فرح أنطون «أبو النهضة الفكرية الحديثة في المشرق العربي»

فرح أنطون  «أبو النهضة الفكرية الحديثة في المشرق العربي»

  منذ خمسةٍ وسبعين عامًا وصف الأديب اللبناني مارون عبّود مواطنه المفكّر النهضوي فرح أنطون، في مقال كتبه بمجلّة «الكتاب» القاهرية الصادرة في أكتوبر 1947، بـ«أبي النهضة الفكرية الحديثة في المشرق العربي». ومع حلول الذكرى المئوية الأولى لوفاة أنطون، أسمح لنفسي باقتباس هذا الوصف، وأتساءل مع كثيرين غيري: ما الذي جعل عبّود يمنح مواطنه هذه الأبوّة؟ وما مقوّمات الأبوّة الفكرية والثقافية؟ وهل الأخير مستحقٌّ لها؟ هذه الأسئلة وغيرها تتوخّى هذه العجالة في الإجابة عنها، بالعودة إلى سيرة الرجل وأعماله، ليبنى على الشيء مقتضاه. 

 

وُلد فرح أنطون عام 1874 في مدينة طرابلس اللبنانية، لأبٍ هو تاجر أخشاب، ولتجارته فروع في لبنان وسورية وتركيا،  وتوفّي في الثالث من يوليو عام 1922، عن ثمانية وأربعين عامًا، ودُفِن في القاهرة. وبين الولادة والموت كانت ثمّة حياة حافلة بالعمل والكفاح، والكتابة والتأليف، والوضع والترجمة، لم يسر فيها على خطى والده في تجارة الأخشاب، وانصرف عنها إلى ما هو أبقى، من «تجارة الكلمة». وتمخّضت تجارته عن خسائر وأرباح. أمّا الخسائر فتتمثّل في أنّه لقي مصير رصفائه ممّن أدركتهم حرفة الأدب في حياتهم، وأدركهم الفقر في مماتهم. أمّا الأرباح فتتمثّل في دخوله النهضة من الباب العريض، وفي تطويبه رائدًا نهضويًّا في المشرق العربي، في بداية القرن العشرين، يدعو إلى الإصلاح والترقّي بالقول والفعل، ويناضل دونهما بالكلمة والموقف. ولعلّ هذه الريادة هي التي حدت بمارون عبّود إلى منحه شرف الأبوّة الفكرية والثقافية.
 
 دراسته وثقافته
في السادسة من العمر التحق فرح أنطون بالمدرسة الابتدائية الأرثوذكسية بميناء طرابلس، وفي الثانية عشرة انتقل إلى مدرسة دير كفتين في قضاء الكورة من أعمال شمال لبنان ودرس فيها لأربع سنوات العلوم والآداب والفقه الإسلامي واللغات العربية والتركية والفرنسية والإنجليزية، حتّى إذا ما انقطع عن الدراسة  مع بلوغه السادسة عشرة من العمر راح يلتهم الكتب باللغة الفرنسية والكتب المنقولة إليها عن الألمانية والإنجليزية والروسية، ما جعله يقف على ثقافة غربية مكمّلة لثقافته العربية، وكان لذلك أعظم الأثر في خياراته الفكرية والسياسية. وهو ما يعبّر عنه الدكتور ميشال جحا في كتابه عنه بالقول: «وكان منفتحًا على العلم الأوربي والأفكار الثورية والتحرّرية التي تدعو إلى رقي المجتمع والأخذ بركاب العلم وتعليم المرأة والتحرّر من التقاليد البالية والتوفيق بين العلم والدين» (فرح أنطون، رياض الريس للنشر، ص 19) .

