من تاريخ لبنان (الموارنة - الجراجمة - المردة)

من تاريخ لبنان  (الموارنة - الجراجمة - المردة)

يُعتقد أن الموارنة هم الجراجمة أو المردة الذين عُرفوا في بلاد الشام منذ العصر البيزنطي، حيث ذكرهم البلاذري قائلًا: 
«حدثني مشايخ من أهل أنطاكية أن الجراجمة من مدينة على جبل اللكام ... فيما بين بياس ( قرب أنطاكيا) وبوقا (قرب حلب)، يقال لها الجرجومة، وأن أمرهم كان في أيام استيلاء الروم على الشام وأنطاكية إلى بطريرك أنطاكية وواليها، فلما قدم أبو عبيدة أنطاكية وفتحها لزموا مدينتهم وهموا باللحاق بالروم إذا خافوا على أنفسهم،... ثم إن أهل أنطاكية نقضوا وغدروا، فوجه إليهم أبو عبيدة من فتحها ثانية، وولّاها بعد فتحها حبيب بن مسلمة الفهري، فغزا الجرجومة فلم يقاتله أهلها، لكنهم بدروا بطلب الأمان والصلح، فصالحوه على أن يكونوا أعوانًا للمسلمين وعيونًا ومسالح في جبل اللكام، وألا يؤخذوا بالجزية، وأن ينفلوا أسلاب من يقتلون من عدو المسلمين إذا حضروا معهم حربًا في مغازيهم.  ودخل من كان في مدينتهم من تاجر وأجير وتابع من الأنباط وغيرهم وأهل القرى في هذا الصلح، فسموا الرواديف لأنهم تلوهم وليسوا منهم.  ويقال إنهم جاؤوا بهم إلى عسكر المسلمين وهم أرداف لهم فسموا رواديف، فكان الجراجمة يستقيمون للولاة مرة ويعوجون أخرى فيكاتبون الروم ويمالئونهم».

كان هؤلاء الجراجمة يدعمون المسلمين حينًا وينقلبون عليهم أحيانًا وهو ما ورد عند ابن الأثير في الكامل في التاريخ عن أحداث 69هـ/ 688م، حول خروج قائد من قادة الضواحي في جبل اللكام على عبد الملك بن مروان: «خَرَجَ أَيْضًا قَائِدٌ مِنْ قُوَّادِ الضَّوَاحِي فِي جَبَلِ اللُّكَّامِ، وَاتَّبَعَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الْجَرَاجِمَةِ وَالْأَنْبَاطِ وَأُبَّاقِ عَبِيدِ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ، ثُمَّ سَارَ إِلَى لُبْنَانَ، فَلَمَّا فَرَغَ عَبْدُ الْمَلِكِ... أَرْسَلَ إِلَى هَذَا الْخَارِجِ عَلَيْهِ، فَبَذَلَ لَهُ كُلَّ جُمُعَةٍ أَلْفَ دِينَارٍ، فَرَكَنَ إِلَى ذَلِكَ...» ثم أرسل عبد الملك إليه أحد أعوانه وتخلص منه.

الأمويون والجراجمة
لذلك لم يثق الأمويون بهم، حيث أورد البلاذري أن بني أمية قد احتاطوا للجراجمة فوضعوا عليهم العيون والجند لمراقبتهم كي لا ينقلبوا عليهم وينضموا إلى البيزنطيين.
ويعتقد بعض المؤرخين أن الجراجمة كانوا مجرد تجمّع عسكري تستخدمه بيزنطيا وقت الحاجة، وهو رأي قوي لعدة أسباب:
1 -نسبتهم إلى جرجوما، وهي مدينة، فلو كانوا قومًا لنسبوا إلى قومهم.

2 -قول المؤرخ البيزنطي تيوفانوس: وفي مدة وجيزة غدوا آلافًا عدة واحتلوا ما بين أمانوس والمدينة المقدسة أورشليم، إذًا لو كانوا قومًا لتزايدوا تزايدًا طبيعيًا وبطيئًا، وكونهم تجمعًا عسكريًا تزايدوا في مدة وجيزة.

3 -قول البلاذري في الفتوح: واستحوذوا على قمم لبنان وانضم إليهم كثيرون، إذًا فإن انضمام الكثير إليهم يعني أنهم ليسوا جنسًا واحدًا.

