لك حرية الاختيار

لك حرية الاختيار

«نحن بحاجة إلى نفض الرواسب التي تراكمت بين حين وآخر»، كما تقول ليلى العثمان في روايتها «انفض عني الغبار». 
نعيش كأفراد في دوامات من التفكير الاستهلاكي التي تشتت التركيز والانتباه وتأخذنا بعيدًا  عن  الاسترسال في  تحقيق هدف ما أو البدء بمشروع معين. دوامة من المشتتات التي تجرك بأثرها إلى منحدر من النقاط المظلمة، وحول تلك الأمكنة التي لا ترغب فيها، إلى النقاط المتعثرة المعبأة بثاني أكسيد الكربون الخانق.
عقل الإنسان الذي يمر به آلاف من الأفكار المتتالية  في اليوم الواحد، وكل فكرة بطبيعتها  لها سياق وشكل معين تؤطرها بحدود معينة، فكرة مزعجة، وأخرى مؤلمة، ذكرى تصحبك ليوم مبهج وسعيد وأخرى لموقف يأخذك معه للحظة قد كرهت بها نفسك أو كنت فيها  بأسوأ حالاتك، وسيْلٌ من الإسهاب الموازي للصورة  أو للقصة ذاتها.
ولا يمكن إلا أن ترتبط بكومة من المشاعر التي تعكس ملامح أفكارك إما بفرح أو شجن، كتفٍ بكتف، صورة يصحبها شعور مرتبط بها، شعور بالأمل، بالخيبة، بالدهشة والاستغراب، شعور بالخوف أو بالفرح والسعادة، أو الشعور بالثقة، أو الإحساس بالغضب كردود الفعل الطبيعية تجاه الفكرة وتجاه كل المؤثرات، التي يمكنها القضاء عليك إن لم تتحصن وتدرع عقلك من أثرها حفاظًا من أن تنزلق إلى هذا المنحدر المزعج، الفكرة لا تصحب معها إلا الأفكار المماثلة لها، ولك حرية الاختيار. 
تمرين العقل كما العضلة التي نحاول تقويتها مع الممارسة الرياضية لتدعيم الجسد وإسناده، وإعطائه تلك اللياقة والمرونة في حمل الأثقال ومواصلة الجهد. فمن لا يمر بصعوبات؟ ومن فينا يعيش في أرض والت ديزني أو عالم الفراشات والفانتازيا؟
جميعنا نمر بما يعكر صفو يومنا بين حين وآخر، وبطبيعتنا البشرية نحزن ونغضب، وبقدر وطأة تلك المشاعر المزعجة تُشفق الروح بالمقابل لشيء من الحبور وجرعات من البهجة التي توازن بها إحساسها بالحياة وزهوة الأيام.
انفض ذلك الغبار وأوجد لنفسك طريقًا لطرد كل ما يعلق بعقلك من الرواسب التي لا ترغب فيها، فإليك تلك الحقيقة المزعجة، العقل يبالغ دائمًا في رسم الصورة في الذاكرة، ويضخمها ويتحايل عليك ويضعها لك بهيئة مغلوطة أغلب الأحيان، تبعًا لمزاجيتك، ومستوى موضوعيتك في الفهم والتقبل.
كن أنت القائد الذي يقود نفسك ويحتكم أمورها. ولا تترك للغبار تولي هذه المهمة ■