 المرحلة الأخصب
بعد تخرّجه في مدرسة دير كفتين الشهيرة، يومها حقّق أنطون رغبة أبيه في الانضمام إليه بتجارته، فعمل معه فترة قصيرة، وما لبث أن اعتذر منه، حين «وجد معاملة التجّار لا تتّفق مع أخلاقه ومبادئه» (المقتطف، مجلد 61، ص 261)، وانصرف إلى ممارسة التعليم وإدارة مدرسة أهلية في طرابلس لسنوات عدّة، وأبلى فيها البلاء الحسن. وخلال هذه الفترة راح يراسل الصحف المصرية كـ«البلاغ المصري» و«الأهرام»، وما لبث أن تخلّى عن إدارة المدرسة، وتفرّغ للكتابة، حتى إذا ما ضاق هامش الحرية وفرضت السلطة العثمانية المزيد من القيود على الحقّ في التعبير والحركة، يمّم شطر مصر، وبلغ الإسكندرية عام 1897 ليدشّن مرحلة جديدة في حياته، لعلّها الأخصب، يؤسّس خلالها مجلّة «الجامعة»، ويكتب في العديد من الصحف والمجلّات، ويبني العلاقات مع أصحابها ورؤساء تحريرها، ويضع الكتب ويترجمها، وقد تمخّضت هذه المرحلة الخصبة عن آثاره الصحافية والروائية والفكرية التي تتوزّع على سبعة مجلّدات من مجلّة «الجامعة»، ستّة كتب موضوعة، تسعة كتب مترجمة، أربع عشرة مسرحية، وعشرات المقالات والنصوص المنشورة في الصحف والمجلّات. ولعلّه من المفيد الإشارة، في هذا السياق، إلى عثور الكاتب اللبناني أحمد أصفهاني، في الآونة الأخيرة، على ثلاثين نصًّا مختلفًا، نشرها أنطون بأسماء مستعارة، بين عامي 1903 و1906، في مجلّة «السيدات والبنات» التي كانت ترأس تحريرها شقيقته روز، فقام بجمعها وتبويبها وإصدارها في كتاب خاصّ تحت عنوان «فرح أنطون/ قصص ونصوص غير منشورة».
 
  تعدّد وظيفي أجناسي 
في مقدّمة كتابه «فرح أنطون»، يقول الدكتور ميشال جحا إنّ أنطون إلى كونه صحافيًّا بارزًا، «هو كاتب اجتماعي، وصاحب فكر فلسفي، وكاتب روائي، ومسرحي، وشاعر، وأحد كبار رجالات النهضة الأدبية والفكرية»، ومترجم، ونصير للحركات الوطنية (فرح أنطون، رياض الريس للنشر، ص 13). ولعلّ هذا التعدّد الوظيفي يفسّر التعدّد الأجناسي لآثاره؛ فأنطون كتب المقالة والقصّة والرواية والرسالة والمسرحية والحوار والسيرة والخبر والقصيدة وغيرها. غير أنّ أداءه في هذه الأجناس لم يكن على المستوى نفسه، فما صدر عنه من شعر لا يرقى إلى مواصفات هذا الجنس الأدبي ويفتقر إلى الشعرية الكافية، وما صدر عنه من روايات غالبًا ما تنقصه الروائية المطلوبة، على سبيل الذكر لا الحصر.
وإذا كان المقام لا يتّسع للإحاطة بهذا التعدّد الوظيفي/الأجناسي، فحسبنا أن نتوقّف، في هذه العجالة، عند أبرز ثلاث وظائف شغلها الرجل في حياته القصيرة، وهي الصحفي والروائي والمفكّر.