أ- المردة:
أما المردة فيعرّفهم كمال الصليبي مؤكدًا أنهم الجراجمة أنفسهم، فيقول: «قومٌ من النصارى عرفهم العرب باسم (الجراجمة) - نسبة إلى قاعدتهم في بلدة جرجومة -.... ويبدو أن هؤلاء الجراجمة أو المردة كانوا في الأصل عشائر من برّ الأناضول أو ما يليه شرقًا من بلاد آسيا الصغرى، جاء بهم الروم إلى جبل اللكام في زمن متأخر ووطنوهم هناك كرديف عسكري للاستعانة بهم في حروبهم ضد الفرس أول الأمر ثم ضد المسلمين، وقد استمروا مقيمين في تلك المنطقة بعد الفتح الإسلامي للشام، وظلوا في الوقت ذاته على صلة عسكرية بالروم بعد جلائهم عن البلاد. وتفيد المصادر الإسلامية (البلاذري) وتواريخ الروم، بأن الجراجمة- أو المردة - كانوا يخرجون من جبل اللكام إلى الشام فينضم اليهم الكثيرون من أبناء البلاد من الأنباط والأسرى واللصوص ويغيرون معهم على بلاد المسلمين، وفي عام 708م تمكن الوليد بن عبد الملك منهم وخرّب مدينتهم جرجومة ووزعهم على مناطق مختلفة شمال الشام، ولم يعد لهم بعد ذلك شأن يُذكر».
بناء على ما ورد عند الصليبي وما مرّ معنا سابقًا، نستنتج أن المردة والجراجمة فئة واحدة كانت تخضع للبيزنطيين واستخدمها هؤلاء في قتال الفرس كما استخدموا الغساسنة، مقابل المناذرة التابعين للحكم الفارسي.
والسؤال الذي يُطرح الآن: ما علاقة المردة - الجراجمة - بالموارنة؟ فلنتعرف على تاريخ الموارنة أولًا.

ب- الموارنة:
ورد الموارنة عند المسعودي ( توفي 346هـ/ 957م) عند ذكره لأباطرة الروم: «رجل من أهل مدينة حماة من أعمال حمص يعرف بمارون، إليه تنسب المارونية من النصارى... وأمرهم مشهور بالشام وغيرها، أكثرهم بجبل لبنان وسنير (جبل بين حمص وبعلبك - معجم البلدان). وحمص وأعمالها كحماة وشيزر ومعرة النعمان.
وكان له دير عظيم يعرف به شرقي حماة وشيزر، ذو بنيان عظيم حوله أكثر من ثلاثمائة صومعة فيها الرهبان، ... وهو قريب من نهر الأرنط (نهر العاصي - ياقوت)، نهر حمص وأنطاكية.
وكان مارون قد أحدث آراء بان بها عمّن تقدمه من النصارى في المشيئة وغيرها وكثر متّبعوه... وموافقته الملكية والنسطورية واليعاقبة في الثالوث، ومخالفته إياهم فيما يذهب إليه من أن المسيح جوهران أقنوم واحد مشيئة واحدة...».
أما الأب هنري لامنس فيتحدث عن تاريخ الموارنة قائلًا: «...  كان الموارنة في ذلك العهد عبارة عن مجموع زُمر آرامية لم يمّسها العنصر اليوناني وتمدنه، تقيم خصوصًا على مقربة من أفامية (مدينة وكورة من نواحي حمص - ياقوت) في جهات دير مار مارون ومنه اتخذوا اسمهم، ثم انتشروا في وادي العاصي خصوصًا في معرة النعمان وشيزر وحماة وحمص...» ثم يتحدث عن وجود للموارنة إلى الشمال من سورية في منبج وقنسرين وما يعرف بالعواصم، ويحتمل وجودهم في أنطاكية وجوارها. 
نستنتج مما ورد أن الموارنة هم في الأصل السكان المحليون في منطقة حمص وحماة، كانوا يجاورون ديرًا يرأسه راهب يدعى مارون ويضم عددًا من الرهبان تحت إمرته، ومع الزمن استطاع هذا الدير بسط نفوذه الديني على تلك المنطقة، وتوسع هذا النفوذ ليطول أجزاء من شمال سورية، فأطلق على أتباع الدير لقب الموارنة نسبة إلى مارون الراهب.
إلا أن المقريزي يعيد بناء الدير إلى ما بعد وفاة القديس مارون بقوله: «وفي أيام الملك موريق قيصر، زعم راهب اسمه مارون، أن المسيح - عليه السلام - طبيعتان ومشيئة واحدة وأقنوم واحد، فتبعه على رأيه أهل حماة وقنسرين والعواصم وجماعة من الروم ودانوا بقوله، فعرفوا بين النصارى بالمارونية، فلما مات مارون بنوا على اسمه دير مارون بحماة».
فيكون بناء الدير - حسب المقريزي - بعد وفاة الراهب مارون الذي كان يعيش - كما غيره من الرهبان - في صومعة، كما يذكر أتباعه من حماة وقنسرين والعواصم وجماعة من الروم. 

