مجلة العربي... لكل عربي

مجلة العربي... لكل عربي

كنا في جبل طارق على بعد حذفة عصا من سبتة ومليلة في المغرب قررنا تناول الغذاء في سبتة التي تبعد نحو ثلاثين كيلومترًا، أخذنا قارب أحد الأصدقاء وخضنا في مياه البحر الأبيض الذي خاضه طارق بن زياد صاحب الجبل المسمى باسمه. وصلنا سبتة، دخلنا بعد إجراءات أمنية بسيطة، كانت هناك مجموعة من الشباب المغاربة على قواربهم الصغيرة يعيدون حياكة شباك الصيد استعدادًا لدخول البحر، ذهبت بدافع الفضول لإلقاء نظرة على قواربهم، كان بعضهم قد عاد لتوّه من البحر، حين رآني أتكلم بالفرنسية خاطبني بالفرنسية فأجبته بالعربية بدا سعيدًا، وسألني: هل تريد شراء الحوت؟ تلفت ونظرت في قاربه جيدًا، لم يكن هناك حوت كما أعرفه، فسألته: أين الحوت؟ فأشار إلى أسماك صغيرة، فتذكرت ضاحكًا أن أهلنا في المغرب يطلقون وصف الحوت على السمك أيًا كان حجمه!

 

صعدنا سلمًا حجريًا صغيرًا من المرسى إلى ممر حجري، كانت هناك مجموعة أكشاك تبيع منتجات مغربية جميلة من الأقمشة وتذكارات للسياح.
راق لي تواجد العلَم المغربي المميز على طول الشارع كأنه فعل عملي لتأكيد هوية مدينة سبتة الجميلة وأنها أراضٍ مغربية عروبية.
انبعثت روائح طعام مغربي، كانت هناك سيدة كبيرة تبيع على عربة صغيرة عطورًا ورحيق البرتقال والياسمين وزيت الأرجان، شعرت بالانتماء إلى تلك الأجواء العروبية، فقد كنت أتحسّر على آثارنا وتواجدنا في الأندلس - إسبانيا حاليًا - أما الآن فقد شعرت بأنني عدت إلى جذوري العربية.
كان معنا صديق إسباني يعلم مكان المطعم المختص بالأسماك، مشينا في الشوارع الحجرية، طلبت منهم الذهاب إلى المطعم لأنني أرغب في التمشي والسير في الزنقات الصغيرة التي تشبه القصبة وهي المساحة المغربية القديمة، دخلت إلى زنقة ضيقة تملأ جدرانها الألوان الدافئة الحمراء والصفراء والزرقاء، كانت أشجار الليمون موزعة في هذا الطريق الحجري، استلفت انتباهي متجر صغير مكتوب عليه (حانوت سبتة) كان يبيع البهارات مثل رأس الحانوت المغربي وبعض الفواكه، استلفت انتباهي وجود حامل خشبي مرت عليه ألوان عدة وبه عدد من المجلات الأجنبية، سقطت عيني على مجلة العربي، امتدت يدي إليها فرحًا وفخرًا، كان العدد لعام 1996، بدأت في تصفّحه، اعترض الرجل العجوز صاحب الحانوت، تكلم معي بالإسبانية أجبته بالعربية: أنا أقرأ مجلة العربي، فلغتي عربية مثلك. 
قال بابتسامة: ممنوع القراءة إلا إذا دفعت درهمين أو تشتري العدد بثمانية دراهم، دفعت له عشرة دراهم وأخبرته أنني سأتصفّح العدد فقط وأتركه لديك ليشتريه عاشق آخر لمجلة العربي، وحين أخبرته أنني من الكويت أعاد إلي العشرة دراهم وطلب مني أخذ مجلة العربي مجانًا. كنت عند رأيي، أريد شخصًا عربيًا آخر يقرأ إنتاج مدينتي الثقافي وقوتها الناعمة، رفض أخذ الدراهم، لكنني اشتريت منه توابل رأس الحانوت لتوزيعها على الأصدقاء.
شعرت بالفخر والسعادة حين رأيت قوة الكويت الناعمة وهي تزهو على حامل خشبي في زنقة جميلة من زنقات مدينة سبتة المغربية.
«العربي» سفيرة الكويت إلى كل العالم العربي ■