الصحفي
تراوحت اهتمامات أنطون الصحفية بين المهام الكتابية والتأسيسية والتحريرية والإدارية التي راح يزاولها في الوقت نفسه، وهو بدأها بمراسلة بعض الصحف المصرية من مدينته طرابلس كـ«البلاغ المصري» و«الأهرام»، حتى إذا ما انتقل إلى مصر، راح يتّصل بأصحاب الصحف ورؤساء تحريرها، وكتب في «اللواء»، «مصر الفتاة»، «الجريدة»، «الوطن»، «السيّدات والبنات»، «المحروسة» و«الأهالي». وفي مرحلة لاحقة، ترأّس تحرير هاتين الأخيرتين لفترة محدّدة لكلٍّ منهما. لكن إنجازه الأهم، في هذا المضمار، هو تأسيسه مجلّة «الجامعة» في العام 1899 التي رأت فيها مجلّة «الهلال» خير آثاره.
صدر العدد الأوّل من «الجامعة» في الإسكندرية في مارس 1899، وصدر العدد الأخير في القاهرة في يناير 1910.  وبذلك، تكون قد استمرّت في الصدور إحدى عشرة سنة، تخلّلتها مرحلة نيويوركية لثلاث سنوات بين 1906 و1909. وتعرّضت، خلال المرحلتين المصرية والنيويوركية لفترات من عدم الانتظام، لأسباب لا يصرّح بها صاحبها. وتمخّضت، في نهاية المطاف، عن «سبعة مجلّدات ضخمة كلّها جديد طريف»، على حدّ تعبير ميشال جحا. 
حين عزم فرح أنطون على إصدار «الجامعة العثمانية»، حدّد أغراضها بـ «خدمة الوطن العثماني والمصري والجامعة العثمانية بنوع مخصوص...»، غير أنّ هذه الأغراض ستتغيّر في مرحلة لاحقة بعد إزالة صفة العثمانية عنها. وجعلها في سبعة أبواب ثابتة، هي: المقالات، التربية والتعليم، المرأة والعائلة، الشعر والإنشاء، الأخبار الداخلية، الأخبار الخارجية، والروايات. وبذلك تكون قد «دشّنت عهدًا في الصحافة المصرية لم تكن، بعد، قد ألفته (...) يتمثّل في الأبواب الثابتة التي أحدثتها، وفي الموضوعات العلمية والتاريخية والأدبية والاجتماعية التي تطرّقت إليها. وبفضل ذلك كلّه أصبحت «الجامعة»، ورغم عمرها القصير، توازي في أهمّيتها مجلّتين بارزتين في ذلك الوقت هما «الهلال» و«المقتطف»...»، كما يرى الباحث اللبناني سمير أبو حمدان (فرح أنطون، الشركة العالمية للكتاب ودار الكتاب العالمي، ص 31). 
وما كان للجامعة أن تبلغ هذه المكانة لولا تضحيات صاحبها الكبيرة. وهو ما يشير إليه، في مقالته المنشورة بالعدد الأول من السنة الخامسة الصادر في يوليو 1906، بالقول: «لقد ضحّينا في سبيل «الجامعة»، حتى الآن، بكلّ شيء، فقد صرفنا عشر سنوات في الإعداد لها، وستّ سنوات في الاشتغال بها، فأنفقنا عليها المال والوقت والتعب ما لو أنفقنا نصفه في أيّ عمل كان لعاد علينا بألوف الأموال» (ص 26، 27). وواضح من هذا القول إحساس صاحبه بخيبة الأمل ممّا آلت إليه أوضاعه المالية والصحّية، وهو ما يعبّر عنه في مقالة منشورة في العدد الثامن من السنة السادسة 1908 بالقول: «... فإنّ حرفتي البلاغ ووظيفتي النشر. ومن سوء طالعي أنّني اتخذت هذه الحرفة سبيلًا لي في الحياة في بلادنا ولغتنا» (ص 208)، وهذه حال جميع من أدركتهم حرفة الأدب عبر العصور في بلادنا العربية المترامية الأطراف. 
 
