ‬600‭ ‬ميلادية‭ ‬حيث‭ ‬امتدت‭ ‬امبراطورية‭ ‬أمريكية‭ ‬قديمة‭ ‬من‭ ‬وادي‭ ‬المكسيك‭ ‬حتى‭ ‬جواتيمالا‭ - ‬ومركزها‭ ‬مدينة‭ ‬ضخمة‭ ‬هي‭ ‬مدينة‭ - ‬تيتيهواكان‭ - ‬ونحو‭ ‬الجنوب‭ ‬في‭ ‬جواتيمالا‭ ‬تطورت‭ ‬حضارة‭ ‬المايا‭ ‬من‭ (‬150-900‭ ‬ميلادية‭) ‬حول‭ ‬مئات‭ ‬من‭ ‬مراكز‭ ‬العمران‭ ‬الريفي،‭ ‬وطورت‭ ‬هذه‭ ‬الحضارة‭ ‬طريقة‭ ‬للكتابة‭ ‬عرفت‭ ‬باسم‭ (‬أوملك‭)‬،‭ ‬كما‭ ‬عرفت‭ ‬تقويمًا‭ ‬خاصًا‭ ‬بها،‭ ‬كما‭ ‬عرفت‭ ‬الفلك‭ ‬والرياضيات‭.‬

كذلك‭ ‬قامت‭ ‬حضارة‭ ‬‮«‬الأزتك‮»‬‭ ‬ووحَد‭ ‬أصحاب‭ ‬هذه‭ ‬الحضارة‭ ‬مساحات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬أمريكا‭ ‬الوسطى‭ ‬حيث‭ ‬ظهرت‭ ‬على‭ ‬هيئة‭ ‬امبراطورية‭ ‬عسكرية‭ ‬سنة‭ ‬1519‭ ‬وعاصمتها‭ ‬تينوشتتلان،‭ (‬قدر‭ ‬سكانها‭ ‬آنذاك‭ ‬بنحو‭ ‬300000‭ ‬نسمة‭) ‬وكانت‭ ‬معظم‭ ‬المناطق‭ ‬المتحضرة‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬الجنوبية‭ ‬خاضعة‭ ‬لإمبراطورية‭ ‬‮«‬الإنكا‮»‬‭ (‬بين‭ ‬1476‭ - ‬1534‭) ‬تمتد‭ ‬من‭ ‬إكوادور‭ ‬شمالًا‭ ‬حتى‭ ‬شمال‭ ‬غرب‭ ‬الأرجنتين‭ ‬الحالية‭ ‬جنوبًا،‭ ‬وقد‭ ‬عرفت‭ ‬صناعة‭ ‬الفخار‭ ‬والعمارة‭ ‬والنحت‭. ‬وقبلها‭ ‬ظهرت‭ ‬حضارة‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الإنكا‭ ‬وتطورت‭ ‬هذه‭ ‬الحضارة‭ ‬في‭ ‬بوليفيا‭ ‬الحالية‭ ‬قرب‭ ‬بحيرة‭ ‬تيتي‭ ‬كاكا‭ (‬أي‭ ‬بوابة‭ ‬الشمس‭) ‬وذلك‭ ‬نحو‭ ‬سنة‭ ‬700‭ ‬ميلادية‭. ‬

وعلى‭ ‬ذلك‭ ‬كانت‭ ‬الجماعات‭ ‬الهندية‭ ‬الأصلية‭ ‬تتركز‭ ‬في‭ ‬المرتفعات‭ ‬الغربية‭ ‬لأمريكا‭ ‬الجنوبية،‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬الهضاب‭ ‬الداخلية،‭ ‬ومن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬كانت‭ ‬مناطق‭ ‬صعوبة‭ ‬دائمة‭ ‬احتمت‭ ‬بها‭ ‬هذه‭ ‬الجماعات‭ ‬البشرية‭ ‬من‭ ‬هجمات‭ ‬جماعات‭ ‬أخرى‭.‬

 

لغات‭ ‬القبائل‭ ‬الأصلية

تتباين‭ ‬تقديرات‭ ‬السكان‭ ‬الأصليين‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الجديد‭ ‬قبل‭ ‬مجيء‭ ‬الأوربيين‭ ‬تباينًا‭ ‬كبيرًا،‭ ‬فهي‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬35‭ ‬مليون‭ ‬إلى‭ ‬100‭ ‬مليون‭ ‬نسمة،‭ ‬وليس‭ ‬هناك‭ ‬اتفاق‭ ‬على‭ ‬رقم‭ ‬محدد‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬تقديرات‭ ‬تهبط‭ ‬بهذه‭ ‬الأرقام‭ ‬إلى‭ ‬20‭ ‬مليون‭ ‬نسمة‭. ‬كذلك‭ ‬تباينت‭ ‬الآراء‭ ‬في‭ ‬توزيع‭ ‬القبائل‭ ‬بالقارتين‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬عددها‭ - ‬أو‭ ‬في‭ ‬حجم‭ ‬سكان‭ ‬كل‭ ‬منها،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬اتفاقًا‭ ‬بين‭ ‬جمهرة‭ ‬الباحثين‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬أكبر‭ ‬القبائل‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية‭ ‬الحالية،‭ ‬هي‭ ‬قبائل‭ ‬المايا،‭ ‬والشبشا‭ ‬والأزتك‭ ‬فى‭ ‬الإنديز‭.‬

