الجمال النباتي

الجمال النباتي

مع كل المفردات الحديثة الآخذة بالظهور ما بين «عضوي»، «نباتي»، «صديق للبيئة» قد تحتارين في اختيار الأنسب لكِ...
لكن، هل فكرتِ يومًا في جعل حياتك خالية من المواد المصنعة، واستبدالها بكل ما هو طبيعي قدر الإمكان من منتجات قد تتوافر عندكِ في المنزل، أو في أقرب متجر حولكِ؟!

 

هناك اعتقاد سائد في الحضارتين اليابانية والصينية أن بياض ونقاء البشرة وصفاءها دلالة على علو مكانة وشأن المرأة، فقاموا بابتكار مساحيق التبييض من الطباشير في البداية، إلا أنه لم يدم طويلًا، إلى أن قاموا باستخراج مسحوق ناعم من الأرز ليحل محل الطباشير.
وفي عصرنا الحالي صار الوعي أكثر حضورًا نحو الطبيعة، حيث إن الجيل الحالي أصبح أكثر اهتمامًا باستخدام كل ما هو عضوي، بعدما أصبح الكثيرون نباتيين في حياتهم بالعموم، لهذا توجهت بعض الشركات العالمية لأن توفر هذا المطلب لعملائها، والحد من استغلال المملكة الحيوانية، فصارت النساء على وجه الخصوص تسعى نحو كل ما هو طبيعي وخالٍ من المواد المصنعة، ليس من ناحية المأكل والمشرب فقط، بل من الناحية التجميلية أيضًا، وذلك لأن المواد التجميلية لا تخلو من الرصاص والمشتقات الحيوانية الضارة التي تؤثر سلبًا على البشرة في المدى البعيد.
كما نشير إلى أن أغلب منتجات التجميل تستخدم المكونات المشتقة من الحيوانات، وأحد أهم أسباب استخدام الكثير من العلامات التجارية للمنتجات الحيوانية أنها أرخص وأسهل في التصنيع والاستخراج، فتلك المصانع تقوم أيضًا بإجراء تجارب منتجاتها على الحيوانات، وتلك الإجراءات تعتبر قاسية جدًا لأنها تقوم بالتجربة على نحو أكثر من 500000 حيوان حول العالم، على الرغم من توافر الخيارات البديلة التي يمكنها أن تكون آمنة على المستهلك ولا تسبب المعاناة للحيوان، بل إن الاختبارات غير الحيوانية عادة ما تكون أسرع وأكثر فاعلية، إلا أنه مع الأسف الوعي لا يزال ضعيفًا.

التجميل النباتي والعضوي
يعتمد المكياج النباتي على استبدال المواد المشتقة من المنتجات الحيوانية بمواد أخرى عضوية طبيعية من النباتات والزيوت والشمع النباتي المستخرج من النخيل. 
ويجب التفريق بين ما يطلق عليه عضوي وما يطلق عليه نباتي، ففي الظاهر هما وجهان لعملة واحدة، لكن في الحقيقة هما مختلفان في التكوين والصنع. فما يعنيه مستحضر التجميل النباتي هو أن المنتجات لا تأتي بالضرورة من أصل طبيعي.  يمكن أن تحتوي المنتجات التي تحمل علامة «نباتي» على مكونات مركبة لكن لا تحتوي على أي مشتقات حيوانية مثل الحليب والعسل.
أما بالنسبة للمستحضر العضوي، فيجب زراعة المنتجات وتحضيرها من دون مكونات اصطناعية مثل المبيدات الحشرية والأسمدة الكيماوية والبارابين والأصباغ والعطور الصناعية وهرمونات النمو.