الموارنة والراهب مارون
أما بالنسبة للراهب مارون والموارنة فقد عثرتُ على عدة تعريفات لهذه الشخصية سأذكر منها:
- عن محمد كرد علي: «الموارنة طائفة من النصارى الكاثوليكيين الشرقيين يعرف من تواريخهم أنهم ينتسبون إلى الناسك البار القديس مارون القورسي النشأة، على ما يرجح. 
اعتزل هذا الفاضل الدنيا أواخر القرن الرابع ولجأ إلى صومعة في قمة جبل غير بعيد عن إنطاكية فما لبث عرف فضائله أن فاح في تلك الأنحاء، فجذب إليه جماعات قصدوه ليلتمسوا منه بركته وصلواته ويسترشدوا بتعاليمه ويقتدوا بسيرته. وقد زهد قوم منهم في الدنيا واختاروا العزلة والتفرغ لخدمة الله بالمغاور وأعالي الجبال ليقيموا بعيدين عن ضوضاء العالم، على أن أريج حياتهم الطاهرة لم يمكن إخفاؤه فتقاطر المجاورون حول تلك المناسك وتألفت منهم طائفة عرفت فيما بعد باسم الطائفة المارونية، وكان أهم المراكز التي التفوا حولها دير القديس مارون المبني على ضفاف النهر العاصي في نواحي أفامية».
ثم يضيف قائلًا: «ولما توافر عددهم مسّت الحاجة إلى تنظيم أحوالهم الروحية، فأقيم لهم بطريرك هو البار يوحنا مارون وبه تبتدئ سلسلة بطاركة الموارنة، وعاش هذا البطريرك الأول أواخر القرن السابع، في حين كان للموارنة أمراء يديرون شؤونهم الزمنية، ثم أخذ الموارنة يهجرون إلى الأقطار المجاورة، فنزل قوم منهم في جبال عكار وعمروا فيها القرى، وسارت فئة نحو الجنوب إلى لبنان الشمالي فما عتموا أن قويت شوكتهم فيه ...».
هكذا تعرّفنا بشكل واضح على مار مارون الناسك المتعبد الذي عُرف أتباعه بالموارنة نسبة إليه، وهو غير البطريرك مارون الذي انتقل بأتباع مار مارون إلى لبنان، فمن هو البطريرك مارون؟
- يوحنا مارون: كان بطريرك الموارنة عادة يُعين من قبل القسطنطينية، وشهد كرسي البطريركية المارونية شغورًا من عام  609م حتى 742م، أي نحو 133 عامًا، إلى أن اتخذ الموارنة قرارًا اعتبر خطوة على طريق الاستقلال عن بيزنطية من خلال انتخابهم بطريركهم بأنفسهم، واختاروا لهذا المنصب أسقف البترون (شمال لبنان)، يوحنا مارون، باسم (بطريرك إنطاكية). والبطريرك الجديد من مواليد منطقة إنطاكية حيث درس أثناء مرحلة شبابه اللغتين السريانية واليونانية ليلتحق بعدها بدير مار مارون في وادي العاصي.
انتخب يوحنا مارون أسقفًا على بلاد البترون في لبنان عام 676م، واتخذ من دير مار مارون مركزًا له حتى عام 685م، لينتقل بعدها إلى جبل لبنان على إثر هجوم للجيش البيزنطي على دير مار مارون، حيث ارتكبوا مجزرة داخل الدير سقط خلالها خمسمائة من الرهبان ودمروه بالكامل.

أسباب انتقال الموارنة إلى لبنان
كما لاحظنا آنفًا، فإن هجومًا تعرض له دير مار مارون من قبل العسكر البيزنطي أدى إلى تدمير الدير وقتل بعض من فيه من الرهبان، وهذا ما ينقلنا- لنتعرف على أسباب هذه الغارة البيزنطية - إلى د. كمال الصليبي الذي ينقل أن الامبراطور البيزنطي يوستينيانوس الثاني (الأخرم) (685-695م)، بعث بالعسكر إلى سورية بعد حلف عقده مع الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان (توفي عام  86هـ/ 705م): «فخربوا دير مار مارون وشتتوا رهبانه (لم يقل قتل)، ولجأ عدد من هؤلاء وعلى رأسهم يوحنا مارون السرومي إلى جبل لبنان». ثم يُعرفه بقوله: «ويوحنا مارون هذا، على ما يروى، هو أول بطاركة الموارنة، وقد توفي في كفر حي ببلاد البترون عام 707م».
ورغم هذه المحنة بقيت مجموعات من الموارنة مستقرة في وادي العاصي، وهو ما ظهر من خلال تاريخ المسعودي المتوفى عام (346هـ/ 957م): «أكثرهم في جبل لبنان وسنير وحمص وأعمالها كحماة وشيزر ومعرة النعمان...».
ومع وصول نقفور الثاني (963-969م) ويوحنا الأول المعروف بالشمشيق (969-976م) على رأس الإمبراطورية البيزنطية خضعت سورية للبيزنطيين على أثر تراجع النفوذ العباسي مدة قرن كامل، هاجمت خلالها بيزنطيا أنحاء من سورية وأخضعت مدنها، وفي هذه المرحلة اختفى الموارنة بالكامل من وادي العاصي ولم يتبق منهم إلا من هم في حلب التي لم تخضع للاحتلال البيزنطي، حيث إمارة بني حمدان (317-394هـ/929-1003م) وبني مرداس من بعدهم (414-472هـ/1023-1079م). وفي تلك المرحلة أصبح جبل لبنان الشمالي موطنًا للموارنة مع القرن العاشر للميلاد.
أما الأسباب التي دفعت البيزنطيين إلى مهاجمة أتباع مار مارون فهي انفصالهم عن بطريركية إنطاكية، حيث أقاموا عليهم بطريركًا هو يوحنا مارون.
إذًا فالخلاف يدور حول طبيعة السيد المسيح، وتحول إلى عمل عسكري ضد الموارنة.
 