والواقع‭ ‬أن‭ ‬اللغات‭ ‬الأصلية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الجديد‭ ‬لم‭ ‬تدرس‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬الكفاية‭ ‬حيث‭ ‬أدى‭ ‬التدفق‭ ‬الأوربي‭ ‬إلى‭ ‬انقراض‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬اللغات،‭ ‬أو‭ ‬تغيير‭ ‬لغوي‭ ‬واضح‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬الهجرات‭ ‬الوافدة‭ ‬والاندماج‭ ‬وانعزال‭ ‬الهنود‭ ‬الأمريكيين‭ (‬الأمريند‭)‬،‭ ‬وحسب‭ ‬المعلومات‭ ‬الراهنة‭ ‬فإن‭ ‬بعض‭ ‬المئات‭ ‬من‭ ‬اللغات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬قد‭ ‬انبثقت‭ ‬من‭ ‬عدة‭ ‬أصول‭ ‬لغوية‭ ‬آسيوية‭ ‬أبرزها‭: ‬

‭- ‬مجموعة‭ ‬الإسكيمو‭ - ‬الألوت‭.‬

‭- ‬مجموعة‭ ‬أتباسكا‭ ‬فى‭ ‬غرب‭ ‬أمريكا‭ ‬الشمالية‭.‬

‭- ‬مجموعة‭ ‬يوتو‭ ‬أزتك‭ (‬من‭ ‬ولاية‭ ‬أيداهو‭ ‬إلى‭ ‬كوستاريكا‭).‬

‭- ‬مجموعة‭ ‬هوكان‭ - ‬سوان‭ - ‬وهما‭ ‬مجموعتان‭ ‬نظريتان‭ ‬لقلة‭ ‬الدراسات‭ ‬اللغوية‭ ‬عنهما‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬اللغات‭ ‬الهندية‭ ‬آخذة‭ ‬في‭ ‬التدهور،‭ ‬فإن‭ ‬العديد‭ ‬منها‭ ‬دخل‭ ‬اللغات‭ ‬الأوربية‭ ‬الوافدة‭ ‬خاصة‭ ‬الإنجليزية،‭ ‬مثل‭ ‬كلمة‭ (‬moose‭) - ‬وهو‭ ‬ذكر‭ ‬الغزال‭ ‬الأمريكي‭ ‬الضخم،‭ ‬وكلمة‭ (‬Chipmunk‭) ‬وهو‭ ‬السنجاب‭ ‬الأمريكى‭ ‬الصغير،‭ ‬وكلمة‭ (‬Raccoon‭) ‬وهو‭ ‬حيوان‭ ‬له‭ ‬فرو‭ ‬رمادي،‭ ‬وكلمة‭ (‬Squash‭) - ‬أي‭ ‬القرع‭ ‬العسلي‭ ‬من‭ ‬الخضر،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬كلمات‭ ‬كثيرة‭ ‬مستعارة‭ ‬من‭ ‬اللغات‭ ‬الهندية‭ ‬سواء‭ ‬لأسماء‭ ‬وأماكن‭ ‬أو‭ ‬أنهار‭ ‬أو‭ ‬غيرها،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬حوالي‭ ‬نصف‭ ‬عدد‭ ‬الولايات‭ ‬الأمريكية‭ ‬استمد‭ ‬اسمه‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬اللغات‭ ‬الهندية‭. ‬والأمثلة‭ ‬كثيرة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬منها‭: ‬نهر‭ ‬المسيسيبى،‭ ‬وتعني‭ ‬النهر‭ ‬العظيم‭ ‬في‭ ‬اللغة‭ ‬الهندية،‭ ‬ومينيسوتا‭ - ‬وتعني‭ ‬مياه‭ ‬السماء‭ ‬الزرقاء،‭ ‬وأوكلاهوما‭ ‬وتعني‭ ‬البشر‭ ‬ذوي‭ ‬البشرة‭ ‬الحمراء،‭ ‬وملووكي‭ - ‬وتعني‭ ‬إحاطة‭ ‬المكان‭ ‬بالنهر،‭ ‬ووينيبيج‭ - ‬وتعني‭ ‬المياه‭ ‬الطيبة،‭ ‬ونياجرا‭ ‬نسبة‭ ‬إلى‭ ‬إحدى‭ ‬المدن‭ ‬الهندية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وميامي‭ - ‬مشتق‭ ‬من‭ ‬اسم‭ ‬قبيلة‭ ‬هندية،‭ ‬والمكسيك‭ ‬اسم‭ ‬مشتق‭ ‬من‭ ‬حضارة‭ ‬الأزتك،‭ ‬ويعني‭ ‬المكان‭ ‬الذي‭ ‬يعيش‭ ‬فيه‭ ‬إله‭ ‬الحرب،‭ ‬وهكذا‭.‬

