متحف الاتحاد حكاية أرض وقيادة وشعب

متحف الاتحاد  حكاية أرض وقيادة وشعب

تحتضن إمارة دبي العديد من المعالم التاريخية والأثرية والسياحية من بينها متحف الاتحاد الذي يأخذ الزائر في رحلة لاكتشاف تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة، ويركز بشكل خاص على الفترة الزمنية الأهم في الدولة من 1968م حتى 1971م وما شهدته من أحداث، كما أنه يجسّد عظمة قادتها المؤسسين بتقنيات حديثة، ويتمثل الماضي والحاضر والمستقبل ويروي حكاية أرض وقيادة وشعب خاضوا الصعاب فكتبوا قصة نجاح تروى للأجيال. 

 

يقع متحف الاتحاد المكوّن من طابقين على مساحة 25 ألف متر مربع والذي تم بناؤه بالكامل تحت الأرض حول أساسات مبنى دار الاتحاد التاريخي في شارع الجميرا، المكان التاريخي الذي شهد على توقيع معاهدة الاتحاد في الثاني من ديسمبر عام 1971م. ولعل أبرز ما يميز المتحف هو التصميم المعماري الفريد للمبنى المستوحى من شكل وثيقة الاتفاقية إلى جانب سبعة أعمدة ترمز إلى الأقلام التي وقعت فيها الاتفاقية،  وهو من تصميم الكنديين مورياما وتشيما. وقد افتتح في يناير عام 2017، ويمتاز بتصميم عصري أنيق أشبه بفنادق الخمس نجوم، حيث تتلوى الجدران والأرضية ككثبان الإمارات الرملية، وتم استخدام ألوان مستوحاة من البيئة الطبيعية لدولة الإمارات كالبني والبيج والأبيض والأخضر، وعلى اليمين من المدخل يتواجد مجسم لمقدمة دستور دولة الإمارات العربية المتحدة تقابله المدرجات التي يمكن للجمهور الجلوس عليها والتي تستخدم خلال الجولات الإرشادية في المتحف وبجانبها السلالم الموصلة إلى الطابق العلوي الذي يحتوي على مقهى ومطعم يقدم الوجبات المتنوعة، والذي يتميز بإطلالته على مدخل المتحف والساحة الخارجية . 
كما يحتوي المتحف على مسرح يضم 120 كرسيًا مخصصًا للمناسبات والمؤتمرات والبرامج المختلفة، بالإضافة إلى قاعات تعليمية مخصصة للتعليم والتدريب وقاعة كبيرة لإقامة المعارض المؤقتة، ومكتبة تحتوي على أكثر من 3 آلاف كتاب ما بين كتب وطنية واجتماعية وتاريخية بالإضافة إلى مجلات وأسطوانات سمعية تتيح للزوار التعرف على تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة وأبرز الأحداث التي مرت بها حتى قيام الاتحاد في ديسمبر 1971م، كما يحتوي المتحف على حديقة مصغرة محاطة بحاجز زجاجي، وعلى جدارها الخلفي ينسكب شلال من الماء، وتحتوي على شجرة زرعها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وذلك في الثاني من ديسمبر لعام 2012م في مقر دار الاتحاد، حيث تم نقلها من مكانها الأصلي.