الروائي
لم تكن الرواية لفرح أنطون غاية بحدّ ذاتها بل وسيلة لغاية أخرى هي التعبير عن أفكاره في الإصلاح والترقّي. وهو ما ينطبق على جميع الأجناس التي كتب فيها واتّخذها وسائل لتحقيق هذه الغاية،  وهذا ما يعبّر عنه في مقدّمة روايته الأولى «الدين والعلم والمال» بالقول: «وسيكون اهتمامنا فيها بالمبادئ والأفكار مقدّمًا على الاهتمام بالحوادث والأخبار». وهو، إذ يختار الأسلوب الروائي للتعبير عن أفكاره الإصلاحية، إنّما يفعل ذلك «لأنّه أجمع وأوعى، فضلًا عن كونه أشدّ تأثيرًا وأحسن وقعًا»، على حدّ تعبيره في مقدّمة الرواية.  وانسجامًا مع مذهبه في الرواية، راح أنطون يُفخّخ رواياته بالأفكار، و«لم يتوقّف طويلًا عند تلك القوالب والأساليب التي ترفع من مكانة الفنّ الروائي، وإنّما لجأ إلى عبارته حشوة عقائدية، بالشكل الذي لم يكن موفّقًا»، كما يلاحظ سمير أبو حمدان في كتابه عنه (ص 43). ويذهب إلى أبعد من ذلك حين يرى «أنّ البناء الروائي الذي عمّره سرعان ما تصدّع وهوى بفعل العبوات الفكرية والأيديولوجية التي حُشِرَت قسرًا بداخله» (ص 44). ولعلّ ما يشفع لأنطون هذا الخلل، إضافةً إلى اهتمامه بتقديم المبادئ والأفكار على الحوادث والأخبار، هو أنّ تعاطيه الفنّ الروائي جاء في مرحلة مبكّرة من تاريخ الرواية العربية، لم يكن عودها فيها قد اشتد.  لذلك لم يستطع الالتزام بالتعريف الذي أورده في مقدّمة روايته الأولى، من أنّ فنّ الرواية هو «فنٌّ بسيكولوجي جماله وتأثيره متوقّفان على حسن سبكه ولطف أسلوبه ودرس باطن الإنسان وأخلاقة وبيئته درسًا دقيقًا» (ص 8)، من الناحية الفنّية على الأقل، وتقدّمت الحكائية على الروائية في الروايات القليلة التي كتب. 
وفي هذا السياق نشير إلى أنّه وضع روايته الأولى «الدين والعلم والمال»، عام 1903، بعد اطلاعه على أفكار جان جاك روسو وليو تولستوي وأوغست كانت، وهي رواية أفكار متخيّلة غير واقعية، أراد من خلالها الترويج لأفكاره في الإصلاح، من منظور توفيقي، يدعو فيه، على لسان شيخ العلماء، إلى التوفيق بين الدين والعلم. ووضع روايته الثانية «الوحش الوحش الوحش» للتحذير من مغبّة الجشع وعواقبه الوخيمة على المجتمع، ومن العمل بمبدأ الغاية تبرّر الوسيلة، ما يجعل شريعة الغاب هي السائدة، ويطلق الغرائز من عقالها دون وازع أخلاقي.  وحين يحاول البعض وضع الأمور في نصابها تأتي المحاولة بعد فوات الأوان.  ويستمر أنطون في التعبير عن أفكاره الإصلاحية من خلال الرواية، فيؤمن في روايته الثالثة «أورشليم الجديدة» بوحدة الحقيقة الدينية على تعدّد تمظهراتها، ويؤمن بقدرة العلم على الإجابة عن الأسئلة التي يقف الدين عاجزًا دونها.  وإذا كانت الأيديولوجيا تطل برأسها في الروايات الثلاث، فإنها في هذه الأخيرة تشكّل جزءًا من النسيج الروائي ولا تبدو مقحمة عليه كما الحال في الروايتين السابقتين.
 