والواقع‭ ‬أن‭ ‬الكشوف‭ ‬الجغرافية،‭ ‬وقد‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬أكبر‭ ‬تغير‭ ‬في‭ ‬انتشار‭ ‬اللغات‭ ‬بالعالم‭ ‬الجديد،‭ ‬فقد‭ ‬انتشرت‭ ‬اللغات‭ ‬الجرمانية‭ (‬الإنجليزية‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬التحديد‭) ‬انتشارًا‭ ‬واسعًا‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬الشمالية،‭ ‬وانتشرت‭ ‬اللغات‭ ‬اللاتينية‭ (‬الإسبانية‭ ‬والبرتغالية‭) ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية،‭ ‬وعامة‭ ‬فإن‭ ‬انتشار‭ ‬بعض‭ ‬اللغات‭ ‬الرسمية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الجديد‭ ‬هو‭ ‬انتشار‭ ‬حضاري‭ ‬بالمقام‭ ‬الأول،‭ ‬وقد‭ ‬حدث‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬كثيرًا‭ ‬مثل‭ ‬انتشار‭ ‬اللغة‭ ‬العربية،‭ ‬وحروف‭ ‬الكتابة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المجموعات‭ ‬اللغوية‭ ‬المختلفة‭ (‬الإيراني‭ - ‬الأفغاني‭ - ‬التركي‭ ‬في‭ ‬آسيا‭ - ‬وكل‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭)‬،‭ ‬والملاحظ‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬الانتشار‭ ‬الحضاري‭ ‬اللغوي‭ ‬أن‭ ‬المجموعات‭ ‬البشرية‭ - ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬تحت‭ ‬تأثير‭ ‬مباشر‭ ‬للحضارة‭ ‬القادمة‭ ‬عبر‭ ‬هجرة‭ ‬بشرية‭ ‬لمدة‭ ‬طويلة‭ - ‬تتبنى‭ ‬اللغة‭ ‬الجديدة‭ ‬كلامًا‭ ‬أو‭ ‬كتابةً،‭ ‬وتترك‭ ‬لغتها‭ ‬الأصلية‭ ‬شيئًا‭ ‬فشيئًا،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬الأمريكتين‭.‬

وفي‭ ‬العالم‭ ‬الجديد‭ ‬تسود‭ ‬ظاهرة‭ ‬يمكن‭ ‬تعريفها‭ ‬بظاهرة‭ (‬الجزر‭ ‬اللغوية‭) ‬وهي‭ ‬تعبّر‭ ‬عن‭ ‬وجود‭ ‬مجموعات‭ ‬بشرية‭ ‬تتركز‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬محدد‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬يتحدثون‭ ‬لغة‭ ‬مغايرة‭ ‬للأغلبية،‭ ‬ويطلق‭ ‬عليها‭ ‬أحيانًا‭ ‬‮«‬لغات‭ ‬الأقلية‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬لغات‭ ‬الأقليات‭ ‬المهاجرة‭ ‬الوافدة،‭ ‬ويتمثل‭ ‬ذلك‭ ‬بوضوح‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬الأمريكية‭ ‬الكبرى‭ ‬مثل‭ ‬الحي‭ ‬الصيني،‭ ‬وكذلك‭ ‬يبدو‭ ‬في‭ ‬تركز‭ ‬الأمريكيين‭ ‬الأفارقة‭ ‬في‭ ‬حي‭ ‬هارلم‭ ‬بنيويورك‭ ‬حيث‭ ‬يتكلمون‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بالإنجليزية‭ ‬السوداء‭.‬

أما‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الداخلية‭ ‬من‭ ‬أمريكا‭ ‬الجنوبية‭ - ‬وهي‭ ‬مناطق‭ ‬صعبة‭ ‬دائمًا‭ - ‬وتكاد‭ ‬الجماعات‭ ‬البشرية‭ ‬تكون‭ ‬منعزلة‭ ‬فيها،‭ ‬فيقلّ‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬باقي‭ ‬الجماعات‭ ‬والمجموعات‭ ‬البشرية‭ ‬الأخرى،‭ ‬وهي‭ ‬جماعات‭ ‬بدائية‭ - ‬ويتمثل‭ ‬ذلك‭ ‬بوضوح‭ ‬في‭ ‬أمازونيا‭ - ‬أو‭ ‬حوض‭ ‬الأمازون‭ ‬■