أين الموارنة من هذا الانقسام؟
نقلاً عن الأب لامنس يقول: في عهد هرقل (610-641) وقعت المشاحنات بين اليعاقبة والموارنة، واستطاع الموارنة بدعم من القسطنطينية السيطرة على كنائس اليعاقبة في البداية، إلا أن اليعاقبة حاولوا استعادتها أثناء حكم معاوية في دمشق ففشلوا: «ولا غرو أن اليعاقبة كانوا يترقبون الفرصة ليزاحموا الموارنة شيئًا فشيئًا ويضطروهم إلى أن يخرجوا من أماكنهم، فطلب الموارنة لهم ملاجئ حريزة... ولعلّ خراب دير مار مارون حدث في ذلك العهد وكان بعض اليعاقبة سببًا في خرابه...».
والاختلاف حول تعريف الإيمان والعقيدة تحول إلى صراع وتجريح واضطهاد وسفك للدماء بين طرفين، هما: الديوفيزيون أي أصحاب الطبيعتين في السيد المسيح، والمونوفيزيون أي أصحاب الطبيعة الواحدة، وقد دفع الموارنة ثمنًا باهظًا من خلال تهجيرهم وملاحقتهم وإبعادهم عن مواطنهم ففضّلوا النزول في جبل لبنان حيث الأمان بعيدًا عن عيون القسطنطينية واليعاقبة.
ويعتبر الصليبي أن انتخاب يوحنا مارون أتى بعد أن أدان المجمع المسكوني السادس مذهب المشيئة الواحدة وعزل البطريرك مكاريوس الذي كان على هذا المذهب عن كرسي إنطاكية، فاختير يوحنا مارون مرشحًا لروما، لتظهر الكنيسة المارونية الممثلة للبابوية في روما مما سبب إزعاجًا لبيزنطيا.

انتقال الموارنة وغيرهم إلى لبنان من خلال خطط الشام
أفضل صورة حول انتقال الموارنة إلى لبنان يوردها محمد كرد علي قائلًا: «وفي سنة 189 أرسل هارون الرشيد منشورًا إلى ثابت بن نصر الخزاعي أمير الثغور الشامية ومناشير أخرى إلى باقي عمال الشام أن يطلقوا التنبيه في البلاد بالرحيل إلى لبنان لتشتد قوة أمرائه. ومثل ذلك وقع منذ خمسة قرون، فهاجرت مئات الأسر المسيحية في القرن الرابع عشر وبعده من حوران وما إليها إلى لبنان، واعتصمت في معاقله لا سيما بعد الفتح العثماني... كما أن الموارنة انتقلوا من أرجاء حمص وجبل سنير وظلوا ينتشرون شمالي لبنان حتى وصلوا إلى كسروان والمتن والشوف وأقصى لبنان في جزين، كما انتقل الدروز في الأعصر الثلاثة الأخيرة من الشوف ووادي التيم وغيرهما إلى جبل حوران الذي كان يسمى جبل الريان وجبل بني هلال أو أمالدانوس وأصبحوا فيه الأكثرية المطلقة».
بذلك تشكلّ لبنان السياسي والاجتماعي، واستمر نفوذ طوائفه - رغم تغيّر بعض المواقع الجغرافية الداخلية بسبب الصراعات المختلفة - إلى اليوم، حيث تقاسمت هذه الطوائف السلطات مع الانتداب الفرنسي ليظهر لبنان، لبنان الكبير في الأول من أيلول عام 1920، ومن ثم الجمهورية 1926، لتستقل هذه الدولة عام 1943 فيما بعد، إلا أن الامتدادات الخارجية لبعض أحزاب لبنان - على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم - أضعفت الدولة اللبنانية وشرذمت سكانها ومناطقها ■