 المفكّر
على الرغم من غلبة لقب المفكّر على ما عداه في فرح أنطون، فالمفارقة أنه لم يترك لنا أطروحة فكرية متكاملة وجاهزة يمكن العودة إليها، لكنه اتخذ من أجناس مختلفة وسائل للتعبير عن أفكاره. وعلينا أن نتقصّى عناصر هذه الأطروحة في مظانّها، من القصة والرواية والمقالة والسجال والبحث والنص المعرّب وغيرها. ولعلّه من المفيد الإشارة إلى أن المفكّر فيه تبلور في مصر، في مناخ من النضج الثقافي والحرية الفكرية، لم يكن متاحًا له في لبنان، الأقرب جغرافيًّا إلى مركز السلطة العثمانية وتداعياتها، وهو مناخ كان قد أرساه متنوّرون آخرون، سبقوه إلى صناعة التنوير، كالإمام محمد عبده، على المستوى الديني، وشبلي الشميل، على المستوى العلماني، وسواهما. وكان سؤال النهضة هو الهاجس المشترك بين الجميع، فتساءلوا: كيف نستطيع أن نتلقّف مظاهر التقدّم العلمي والتقني والثقافي من الغرب، الذي يفرض نفسه علينا في كلّ الأحوال، دون أن نخلّ بانتمائنا إلى موروثنا، ومن ثمّ ما السبل العملية التي من شأنها أن تقودنا في هذا الاتجاه؟ 
والإجابة عن هذا السؤال تتعدّد وتختلف بتعدّد التيارات الفكرية التي تصدّت له واختلافها. وقد قامت إجابة التيار الذي ينتمي إليه أنطون على ثلاثة عناصر، هي: تغليب الانتماء القومي العربي على ما عداه، الأخذ بأسباب التقدّم العلمي الغربي، والتوفيق بين العقل والنقل. ولعل التزامه هذه الإجابة الثلاثية العناصر هو ما جعله قوي التأثير في حقبته التاريخية. وهو ما يشير إليه المفكّر السوري الطيّب تيزيني، في مقدمة كتاب «ابن رشد وفلسفته» لفرح أنطون، الصادر عن دار الفارابي في لبنان، بالقول: «إن هذا المفكّر المنوّر طبع بميسمه الفكري النشيط حقبة مهمة من التاريخ العربي النهضوي في أحد معاقله الرئيسة، مصر» (ص 16). ويتمظهر هذا التأثير القوي، حسب تيزيني، في السجالات التي خاضها مع الإمام محمد عبده ورشيد رضا، وترجمة كتاب «حياة يسوع» لآرنست رينان، ومناقشة أفكار نيتشه وتولستوي، ورواية «أورشليم الجديدة»، وكتاب «ابن رشد وفلسفته» وغيرها. 
في أطروحته الفكرية المنتشرة في هذه المؤثّرات وغيرها، يصدّر فرح أنطون عن عقل توفيقي؛ فنراه يوفّق بين الشرق والغرب، التراث والمعاصرة، الإسلام والمسيحية، الدين والعلم، العقل والنقل، وسواها من الثنائيات التي كانت مطروحة في زمانه.  والتوفيق بين طرفَيْ كلٍّ من هذه الثنائيات لا يعني وقوفه على مسافة واحدة من الطرفين، بل قد يقترب من طرفٍ ويبتعد عن آخر، تبعًا لمقتضى مذهبه الفكري، دون أن يُسقط أيًّا منهما من الاعتبار، في إطار عملية التوفيق بينهما. ولعلّ هذه التوفيقية في فكره تفسّر الاهتمام الخاصّ الذي يُوليه ابن رشد. 
٭٭٭
وَعَوْدٌ على بَدْء، لعل في هذه الوقائع إجابة كافية عن الأسئلة المطروحة أعلاه، فهي تفسّر الأسباب التي حدت بمارون عبّود إلى منح فرح أنطون شرف أبوّة النهضة الفكرية الحديثة في المشرق العربي.  غير أنّ ما ينبغي الإشارة إليه، في ختام هذه العجالة، هو أنّ أنطون ليس الأب الوحيد لهذه النهضة، فثمّة آباء قبله ومعه وبعده، وهي متعدّدة الآباء، على اختلافٍ في درجة الأبوّة بين أبٍ وآخر. وعلى الرّغم من هذا التعدّد، فإنّ ما يدعو إلى القلق، في هذه اللحظة التاريخية، هو أنّ عدد أبناء هذه النهضة، بعد قرنٍ ونيّفٍ على انطلاقتها، لم يكن بحجم توقعات فرح أنطون وسائر الآباء ■