الاستدامة التجميلية
الاستدامة مفهوم يطلق على البيئة الحيوية ذات الكائنات الحية، والحفاظ على نوعية الحياة من خلال التأقلم مع البيئة عن طريق استغلال الموارد الطبيعيّة لأطول مدى زمنيٍّ ممكنٍ يؤدّي إلى المحافظة على استمرار الحياة.
إن الاستدامة في القطاع التجميلي ما زالت ثقافة في مهدها، وهذا بسبب المعايير البدائية بمجال الصناعة والتصنيع، إلا أن هناك جهودًا شخصية من الضروري الالتفات لها، إذ تم الاعتراف بتلك الجهود على المستوى العالمي، من تلك الأمثلة خبيرة الاستدامة في قطاع التجميل «نيريسا لو»، التي قادها شغفها بالمحافظة على البيئة إلى تبني ثقافة الاستدامة في مستحضرات التجميل، وحصولها على العديد من الجوائز المرموقة في هذا المجال، حيث تهدف جهودها إلى تمكين ومشاركة المعرفة وإلهام الأجيال القادمة للحفاظ على الموارد الطبيعية، وتهدف إلى تحقيق الغاية من خلال نشر الوعي في وقتنا الحالي، إذ قالت: «إن الاستدامة في قطاع التجميل ما زالت ثقافة غير رائجة نوعًا ما سوى في أوساط محددة تدرك تمامًا ما يعنيه إنتاج تركيبات آمنة ضمن آليات الاستدامة في هذا القطاع، حيث يجب ألا تكون المنتجات عالية الأداء فحسب، لكن أيضًا آمنة بما فيه الكفاية للاستخدام على المدى الطويل دون آثار جانبية، بحيث لا يتعرض المستهلك للضرر على المدى الطويل. وتستخدم العديد من العلامات التجارية اليوم مواد كيميائية ضارة في تركيباتها لخفض تكلفة الإنتاج».

التأثير والفوائد
تُعد المستحضرات التجميلية الطبيعية العضوية الأكثر ملاءمة للجلد، إذ لا تضر بالهرمونات أو تسبب أي نوع من التسمم أو التبعات الصحية بعيدة المدى، لأنه غالبًا ما تكون تلك المواد المصنعة ضارة وذات عمر قصير، ومع سوء التخزين قد تتلف وتسبب مشاكل للبشرة. كما أن المكونات الاصطناعية التي قد تُضاف لها مواد تضر بالجلد، مسببة الالتهابات والجفاف.
لذلك يأتي استعمال المستحضرات النباتية والخالية من التصنيع الكيميائي والصناعي كأحد الخيارات الأفضل مقارنة بالخيارات الأخرى، إذ إنها تحقق بعض الفوائد منها:
للبشرة: حيث  تحتوي المنتجات النباتية على مكونات طبيعية تعزز صحة البشرة، ما يجعلها مثالية لذوات البشرة الحساسة.
للبيئة: حيث يعتبر المكياج النباتي خيارًا أفضل بكثير للبيئة بسبب عدم دخول المواد الكيميائية في تصنيعه، وعدم تهديده الحيوانات أثناء التصنيع أو الإنتاج، وبعض الشركات تقوم بتصنيع العبوات والعلب التجميلية بحيث يمكن إعادة تعبئتها من جديد أو يمكن استخدامها في أغراض أخرى بعد الانتهاء منها.
للصحة: عادةً ما تكون المنتجات النباتية خالية من الغلوتين أيضًا، وهي ميزة إضافية للأشخاص الذين يعانون من الاضطرابات الهضمية وأمراض الجلد الالتهابية.

صممي منتجكِ التجميلي الملائم لكِ
 يمكن للسيدات اللاتي يبحثن عن المنتجات الطبيعية أن يقمن بصنع منتجهن الخاص وبأقل التكاليف الممكنة، وذلك عن طريق المواد المتوافرة في المنزل، فالمطبخ على سبيل المثال أقرب وجهة لهن لأنه مليء بالأصناف ذات الألوان الطبيعية الخالية من المواد الاصطناعية، فمثلًا نبتة «الشمندر» ذات اللون الفاقع يمكنها أن تعطي الوجنة والشفاه لونًا متشربًا بالحُمرة الطبيعية، بل يمكننا تطبيق بعض الأقنعة الطبيعية للوجه من خلال ماء الورد، والذي يعتبر عنصرًا مهمًا في أغلب الصناعات التجميلية، إذ يعطي نضارة فورية، كما أننا يمكن أن نصنع عطورنا الخاصة أيضًا من خلال النباتات العطرية المتوافرة لدينا.
إن كل تلك الجهود المبذولة علينا أن نأخذها بعين الاعتبار، لأنها تعطينا أملًا وتطلعًا نحو كوكب أقل عرضة للضرر، ليس في المجال التجميلي فقط، بل إنه يحد من ظاهرة التلوث على الصعيد البيئي خاصة، وعلى البشر والكائنات الحية كافة، فالوعي بخطورة الوضع الراهن عليه أن يكون حاضرًا لتجنب المخاطر قدر الإمكان مستقبلًا ■