مجلة العربي حاضرة في المتحف 
تستقبلك لوحة على شكل خريطة الإمارات من عمل الفنان الإماراتي عبدالقادر الريس عند المدخل المؤدي إلى المعارض، وتتوزع على جدران المتحف أقوال مأثورة للآباء المؤسسين.
القسم الأول من المعرض عبارة عن صور كبيرة للحكام المؤسسين وبعض مقتنياتهم الشخصية، بالإضافة إلى شاشة تفاعلية تعطي معلومات عن سيرة كل مؤسس وشجرة عائلته وصور ومقاطع فيديو خاصة به، أما في قاعة أماني الاتحاد، فيتم عرض فيلم عن قصة قيام الاتحاد في دولة الإمارات العربية المتحدة، بالإضافة إلى عرض مقاطع تبرز تطور الدولة والأحداث الرئيسية والشخصيات المؤثرة في رحلة بنائها. 
ويستعرض قسم الطريق إلى الاتحاد خطوات الوصول إلى مرحلة الاتحاد من خلال صور ومعروضات اتخذت طريقة عرضها شكل الفلج المائي حيث يتناول المعرض الخط الزمني لقصة الاتحاد والأحداث المحلية والدولية المتزامنة مع قيام الاتحاد. وتنقسم الأفلاج المعروضة إلى ثلاثة أفلاج بشاشات عرض تفاعلية بسماعات صوتية يستعرض كل منها فترة زمنية معينة، فالفلج الأول يعطي معلومات عن الإمارات المتصالحة حتى عام 1970م، والفلج الثاني خلال الفترة   من  1971م  حتى انضمام إمارة رأس الخيمة للاتحاد، أما الفلج الثالث فيستعرض الفترة من وقت انضمام رأس الخيمة حتى العام 1981م. كما يستعرض المتحف مجموعة صور مكبّرة من أرشيف مجلة العربي في قسم خاص من تصوير مصور المجلة «أوسكار متري» من بينها صور لأصحاب السمو المؤسسين ومقر الاتحاد وبعض الاجتماعات التي أوصلت إلى الاتحاد وللساحات والأماكن العامة التي تزيّنت بعرس الاتحاد وصور وأماكن شهدت أحداثًا مفصلية في اتحاد دولة الإمارات. ويحتوي المتحف على النسخة الأصلية من دستور دولة الإمارات موقعة من الحكام المؤسسين ووثيقة الصداقة التاريخية بين دولة الإمارات والمملكة المتحدة وقع عليها الشيخ زايد بنفس اليوم الذي أعلن فيه عن قيام اتحاد دولة الإمارات محاطة بجدارية مذهبة خطت عليها كلمات مختارة من دستور الإمارات، كما تتوافر نسخ رقمية من الدستور باللغة العربية والإنجليزية للاطلاع على مواده بالتفصيل. وفي قسم توحيد الإمارات يسلط المعرض الضوء على النهج الذي سارت به القيادة الحكيمة لدولة الإمارات العربية المتحدة واللقاءات الرسمية وغير الرسمية تمهيدًا لتأسيس الدولة المتحدة من خلال صور تتيح للزائر مشاهدتها والتحديات التي واجهت القادة قبل تأسيس الدولة عام 1971م وصولًا إلى أول احتفال وطني في ديسمبر 1972م. وتتميز طريقة العرض باستخدام المؤثرات الصوتية التي وضعت بعضها خصيصًا للزوّار المكفوفين وصوت معالي أحمد السويدي وهو يعلن قيام دولة الإمارات العربية المتحدة. فضلًا عن ذلك، استخدمت في المتحف تقنية الهولوغرام لنقل الزوار في تجربة رحلة عبر الزمن ومعايشة اللقاء التاريخي الذي جمع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم في سيح السديرة. ويروي قصة هذا الحدث التاريخي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في قسم غرس الاتحاد. أما قسم التغير والاتحاد المكوّن من ثلاث ألعاب تكنولوجية مكونة من شاشة تفاعلية يتم خلالها استخدام مكعبات سبعة تحتوي على عناوين كالهوية والدين والأمن والدفاع والاستقلال والسيادة الإقليمية والثقافة، وعند توجيه المكعب على الشاشة يتم عرض محتوى المكعب والصور المتعلقة بالعنوان.
أما آخر معرض يصل إليه الزوار والمصمم فهو قاعة عرض مفتوحة تتيح للزائر التعرف على التطورات التي أسهمت في ولادة دولة الإمارات العربية المتحدة، يتم عرضها عن طريق الشاشات التفاعلية الموزعة لاستعراض أهم الإنجازات والأحداث المؤثرة في نمو الدولة وعرض العلاقات بين الإمارات ودول العالم وحضورها في المنظمات الدولية، كما يستعرض دور الاتحاد في تنمية أفراد المجتمع وعرض مراحل تطور جوازات السفر الخاصة بكل إمارة حتى وصلت إلى شكلها الموحد الحالي. كما يحتوي القسم على جزء خاص بالسلام الوطني ويستعرض أيضًا شعار دولة الإمارات ومراحل تصميم علم الدولة والعملات التي تم تداولها في المنطقة وبعض القطع الأثرية والوثائق والصحف من بينها نسخة من العدد 160 من مجلة العربي الصادر في مارس 1972م، والذي وثق اللحظة التاريخية لمولد دولة الإمارات العربية المتحدة في استطلاع مصور مع مجموعة من الصحف العربية التي نشرت خبر قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة. من جانب آخر، تم تسليط الضوء على القوات المسلحة الإماراتية من خلال معروضات خاصة متمثلة في ميداليات وبدلات عسكرية وأهم الإنجازات ومشاركاتها ضمن قوات حفظ السلام.  وفي آخر المتحف تصادف الزائر شاشة عرض طولية تعرض لقطات من ماضي الإمارات وحاضرها.

المرافق الخارجية للمتحف
بُنيت سارية العلم الكبير بارتفاع 123 مترًا لتحل مكان سارية بنيت قبلها عام 2001، كما تمت إضافة مسطح مائي يحاكي شكل الخط الساحلي في مرحلة توقيع وثيقة قيام الاتحاد قبل ردم المنطقة وتوسع العمران فيها. ويتم استغلال المساحة المحاذية للعلم كمسرح مفتوح تقام فيه الفعاليات. كما أعيد «علم الاتحاد» هذا العلم الموثق بالصورة الشهيرة للآباء المؤسسين وهم يلتفون حوله بعد توقيعهم وثيقة اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة إلى مكانه الأصلي أمام سارية العلم الكبير بما يبرز صورته وحجمه وطوله الحقيقي في ذلك الوقت. 
ويعتبر قصر الضيافة الواقع ضمن نطاق المتحف، من المباني التاريخية المهمة في إمارة دبي، والذي تم ترميمه وإعادة تجديد مفروشاته بما يطابق الأثاث الأصلي السابق، كما أعيدت المناظر المحيطة بالموقع إلى ما كانت عليه عام 1971م. ويحتوي قصر الضيافة على مجلس الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم ومكتبة الخاص وغرفة طعام تتسع لـ300 شخص. 
وتمثل دار الاتحاد، التي تقع بالقرب من المتحف، قيمة تاريخية ومعنوية لشعب الإمارات تشعر الزائر للمتحف بحميمية هذه الدار الدائرية التي تم ترميمها مع المحافظة على شكلها الأصلي حين جمعت الآباء المؤسسين تلك اللحظة التاريخية التي احتضنتهم فيها لاتخاذ قرار الوحدة الذي جعل دولة الإمارات العربية المتحدة ما تشهده اليوم من مرتبة عالمية حضارية متقدمة ■

صور القادة المؤسسين لدولة الإمارات العربية المتحدة ومقتنياتهم الشخصية

مجموعة من الزوار يستمعون لأحد المرشدين في المتحف

قسم خاص يستعرض مجموعة صور من أرشيف مجلة العربي المتعلقة بدولة الإمارات العربية المتحدة من تصوير «أوسكار متري» 

نسخة من العدد 160 من مجلة العربي الصادر في مارس 1972م، والذي وثق اللحظة التاريخية لمولد دولة الإمارات العربية المتحدة